أتذكر تلك اللحظة عندما أدركت أن حياتي تغيّرت.. للأبد.
كنت خارجا من مطعم في لشبونة رفقة أصدقائي يوم 4 ديسمبر 2015، وقتها كنت لاعبا في بنفيكا وقد خضنا مباراة في نفس اليوم أمام أكاديميكا، حسنا، لم تكن مجرد مباراة عادية، فقد سجّل خلالها هدفا جميلا، لربما شاهدتموه.
ذاك الهدف كان الأول لي مع بنفيكا، إنها لحظة رائعة، نتيجة لكثير من العمل الجاد مني ومن عائلتي أيضا.
على أي حال، في ذلك المطعم تواجد بعض الجماهير على بعد عدة طاولات، وأعتقد أنهم رأوني. حينها كنت قد لعبت لبعض الوقت في ناشئي بنفيكا، ولذا كنت معتادا على أي يتعرّف الناس عليّ، وهم عادة يتمتعون بكثير من اللطف والطيبة والرقي.
اقرأ: جواو فيليكس.. تذكّروا الاسم
على سبيل المثال، يجعلونك تدرك الطموحات تعويلهم الكبير عليك عندما يتم تصعيدك للفريق الأول، ويخبرونك دوما أن تواصل العمل الجاد، كما لو أنهم والديك.
ولكن هؤلاء الفتية على الطاولة، كانوا مجانين، وكأنهم رأوا ميسي، لقد فقدوا عقولهم.
"ريــــنــــاتــــو! ريــــنــــاتــــو!!!!!!!! نريد صورة! أرجوك! هل يمكن أن نأخذ صورة معك؟ ريناتو!".
"رييييييييييناتو!"
نظرت إلى أصدقائي، مع انطباع أن هذا سيكون الحال بدءا من الآن، وأنه سيتوجب علينا أن نأكل في منازلنا بداية من هذا اليوم.
دعوني أخبركم أن الأمر كان جامحا للغاية، وهذه كانت مجرد البداية، ولم أكن لأخمّن ما أنا مقدَم عليه.
كنت لا أزال شابا من أمادورا، شمال لشبونة، قضيت طفولة متواضعة. والداي عملا كثيرا حتى يوفّرا لي ولأخوتي حياة مقبولة، تنقلنا في أنحاء البرتغال كثيرا، ولم نحظى بأفضل الجيران دوما.
هذه كانت الحياة، وعائلتي بأكملها شجّعت بنفيكا، وهذا أبقانا منخرطين في المجتمع دوما، أينما حللنا نبحث عن مشجعي بنفيكا الذين يشبهوننا.
وهذا ما جعل الترعرع في أنحاء لشبونة مميزا لي، وكأنني أحمل جزءا من بنفيكا معي أينما ذهبت.
أحاول تذكُر عندما انتقلت إلى بايرن عام 2016، قبل شهر تقريبا من الفوز باليورو مع البرتغال، وصدقوني، الفوز باليورو.. الفوز باليورو لا يُمكَن أن يوصف بالكلمات، إنه الإنجاز الذي سأظل فخورا به لفترة طويلة جدا.
ولكني اعتقدت أن هذه البطولة أعدتني جيدا لكل الضغط الذي سيقع علي في الدوري الألماني، ظننت أنني جاهز، قبل أن أكتشف سريعا عدم جاهزيتي.
كرة القدم في ميونيخ، في ألمانيا بوجه عام، مختلفة للغاية. في البرتغال يمكن فقط أن أواصل الركض بلا هوادة لأنني أمتلك القدرة والوعي لتجاوز أي إعياء.
أما في ألمانيا، يمكن أن تركض، ولكن المباراة سريعة للغاية لدرجة قد تتسبب في عدم تمركزك بشكل صحيح، كل شيء كان مختلفا.
موسمي الأول في بايرن لم يكن مثاليا، أدرك ذلك، سمعت الناس يقولون عني:
"فاشل"
"مفلس"
"مقرف"
"قوموا ببيعه قبل أن يفوت الأوان"
والجزء الأسوأ في الأمر كان محاولتي بأقصى ما أملك، وعدم الظهور بمستواي رغم ذلك.
انتقلت إلى سوانزي في 2017 لأني احتجت إلى المشاركة، احتجت إلى خوض الدقائق، أردت أن أتأكد من متابعة المنتخب لي في دوري قوي حتى أنضم لقائمة كأس العالم، ولكن في ويلز.. كل شيء سار بشكل خاطئ، فأثناء تأقلمي على فريقي الجديد، طاردتني الإصابات الغريبة، كلها في نفس القدم، لم أواجه أي مشكلة مع الإصابات مسبقا، ولكن فجأة صرت مبتعدا عن الملاعب لأشهر، جالسا وحدي في غرفة أشاهد أمطار سوانزي طوال اليوم.
لا أحد يجهّزك لذلك.
أقدّر ما قدّمه لي كل الجميع في النادي، ولكن لم يكن مقدّرا أن أنجح بغض النظر عن السبب.
وقد فوّت المشاركة في كأس العالم بالصيف الماضي، الأمور لم يكن من المفترض أن تسير بهذه الطريقة، لا أشتكي، أحاول أن أخبركم.. أنا إنسان، وأحيانا تعاندك الأمور، وقد تفهّمت ذلك.
أبي اعتاد ترديد هذه المقولة لي دائما:
"أنت مقاتل، والمقاتل لا يستسلم أبدا، المقاتل يذهب إلى المعركة حتى لو عرف أنه سينهزم".
في الصيف الماضي، أثناء لعبي لـ بايرن مجددا، أشعر أنني بدأت في استعادة مستواي.
امتلكت أهدافا كبيرة بعد الفوز باليورو، أردت الفوز بالكرة الذهبية، أن أفوز بكل الألقاب، ولا أزال أمتلك هذه الطموحات، ولكن الآن عندما أتصوّر مستقبلي، فإن هذه الطموحات تأتي بعد أحلامي.
أريد أن أكون في مستوى عظيم، أريد أن ألعب مزيدا من الدقائق، أريد أن أسمع الناس في ميونيخ يرددون:
"هذا هو ريناتو الذي وقّعنا معه، لهذا قمنا باستقدامه".
أشعر أنني سأسمع هذا مع الوقت، هذا الموسم كان رائعا بالنسبة لي وللفريق. أعرف أننا قادرين على مواصلة التطور، وأدرك أنني قادر على تقديم المزيد.
رحلتي لم تكن سهلة، ولكنها لم تنته بعد، ليست قريبة حتى من النهاية.
اقرأ أيضا:
تشكيل #ليلة_الأبطال - تغييران في ريال مدريد.. وأياكس بلا تغييرات
توصيات مؤتمر نبذ التعصب - الإسراع في تطبيق الـVAR ولجنتي "شئون الجماهير" و"الحكماء"
ماني عن تنافسه مع صلاح: الجميع يرى علاقتنا داخل الملعب وخارجه
حوار – مدرب رايو فاييكانو يتحدث عن الـVAR في إسبانيا.. ولماذا لا يضمون لاعبين عرب