كتب : رامي جمال
صباح يوم الـ27 من أبريل عام 2014 تأهب الجميع للاحتفال، اللاعبون يفكرون في كيفية تنفيذ خدع جديدة لنصب السيرك الخاص بهم، والجماهير ستذهب إلى أنفيلد لمشاهدة العرض، فقط تبقى عنصر وحيد لم يحضر بعد.. المهرجون.
في تمام الثالثة حضر "المهرجون" وتواجدوا جميعا، لكن قائدهم رفض الانصياع لذلك الدور وأبى إلا أن يخرج بطلا من داخل السيرك يضحك هو على الجميع.
في ذلك الوقت كان ليفربول يتصدر جدول ترتيب الدوري الإنجليزي برصيد 80 نقطة بفارق ست نقاط عن مانشستر سيتي والأخير له مباراة مؤجلة أيضا.
بدا أن حلم اللقب المستعصي على ليفربول منذ عام 1990 سيتحقق أخيرا.. ولكن كل شيء تغير كليا في ذلك اليوم.
"الملعب كله كان يتم رشه بالمياه طوال اليوم".. إد تشامبرلين مراسل شبكة "سكاي سبورتس" الإنجليزية في ذلك الوقت.
"أرضية الملعب كان زلقة للغاية كدنا نغرق عدة مرات أثناء إجراء المقابلات".. نيال كوين معلق "سكاي سبورتس" في ذلك الوقت كذلك.
"تستطيع رؤية تأثير أسلوب اللعب على سواريز وعلى جماهير ليفربول، تشعر إنهم كانوا يقولون هذا ليس مفترضا أن يحدث، هذا ليس جزءا من النص".. مارك شوارزر حارس تشيلسي آنذاك.
عودة للخلف قبل عدة أيام
حقق ليفربول انتصارا مثيرا وهاما على مانشستر سيتي بثلاثة أهداف لهدفين في الدقائق الأخيرة من اللقاء.
وفور نهاية المباراة جمع ستيفن جيرارد زملائه في الفريق وقال بلهجة حماسية: "هذا لا يفلت منا الآن هذا لا يفلت منا أبدا".
وأكمل "اسمعوا اسمعوا انتهينا الآن من هذه المباراة، الآن سنذهب إلى نورويتش ونقوم بالأمر ذاته سنكرر الأمر مجددا هيا بنا".
في غرفة ملابس تشيلسي قبل لقاء ليفربول
وصف شوارزر الأجواء في طريق ذهاب حافلة ليفربول إلى ملعب أنفيلد "كان كالكرنفال لكن مورينيو وصفه بالسيرك".
حتى أن ليفربول قدم لاعبه لويس جارسيا الذي سجل هدفا غير صحيح في مرمى تشيلسي في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2005 قبل انطلاق القمة الجديدة بين الفريقين.
وقال مورينيو للاعبيه: "اسمعوا نحن لن نصبح جزءا من هذا، نحن لن نكون النادي الذي يمثل لهم مهمة سهلة في طريقهم للفوز باللقب".
وتابع بلهجة حادة "السيرك هنا أن يصبح ليفربول بطلا للدوري".
وشدد "لكن نحن لن نكون المهرجين".
وعلق شوارزر على الأمر "شعرنا أنه يتم التقليل من احترامنا وأن فوز ليفربول سيكون سهلا ولكن كانت لدينا نقطة لنثبتها لهم".
وأردف "سواء صدق مورينيو ما قاله لنا أم لا ولكنه جعلنا نؤمن بأنفسنا".
أجرى مورينيو ستة تبديلات على تشكيل فريقه قبل ثلاثة أيام من مواجهة أتليتكو مدريد في إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا.
دفع بشوارزر وديمبا با ومحمد صلاح وتوماس كالاس، الأخير حتى سخر من مشاركته وقال: "لم أتوقع ذلك أنا فقط كنت لاعبا للتدريبات إن احتاجوا لقمع في المران فكانوا يضعوني في مكانه".
ما حدث جعل البعض يعتقد أن تركيز مورينيو بالكامل منصب على مواجهة أتليتكو وأن مسألة فوز ليفربول مجرد وقت ليس إلا.
وقال شوارزر إن التعليمات كانت كالتالي: "أبطئوا إيقاع اللعب لأن ليفربول أراد لقاء سريع مثلما اعتادوا طوال الموسم ولكنه قال لنا أبطئوا اللعب حتى يحذركم الحكم ولا أريد سوى إنذارين لإضاعة الوقت في الشوط الأول فقط".
وتابع "أتذكر مورينيو يقول لنا احصلوا على وقتكم، وقال لي ولبرانيسلاف إيفانوفيتش: أنت تحصل على الكرة في ركلة المرمى وإيفانوفيتش سيذهب لأبعد مكان بجوار خط الملعب ثم ترفع يدك لتقول إنك ستحصل عليها ثم عد للخلف واحصل عليها".
وأضاف "اتبعنا التعليمات بالحرف الواحد".
خطة مورينيو نجحت
مع بداية المباراة وفي الدقيقة الثالثة بدأ لاعبو ليفربول يشتكون للحكم بسبب إضاعة تشيلسي للوقت، وفي الرابعة سأل سواريز أزبليكويتا لماذا تضيعون الوقت؟".
بل أن في الدقيقة السادسة شوهد جيرارد وفلانجان يتعاركان مع مورينيو للحصول منه على الكرة في رمية تماس.
وقال جاري نيفيل المحلل بشبكة "سكاي سبورتس" في تعليقه في ذلك الوقت: "هناك شيء ما يحدث، هناك شيء ما سيحدث اليوم".
خطة مورينيو لم تكن تعتمد على مجرد إضاعة الوقت فقط بل على بث القلق في أنفس لاعبي ليفربول ليتركوا أماكنهم للهجوم وهنا تبدأ مرحلة الانقضاض عليهم.
وقال شوارزر: "جوزيه قال لنا مع مرور الوقت ستكون هناك لحظة سيخسرون الكرة في موقف صعب ووقتها سنحقق ما نريده".
سارت المباراة في ذلك الوقت كما قال مورينيو للاعبيه وفي مخيلته قبل انطلاقها.
وقال جاري نيفيل: "تشعر أن تشيلسي قام بعمل جيد في ليفربول وكأن كل خمس دقائق كانت مخططة بدقة من مورينيو".
أما رودجرز فقال: "لا أعتقد أن هناك طريقة لعب في جعل اللاعبين خلف الكرة ويقفون في الخلف فقط ولكن هذه هي طريقة تشيلسي في اللعب وهذه المباراة أنهت سجل جيد لنا وعلينا التعافي مما حدث".
لكن في الواقع فإن ليفربول لم يتعاف أبدا بل ذهب إلى كريستال بالاس وفرط في تقدمه في ملعب سيلهرست بارك الصعب بثلاثية ليتعادل ويفوز سيتي في مباراته المؤجلة ويقتنص الصدارة ثم يفوز في النهاية بلقب الدوري.
جيرارد يحكي عن أشهر خطأ في مسيرته
بعد ثلاث سنوات من انزلاقه حكى جيرارد عن شعوره وعما حدث في تلك المباراة وقال: "أتمنى العودة لمباراة مانشستر سيتي وأن أتحلى بالهدوء عقب ذلك الفوز وإدراك ما كان مازال أمامنا من مباريات".
وأكمل "الشغف والعاطفة تحكما في وهذا كان حقيقيا لكن الآن حينما أفكر كان يجب علي أن أتحلى بالهدوء وأدرك من علينا مواجهته".
أما عن انزلاقه فقال: "هذا كان أسوأ يوم في حياتي ومازال كذلك حتى الآن لا يهم ماذا يحدث لي حتى اليوم الذي أموت فيه سيكون هذا أصعب يوم في حياتي لأنه من الصعب محوه كان وقتا عصيبا".
وأكمل "مازالت ذكرى ذلك اليوم تطاردني وتؤلمني، أنا من النوع الذي تدفعه النكسات ولن أتخلى عن محاولة تعويض ذلك طالما أعيش لكن ما حدث ضد تشيلسي كان سببا في إنني لا أقبل الأمر كله لأنه كان عبارة عن حظ سيء فقط".
وواصل "إن مررت بالخطأ أو سجلت هدفا عكسيا لم أكن لأستطيع العيش أو التعامل مع لأمر ولكن حينما يتعلق الأمر بالحظ السييء يجب أن أتعايش معه".
وتابع "جلست في الخلف في سيارتي وشعرت بدموعي تنهمر لم أبك لسنوات وفي طريق العودة لمنزلي لم أستطع التوقف عن البكاء الدموع ظلت تنهمر لدرجة إنني لا أستطيع القول إن كانت الشوارع مزدحمة أم لا كان شعورا يقتلني".
وأضاف "شعرت إنني فقدت شخصا من عائلتي الأمر كما لو أن ربع قرن من مسيرتي خرج الآن لم أحاول حتى إيقاف الدموع الصامتة وما حدث كنت أتخيله مرارا وتكرارا في رأسي".
وفي سيرته الذاتية لام جيرارد على رودجرز بتسببه في الهزيمة قال: "لم أستطع قول ذلك في العلن ولكن أنا وقتها كنت قلقا من اعتقادنا بقدرتنا على الفوز على تشيلسي بسهولة".
وأضاف "شعرت بثقة مفرطة في محادثات رودجرز معنا كنت أخاف للغاية من ذلك وأعرف ذلك الآن".
ورد رودجرز على جيرارد وقال: "لا أعتقد إنني أكثر ثقة أو أقل لقد فزنا بـ11 نقطة قبل تلك المباراة وكان يجب علينا دخول المباراة بثقة".
** كُتب هذا التقرير في الذكرى الخامسة للانزلاقة الأشهر في تاريخ كرة القدم
*المصادر:
شبكة "سكاي سبورتس" الإنجليزية
صحيفة "إندبندنت" الإنجليزية