كافاني.. مطاردة شبح باتيستوتا قد تجعلك بطلا‎

"حياتك خلال الـ20 عاما المقبلة ستتغير تماما، بعضها سيكون جيدا والآخر لا، كرة القدم ساعدتني للتخلص من التنمر ومن كوني مكروها بلا سبب". إدينسون كافاني في رسالة تخيلية طلب منه أن يكتبها لنفسه.

كتب : إسلام مجدي

الخميس، 14 فبراير 2019 - 16:00
إدينسون كافاني

"حياتك خلال الـ20 عاما المقبلة ستتغير تماما، بعضها سيكون جيدا والآخر لا، كرة القدم ساعدتني للتخلص من التنمر ومن كوني مكروها بلا سبب". إدينسون كافاني في رسالة تخيلية طلب منه أن يكتبها لنفسه.

في ثاني أكبر مدينة بأوروجواي، سالتو، ولد إدينسون كافاني، نفس المدينة التي ولد بها لويس سواريز.

كافاني كان طفلا عنيدا، يرفض الذهاب لقص شعره، منزله كان فقيرا للغاية، بل إنه لم يمتلك حماما، وفي أمريكا الجنوبية هناك وسيلة ترفيه معروفة للجميع، كرة القدم.

"بيلادو" هي كنية في مجتمع أمريكا الجنوبية والشمالية تم اخترعها لتصف طبقة معينة فقيرة للغاية وهي عنصرية جدا، اخترعت في المكسيك في العشرينيات.

"بيلادو" كان وصفا عنصريا يطلق دوما على الطفل الصغير ذو الشعر الطويل والذي كان متسخا لكنه كان ساحرا يلعب كرة القدم.

عائلته كانت تتنقل طيلة الوقت بسبب ظروف المعيشة، كل عامين أو ثلاثة في مكان جديد ما لم يجعل له فرصة في جمع صور اللاعبين وتعليقها في غرفته، لم يمتلك يوما غرفة ثابتة.

"أهم شيء في حياتك حاليا، أن تتذكر بشكل صحيح ما كنت عليه". إدينسون كافاني.

أثناء لعبه كرة القدم في طفولته تطورت موهبته الهجومية، حتى قبل أن ينضم لأي فريق بسبب قاعدة "هدف الأيس كريم".

"إنه شيء سحري، أحتاج لأن أوصي به لنادي باريس سان جيرمان، إنها قاعدة عبقرية وتحفيز رائع، كانت فكرة منظم الدوري للشباب في سالتو، لتحفيزنا في عمر الـ6، القاعدة تنص على أن الطفل الذي يسجل آخر هدف يحصل على أيس كريم".

نتيجة 8-1 لم تكن تهم ولا حتى ما فوقها، ما يهم هو السباق الذي يحدث في النهاية لتسجيل آخر هدف، المدرب يقترب من إطلاق صافرة النهاية، والصغار يتسابقون من أجل الأيس كريم.

سالتو ليست مونتفيديو، الأخيرة مدينة غنية يمكنك أن تبتاع فيها كل شيء، لكن سالتو طابعها فقير للغاية، لذا يمكننا تفهم أن سباق الأيس كريم ذلك كان حافزا كالذهب بالنسبة للأطفال.

منذ نعومة أظافره امتلك كافاني عقلية وقوة لم يمتلكها طفل معه سوى فتى آخر رحل مبكرا عن المدينة كان يدعى سواريز، لاحظ نادي دانوبيو قوة كافاني فقرر التحرك لضمه وهو في عمر الـ12 ليرحل الفتى أخيرا إلى مدينة مونتفيديو.

خلال عامين وبعد المشاركة في عدد كبير من المباريات غير الرسمية، وقع أخيرا على عقده الرسمي الأول لفريق الشباب بنادي دانوبيو. كانت تلك هي أنجح أكاديمية للشباب في مدينة مونتفيديو، وأنتجت عددا من اللاعبين وقتها كانوا نجوما مثل ألفارو ريكوبا وأيضا ظهر منها دييجو فورلان.

كان قرارا صعبا على كافاني للغاية للرحيل بعيدا عن عائلته، مدينة سالتو حاولت إقناعه بالبقاء، لكن والده لويس كافاني والذي لعب كرة القدم على صعيد الهواة، طالبه بالرحيل وبدء رحلته.

في ذلك الوقت كان كافاني شعره طويلا وزملائه يلقبونه بـ "باتيستوتا" لأنه كان يعقد شعره مثله بالضبط، ليصبح مع الوقت أسطورته الخاصة. وأحيانا كانوا يطلقون عليه جيسوس أيضا.

"أخي الأكبر ناندو اتخذ من باتيستوتا مثله الأعلى، وكان يستعمل مستحضرات شعر والدتي، كان يحاول أن يصبح مثل الرائع باتيجول، حينما كان يركض في الملعب كان شعره يطير من حوله، إنه كان أروع شيء تراه في حياتك، حتى اتخذت قرارا بعدم قص شعري لأصبح مثله".

حب كافاني لباتيجول وضع بداخله أيضا حب خاص للدوري الإيطالي، خاصة وأن جده كان قد هاجر إلى إيطاليا واستقر في مدينة مارينيللو على بعد 140 كيلومتر من فلورنسا وفيورنتينا الذي كان يلعب له باتيستوتا.

مراسلاتهم دائما كانت عبارة عن شيء واحد "مرحبا جدي، أحبك كثيرا، ألعب وأتدرب بشكل يومي، حلمي تمثيل نادي كبير في أوروبا يوما ما".

من هذه اللحظة ومن هذه النقطة ومع محاولات جده بإقناعه بالعمل أكثر، أصبح لكافاني هدفا يعمل من أجله، ولم تتأخر خطوته الأولى، ظهر أخيرا كأساسي في الفريق الأول لنادي دانوبيو وهو في عمر الـ18، ووقتها كافاني كان قوي بدنيا ومهاري لم يكن مثل المواهب التي قورن بها في ذلك الوقت، وبالتالي ظهوره لم يلفت نظر الإعلام لكنه لم يهتم.

في موسمه الأول عام 2005 سجل 7 أهداف في 15 مباراة ثم سجل 5 في 15 مباراة في عام 2006. كان كافاني يرغب في القتال من أجل دانوبيو ويشعر بانتماء كبير للنادي، وحاول كثيرا مساعدته للتأهل لبطولة كوبا ليبارتادورس عام 2007، كان الكشافون قد علموا بوجود موهبة مثله في أمريكا الجنوبية، وشاهدوا موهبته في بطولة أمريكا الجنوبية للشباب في باراجواي، كان من ضمن المواهب التي شاركت في تلك البطولة لوكاس ليفا وويليان وأليكساندر باتو وفاجنر ليموس ولويز أدريانو وأنخل دي ماريا وأرتورو فيدال وبالطبع هناك إدينسون كافاني.

لحسن حظ الكثير من اللاعبين أنهم حصلوا على عقود في أندية كبيرة بأوروبا مثل باتو مع ميلان وفيدال مع ليفركوزن، أما كافاني؟ هداف البطولة برصيد 7 أهداف في 9 مباريات واحتلت أوروجواي المركز الثالث، لكنها لم تتأهل إلى أولمبياد بيكين، وصلت له عددا من العروض من أندية ميلان وكالياري وبوكا جونيورز وريال مدريد ويوفنتوس. لكنه رفض كل ذلك بسبب جده ورغبته في الاعتناء به، لينضم إلى باليرمو.

حصل على الرقم 7 ودخل إلى برنامج تأهيلي بدني لكي يتعايش مع الوضع في أوروبا، دخل أخيرا في تشكيل الفريق لمواجهة فيورنتينا، وشارك في الدقيقة 71 وتحصل على الكرة جهة اليمين وبمجهود رائع سجل هدفا رائعا ليتعادل فريقه.

"هدفا لا ينسى أشبه بهدف فان باستن، موهبة باليرمو تعلن عن حضورها بقوة بهدف لا ينسى". لا جازيتا ديلو سبورت.

شارك بعد ذلك في 6 مباريات وسجل هدفا آخر كما صنع هدفين.

لم تكن مهمة المهاجم الأوروجوياني الشاب سهلة أبدا، كان عليه أن يقاتل على مركزه مع النجم المفضل للجماهير فابريزيو ميكولي وأماوري.

مع رحيل أماوري عام 2008 إلى يوفنتوس وبقرار فني ضعيف للغاية تم تحويله كجناح أيمن في نظام هجومي بـ3، والأغرب أن هناك 5 مدربين تولوا تدريب النادي في فترة عام، وهم فرانشيسكو جويدولين وستيفانو كولانتونو ودافيدي بالارديني ووالتر زينجا وديليو روسي.

قدم كافاني رغم ذلك أداء رائعا موسم 2008-2009 وساعد فريقه للتأهل إلى الدوري الأوروبي لأول مرة، وذلك تحت قيادة روسي. كان واضحا أنه يتم استخدامه بشكل خاطئ، رغم قوته البدنية وجودته ومهاراته، لم يكن ذلك الجناح الذي يمكنه اللعب في تلك الخطة.

أعلن باليرمو عن تجديد عقده لمدة 5 أعوام في أبريل 2010، قبل أن يعيره إلى نابولي مع نية الشراء في 2010، بعدما لعب 129 مباراة وسجل 21 هدفا وصنع 4 أهداف، وخرج ماوريزيو زامباريني رئيس النادي ليقول إنه "جناح سي" ومستوى كافاني الذي كان مظلوما أصبح يدينه.

بدا واضحا للجميع أن نابولي حصل على سلاحا رائعا بمبلغ ضئيل للغاية، وسابق نابولي الزمن لحسم الصفقة قبل كأس العالم 2010، وسجل اللاعب هدفا لا ينسى في خسارة أوروجواي بنتيجة 3-2 من ألمانيا في كأس العالم 2010 لتحتل المركز الرابع. وفي 6 مباريات لفت نظر الجميع بقدرته البدنية الرائعة وعمله الجماعي وتفانيه من أجل مصلحة الفريق، وطريقته في التفاهم مع سواريز وفورلان.

"حينما ترتدي حذائك، لا يهم إن كنت تلعب في سالتو أو نابولي، أمام الملايين في كأس العالم أريد دائما أن أتذكر كلمات والدي، اللحظة التي تتخطى فيها الخط الأبيض وتدخل إلى الملعب، لا يوجد سوى كرة القدم هناك، لا يمكنك أن تفكر في أي شيء آخر سواها، إن استمتعت لتلك الكلمات فأنت تؤمن بروحك وتؤمن بقدراتك، حينما يكون الضغط لا يحتمل، ادخل إلى الملعب وكأنك لا ترتدي حذاء".

"دائما أنا مستعد لفعل كل ما هو ممكن من أجل أوروجواي وفريقي".

الآن حصل كافاني على ثناء استحقه منذ فترة طويلة، للاعب فضل أن يصنع مسيرته بشكل خاص متزودا بشغفه، ومطاردا رغبته في محاكاة أسطورته الخاصة، رحلة طويلة للنجم الأوروجوياني وحاليا في عمر الـ32 عاما هل يجد لحظته الخاصة لتخليد أسطورته؟