ما بين الحظ والعلم.. السر وراء "معجزة" روبيرتو كارلوس ضد فرنسا
الأربعاء، 10 أبريل 2019 - 17:32
كتب : محمد يسري
تسديدة يسارية نارية لم تتسبب فقط بهدف رائع تم وصفه بـ "معجزة كرة القدم" في شباك فرنسا لكنها جلبت الشهرة لصاحبها وأيضا سببت الحيرة لعلماء الفيزياء.
صاحب التسديدة النارية هو روبيرتو كارلوس نجم ريال مدريد والبرازيل السابق الذي يحتفل بعيد ميلاده الـ46 اليوم.
هدف كارلوس في فرنسا كان مجرد بداية لسلسلة من الأهداف النارية التي اشتهر بها الظهير الأيسر البرازيلي خلال مسيرته الكروية. لذلك لم يكن كارلوس مجرد ظهير أيسر تقليدي حيث جمع بين السرعة والقوة والتميز في تسديد الركلات الحرة من مسافات مختلفة من المرمى.
لذا يمكننا أن نقسم مسيرة روبيرتو كارلوس إلى: ما قبل هدف فرنسا، وما بعد هدف فرنسا.
في عام 1997 قررت فرنسا إقامة بطولة ودية تُلعب من 6 مباريات لتجربة مدى استعدادها التنظيمية لاستضافة كأس العالم في العام التالي، ووجهت الدعوة لمنتخبات: البرازيل وإنجلترا وإيطاليا.
تفكير فرنسا في تلك البطولة جاء لأن الاتحاد الدولي لم يكن قرر بعد أن البلدان المنظمة لكأس العالم تحصل على تنظيم كأس العالم للقارات –الذي يقام قبل المونديال بعام- لاختبار جودة التنظيم. لذا علينا شكر من فكر في تلك الفكرة لأنه جعلنا نشاهد هدفا من أروع الأهداف في تاريخ كرة القدم ليس فقط لروعته ولكن لأنه ربط الرياضة بالعلم.
أولى مباريات البرازيل في البطولة كانت ضد فرنسا، على ملعب جيرلان في مدينة ليون.
وفي الدقيقة 21 احتسب حكم اللقاء كيم ميلتون نيلسين نخالفة من على بُعد 35 ياردة من مرمى فابيان بارتيز حارس فرنسا وكالعادة تكفل كارلوس بتنفيذها.
تقدم كارلوس وسدد بقوة طائشة والكرة تذهب بعيدا عن القائم الأيسر للمرمى..
لكن بعد لحظة تسكن الشباك؛ هدف! الذهول أصاب الجميع لثوانٍ قبل أن يبدأ التفاعل مع اللقطة.
الهف حظى باهتمام إعلامي واسع، تسبب في شهرة لكارلوسالذي كان يلعب موسمه الثاني مع ريال مدريد، لكن اهتمام من نوع أخر أضاف للهدف قيمة مضاعفة.
علماء الفيزياء اهتموا بدراسة الهدف وتفسير كيف سكنت الكرة شباك فرنسا بعدما كانت قريبة من الخروج من أرض الملعب؟
كارلوس سدد الكرة من أسفل الناحية اليمنى للكرة وبقوة 84.5 كيلو في الساعة.
وهذا ما تسبب في دروان الكرة حول نفسها عكس عقارب الساعة؛ ليقل الضغط على الناحية اليسرى من الكرة وتنحرف للجانب الأقل من الضغط لتذهب نحو المرمى.
بعد 13 عاما وبالتحديد في سبتمبر 2010 نشر 4 علماء فيزياء فرنسيين ورقة بحثية لتحليل الهدف.
وجاء في الورقة البحثية التي نشرها كل من: جويلم دوبيه وأن لي جووف ودافيد كوير وكريستوف كلانيه أن "حين تنحرف الكرة من مسار دائري ومن مسافة بعيدة يكون من الصعب على حارس المرمى توقع مسار الكرة لأنه يكون مفاجئ".
وأوضحوا "بهذا نفسر هدف كارلوس الشهير في فرنسا عام 1997. الركلة الحرة تم تسديدها من على بعد 35 متر، وهي المسافة التي نتوقع منها أن نحصل على مسار غير متوقع للكرة. كما أن الكرة كانت مُسددة بقوة من كارلوس –وهى أحد سماته- لذلك انحرفت الكرة نحو المرمى بشكل جنوني خصوصا أن سرعة الكرة كانت كبيرة لدرجة تفاجئ حارس المرمى".
وأجمع العلماء –بعدما قاموا بمجموعة من المعادلات- أن هدف كارلوس من الممكن أن يتكرر بواسطة أي لاعب أخر إذا لُعبت الكرة من نفس المساقة وبنفس القوة.
وهو ما لقى من لويس فيرناندو فونتناري عالم الفيزياء البرازيلي انتقادا.
فونتناري قال: "الفيزياء تحدد بدقة مسار الكرة تحديدا حين نعرف قوة التسديدة ومدى تأثير قدم كارلوس على الكرة والمسافة بين الكرة والمرمى".
وأوضح "اللعبة كانت نادرة جدا؛ لذا يمكن أن نقول عنها أنها معجزة".
وتابع "لا أصدق أن بإمكاننا مشاهدة ما حدث مجددا".
أما روبيرتو كارلوس صاحب الهدف فكان له رأي أخر صرح به بعد 20 عاما من تسجيل الهدف.
كارلوس قال: " الكرة كانت في طريقها بالكامل للذهاب بعيدا لكنها انحرفت بسبب الرياح وعادت للمرمى. أعتقد أن الحظ لعب دورا في الهدف. إنها معجزة".
وتابع "لقد سددتها وذهبت للمرمى. لا أعرف كيف ذهبت للمرمى".
وأضاف "لكني لم أكرر التسديد بهذه الطريقة مرة أخرى لأني أعرف أنها لن تسكن الشباك".
وأوضح أنه لم يتدرب على طريقة معينة لتسجيل الهدف "لقد تدربت كثيرا على الركلات الحرة على حدى بعد المران الفريق. والأمور صارت بشكل حسن بالنسبة لي".
ويرى كارلوس أنه من الممكن أن يتكرر الهدف في المستقبل "في كرة القدم الحديثة سيكون هناك أهدافا بنفس الشكل. العديد من اللاعبين سيسددون بهذه الطريقة وسنشاهد هذا الهدف مرة أخرى"
واستطرد "هناك العديد من اللاعبين المميزون في تنفيذ الكرات الحرة. وهم قادرون على تنفيذ نفس الأمر. لكن على اللاعبين أن يتدربوا بشكل أكبر من الذي تدربت عليه حين كنت لاعبا".
وأتم "في يوما ما سيسجل أحدهم هدفا مشابها لهدفي، لكني سأكون أول من قمت بفعلها".
تفسير العلم للهدف لم يتوقف عند كيف سدد كارلوس الكرة وتوقع كيف سيكون مسار الكرة إذا لم تصطدم بالشبكة؟
الكرة كانت ستكمل دورانها و تخرج من المرمى لتستقر داخل منطقة الـ6 ياردات كما في الصورة.
المصادر:
مقال للصحفي فرانشيسكو دي لاورينتس لـ ESPN
تصريحات روبيرتو كارلوس لصحيفة "ليكيب" الفرنسية ولـ ESPN.
تصريحات لـ روبيرتو كارلوس نقلتها صحيفة "ذا صن" البريطانية.