الأفضل في أفريقيا – ماني.. من أحراش الماندينكا إلى قمة القارة

"إذا انتظرت الغد وعملت من أجله فسيأتي سريعا، وإذا لم تنتظره ولم تعمل فسيأتي سريعا أيضا". مثل سنغالي.

كتب : عادل كُريّم

الإثنين، 07 يناير 2019 - 14:14
ساديو ماني

"إذا انتظرت الغد وعملت من أجله فسيأتي سريعا، وإذا لم تنتظره ولم تعمل فسيأتي سريعا أيضا". مثل سنغالي.

ساديو ماني قرر أن يعمل من أجل الغد. ونجح فيما قرر القيام به.

مساء الثلاثاء، وبمركز عبده ضيوف الدولي للمؤتمرات في عاصمة السنغال داكار، سيتم الإعلان عن لقب أفضل لاعب إفريقي لعام 2018. جائزة يتنافس عليها نجمنا المصري محمد صلاح، وزميله في ليفربول السنغالي ساديو ماني، وهداف أرسنال الجابوني بيير إيمريك أوباميانج.

FilGoal يستعرض معكم مشوار الثلاثي، ماني وأوباميانج وصلاح.

في العاشر من أبريل 1992 ولد ساديو ماني في مدينة تحمل اسما قريبا من اسمه. مدينة "سيديو" الصغيرة التي تقع على نهر كازامانس في السنغال، والتي يقطنها ما يزيد على 24 ألف نسمة فقط.

ينتمي ماني لشعب "الماندينكا" الذي يضم قطاعا كبيرا من سكان دول غرب إفريقيا، والذي ينتمي إليه كذلك لاعبان سبق لهما اللعب لليفربول وهما الإيفواري كولو توريه والمالي محمد سيسوكو.

"منذ كنت في الثالثة من عمري كنت أحب لعب كرة القدم في الشارع. في أي وقت أجد أطفالا يلعبون الكرة كنت أجري لأشاركهم دون تفكير".

لكن الأمر لم يكن سهلا، أسرة ساديو التي كانت تهتم بأمور الدعوة الإسلامية كانت ترغب في أن يواصل ابنها الصغير نفس الطريق وألا يشغل نفسه بممارسة كرة القدم. فقط عمه وقف بجانبه وأقنع والده أن يترك ابنه يتبع حلمه وشغفه.

قبل أن يكمل عامه الحادي عشر ذهب ماني في رحلة طويلة مع عمه من سيديو إلى العاصمة داكار ليدخل اختبارات أكاديمية "جينيراسيون فوت"، ذهب بحذاء ممزق وسروال لا يصلح لممارسة كرة القدم.

"جاء رجل كبير عندي وهو يضحك ويقول لي هل أتيت للاختبار؟ قلت له نعم، قال بهذا الحذاء الممزق وهذا السروال؟ أنت في المكان الخطأ يا بني. قلت له اتركني اختبر ثم سأعود لبلدتي، في نهاية اليوم أتى وقال لي أنت في فريقي بكل تأكيد".

في أكاديمية "جينيراسيون فوت" بدأ ماني مشواره مع كرة القدم. الأكاديمية التي ارتبطت منذ 2003 بعقد لتمويل نادي ميتز الفرنسي بالمواهب الشابة، وكان أبرز هذه المواهب بابيس سيسيه (مهاجم فرايبورج ونيوكاسل سابقاً وألانياسبور التركي حاليا)، وديافرا ساخو (لاعب وست هام يونايتد ورين سابقاً وبورصاسبور التركي حالياً)، وساديو ماني.

ظل ماني يتدرج في صفوف الناشئين في ميتز حتى تم تصعيده للفريق الأول في موسم 2011-2012، وقتها كان ميتز يلعب في دوري الدرجة الثانية، وخاض ماني مباراته الأولى مع ميتز أمام باستيا في يناير 2012. وبالرغم من هبوط ميتز للدوري الوطني (الدرجة الثالثة) في نهاية الموسم، إلا أن موهبة الجناح الشاب لفتت أنظار نادي ريد بول سالزبورج النمساوي، ليضمه لصفوفه في أغسطس 2012 مقابل 4 ملايين يورو، في ثالث أغلى صفقة انتقال لاعب في تاريخ نادي ميتز. قبل انتقاله للفريق النمساوي شارك ماني مع منتخب السنغال الأوليمبي في أولمبياد لندن 2012، وقاد أسود التيرانجا الصغيرة للدور ربع النهائي قبل الخسارة من صاحب الميداليات الذهبية منتخب المكسيك.

"تابعته في لندن وكنت أرغب في ضمه إلى بروسيا دورتموند وقتها، لم أنجح في ذلك لكن القدر كان يخبئ لي تدريبه في مكان آخر". يورجن كلوب

موهبته انفجرت مع ريد بول سالزبورج، ليسجل 19 هدفا في 29 مباراة بالدوري والكأس. وفي موسمه الثاني مع الفريق قاد ماني سالزبورج للتتويج بلقبي الدوري والكأس في النمسا موسم 2013-2014 ليحقق الثنائية المحلية، مسجلا 23 هدفا في مختلف المسابقات.

بعدما بدأ موسم 2014-2015 مع ريد بول سالزبورج، وسجل 3 أهداف في أول 4 مباريات بالموسم، دخل ماني في خلاف حاد مع مسئولي الفريق النمساوي لرفضهم السماح له بالانتقال خارج النادي. رد ماني كان الامتناع عن المران، ورفض السفر مع الفريق إلى السويد لمواجهة مالمو في الدور التمهيدي الأخير لدوري أبطال أوروبا. ريد بول خسر المباراة والتأهل، وعاد ليعلن بيع ماني إلى ساوثامبتون الانجليزي مقابل 12.8 مليون جنيه استرليني في آخر أيام فترة الانتقالات الصيفية لعام 2014.

منذ مباراته الأولى وضع ماني بصمته مع "القديسين". حصل على ركلة جزاء سجل منها فريقه الجديد ليحقق الفوز على أرسنال 2-1 في كأس الرابطة الإنجليزية. بدأت ماكينة الأهداف في العمل مع بعض المشكلات الصغيرة من حين لآخر، مثل تأخره عن الحضور للملعب قبل مباراة ساوثامبتون مع ليفربول في فبراير، مما دفع مدرب الفريق في هذا الوقت الهولندي رونالد كومان لاستبعاده من قائمة المباراة.

أنهي ماني موسمه الأول مع ساوثامبتون مسجلا 10 أهداف في 30 مباراة بالدوري، ليكون ثاني هدافي الفريق في الموسم بعد الإيطالي جراتسيانو بيللي. الجناح السنغالي أنهى الموسم أيضا مسجلا رقما قياسيا في تاريخ الدوري الانجليزي الممتاز حينما سجل أسرع هاتريك في تاريخ المسابقة. يوم 16 مايو 2015 هز السنغالي شباك أستون فيلا ثلاثة مرات في دقيقتين و56 ثانية فقط، محطما رقم لاعب ليفربول روبي فاولر الذي سجل هاتريك في مرمى أرسنال في 4 دقائق و33 ثانية عام 1994.

"هذا مستحيل فعليا. حتى في لعبة FIFA لا يمكنك تسجيل ثلاثة أهداف في 176 ثانية!". تغريدة

تألق ماني استمر مع القديسين في الموسم التالي، ليسجل أحد أسرع أهداف الموسم في مرمى ليفربول في ربع نهائي كأس الرابطة بعد 38 ثانية فقط من بداية المباراة (رغم خسارة ساوثامبتون للمباراة بنتيجة 6-1). واستمرت أيضا أزماته مع كومان حينما حضر متأخرا مرة أخرى للمحاضرة التي سبقت مباراة الفريق أمام نورويتش سيتي ليستبعده الهولندي من المباراة.

ابتعد ماني عن التهديف لأربعة أشهر كاملة ما بين نوفمبر 2015 ومارس 2016، ليبدأ الحديث حول خفوت نجم السنغالي. لكن الجناح السريع رد بتسجيل سبعة أهداف في ست مباريات متتالية، من بينها هدفين في ليفربول وهاتريك في مانشستر سيتي، لينهي الموسم هدافا للفريق بتسجيله 15 هدفا في 43 مباراة بمختلف المسابقات.

في يونيو 2016 أصبح ماني أغلى لاعب في تاريخ إفريقيا حينما انتقل من ساوثامبتون إلى ليفربول مقابل 34 مليون جنيه استرليني، محطما الرقم الذي انتقل به الإيفواري إيريك بايي من فياريال لمانشستر يونايتد قبله بأيام. لاحقا أصبح هذا الرقم من نصيب الكونغولي سيدريك باكامبو الذي انتقل من فياريال الإسباني إلى بكين جوان الصيني مقابل 65 مليون جنيه استرليني.

ماني سجل في أولى مبارياته بقميص الحمر في مباراة الفوز على ملعب أرسنال 4-3. التألق استمر ليسجل 13 هدفا في 27 مباراة بالدوري، بالرغم من غيابه لما يقارب الشهر بسبب مشاركته مع السنغال في كأس الأمم الأفريقية 2017، حيث كانت تجربته مريرة بإهداره ركلة الترجيح التي أطاحت بالسنغال خارج البطولة أمام الكاميرون في ربع النهائي، ثم غيابه مجددا بسبب إصابة قوية أبعدته لفترات طويلة.

في العام الماضي تألق ماني أكثر بقميص الحمر، سجل 10 أهداف في دوري الأبطال منها هدف في المباراة النهائية في مرمى ريال مدريد. وبلغ مجموع ما سجله مع ليفربول في العام المنتهي 22 هدفاً في مختلف المسابقات. ومع السنغال سجل في مرمى اليابان بكأس العالم الذي ودعته السنغال بفارق اللعب النظيف أمام اليابان ذاتها.

سجل ماني 15 هدفا في 58 مباراة دولية مع السنغال، وقاد أسود التيرانجا للعودة لكأس العالم للمرة الأولى منذ 2002. اختير ضمن التشكيلة الأفضل في القارة السمراء لأعوام 2015 ، 2016 و2017، كما حل ثالثا في اختيارات أفضل لاعب إفريقي 2016، وثانياً خلف صلاح في العام الماضي. واليوم هو يحلم بأن يرتقي مرة أخرى ولكن ليحصد اللقب هذه المرة.

"افتقدت عائلتي كثيرا، لكن أن أصبح لاعب كرة قدم هو كل ما أردته وقد علمت أن تلك الأيام الصعبة كانت ستساعدني على تحقيق ذلك. الآن أنا هنا بلا اي شيء أندم عليه، أعيش حلمي".

"أنا شخص أحب الاستماع، أحب المشاهدة وأحب التعلم. لا أزال صغيرا وابني نفسي وأود دائما التحسن. كل يوم هو فرصة أخرى للعمل والاقتراب من النجاح".