من لا يحب الإسماعيلي؟ القصة المصرية الفريدة على شط القنال، أحد القلائل الذين استطاعوا كسر سطوة القطبين بالكرة المصرية، وقدم عزفا استثنائيا بكرة ممتعة تجلب دوما المديح والثناء.
الأصفر والسماوي، ألوان ميزت الدراويش صاحب اسم (فريق النهضة عند إنشائه عام 1924) قبل التحول لاسمه الحالي عام 1926 وتسجيله عضوا باتحاد الكرة، فاكتسب الصبغة البرازيلية في المهارات والفنون التي قدمها على مدار تاريخه.
وملعب الإسماعيلية التاريخي هو الملعب المصري الوحيد الذي لم يتغير لفريق منذ إنشائه، مازال صامدا ويحكي عن الدراويش منذ مطلع دوريات القنال وحتى تلك اللحظة.
البداية بسور من الطوب اللبن وبه حجرة واحدة من خلع الملابس وملعب متهالك لكرة القدم رملي ذو كشك خشبي لا تزيد مساحته عن 4 أمتار.
وفي عام 1931 تم زرع الملعب بالنجيل ثم أزيل الكشك الخشبي واُنشئ مبني متواضع يحتوي على غرفتين ولكن كمبني كان غير لائق بالإسماعيلية ومكانتها.
ولذلك تضافرت جهود الأهالي من أجل إنشاء مقر جديد يليق بالمحافظة، وقد تحقق ذلك عام 1943 وحصل النادي علي قطعة أرض تبلغ مساحتها حوالي 15 ألف متر وانتقل النادي إلي مقره الدائم حاليا "رعاية الشباب".
كان النادي الإسماعيلي أول ناد مصري في مدينة الإسماعيلية، إذ أن جميع الأندية التي كانت موجود في ذلك الوقت تابعة للجاليات الأجنبية الموجودة في الإسماعيلية وفي منطقة القناة.
سيسجل التاريخ و لن ينسى أسماء المساهمين في إنشائه، وقد بلغت تكاليف إنشاء النادي في ذلك الوقت حوالي 6453 جنيها.
وتبرع الأهالي والتجار من أجل إنشائه.
المقاول محمد علي أحمد تبرع بمبلغ 357 ج والدكتور سليمان عيد وصلاح عيد بـ 500 ج والحاج محمد محمد سليمان بـ 100ج والسيد أبو زيد المنياوي بـ 100 ج والشيخ أحمد عطا بمبلغ 75 ج وكل من أحمد ذكري وعبد الرحمن السجاعي بمبلغ 50 ج وإبراهيم أيوب وعبد المعربي بمبلغ 40 ج والحاج محمد سهمود وفهمي ميخائيل بـ 30 ج والحاج أحمد علي أبو زيد المنياوي بمبلغ 25 ج والخواجة بنايوتي فاصوليس بمبلغ 20 ج.
الإسماعيلي شوكة دوما في ظهر العدوان
يمكننا اعتباره رمزا للوطنية، ولم لا؟ هو أول ناد مصر ظهر انشئ بمنطقة القنال وسط أندية عديدة تابعة للجاليات الأجنبية الموجودة بالمحافظة، فكانت الصرخة الأولى من أجل تمصير الأندية وكرة القدم بمصر.
وسط العدوان الإسرائيلي على شبه جزيرة سيناء، و تواصل القصف على مدن القناة، اتخذت الحكومة المصرية قرارا بتهجير أهل مدن الإسماعيلية والسويس و بورسعيد إلى القاهرة.
وقد عانى الإسماعيلي من أثار النكسة الأمرين، حيث بقيام الحرب عام 1967، توقف نشاط الكرة بمصر، و هو ما أضر بالإسماعيلي وقتها أقوى فرقة في مصر والحاصلة وقتها على بطولة درع الدوري لموسم 1966- 1967 بقيادة النجم الشاب وقتها علي أبو جريشة، و نخبة من ألمع النجوم.
موسم 1966-1967 حصل النادي الإسماعيلي على أول بطولة بدرع الدوري العام في ملحمة مثيرة في الدور الثاني بعد هزيمة الأهلي بالإسماعيلية بهدف من ضربة جزاء سجله النجم علي أبو جريشة الذي فاز أيضا بلقب هداف الدوري المصري برصيد خمسة عشر هدفا فأصبح أصغر لاعب سنا يفوز بهذا اللقب.
لقب تحقق على أيدي كل من أبو جريشة، شحتة، أميرو، عبد الستار عبد الغنى، العربي، مصطفى درويش، حودة، أمين إبراهيم، السنارى، سيد حامد، عيد مصطفى، سيد عبد الرازق، يسرى طربوش، ريعو، عبد العزيز صالح، ميمي درويش، سيد سقا، أمير إبراهيم، طلبة فرغلى، محمد حفني، محمد معاطى، محمد عباس وحسن محمود.
وتولى تدريب الفريق، الإنجليزي طومسون بدءا من الدور الثاني بينما كان صلاح أبو جريشة يتولى تدريب الفريق في الدور الأول.
الصافرة الأولى في وجه العدوان وضد ظروف التهجير
البداية بالذهاب للبلاد العربية أجمعها من أجل لعب مباريات ودية لصالح المجهود الحربي، إلا أن التحدي الأكبر كان مع أول مشاركة للفريق ببطولة أبطال الدوري، والتي شهدت مشاركات مخيبة قبلها للأوليمبي.
بدأ مشوار الإسماعيلي بالبطولة الإفريقية لأبطال الدوري عام 1969، والمباريات كلها كانت في القاهرة.
فاز على التحدي الليبي بخماسية نظيفة ثم بهدف نظيف خارج أرضه، وفاز على جورماهيا الكينى بثلاثية مقابل هدف ثم تعادل معه بكينيا بهدف وتعادل مع كوتوكو العقبة الأصعب بهدف لمثله ثم فاز عليه بثلاثية مقابل هدفين.
٩ يناير ١٩٧٠، كان تاريخ الإيذان بعودة شغف كرة القدم مجددا لمصر وتحديدا على ملعب ناصر الدولي "استاد القاهرة حاليا"، لتعود منافسة حفلات أضواء المدينة وشموع أم كلثوم المُحياة بحفلات المجهود الحربي بالدول العربية وفرنسا.
١٢٠ ألف متفرج.. تستطيع ملاحظة التباين بين انتماءاتهم ولكن على قلب جمهور فريق واحد خلف الدراويش.
أهلي... زمالك... مصري... جمهور إسكندراني من الأوليمبي والاتحاد
قطارات التهجير، حسب قول علي سالم صحفي سويسي شهير بكتاب "أيام السويس الستة"، وثق اللحظة بأن جماهير اتحاد السويس ومنتخبها القنال، فرق شمال الإسماعيلية، الكامب، حي الأربعين، مناطق صناعات وتكرير البترول، القناة، بورفؤاد، هضبة أم مريم، فايد، قد نالوا شرف قرار التهجير الصائب قبلها بعامين ونصف لينالوا شرف حضور تلك اللحظة.
النجم علي أبو جريشة، أفضل لاعب بأفريقيا عام ١٩٦٩ حسب مجلة Jeune Afrique، وصاحب المركز الثاني حسب تصنيف مجلة France Football خلف المالي ساليف كيتا، أفضل لاعب في مصر وفتاها الذهبي الأول، انتزع تعادلا من قلب معاقل الأنجلبير، ليعيش الدراويش وقتها ليالي تعساء بزائير خوفا من تقديم أيديهم كقرابين لتماسيح الديكتاتور موبوتو.
مدعوما بالزحف الجماهيري في استاد الرعب السوفيتي، كما ترى بالصور، بكل ثقة يضع علي أبو جريشة الهدف الأول في مرمى خال من حارسه، لينال بعد المباراة ثناء خاصا من العندليب "عبد الحليم حافظ" ناعتا إياه (بالكمانجا).
أكمل سيد عبد الرازق تاريخ الدراويش الرائد بالبطولة، ليفوز الدراويش بثلاثية مقابل هدف.
في النهاية تم تكريم الإنجاز لكتيبة برازيل مصر الابن البكر البار "فتوة نابوت الأقاليم"، بطابع تذكاري يظهر عليه لقطة علي أبو جريشة بهدفه الأول بشباك الأنجلبير الخاوية.
** كُتب هذا التقرير في الذكرى 95 لإنشاء النادي الساحلي.. 13 أبريل 1924.
اقرأ أيضا:
تعرف على كل مواعيد وتوقيتات وملاعب مباريات أمم إفريقيا
مصر تواجه بطلا سابقا على أرضها ومدرب يعرفها والمحاربين
مصر أمام زيمبابوي.. أشهر طوبة وفرصة في تاريخ الفراعنة.. ولقاء واحد في أمم إفريقيا
كيف يمكنك مشاهدة مباريات أمم إفريقيا "مجانا" بالبث الرقمي
الحضري لـ في الجول: لم يتم دعوتي لحفل قرعة أمم إفريقيا.. ما يقال ليس صحيحا
طريق مصر إلى الكأس – من يقف بين الفراعنة واللقب الثامن.. وشرح لنظام أحسن الثوالث