في الأشهر الماضية، ودون مقدمات، أثار البرتغالي الشاب جواو فيليكس جنون جماهير بنفيكا بمهاراته الرائعة.
لاعب الوسط المهاجم صاحب الـ19 عاما خطف أنظار كبرى الأندية العالمية، بخفته وأنقاته التي تنبئ بمستقبل مبهر.
الفتى الذي واجه العديد من الصعوبات خلال طفولته، يروي عن لحظة حقيقة مع والده غيّرت حياته، وعن اللحظة الأروع في مسيرته.
فيليكس يتحدث بقلمه عبر موقع The Players Tribune، ويأخذ عشاقه إلى جانب مليء بالمشاعر في حياته.
اقرأ: أمين حاريت.. تذكّروا الاسم
....................................................
طوال 6 سنوات ولـ5 أيام أسبوعيًا، بين عمر السابعة والثالثة عشر، عكف أبي وأمي على اصطحابي من فيسيو إلى بورتو.
كانت رحلة حافلة، مسافتها حوالي 150 ميلا يوميا. بورتو كان المكان حيث ذهبت لمطاردة أحلامي في لعب كرة القدم بشكل محترف. وبعد 6 سنوات، كنت قد قطعت هذا الطريق لمرات عديدة لدرجة أنني حفظت كل منعطف ونتوء وإشارة مرور في الطريق.
عندما بلغت 13 عاما، قمنا بهذه الرحلة لمرة إضافية، وكانت الأخيرة، لم نقطع هذا الطريق مجددا؛ انتقلت لصفوف بورتو بشكل كامل.
أتذكر خروجي من السيارة، وإمساكي يد والدي، والسير نحو الغرفة التي سأقيم فيها مع مجموعة من الأطفال الآخرين.
جلسنا في الغرفة، وأنا بدأت في البكاء بشدة. قلت له: "أبي... أبي، لا أريد البقاء هنا، أريد العودة إلى المنزل، لا أستطيع البقاء هنا".
أعتقد أن أبي أدرَك حجم القرار الذي يتوجب علينا اتخاذه، تلفَت في أنحاء الغرفة، سحب شهيقا عميقا، ونظر إلي في عيني:
"حسنا، ولكن ابق الليلة فقط، وإن كانت مشاعرك نفسها يوم غد أو بعد غد، أو بعد بعد غد، يمكنك أن تهاتفني وسآتي لاصطحابك، سأعيدك إلى المنزل، ولكن حينها لن أعيدك إلى هنا أبدا، ستكون هذه النهاية".
صوته اكتسى بلمحة لم آلفها أبدا، كان جديا، وشيء ما تفتّح في داخلي عندما حدّثني بتلك الكلمات، وكأنها لحظة حقيقة، أدركت ضرورة أن أبقى هنا بقدر خوفي مما هو آتٍ، كان من الضروري أن أبقى".
في عالم شبان كرة القدم، عليك أن تنضج سريعا.
كنت سأفتقد لعب كرة القدم مع شقيقي في مطبخ منزلنا بمدينة فيسيو. في غرفة المعيشة امتلكنا على الأرجح قرابة 15 كرة في كل الأركان، لا أكذب بهذا الشأن.
والدي يرددان دوما: "عندما كان جواو طفلا رضيعا، فإنه كان قادرا على التحكم بالكرة قبل حتى أن يتعلّم السير".
هذا ليس حقيقيا بالطبع، ولكنه يبدو حقيقيا، أليس كذلك؟
الكرة تواجدت دائما بين أقدامي، دائما، دائما، دائما. وإن توجب علي التمرير لك، فيجب أن أثق بك، أليس كذلك؟ أعني... هذه كرتي، ولا أعرف ما ستقدم عليه بها، يمكن أن تفقدها أو شيء من هذا القبيل، وأنا لن أسمح لك بذلك!
أثق بشقيقي، وقد مررت له الكرة كثيرا، تمريرات سريعة، تمريرات متبادلة، وكثير من الأشكال الأخرى لممارسة الكرة.
بعد أن تقدّمت في العمر وصرت لاعبا، أدركت ما أحب، أن أمتلك الكرة في قدمي، أن ألعب بشكل جمالي، أن ألعب بسعادة، عندها أكون في أفضل مستوياتي، أكون أنا.
ولكن عندما لعبت في ناشئي بورتو، لم يحدث ذلك دائما، لم يؤمنوا بقدراتي كما آمنتي بنفسي. لم يثقوا بي في الملعب، انتقدوني لقصر قامتي، أخرجوني من الملعب، سلبوني كرتي. في بورتو، فقدت البهجة.
يسألني الناس كثيرا عن ذلك، خصوصا أنني ألعب الآن في بنفيكا.
في لشبونة، عرفت طريق البهجة مجددا، احتجت إلى بعض الوقت والثقة، توجّب علي أن أثبت نفسي مجددا. ولكن في بنفيكا يلعبون كرة القدم بأسلوب جمالي، يثقون في المجموعة وفي أسلوبهم وفي فكرة أن الفريق أولوية قبل الأفراد.
عندما لعبت في بنفيكا (ب) ببدايات 2017، واحدة من أولى مبارياتي كانت أمام أكاديمكو دي فيسيو، في مدينتي. يومها سجّلت هدفا على الطائر وصرت أصغر لاعب يسجل في دوري القسم الثاني.
أن أسجّل في استاد دو فونتيلو، والذي يبعد بضع دقائق عن المكان الذي ترعرعت فيه، أثناء تواجد عائلتي بين الجمهور؛ كان ذلك أمرا مميزا، وشعرت أن اللعب لـ بنفيكا عوّضني عن كل الطرق التي قطعتها في أسفاري.
بعد عام، في أغسطس الماضي، كنت ألعب مع الفريق الأول دربي لشبونة: بنفيكا أمام سبورتنج. أتذكر الخروج إلى أرض الملعب لإجراء الإحماء، كانت أول مرة أخوضها في الدوري على أرضنا، أمام 60 ألف مشجع في ملعب دا لوش، غنوا وهتفوا أثناء إحمائنا. حاولت العثور على أبي وأمي وسط الحشود، وبالكاد تمكّنت من رؤيتهم، لم أكن أساسيًا يومها، ولكن حتى أثناء جلوسي على مقاعد البدلاء، لم أسمح لنفسي بالنظر إلى الجماهير.
في الشوط الثاني كنا متأخرين بهدف دون رد، والمدرب أقحمني. الضوضاء... التوتر كان هائلا. وقبل 5 دقائق على نهاية المباراة، كنا نضغط عليهم بشكل قوي، لست هدافا، ولكني حاولت التقدّم إلى الأمام، وفي الدقيقة 86 انطلق رافا سيلفا أحد لاعبي وسطنا على الجناح الأيمن، وأنا انتظرت عرضيته، تمركزت على القائم الثاني ولسان حالي: "يا رجل ثق بي، ثق بي، مرر إلي الكرة".
هو أرسل عرضية عظيمة، وأنا قمت بالجزء السهل.
1-1.
بالكاد أتذكر ما حدث بعد ذلك، المذيع الداخلي أمسك بالمايكروفون وهتف: "هدف سُجل بواسطة الرقم 79، جـواو......"، ومن ثم صمت، والجماهير صرخت: "فـــيــــلــــيــــكــــس".
أروع لحظة في حياتي.
بنفيكا وثقوا بي، وأتمنى أن أواصل رد هذه الثقة. الآن يلعب شقيقي في بنفيكا أيضا. هو أصغر مني بخمس سنوات، وأقسم أننا عندما نذهب إلى المنزل في أعياد الميلاد، فإننا نركل الكرة في المطبخ، لم نتوقَف عن ملأ حجرة المعيشة بالكرات.
يقول الناس أنه أفضل مني عندما كنت في عمره، وأنا لست واثقا من هذا ;)
ولكني ساقول شيئا واحدا: أثق به بما يكفي حتى أمرر له.
هذا كل ما يتوقف عليه الأمر.
اقرأ أيضا:
حوار - أبو ريدة: تجربة بيراميدز مثمرة ومن الجيد تكرارها.. ولا صراع بين الاتحاد والأهلي
حوار – صلاح: أحب أن أكون جناح أكثر من مهاجم.. وأشعر بضغط المنافسة على الدوري
الجانب الآخر من قصة عقوبة تشيلسي.. أوضاع قُلبت رأسا على عقب وأحلام تحطمت
بيان رسمي – بيراميدز يعلن تمسكه بمواجهة الأهلي في الكأس دون تغيير مواعيد المباريات
مدرب بترو أتليتكو لـ في الجول: الزمالك يملك هجوما بطابع أوروبي.. وجماهيرهم ستضغط عليهم