كتب : لؤي هشام
لأن الرحلة لا تتكرر كثيرا ولأن مصر خاضت تلك الرحلة ثلاث مرات فقط كانت هذه الرحلة عامرة بالكثير والكثير. في الطريق نحو المونديال تطلع المصريون دائما بشغف ولهفة للبطولة الأهم في العالم.. مصر في كأس العالم.
أعوام كثيرة مضت شهدت الكثير من اللحظات الهامة والذكريات الرائعة رغم قلتها إلا أنها ظلت دائما محط أنظار. 3 مناسبات فقط حضرهما الفراعنة بالمونديال.
المشاركة في مونديال 90 هي الأهم للمصريين وذاكرتهم المعاصرة - ما قبل 2018 - ولكنها لم تكن الرحلة الأولى نحو الكأس الذهبية. مونديال 1934 كان هو الأول ولكن لم تكن البطولة بتلك الأهمية آنذاك.
المشاركة الأولى للمنتخب صاحب العلم الذي يحمل هلالا و3 نجوم لم تكن متواجدة دائما في الأذهان ربما بسبب غياب الكثير من وسائل المعرفة وربما لافتقاد الكرة زخمها في ذلك التوقيت. ولكن ذلك لا يعني تجاهلها.
FilGoal.com حاول البحث عن معلومات بشأن تلك المشاركة وبعد فترة من البحث وجد بعضا من ضالته بالحصول على نسخ من أرشيف صحيفة الأهرام وقتها بجانب الحصول على صور من أرشيف مكتبة الإسكندرية عبر موقع "ذاكرة مصر المعاصرة".
ونعيد نشرها في ذكرى انتصار مصر على فلسطين 4-1 في مباراة الإياب التي تحل ذكراها اليوم السبت (6 أبريل) بعدما انتصر الفراعنة ذهابا 7-1.
في المهمة الأولى بمباراة الذهاب حقق المنتخب المصري انتصارا كبيرا على منتخب "فلسطين تحت الانتداب البريطاني" بسبعة أهداف مقابل هدف.
طالع التفاصيل (مصر في مونديال 34 (1) - المهمة الأولى.. الذهاب أمام منتخب "مهاجري ألمانيا اليهود")
يجدر الإشارة إلى أن المنتخب الفلسطيني الذي واجهته مصر في تلك المباراتين هو امتداد للمنتخب الإسرائيلي الحالي بحسب ما أكد الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا".
وتحت مسمى منتخب "فلسطين تحت الانتداب البريطاني" لعب هذا الفريق 5 مباريات فقط بذلك الاسم، واعترف الاتحاد الفلسطيني بصورته الحالية بعد ذلك بتلك المباريات الخمس كمباريات لمنتخب فلسطين.
ورغم أن كل لاعبيه كانوا من اليهود المهاجرين إلى البلد العربي إضافة إلى عزف النشيد اليهودي - النشيد الإسرائيلي بعد ذلك - قبل مبارياته إلا أن الاتحاد الفلسطيني اعترف بتلك المباريات هو ما يعد "قرار غريبا" بحسب تعبير مؤسسة إحصاءات وثيقة لكرة القدم.
كان يتعين على "أبناء النيل" خوض مهمة أخرى في مواجهة لقاء الإياب والتي كانت تعني حال الانتصار في مجموع المباراتين الذهاب إلى المونديال مباشرة.
الحلقة الثانية
لم يأخذ الحديث عن مباراة الإياب قبلها الاهتمام الكافي أو المساحة الواجبة لحدث بهذه القيمة، واكتفت صحيفة "الأهرام" بالإشارة إلى سفر المنتخب متجها نحو تل أبيب (مدينة فلسطينية قبل تقسيم فلسطين) بحسب ما أوضحت.
وقالت الصحيفة: "انتهى القيل والقال، وسافرت أمس فرقة مصر إلى القنطرة في تل أبيب، وقد ودعهم على المحطة جمهور من الرياضيين والأصدقاء".
"في مقدمتهم حضرة صاحب السعادة عبد الخالق مدكور باشا - أحد الرموز الوفدية والمشاركين في ثورة 1919 - وحضرة صاحب العزة محمد حيدر بك وكيل محافظة مصر - وزير الحربية ورئيس الزمالك بعد ذلك - والأستاذ محمود فهمي حسين بك وغيرهم".
وتابعت الصحيفة الحديث "وقد سافر غير أعضاء الفرقة ورجالها الإداريين بعض الرياضيين منتهزين فرصة تخفيض الأجور فرافقوهم ليشجعوهم هناك. رافقتهم جميعا السلامة".
وتطرقت الصحيفة إلى نتائج مباريات بعض الفرق الأوروبية والتي كانت المجر من بينهم، وأشارت إلى أنها تغلبت على بلغاريا في التصفيات بأربعة أهداف لهدف في العاصمة البلغارية صوفيا.
الطريف في الأمر أن المساحة التي أفردتها الصحيفة لمباراة مصر وفلسطين كانت أقل من المساحة التي خصصتها لمواجهة فريق ديوان وزارة الزراعة وقسم البساتين بالقناطر الخيرية، وفيها استعرضت تشكيل الفريقين ونتيجة المباراة.
كما تحدثت عن مواجهات ودية بين الفرق النمساوية والمجرية والتي نقلها لهم أحد المجريين المقيمين في الإسكندرية بعدما استمع لها عبر أثير الإذاعة.
وكذلك لإتفاق بين الاتحاد السكندري وبوليس العاصمة - الذي أسس حديثا وقتها - على إقامة مباراة ودية بأرض الشاطبي، وأشارت لانتصار "زعيم الثغر" قبلها على منتخب الشركات بثلاثية نظيفة.
*لمشاهدة صورة صحيفة الأهرام كاملة وبجودة عالية اضغطهنــــــا
يوم المواجهة استعرضت صحيفة "الأهرام" الحديث عن المباراة الثانية بين المنتخبين، وقالت في مقدمة تقريرها "مصر تتبارى مع فلسطين للمرة الثانية في مسابقة كأس العالم على أرض تل أبيب".
"مصر الفائزة أولا ومن المنتظر ان تفوز أخيرا لأن فرقتها لم تضعف ولم تنقص عنها في مباراة الجزيرة - تقصد مباراة الذهاب - ولأنها حريصة على النصر الأول وقيمته ولا بد أن تدافع عنه وإن لم تزده فلا أقل من أن تحافظ عليه. يعلم هذا ممثلونا في المباراة وسيقومون حتما بالواجب عليهم".
"أما فلسطين فهي حديثة العهد بكرة القدم وأسس اتحادها عام 1928. وهو من المنشآت المكابية أي إحدى التشكيلات اليهودية اللاحقة مباشرة بإدارة مكاتبات فلسطين، ومعنى هذا أنه اتحاد عنصري معتمد دوليا لتمثيل بلاد فلسطين، وهو يدير عددا من الأندية لا بأس به قد يبلغ الآن 35 ناديا تكون في مجملها 64 فرقة ونحو 700 لاعب".
وكذلك تطرقت إلى عدم وجود نشاط لأندية العرب في فلسطين والذي أوضحت أنه إن حدث فسيؤدي إلى "مشكلة التمثيل" لفلسطين.
وفي نفس اليوم كان هناك خبرا صغيرا عن مواجهة بين فريق المختلط وإحدى الفرق الإنجليزية على أرضه بالزمالك وهي مباراة التي كشفت عن السماح بالحضور المجاني فيها للمشجعين.
*لمشاهدة صورة صحيفة الأهرام كاملة وبجودة عالية اضغطهنـــــا
"مصطفى كامل منصور - علي كاف – عبد الحميد تشارلى - حسن الفار – حسن رجب - أمين صبرى – محمد لطيف - مختار التتش - مصطفى كمال طه – عبد الرحمن فوزى - جميل الزوبير". هكذا كان تشكيل مصر في مباراة الذهاب.
ولكن في مباراة الإياب أجرى المدرب جيمس مكاراي 3 تغييرات. شارك عزيز فهمي في حراسة المرمى بدلا من مصطفى منصور ومحمد فريد بخاتي لاعب الزمالك بدلا من أيمن صبري.
ولعب مهاجم الأهلي هاني لبيب بدلا من جميل الزبير الذي كان يعاني من إصابة وقتها قبل أن يعود ويشارك في ودية نادي المختلط بنفس اليوم.
أقيمت المباراة يوم السادس من أبريل على ملعب هابوعيل في حي مونتيفيوري بتل أبيب - بدلا من استاد مكابي الذي اعتادوا اللعب عليه - وهو ملعب كان يتسع لثمانية ألاف مشجع، وأدار المباراة الحكم الإنجليزي فريدريك جون جودسبي.
*صورة لمنتخب "فلسطين تحت الانتداب البريطاني"
مدرب فلسطين شيمون راتنر أجرى عدة تغييرات أيضا على تشكيله، ولكنها لم تسعفه إذ تلقى هزيمة أخرى بأربعة أهداف لهدف.
أهداف مصر الأربعة أتت في الشوط الأول، مع بداية المباراة وعقب مرور دقيقتين فقط سجل محمد لطيف الهدف الأول ثم تبعه مختار التتش بهدفين في الدقائق 7 و22 قبل أن يختتم عبد الرحمن فوزي مهرجان الأهداف في الدقيقة 35.
وقلص يوهان سوكينك لاعب هابوعيل تل أبيب الفارق لمنتخبه في الدقيقة 54 من تسديدة على بعد 20 ياردة بحسب ما نقل مراسل صحيفة الأهرام.
وفي الدقيقة 80 تعرض محمد لطيف لإصابة قوية أجبرته على الخروج من الملعب - بحسب ما أكدت مؤسسة "إحصاءات وثيقة لكرة القدم" - ليكمل المنتخب اللقاء بعشرة لاعبين إذ كانت لوائح "فيفا" لا تسمح بالاستبدال في ذلك الوقت.
وانتهت المباراة بتلك النتيجة الإجمالية 11-2 ليُعلن بذلك رسميا وصول مصر إلى المونديال لأول مرة في تاريخ إفريقيا والعرب.
ويقول الحارس مصطفى منصور طه لصحيفة "الحياة" اللندنية عام 1998: "لم أعلم في تلك الفترة أهمية هذا الحدث التاريخي".
ويبدو أن الوضع مع صحيفة "الأهرام" لم يكن أفضل حالا إذ اكتفت بعدها بالإشارة إلى نتيجة المباراة دون الحديث عن كون مصر تأهلت إلى كأس العالم لأول مرة في تاريخها وعادت للحديث مجددا عن المباراة الأكثر أهمية بين وزارة الزراعة والبساتين :)
*لمشاهدة صورة صحيفة الأهرام كاملة وبجودة عالية اضغطهنـــــــــا
وأدت الهزيمتين المدويتين لمنتخب فلسطين إلى استقالة المدرب شيمون راتنر المعروف بـ"لوميك" بعد المباراة عقب فشله في المهمة التي تم تعيينه من أجلها لمباراتين.
هكذا أنهت مصر رحلة الوصول إلى المونديال لتبدأ مهمة أخرى من الاستعداد من أجل البطولة العالمية. مهمة شهدت الكثير من الأحداث والعقبات.. وفي الحلقة الثالثة كان الوصول والوداع في آن واحد.
طالع الحلقة الثالثة والأخيرة - (مصر في مونديال 34 (3) - الوصول والوداع في آن واحد.. هدف ملغي للتتش و"أشواط إضافية!")
اقرأ أيضا:
صلاح: دائما أفكر في التسجيل.. وكلوب: لم أشك أبدا في قدراته
"إمكانيات كينو تفوق الدوري المصري"
مدرب الإسماعيلي: لا نخشى بيراميدز.. ونعرف نقاط ضعفهم
صور أغلفة الصحف الإنجليزية - ماذا قالت عن صلاح "منقذ" ليفربول أمام ساوثامبتون
وليد سليمان يكشف سبب خلافه مع مارتن يول.. وكيف حول الرهان لصالحه
أبو تريكة: هدف صلاح تحفة فنية متكاملة