كتب : إسلام مجدي
"أثق بأن دور مساعد المدرب هام للغاية، لا يقل أهمية عن الكثير من الأشياء التي نفعلها كمدربين، وجود مايك فيلان كان سيساعد ديفيد مويس كثيرا، كان عليه الاحتفاظ به". سير أليكس فيرجسون.
الكثير من الأحداث الصاخبة التي عاشها مانشستر يونايتد هذا الموسم، جماهيره فقدت الأمل كليا، الفريق انهار تماما، كل أخبار التدريبات والخلافات يتم تسريبها بأدق التفاصيل، حتى الصحف التي كانت تُعرف بأن مصادرها ضعيفة داخل النادي أصبحت تعرف الخبر فور حدوثه.
"بوجبا فيروس"، "لم يمتلك لاعبي السلوك الكافي مثل لاعبي ولفرهامبتون". وغيرها من الانتقادات العلنية التي وجهها جوزيه مورينيو المدرب السابق لمانشستر يونايتد والتي عجلت بنهاية مسيرته مع الفريق، ما دفع الإدارة للبحث عن بديل يمتلك ما يمكنه إطفاء الحريق الذي تركه المدرب البرتغالي في غرفة ملابس الشياطين الحمر.
اتجهت إدارة الشياطين الحمر لأحد أساطير الفريق، أوله جونار سولشاير، لم يكن هذا فقط، بل معه جهاز مساعد مكون من مايكل كاريك مساعد مورينيو السابق وكيران ماكينا مدرب الشباب تحت ١٨ عاما وأحد أبرز الأسماء التدريبية الشابة في النادي والذي عمل في جهاز مورينيو السابق والذي يجيد إضافة الحمل البدني والقوة إلى تدريبات الفريق، ويساهم في القدرة على دمجها بالتدريبات وكذلك التكيف على اللعب في الظروف المختلفة مثل الحرارة أو البرد وغيرها.
بجانب الإبقاء على إيميليو ألفاريز مدرب الحراس وضم مايك فيلان ليعود أخيرا إلى منزله بعد سنوات من الغياب.
"بيتر تايلور كان يعرف الكثير عن الوظيفة، لا يهمه أن يكون المدرب لكنه يقوم بدور المساعد بأفضل طريقة ممكنة، أنت بحاجة دائما لأن يكون حولك هؤلاء الأشخاص المخلصين للغاية". بريان كلوف أسطورة التدريب وبطل دوري الأبطال مرتين مع نوتينجهام فورست عن بيتر تايلور مساعده.
"لست مجهزا بالإمكانيات الصحيحة من دون تواجد بيتر تايلور مساعدي إلى جانبي".
واحدة من خطايا ديفيد مويس الكبرى كانت التخلي عن خدمات مايك فيلان فور توليه مهمة تدريب الشياطين الحمر، كان أفضل مدرب مساعد متواجد في إنجلترا في ذلك الوقت، قد لا تكون مسيرته التدريبية بنفس النجاح، لكن هناك أشخاص يؤدون دور الرجل الثاني على أكمل وجه ومهما بلغ نجاحهم وقوتهم الفنية لا يمكنهم أداء دور البطولة، هناك دائما قدرة على التوظيف ودور ارتضى به ولا يمكنه تبديله بعد كل تلك الفترة كل قصص الماضي قالت نفس الشيء، مساعد ناجح جدا وربما أسطوري لكن مسيرته التدريبية مختلفة تماما وربما النقيض التام.
في كثير من الحالات يكون دور مساعد المدرب مختلف للغاية، أقرب للاعبين ويناقش معهم تكتيك ما قبل المباراة يستمع إلى التعديلات ويكون همزة الوصل مع المدرب، بالاستماع إلى اللاعبين وأحيانا تنفيذ ما يفكرون فيه وتركهم يعبرون عن أنفسهم فتلك أفضل طريقة ممكنة للإدارة البشرية بعيدا عن الفلسفة التدريبية وتعقيدات خطط ما قبل المباريات، الأمر يكون أشبه بتشجيع وتحدي لكي يخرجوا أفضل ما لديهم، وفيلان يجيد فعل ذلك الأمر.
لذا فور تواصل إدارة مانشستر يونايتد مع سولشاير كان أول ما فعله هو الاتصال بـ مايك فيلان ومعرفة رأيه في فكرة الانضمام إليه في مهمة انتحارية ربما مشابهة لتلك التي قبل بها سير أليكس فيرجسون عام ١٩٨٦، الاختلاف أنه لا توجد مشاكل سهر وخمر فقط بين نجوم الفريق، ذلك بجانب اشتعال الأجواء خاصة على الصعيد النفسي وفقدان الثقة كليا.
"قبل السفر إلى مدينة مانشستر يوم الثلاثاء مساء لتولي مهمة تدريب مانشستر يونايتد، اتصل سولشاير بـ مايك فيلان لسؤاله عن إمكانية الانضمام إليه، ودعما للشباب وحبا في النادي وافق الرجل على الفور". كيران كيلي صحفي مانشستر إيفينينج نيوز.
الرجل الثاني المساند للمدرب الشاب قام بدوره على أكمل وجه، بجانب العمل الكبير الذي قام به النجم النرويجي لتهدئة الأوضاع والحديث مع كل لاعب على حدة وإقناعهم بمستقبل مشرق رغم أن النتائج لم تكن تقول ذلك، كان ذلك عملا كبيرا، الثنائي أعاد الفريق سريعا للواجهة حتى وإن كانت الخصوم ليست بالقوة الكافية، لكن يونايتد لم يكن يفوز بمثل تلك السهولة والثقة في الماضي القريب.
صحيفة ميرور البريطانية كانت من ضمن الصحف المهتمة بالطاقم الجديد، ونقلت تدريباتهم، جزء من تلك التدريبات كان التركيز على الهجوم وتنظيم جمل فنية هجومية متكررة خاصة للاعبين الذين تم انتقادهم بسبب الدقة أو قلة التسديد مثل ماركوس راشفورد ورميلو لوكاكو.
كما قام بإعداد تدريب كلاسيكي كان يجريه سير أليكس فيرجسون بمساندة سولشاير، المدافعون ضد المهاجمون، وتستمر تلك الفقر لمدة ٤٥ دقيقة.
كلاهما استقى الكثير من تواجده مع سير أليكس فيرجسون بشكل مختلف، سولشاير كلاعب ومهاجم ذو دور تكتيكي ورجلا للمهام الصعبة بل وأحيانا يطرد لإنقاذ فريقه من هجمة مرتدة، وفيلان الرجل الذي برع في دور المساعد لسنوات عديدة.
خلال فترة تواجد سير أليكس فيرجسون كمدرب عام ٢٠٠٦ وبعد كأس العالم والخلاف الشهير بين نجمي الفريق في ذلك الوقت واين روني وكريستيانو رونالدو، أرسل روني رسالة إلى فيرجسون يقترح أن يظهر الثنائي في مقابلة على العلن لكي يظهر للجميع أن الثنائي مازال على وفاق، خاصة وأنه كان هناك الكثير من الشائعات في ذلك الوقت، تواصل فيرجسون مع فيلان لسؤاله عن رأيه لكنه رفض وقال له إن ذلك سيبدو كما لو أن النادي أجبرهما ورتب كل شيء وسيؤكد الشائعات ولن ينهيها، ليرفض فيرجسون، وتلك لمحة من الدور الذي كان يقوم به الرجل الثاني في يونايتد.
"مايك كان رفيقا صادقا خلال الرحلة، وعمله كان يمنحنا قيمة إضافية من خلال الطاقة الملحوظة التي كان يبثها في الملعب". سير أليكس فيرجسون.
إضافة إلى ذلك تعامل سولشاير بذكاء مع فترة الراحة القصيرة التي حصل عليها الفريق ليتقرب أكثر من اللاعبين بل وأقام في دبي ما يشبه الجولة التحضيرية لرفع معدلات اللياقة البدنية للاعبين وهو ما صرح به قبل أيام من السفر.
"كنا نأتي إلى يونايتد ونعمل بقوة كما لو أننا أمام مباراة نهائية، لم نشعر أبدا أننا كنا نعمل، كان فيرجسون يطلب منا طيلة الوقت أن نعبر عن أنفسنا، خلق بيئة من العدالة الداخلية في الفريق، كنا نطلب من أنفسنا ١٠٠٪ لا ننتظر أبدا أن يُطلب منا". سولشاير عن فيرجسون.
ماكينا وكاريك كانا مهمين للغاية للتعامل مع اللاعبين الشباب في الفريق ومحاولة لفرض السيطرة وتهدئة الأوضاع، بجانب تصعيد عدد من نجوم الأكاديمية اللذين لفتوا الأنظار بالفعل وخوفا من تكرار تجربة بوجبا، هذا بجانب أن كاريك عمل مع هذه المجموعة من قبل بل ولعب مع بعضهم في وقت سابق.
"أول شيء فكرت به هو من كان سيساندني، لأنني ما زلت صغيرا، وكذلك ماكينا وكاريك، وفكرت في أنني بحاجة للخبرة إلى جانبي". سولشاير.
"تواصلت مع مايك وكان في بيرنلي يدرس التدريب، لقد كان هنا لسنوات وعمل مع فيرجسون أقرب مني أنا، إنه شخص رائع، ولديه تأثير لتهدئة الأوضاع لا مثيل له، ذلك بجانب معرفته الكبيرة في كرة القدم".
كتب سير أليكس فيرجسون في وقت سابق :"أثق بأن الأمور كانت لتسير على نحو مختلف مع مويس لو أبقى على مايك فيلان، الاحتفاظ به أشبه بدليل قيم لمن جاءوا لتدريب النادي بعد ذلك".
"لم يكن هناك منطق في التغيير المفاجئ لكل شيء، خاصة تغيير نظام في مرحلة انتقالية واللاعبون مرتاحون له، الأمر له نتائج عكسية، القائد الذي يصل إلى مكان جديد أو لدور كبير بحاجة لكبح نفسه من أجل إظهار تفوقه الحقيقي".
ربما كانت غلطة فادحة بالقيام بتغيير جذري وكبير في مرحلة انتقالية حيوية ظل مانشستر يونايتد يدفع ثمنها أعوام، وربما كان النادي بحاجة لطاقم فني يجيد التعامل النفسي مع اللاعبين قبل التكتيك ووضع الخطط، لكن ما هو أكيد أن النادي الإنجليزي تغير بشكل كبير مع طاقم الأسطورة النرويجية حتى وإن كان على الصعيد النفسي فقط، لكن يظل السؤال قائما هل يتمكن سولشاير وطاقمه من قيادة الفريق لبر الأمان وتجنب أي دوامات سلبية؟