وجهة النظر الأولى: ما هو المميز في لاعب لم يحاول على المرمى سوى 5 مرات طوال الموسم قبل الماضي ومرة وحيدة خلال الموسم الماضي، وأغلب تمريراته للجانبين، ليفز بـ11 بطولة دوري مع الأهلي.
حسام عاشور
النادي : لاعب حر
وجهة النظر الثانية: متابعة المباراة من الملعب مختلفة كثيرا عن التلفاز، أنتم لا تفهمون الأدوار التي يقوم بها في الملعب!
منذ أن صرخ مانويل جوزيه في إحدى تدريبات قطاع الناشئين "اللاعب رقم 4 سيكون مستقبل الأهلي وأريد تصعيده"، والنقاش المذكور أعلاه محتدم، ولا يحسمه أصحاب وجهة النظر الثانية إلا عندما تظهر مشاكل الأهلي الدفاعية عند غياب عاشور.
وبمناسبة عيد ميلاده الـ33، نبحث هنا عن الحقيقة خلف حسام عاشور، ما الذي يجعل هذا اللاعب – الذي يبدو من بعيد غير مميز على الإطلاق – هاما للغاية للأهلي.
عاشور لا يسدد على المرمى كثيرا، لا يمكنك أن تنتظر منه تمريرة بينية تضرب الخطوط الدفاعية إلا نادرا، لن يبهرك بقدرته على المرور من خط وسط المنافس وتحويل الفريق لطور الهجوم.
لكن ما يقدمه عاشور أهم من ذلك، جعلت أكثر من 29 لاعبا يمرون بجوار عاشور ويرحلون، وهو باق دائما في تشكيل الأهلي.
انتصار الكلاسيكية
ماذا يطلب المدرب من لاعب الوسط؟ إجابة هذا السؤال معقدة للغاية وقد تستغرق ساعات لإجابتها، لكن الإطار العام هو مساندة الدفاع بمحاولة قطع الكرة، ومساندة الهجوم بتمريرها للاعبي الخط الأمامي.
هذا، ما يفعله حسام عاشور.
لكن، بالتأكيد من أصل عشرات اللاعبين الذين مروا بجانب عاشور في وسط ملعب هناك أخرين يستطيعون فعل تلك المهمة.
"لو شاهدت المباراة من بعيد من الممكن ألا تشعر بأهميته"
أكثر من 500 مباراة يتربع بها عاشور على عرش أكثر اللاعبين مشاركة مع الأهلي منذ 2000.
حسام البدري قال لـFilGoal.com سابقا "لو شاهدت المباراة من بعيد من الممكن ألا تشعر بأهميته".
قبل أن يضيف "لكن عندما تشاهده عن قرب ستجد أنه لاعب مهم للغاية ينظم خط وسط الفريق وكذلك تمركز زملاءه في الملعب".
وعاشور يؤكد "السبب الأكبر لمشاركتي بشكل أساسي دائما هو انصياعي لتعليمات المدربين بحذافيرها.. الإصرار والعزيمة عاملان مهمان أيضا".
أما وعن القول بأنه لا يعرف سوى الدفاع فقط، فيبرر "فيما يخص أني صاحب سمات دفاعية، فيجب القول إني دوما كنت الارتكاز صاحب الواجبات الدفاعية في تكليفات المدربين، زميلي أيا كان اسمه هو من يقوم بالواجب الهجومي".
الغرق خارج الجزيرة
رغم تاريخ حافل لعاشور داخل أسوار الأهلي، يبدو وأنه يغرق دائما خارج الجزيرة. مشاركات عاشور مع منتخب مصر قليلة وحزينة. هل تنتصر الكلاسيكية في الأهلي فقط؟
أثناء وجود عاشور، كان محمد شوقي شريكه في وسط ملعب الأهلي منفجرا مع منتخب مصر وعنصرا أساسيا في بطولتين من ثلاثية تاريخية مع الرجل الذي يراه المعظم العدو الأول لحسام عاشور، حسن شحاتة.
قال شوقي سابقا "عاشور يقدم مستوى مميز للغاية مع الأهلي طوال سنوات عديدة ولا يخرج من التشكيل الأساسي لأي مدرب، لكن الأداء الدفاعي لعاشور فقط لا يكفي لتمثيل المنتخب، لأن مدربي المنتخب دائما يبحثون عن اللاعب الذي يؤدي في أكثر من مكان، فمثلا يستطيع لاعب الوسط الدفاعي أن يشارك في الدفاع ولاعب الوسط الهجومي".
لاعب ميدلزبره السابق يتحدث من وجهة نظر الشريك في خط الوسط، لكن أخر مدرب استدعى عاشور لمنتخب مصر له رأي أخر..
ضياء السيد كان مدربا عاما لمنتخب مصر في الجهاز الفني الذي كان يقوده بوب برادلي بين سبتمبر 2011 ونوفمبر 2013، تلك كانت أكثر فترات مشاركة عاشور، المحدودة، مع منتخب مصر.
لماذا كان برادلي يضم عاشور؟ ضياء السيد شرح لـFilGoal.com "عاشور يصنع مثلثا مع أي لاعبين محاصرين في الملعب".
هل هذا فقط السبب؟ يضيف مدرب الفراعنة السابق "إحدى مميزات عاشور هو مواظبته على الركض لتغطية المساحة بعد تمريره للكرة".
يتحدث حسام عن تلك النقطة قائلا: "أرى أن عدم انضمامي للمنتخب كان وجهة نظر شخصية للكابتن حسن شحاتة واحترمتها دون اعتراض، بعد ذلك انضممت للمنتخب في وجود بوب برادلي".
وتابع في حديثه قبل 7 سنوات "لا أحب من يتحدث دائما عن ضرورة تطوير أدائي الهجومي، هذه هي طريقتي ولست لاعبا جديدا، وجميع المدربين الذين قادوا الأهلي شاركت معهم هكذا وتوجت بالعديد من البطولات".
ولكنه يعود بعدها بأعوام ويشير إلى دور مدرب الأهلي الأسبق خوان كارلوس جاريدو، ويشرح "حين كنت أشارك في الهجمات، كان المدرب يلوم علي.. لكن جاريدو كان مختلفا.. منحني ميزة لم يمنحها أحد قبله لي، وهي الثقة في النفس لأن أزيد وأسدد".
واستدرك "طبعا توقيت المشاركة في الهجوم مهم، هاجم حين تكون واثقا في أن هذا لن يؤثر على مهمتك الأساسية كمدافع".. ويبدو أن ذلك لم يدم طويلا.
مراقبة هادي خشبة، عاشور يشرح ما يفعله في الملعب
من أفضل من حسام عاشور ليشرح لنا، الحقيقة وراء حسام عاشور.
"منذ كنت ناشئا وأنا أتابع عن قرب هادي خشبة.. كان مستواه مبهرا بالنسبة لي خاصة في الواجبات الدفاعية، هو من أفضل من لعب في هذا المركز في تاريخ الكرة المصرية".
"ربما يكون هذا المركز من أصعب المراكز في الملعب، لأن مهامك تكون عديدة جدا، أنا أضغط الخصم، أغطي الجناحين والظهيرين وأحمي قلبي الدفاع، وأزيد كذلك في الهجمات".
ويوضح حسام في تصريحات سابقة لـFilGoal.com "مركزي وشخصيتي يجعلاني دوما مؤمن بقاعدة هامة.. التزم بتعليمات مدربك حرفيا، لا تخرج عن طوعه أبدا".
وأكمل "ثلاثة أرباع عملي هو التركيز، أنت تسيطر على خصمك ذهنيا قبل أي شيء أخر".
وشرح "شيكابالا مثلا، أنا أعرف قدراته جيدا.. أعرف سرعته، قوته، ومهارته.. لهذا في الملعب لا توجد مشكلة في إيقافه، المشكلة فقط في توقع ما سيفعله".
وأضاف "لهذا قبل مواجهة شيكابالا، أختلي بنفسي.. أفكر وأدرس، كيف سأتعامل مع كل خطوة سيقدم عليها في أرض الملعب".
وأردف "ماذا لو حاول الدخول لعمق الملعب.. ماذا لو حاول مراوغتي.. لهذا في الملعب أنا مستعد لكل حيلة لديه، وهو يشعر بذلك، هو وعبد الله السعيد حين كان في الإسماعيلي، عموما من المهم أن أقول، التعامل مع كل خصم يكون مختلفا بحسب قدراته".
وفسر "لو صانع الألعاب الذي أواجهه يتميز بالسرعة، أتحرك قبل أن تصل الكرة إلى قدميه، أما لو كان مهاريا، فيجب عليك أن تنتظر للحظة، لأن عليك أن تكون أهدأ، وتتوقع ما الذي سيفعله، هل سيذهب بي لليمين أم لليسار".
وأتم "الهدف: ألا يصل الخصم إلى منطقة الـ18 أبدا.. وفي الوقت نفسه تحمي رفاقك وتغطيهم".
لا يبخل عاشور بإعطاء الجهد من أجل الأهلي – باتفاق الجميع – لكنه لا يبذل الجهد من أجل بذله فقط، أو من أجل الظهور بمظهر اللاعب المجتهد الذي لا يمتلك الموهبة الكافية.
هو يعلم ماذا يفعل، من يراقب، من هو منافسه، من عليه مساعدته في الملعب، لديه وعي تكتيكي في الملعب أشار له حسام البدري من قبل.
وبما أن الأرقام دائما في صف عاشور، يبدو وأن أصحاب وجهة النظر الثانية لديهم نقطة واضحة يؤكدها مدربي اللاعب.
الحقيقة – فعلا – وراء حسام عاشور.. معضلة الرجل الثاني
كعادته، يحصل محمد أبو تريكة على لقطة النهاية التي تلخص كل أحداث أي يوم، حيث قال في تغريدة سابقة "حينما يغيب اللاعب عن المباريات يدرك الجميع قيمته في الملعب، حسام عاشور محور مهم في فريق الأهلي .. تحية واجبة لحسام عاشور".
غياب حسام عاشور له تبعات سلبية على الأهلي - منذ 2007، لم يغب عاشور عن الأهلي سوى في 17 مباراة في دوري أبطال إفريقيا - قبل مباريات الموسم الجاري - وفي تلك المباريات تعادل الأهلي 8 مرات وخسر مرتين، منهما خسارة وتعادل كلفا الأهلي لقب 2017 أمام الوداد.
دفاع الأهلي في الموسمين الماضيين قدم أداء جيدا، لكنه بدا ضعيفا ومرتبكا دائما في غياب عاشور الذي يداري بما يفعله في الملعب الحقيقة خلفه، أن عاشور عنصر هام للغاية في منظومة الأهلي الدفاعية.
هذه هي مشكلة الرجل الثاني.
في سنوات رائعة للأهلي في وجود عاشور لن تتذكر أي لحظات تاريخية له سوى تمريرة لأحمد فتحي حسم بها الدوري في 2009، لكن لن تجد على يوتيوب فيديو يلخص تسديدات عاشور أو صناعته للأهداف في سنوات الأهلي الذهبية.
قد لا تشعر بوجود الرجل الثاني، لكن غيابه يضرب المنظومة كلها ويدمر أهم تروسها.
لا يقدم عاشور أداء أنيقا أو جميلا، تمريراته سهلة ولا يراوغ كثيرا، يقوم بالمهام القذرة من أجل زملائه في الأمام ليجدوا هم الوقت والفرصة لإنهاء اللوحة الجميلة التي تملك قاعدة من اللون "السادة" الذي يبدو وحده عاديا، لكن رائعا مع اللوحة كاملة.
اقرأ أيضا:
الزمالك: لن نلعب مباراة المقاولون.. نسافر إلى الجزائر عقب لقاء جور ماهيا
تشكيل الأهلي المتوقع – مروان يقود الهجوم أمام فيتا.. وسعد بجانب أيمن أشرف في الدفاع
الاتحاد الأوروبي يقرر: قرعة واحدة حتى نهائي دوري الأبطال
في الجول يكشف حديث جروس عن مستوى أوباما: ما يقدمه يجعلني أشركه دائما
تحوّل جديد.. أس: سيدورف قد يتولى تدريب ريال مدريد لنهاية الموسم