كتب : فادي أشرف | الإثنين، 14 يناير 2019 - 18:35
ضد الإفيه.. "المرايا السوداء" في الكرة المصرية
تحدث الأمور في مصر، وبعدها تتحول إلى "كوميكس".
"الإفيه" على وسائل التواصل الاجتماعي أصبح صناعة، لها روادها وقادتها ومستخدميها. لا أجد مشكلة في ذلك على الإطلاق، المشكلة فيما يحدث بعد ذلك.
ماذا يحدث بعد أن يتحول الشخص، أو عنصر اللعبة ما دمنا نتحدث عن كرة القدم، إلى "إفيه"؟
إحدى حلقات مسلسل Black Mirror، الذي يتحدث عن تأثير التكنولوجيا الأسود على حياتنا في المستقبل، تناولت فكرة التقييم على وسائل التواصل.
كل شيء مرتبط بالتقييم الذي تمنحه لك وسائل التواصل الاجتماعي، لا يمكنك استعمال الأتوبيس الأسرع إذا كان تقييمك أقل من رقم معين، لا يمكنك حجز تذكرة طيران إذا قل تقييمك.
الصعود في التقييم قد يكون سهلا، ولكن إذا قل تقييمك، استعد لأنه سيقل وسيقل وسيقل ولن تستطيع الصعود مرة أخرى.
هل تظن أن هذا أمر يحدث في Black Mirror فقط؟ نظرة بسيطة على الكرة المصرية تؤكد لك أن الإفيه صار يحكم آراء القطاع الأعرض من الجماهير.
أنت الآن تحت حكم الإفيه
مثلا، في صباح يوم 14 يناير قام فريق الكرة في الأهلي بذبح عجل، وبعدها يصاب حسام عاشور في المران الأول له بعد عودته من إصابة الالتواء في الكاحل.
كل الأمور مهيأة من أجل سيل من "الكوميكس" المضحكة.
لوم طبيب الأهلي خالد محمود جزء لا يتجزأ من الإفيه، لا ألوم الكوميكس هنا لأن هدفها هو إضحاك مستخدميها، ما ألومه هو تشكيل الرأي العام بناء على ما تنشره صفحات الـTrolls التي لا تنقل الأخبار، بل تسخر منها.
تعرض حسام عاشور لكدمة في الركبة بعد اصطدام بشريف إكرامي في المران، ثم تجد قطاع عريض من الجمهور يلوم طبيب الفريق. والسبب هو الرأي العام الذي شكلته الكوميكس.
بالتأكيد طبيب الأهلي يتحمل جزءا – ولو طفيف – من مسؤولية موجة الإصابات التي تضرب الأهلي منذ بداية الموسم، ولكنه لا يتحمل بالتأكيد مسؤولية كل الإصابات العضلية منها وغير العضلية التي تضرب الفريق.
ولكن الإفيه قرر أن يستهدف خالد محمود، وربما من رابع المستحيلات أن يهرب الآن من دائرة الاستهداف.
"جحيم"
وصف أندريه جوميش لاعب برشلونة السابق فترته في كامب نو بـ"الجحيم".
قال جوميش "تعرضت لضغط لا يوصف. شعرت بقلة ثقة، لم أرغب في مواجهة المنزل بسبب نظرة الناس لي".
جوميش – الذي لم يقدم مستوى جيد في برشلونة – أصبح مثل خالد محمود، هدفا للإفيه.
مهما فعل جوميش، سيظل اللاعب السيء دائما والسبب هو السخرية الدائمة منه.
الأمر تحول من مجرد انتقاد طبيعي لمستوى لاعب، إلى وضعه تحت ضغط وانتقاد دائم يؤثر على حياته الشخصية بشكل مباشر.
حالتنا هنا، الطبيب خالد محمود، بالتأكيد رجل له أسرة وأبناء يشاهدون السخرية الدائمة من أبيهم بسبب أمور قد لا يكون السبب فيها من الأساس. تحدثت مؤخرا مع عدد من لاعبي الأهلي وكلهم اتفقوا على رأي واحد هو أن طبيب الفريق ليس سبب موجة الإصابات. هناك أسباب أخرى بالتأكيد والطبيب قد يكون جزءا منها، لكنه ليس المشكلة برمتها.
الحل هنا هو تحكيم العقل، بالتأكيد الطبيب ليس سبب في إصابة عضلية أو في إصابة بسبب اشتراك بين لاعبين، تجدد الإصابات أحيانا قد تقع تحت مسؤوليته.
الضرر حدث بالفعل للكثير والكثير من عناصر اللعبة، أناس مثل كريم وليد أو عامر حسين أو مروان محسن أصبحوا ضحية دائمة للإفيه.
الفقرة التالية بديهية أكثر من اللازم، من الخطأ أن تدع "الكوميكس" تحدد رأيك في شخص أو مشكلة ما، هدف تلك الكوميكس الوحيد هو أن نضحك، لا أكثر ولا أقل.
مقالات أخرى للكاتب
-
العنصرية بطعم أوميكرون وكرامة قارة على المحك الأربعاء، 15 ديسمبر 2021 - 13:46
-
حوار مع صديقي البراجماتي المؤيد لـ دوري السوبر الأوروبي الأحد، 18 أبريل 2021 - 20:35
-
إلى الأصدقاء في مدينة الإنتاج الإعلامي: لقد أصبح الأمر مملا للغاية السبت، 27 فبراير 2021 - 18:36
-
شيء من الخوف: ابن حميدو (الجزء الثاني) الثلاثاء، 25 فبراير 2020 - 12:59