كتب : أمير عبد الحليم
ببسالة يقرر حمادة طلبة مدافع منتخب مصر الأكبر سنا بين زملائه مواصلة الركض خلف فيكتور موسيس النجم النيجيري الذي انفرد بمرمى أحمد الشناوي، تصرف كان ليبدو أحمقا لولا نجاحه.
اختار طلبة صاحب الـ34 سنة ألا يستسلم ويحاول الركض في الاتجاه الموازي لموسيس الذي عبر الشناوي بالفعل على أمل إغلاق زاوية التسديد أمامه بدلا من محاولة فاشلة بكل تأكيد في اللحاق بالجناح النيجيري.
وحتى تكتمل مثالية درس الفدائية الذي قدمه لنا طلبة، نجحت محاولته ليُبعد تسديدة موسيس من على خط مرمى منتخب مصر ويحافظ على نتيجة التأخر بهدف أمام أصحاب الأرض، والتي سيعدلها محمد صلاح في وقت قاتل لاحقا.
لم يحتج طلبة أكثر من 3 ثوان لتنفيذ عمليته الفدائية التي وقف يشاهدها شركائه في خط الدفاع الذين يصغرونه سنا بـ10 سنوات، لكنها كتبت مستقبلا مختلفا لهذا الجيل.
بعد أيام من التعادل مع نيجيريا في كادونا، احتاج منتخب مصر للفوز في برج العرب على النسور للتأهل رسميا لكأس الأمم بعد غياب 3 نسخ وهو ما تكلل بالنجاح بفضل هدف رمضان صبحي.
العودة لكأس الأمم بعد غياب ملك إفريقيا عن 3 نسخ متتالية لم تكن فقط نقطة حاسمة في تكوين شخصية هذا الجيل الذي كان يستعد لبدء مشوار تصفيات كأس العالم، لكن كان إنقاذا له من مصير غير واضح المعالم.
خسارة التأهل لكأس الأمم كان يعني بشكل مباشر فسخ التعاقد مع المدرب الأرجنتيني هيكتور كوبر، قبل أقل من 7 أشهر من مواجهة الكونغو في افتتاح مشوار تصفيات المونديال.
ورحيل المدرب الذي لا يلقي قبول الجميع بين الجماهير المصرية بسبب طريقة لعبه المتحفظة، كان ليفتح أبوابا من الشك حول قدرة هذا الجيل الذي – لا يُصنف الأفضل في تاريخ مصر الكروي – على إنهاء 28 عاما من الغياب عن كأس العالم.
احتاج جيل أغلبه من اللاعبين المحليين لم تتح الفرصة لمعظمهم اللعب في استاد بمدرجات ممتلئة على أخرها لفدائية حمادة طلبة من أجل عدم السقوط في بئر لا حبال للإنقاذ في أعماقه.
بداية جديدة
قبل إنقاذ حمادة طلبة بسنة، كان يلعب مع فريقه الزمالك كظهير أيسر ضد إنبي تحت أنظار جوزفالدو فيريرا المدير الفني الجديد للفريق الأبيض والذي جلس في المدرجات ليشاهد لاعبيه ليطلق أحكام مبدئية.
وخرج حكم فيريرا على طلبة في هيئة سؤال: "لماذا يشارك هذا اللاعب في مركز لا يجيده".
وانطباع فيريرا الأول عن طلبة مختلف تماما عما وصل له اللاعب الكبير سنا بنهاية الموسم الذي شهد أول مسابقة دوري في مصر من مجموعة واحدة مكتملة منذ 2012، فاللاعب الذي انضم للزمالك يجيد اللعب في قلب الدفاع وكظهير أيمن اضطرته الظروف للعب على الجانب الأيسر ولم يجد فيريرا حلا سوى استمرار الاعتماد عليه وتطويره.
تطور طلبة كثيرا لدرجة أنه أصبح لاعبا دوليا لأول مرة في سن الـ34 ومن خلال مركز لم يشارك فيه طوال مسيرته قبل 2015.
قصة طلبة لا تختلف كثيرا عن منتخب مصر خلال نفس الفترة..
سنوات من الضياع
لا مبالغة في وصف ما عاشه منتخب مصر قبل التأهل لكأس الأمم 2017 بسنوات من الضياع، بعدما ظل على القمة من 2006 حتى 2010.
خسر منتخب مصر في كوماسي من غانا 6-1 وظهر كيفن برنس بواتنج يضحك وهو يجلس على دكة البدلاء في الدفاع الجوي من حماس الجماهير المصرية التي حلمت بالعودة وتسجيل 5 أهداف.
تجرع الفراعنة مرارة هزائم لم تكن في الحسبان يوما من النيجر وإفريقيا الوسطى، وحتى عندما بات مجرد التأهل لكأس الأمم سهلا لم يستطعوا تحقيق أفضل ثالث في مجموعتهم.
في تصفيات كأس الأمم الإفريقية 2015، خسر منتخب مصر من السنغال وتونس ذهابا وإيابا ولم يفز إلا على بوتسوانا المنتخب الضعيف الذي صرح مدربه بول بوتلر "متعاطف مع المنتخب المصري، وسأعمل على مساعدته بالنتائج للتأهل إلى البطولة".
كان الوضع كارثيا لدرجة أن هاني أبو ريدة رئيس الاتحاد المصري الحالي قال: "لو درب مورينيو منتخب مصر في الوقت الحالي بهؤلاء اللاعبين لكان حقق النتائج نفسها التي حققها شوقي غريب. المستوى الحالي للاعبي مصر لا يساعد أي مدرب على تحقيق نتائج عظيمة".
تقهقر تصنيف منتخب مصر وكان ضمن منتخبات المستوى الثاني في تصنيف قرعة تصفيات 2017 التي باتت أصعب بعدما أصبح التأهل مقصورا على متصدر المجموعة فقط مع أفضل منتخبين يحتلان المركز الثاني.
وكان منطقيا ألا تكون القرعة سهلة بالوقوع في المجموعة مع منتخب نيجيريا بطل نسخة 2013 والذي يبني جيلا جديدا هو الآخر.
وبانسحاب تشاد، باتت الأمور أصعب فالمتأهل من المجموعة سيكون من يجمع نقاطا أكثر في مباراتي مصر ونيجيريا.
أنقذ حمادة طلبة نقطة للفراعنة في كادونا كان ممكنا أن تزيد لثلاث لو لم يطلق جاني سيكاوزي حكم المباراة صافرة النهاية أثناء انطلاق محمد صلاح بالكرة نحو المرمى النيجيري.
وبعد اقتناص 4 نقاط من نيجيريا والتأهل لكأس الأمم 2017 لإنهاء سنوات عجاف، خسر الفراعنة نهائي البطولة من الكاميرون وتأهلوا لكأس العالم في روسيا على حساب غانا بعد 4 سنوات من الـ6-1، واستمرت الانفراجة باستضافة كأس إفريقيا هذا العام.
كل هذا ربما لم يكن ليتحقق لو استمع طلبة لحسابات العقل الذي لن يقبل فكرة لحاقه بتسديدة واحد من أسرع اللاعبين في الدوري الإنجليزي واستمر في متابعة رد فعل أحمد الشناوي بجوار زملائه.
مستقبل 3 سنوات عاشهم الفراعنة ذهبوا فيهم بعيدا في الجابون وتأهلوا للعب في روسيا رسمه 3 ثوان.
اليوم بعد 3 سنوات من إنقاذ حمادة طلبة، تستضيف نيجيريا منافسا مختلفا عن منتخب مصر 2016 لا يضم لاعب بتروجت صاحب الـ37 عاما.
اقرأ أيضا
جينولا – جروس - ساسي.. من الـ6-1 في لندن إلى السيطرة على الدربي في قارتين
وصايا لاسارتي الـ4 قبل الدربي.. عن المكابح والاستمتاع والورقة الرابحة على الدكة
عبد الفضيل يختار لـ في الجول لاعب يرغب في ضمه من الزمالك وآخر يُقلقه قبل القمة
602 ساعة في المجهول.. ذكرى اختطاف كيني نجم برشلونة
حوار في الجول – عامر حسين يتحدث عن رفض طلب عبد الحفيظ.. حل أزمة الدوري وموقف كأس مصر