كتب : فادي أشرف
إذا كنت من مواليد أواخر الثمانينيات أو أوائل التسعينيات فأنت تعلم جيدا أهمية الـ"هارد ديسك" الممتلئ بفيديوهات أهداف ومهارات وإعلانات كرة القدم، قبل أن يصبح الوصول إليها يسيرا بكبسة زر واحدة.
بين فيديوهات المهارات الخاصة بنجوم البرازيل وإعلانات نايكي وأديداس، والتطور النوعي لتلك الفيديوهات مع وصول فيديو فوز حازم إمام بتحدي "بيبسي" لأمهر لاعبي كرة القدم، بدأ الحديث وتبادل الفيديوهات الخاصة بمحترف مصري لم يتخط الـ17 من عمره يمارس اللعبة في بلجيكا.
في ذلك الزمن، لم يتخط عدد المحترفين المصريين أصابع اليدين، وفكرة أن يكون أحدهم هدافا تتناقل الناس مقاطع لأهدافه كان أمرا جديدا على جموع متابعي الكرة المصريين.
لكننا اليوم، في عيد ميلاد أحمد حسام "ميدو" الـ36 ننظر لمسيرته – كناشئ وكلاعب وكمدرب – من وجهة نظر أخرى. رجل يحارب في كل الجبهات، لا يعيش دون معركة. أثر عليه ذلك الأمر في مسيرته الكروية بكل تأكيد ولكنه وضعه في مكانة متفردة بين بني جيله، وفي حكاية الكرة المصرية.
الناشئ المجنون
"جنون ميدو بكرة القدم في الصغر، كاد أن يعرض مستقبله الكروي للخطر، كنت أخشى عليه، لكنه نجح في كسر توقعاتي"، هكذا تحدث أحمد مصطفى نجم الزمالك في الستينات ورئيس قطاع الناشئين لفترات طويلة والمكنى بـ"أبو الأشبال" في القلعة البيضاء.
يروي "أبو الأشبال" : "ميدو مجنون بكرة القدم.. كنت أخشى عليه من الحب الزائد للكرة، لكنني أكتشفت في النهاية أنه حب للزمالك أولا ثم لكرة القدم".
ويضيف "حينما كان ميدو صغيرا في قطاع الناشئين، كان ينتهي من مرانه مع فريقه، وفور أن يجد فريق آخر في مرحلة عمرية أكبر يتدرب، يخلع ثيابه ويرتدي قميص الزمالك ويتدرب معهم".
ويردف "كنت أخشى عليه من الافراط في التدريبات بهذا الشكل، لكن كسر توقعاتي وأصبح نجما كبيرا بعد ذلك، وخاض تجارب احتراف ناجحة في أوروبا".
ويكمل "ميدو لديه ميزة منذ الصغر، كان لا يحب أبدا أن يخسر، لا يحب أن يرى الزمالك خاسرا حتى لو كنا في مباراة ودية أو في تقسيمة".
ويتم "أتذكر موقف لميدو في إحدى مباريات الناشئين التي خسرناها، ترك الملعب وبكى، ولكنه عاد بعد نهاية المباراة ليضرب زملائه بسبب الخسارة".
مرت السنوات، وبدلا من ضرب زملائه في قطاع ناشئين الزمالك، وجه ميدو غضبه ورمى مقصا ناحية رأس زلاتان إبراهيموفيتش، وبين الواقعتين قصة طويلة.
"في مصر، يعاملونه كإله"
في 2001، تألق صاحب الـ17 عاما في جينت البلجيكي ليحصد جائزة "الحذاء العاجي"، والتي يحصل عليها أفضل لاعب إفريقي في الدوري. 11 هدفا في 23 مباراة بعمر الـ18 عاما كانت كافية لأن ينظر أياكس الهولندي لدى جيرانه البلجيكيين ويضم ميدو.
من أجل مركز المهاجم الأساسي، كان على ميدو منافسة شاب صاعد قادم من السويد، سيشتهر بعد ذلك بالاسم "إبرا"، وحامل سابق للحذاء الذهبي الأوروبي، اليوناني نيكوس ماكلاس.
رغم ذلك، كان لدى الشاب المصري من الشجاعة أن يذهب لمدربه، أحد أساطير كرة القدم العالمية، رونالد كومان، ويعلن رفضه اللعب على الجناح لأنه يريد المنافسة على الرقم 9.
حرب صغيرة بالنسبة لميدو، الذي نجح بالفعل في الحصول على المركز الأساسي على حساب إبراهيموفيتش وماكلاس في موسمه الأول، مسجلا 12 هدفا في 24 مباراة في الدوري.
في الموسم التالي، لم تأت الهواء كشهوة السفن. تطور إبرا كان سريعا للغاية وبالتالي كان طبيعيا أن يأخذ مكان ميدو في التشكيل الأساسي.
"أتى وقت كان علي فيه أن أقاتل من أجل مكاني الأساسي، ولكنني تعاملت مع الأمور بشكل خاطيء. دخلت في حرب مع كومان، لم أحضر للمران، أردت العودة إلى مصر. ربما لا تعلمون كيف يعاملني الناس في مصر، كنت المحترف الوحيد في المستوى الأعلى أوروبيا".
أياكس يتحضر لمباراة كلاسيكو هولندي ضد إيندهوفن، أصحاب القمصان المخططة يتقدمون بهدفين وكان الحل الأول لدى كومان إشراك ميدو واللعب بجوار إبرا. غضب ميدو من البقاء على الدكة لم يفيده، بالعكس، قدم مباراة "هي الأسوأ له في تاريخه الكروي"، بحسب تقرير مجلة These Football Times عن ميدو.
ذلك الأداء كان سببا في مشادة بينه وبين إبرا، قبل واقعة المقص الشهيرة والتي كتبت نهاية ميدو في أمستردام، ونهاية علاقته بكومان الذي قال عنه يوما ما إن الناس تعامله في مصر كإله، قبل أن ينهي مشواره في هولندا بسبب المقص.
"أريد ميدو"
انتقل ميدو في يناير 2003 إلى سيلتا فيجو الإسباني على سبيل الإعارة، 4 أهداف في 8 مباريات كانت كافية لجذب أعين رئيس روما، فرانكو سينسي، الذي صرح "أريد ميدو، مهاجم أياكس الذي يلعب في سيلتا فيجو".
ولكن سينسي لم يقدر على تنفيذ تصريحاته ليرحل ميدو إلى مارسيليا، حيث كون ثنائي إفريقي مدمر رفقة ديدييه دروجبا.
هدف في شباك ريال مدريد أصبح من العملات الثمينة التي يتناقلها الشباب المصري قبل توغل اليوتيوب، ووضع عليه أعين أخرى من إيطاليا، أعين السيدة العجوز.
"الجهاز الفني أرادني خارج المنتخب، رأوا أن لاعبا بشخصيتي لن يناسب نظامهم. المشكلة مع حسن شحاتة لم تكن في استبدالي، إنها تراكمات أكثر من عام ولم أستطع تحملها أكثر من ذلك".
انتقل ميدو بعد ذلك إلى توتنام بشكل نهائي، قبل أن تتراجع علاقته بمارتن يول بعد أزمته الشهيرة مع سول كامبل قبل دربي شمال لندن، واستقدام ديميتار برباتوف الذي أخذ مكانه في خط الديوك الأمامي.
رحلات ميدو توالت بعد ذلك، في ميدلزبره والزمالك وويجان ووست هام وأياكس، دون نجاح يعيده صاحب الحذاء العاجي في 2001 لمكانته كمهاجم قدير يشار إليه بالبنان، لكنه بالتأكيد ظل محاربا يشهد له الجميع بذلك.
ربما لم يتوقع أحدا أن يصبح ميدو الشخص الذي هو عليه الآن، مدرب يقدم عروضا متميزة في الدوري السعودي مع فريق صاعد حديثا وهو الوحدة، ولكنه أبدا لم يتنازل عن طبيعته القتالية. يتهم مدربا بإضاعة الوقت ويهاجمه بشدة ويخلق حربا حوله كحافز للنجاح، مع حروب صغيرة يثيرها عبر حسابه على "تويتر"، أو بتصريحات جدلية تحمل آراء صادمة عادة، يظل ميدو حالة خاصة ومتفردة في الكرة المصرية بين الحب الشديد من مريديها وكره شديد من معارضيها.
مادة التقرير مستوحاة من تقرير These Football Times عن ميدو، The Rise and Fall of Egypt's Volatile Son، بجانب تصريحات أخرى سواء خاصة لـFilGoal.com أو لوسائل إعلام مصرية وعربية.
اقرأ أيضا:
أين يقع حسام حسن في ترتيب أفضل 10 مدربين مصريين حاليين
رئيس الوحدة: ميدو مدرب مميز.. ولا نستمع للقلة المندسة التي تريد رحيله
رئيس أحد: مؤمن زكريا خارج النادي.. يعاني من "خلل" ومستحيل أن يمارس الكرة
حوار - أبو ريدة: تجربة بيراميدز مثمرة ومن الجيد تكرارها.. ولا صراع بين الاتحاد والأهلي
الجانب الآخر من قصة عقوبة تشيلسي.. أوضاع قُلبت رأسا على عقب وأحلام تحطمت