كتب : معتز الحديدي
في عام 2013 كان بايرن ميونيخ يعيش أزهى فتراته في العقد الأخير بعدما حقق ثلاثية دوري أبطال أوروبا والدوري والكأس تحت قيادة مدربه المخضرم يوب هاينكس.. ولكن بعد ما يقرب من 6 أعوام يعيش البافاري أياما مختلفة تماما عن تلك التي مرت.
لا يخفى على المتابعين تراجع مستوى بايرن هذا الموسم، ورغم أن العملاق البافاري بسط نفوذه على بطولة البوندسليجا طيلة المواسم الست الماضية، إلا أنه هذا الموسم يحتل المركز الثاني خلف بوروسيا دورتموند.
ورغم بقاء البايرن في دائرة المنافسة في كل البطولات التي يشارك بها حتى الآن، إلا أن هناك مؤشرات عديدة توحي بأن الفريق معرض للانهيار.
مواجهة صعبة تنتظر بايرن في ذهاب ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا أمام ليفربول الإنجليزي اليوم الثلاثاء، وFilGoal.com يصحبكم في رحلة من زاوية أكثر قربا لما يمر به الفريق البافاري.
بايرن يعاني دفاعيًا بشكل ملفت، إذ استقبلت شباكه 26 هدفًا في البوندسليجا هذا الموسم بعد مرور 22 جولة، وهو أسوأ معدل لإف سي هوليوود منذ موسم 2008/2009، فما السبب خلف ذلك؟
أسس واهية
بدأت مشكلة بايرن الصيف الماضي عندما فشلت إدارة النادي في إقناع الخبير يوب هاينكس، بالاستمرار لموسم إضافي بعد عودته الشهيرة في أكتوبر 2017، بشكل مؤقت عقب إقالة الإيطالي كارلو أنشيلوتي.
خرج بعدها أولي هونيس، رئيس النادي، ليعلن التعاقد مع نيكو كوفاتش الذي لا يملك باعًا كبيرًا في مجال التدريب، مقدمًا مبررًا ساذجًا لاستقدام مدرب آينتراخت فرانكفورت السابق.
وقال هونيس وقتها: "المدرب الفائز بدوري الأبطال قد لا ينجح، لذلك عملنا بطريقة مختلفة هذه المرة وتعاقدنا مع مدرب لم يحقق أي شيء، وعلى العكس من الممكن أن يتحقق النجاح معه أكثر مما هو متوقع".
وتقاعست إدارة البافاري عن التعاقد مع توماس توخيل، مدرب بوروسيا دورتموند السابق، نظرًا لقوة شخصية الأخيرة وصداماته مع الإدارات، ليفوز باريس سان جيرمان بخدماته.
وفضل بايرن استقدام "الوديع" كوفاتش الذي أذهله بريق أحد فرق القمة في ألمانيا وأوروبا، مما كلفه التنازل عن أفكاره التدريبية.
شخصية ضعيفة
كان كوفاتش من أنصار خطة 3-4-3 و3-5-2 ومشتقاتهما خلال فترة تدريبه لفرانكفورت الذي قاده إلى تحقيق لقب كأس ألمانيا الموسم الماضي على حساب بايرن.
وتخلى فورًا كوفاتش عن هذا الخطة مع الفريق البافاري الذي يلعب بطريقتي 4-1-4-1 و 4-2-3-1، بعدما فشل في فرض أسلوبه على إدارة ناديه الجديد.
ودخل كوفاتش، الموسم بـ3 مدافعين فقط وهم نيكلاس سولي وماتس هوميلس، وجيروم بواتينج، ومع ذلك حاولت إدارة الفريق التخلص من الأخير قبل انتهاء الميركاتو الصيفي، لصالح البي إس جي.
ورغم إعلان كوفاتش رغبته في الاحتفاظ بخدمات اللاعب، إلا أن الإدارة تجاهلت ذلك، وكادت أن تبيع بواتينج مقابل 50 مليون يورو، إلا أن تقاعس النادي الباريسي عن إتمام الصفقة، أبقى صاحب الـ30 عامًا في صفوف البافاري.
وعن ذلك قال حسن صالح حميديتش، المدير الرياضي للبافاري: "كي يحدث انتقال كهذا، يجب أن تؤخذ العديد من الأشياء بعين الاعتبار؛ حيث ينبغي أن يكون النادي الآخر جادًا، لكننا لم نشعر بذلك".
وأضاف "كانت أساليب باريس التفاوضية مثيرة للسخرية. أنا لا أريد أن أهين أي شخص، لكن لا يمكنك التفاوض بهذه الطريقة، فنادي كبايرن لن يتصرف بهذه الطريقة، خاصة عندما يكون لاعب مثل بواتينج محل النقاش".
"الانتقال من فرانكفورت إلى ميونخ كان بمثابة قفزة كبيرة"، هكذا تحدث كوفاتش عن الفارق بين تدريبه للنسور والبافاري، ويبدو أن هذه الفجوة بين المستويين انعكست بالسلب على طريقة تعامله مع اللاعبين.
كوفاتش فشل في فرض سيطرته على لاعبي الفريق البافاري، وهو ما ظهر في أكثر من موقف كاحتجاج أريين روبن وفرانك ريبيري عليه لاستبدالهما خلال المباريات أو وضعهما على دكة البدلاء.
كما دخل المدرب الكرواتي في خلاف مع تياجو ألكانتارا بعدما صرخا في وجه بعضهما عقب نهاية مباراة بايرن وأجسبورج الجمعة الماضية.
ولم يحسن كوفاتش، عملية توزيع الأدوار وإعطاء بعض الدقائق للبدلاء، مثل ساندرو فاجنر الذي قفز من سفينة الفريق خلال الشتاء الماضي صوب تيانجين تيدا الصيني، بعدما شارك في 12 مباراة أغلبها كبديل بمعدل دقائق بلغ 264 دقيقة فقط.
وتمسك كوفاتش بريناتو سانشيز، رافضًا بيعه صيفًا، قبل أن يرفض انتقاله إلى باريس سان جيرمان في يناير الماضي، ومع ذلك، لم يحصل اللاعب البرتغالي سوى على 678 دقيقة للمشاركة فقط هذا الموسم.
طموح محدود
يستهدف بايرن السيطرة المحلية بشكل رئيسي، بينما يؤمن بأن السيطرة الأوروبية تحسمها تفاصيل أخرى غير تدعيم صفوف الفريق بلاعبي الصف الأول.
وصرح هونيس مرارًا وتكرارًا أنه لا يحبذ إبرام الصفقات الباهظة، ودفع مبالغ طائلة من أجل لاعب واحد كما أصبح الحال في أوروبا خاصة بعد صفقة انتقال نيمار دا سيلفا من برشلونة إلى سان جيرمان مقابل 222 مليون يورو في صيف 2016.
وأكد هونيس "إذا اشترينا لاعبين مقابل 400 مليون يورو الآن، لن يتأخر أحد أكثر منا، ليس من ينفق أكثر يفوز بالأبطال، ريال مدريد فاز بدوري الأبطال بالسنوات الأخيرة وتقريبًا لم يصرف أي شيء".
كان ذلك سببًا مباشرًا في اضطرار الفريق البافاري إلى تأخير عملية الإحلال والتجديد، بعدما تخطى أبرز نجومه الثلاثين عامًا وعلى رأسهم روبن (35 عامًا) وريبيري الذي سيحتفل بعيد ميلاده الـ36 في أبريل المقبل.
وبسؤال هونيس في أغسطس الماضي عن عدم مزاحمة يوفنتوس في صفقة كريستيانو رونالدو الصيف الماضي، أجاب "لو تعاقدنا معه سيكون الفارق بيننا وبين صاحب المركز الثاني (في البوندسليجا) 35 نقطة، وهذا شيء جنوني، لايمكننا فعل ذلك".
إلا أنه تراجع عن تصريحه السابق بعدها، متحججًا بأن تقدم الدولي البرتغالي في العمر هو السبب في عدم التفكير في الصفقة، إذ قال في ديسمبر الماضي: "كنا سنضم رونالدو ونحن معصوبي الأعين، ولكن إذا كان في عمر الـ24 وليس 33".
أزمة تأمين المراكز
بالطبع هذه السياسة جعلت الفريق هشًا أمام ظروف الإصابات التي تعرف طريق سابنر شتراس - مقر تدريبات الفريق - جيدًًا والحديث هنا عن روبن وريبيري وكينجسلي كومان وكورينتن توليسو وغيرهم.
ومع هبوط مستوى بعض اللاعبين تتزايد المشكلة، فعلى سبيل المثال، يوجد 6 لاعبين في وسط الملعب إلا أن خافي مارتينيز الوحيد الذي يجيد مركز الوسط الدفاعي.
ومع تراجع مستوى اللاعب الإسباني أصبح الفريق البافاري في مأزق كبير على المستوى الدفاعي، كما هو واضح هذا الموسم.
وفي الدفاع، يعد نيكلاس سولي الوحيد الذي يقدم مردودا جيدا، بيما يعيش الثنائي جيروم بواتينج وماتس هوميلس أسوأ فتراتيهما على الإطلاق، والإحصائيات التي ذُكرت سلفًا خير دليل على ذلك.
كما لا يملك بايرن ميونيخ سوى دافيد ألابا، كظهير أيسر وحيد في قائمته، وفي حال إصابته يعوضه رافينيا الظهير الأيمن في الأساس والذي يعاني من تذبذب كبير في مستواه، وهو بالطبع يؤثر بالسلب على الدفاع.
ويتحمل حسن صالح حميديتش، المدير الرياضي للبايرن المسؤولية الكبرى في هذا الشق، نظرًا لفشله في تعزيز صفوف الفريق، ففي الصيف الماضي تخلى النادي عن خدمات خوان بيرنات دون التعاقد مع بديل.
وفي الشتاء تخلى الفريق ساندرو فاجنر، رأس الحربة الثاني للفريق خلف روبيرت ليفاندوفسكي، ليصبح توماس مولر هو الخيار الأول حال إصابة ليفا، وهو مافشل فيه الدولي الألماني سابقًا خاصة في المباريات المهمة.
يقول كوفاتش: "أنا ألتزم برأيي، الألقاب يقررها الدفاع.. بالنسبة لي، الدفاع أسهل من الهجوم"، ومع ذلك يبدو أن حميديتش كان يغرد في سرب آخر.
فخلال الميركاتو الشتوي الماضي، فشل حميديتش، في حسم التعاقد مع الفرنسي بنيامين بافارد، مدافع وظهير شتوتجارت كما كان الحال مع مواطنه لوكاس هيرنانديز، نجم أتلتيكو مدريد، ليضع كوفاتش في مهمة بالغة الصعوبة مع ليفربول الذي يملك واحد من أقوى خطوط الهجوم في العالم.
اقرأ أيضا:
جونيور أجايي.. عندما تكون الرهان الفائز دائما
ليفربول وبايرن.. صدام نادر وملامح مألوفة وذكريات ستُبعَث
عبد الحفيظ لـ في الجول: أجايي أبدى مرونة في التجديد وسعداء بالحفاظ على لاعب بقيمته
ساري: لاعبو تشيلسي معي؟ لست واثقا
بوجبا يلمح لاستمرار سولشاير كمدرب دائم