كتب : زكي السعيد
في 24 نوفمبر الماضي، تلقى ريال مدريد هزيمة كارثية أمام مضيفه إيبار بثلاثة أهداف دون رد.
أبطال أوروبا خرجوا ممتنين من هذه المباراة بسبب توقُف العداد عند 3 فقط، الفريق تلقى الهجمات وخسر كل المعارك منذ الدقيقة الأولى وحتى الدقيقة الأخيرة، ليتلقى المدرب سانتياجو سولاري هزيمته المحلية الوحيدة حتى اللحظة.
في تلك الأمسية الباردة بإقليم الباسكي الشمالي، لم يكن سهلا الخروج بأي نقاط إيجابية من هذا السقوط الكارثي، احتاج مشجعو ريال مدريد 3 أيام إضافية لاستنباط نقطة مضيئة: ماركوس يورنتي.
الهزيمة أمام إيبار حدثت باعتماد سولاري على ثلاثي الوسط: داني سيبايوس، توني كروس، لوكا مودريتش، والأول شارك كلاعب ارتكاز دفاعي بسبب إصابة كاسيميرو في المباراة السابقة أمام سيلتا فيجو.
لا يمكن تحميل سيبايوس هزيمة إيبار بالطبع، ولكنها ساهمت في رجة داخل أرجاء الفريق، ودفعت سولاري نحو الهروب إلى الأساسيات والعودة للاعتماد على لاعب ارتكاز حقيقي: ماركوس يورنتي.
حدث ذلك في مباراة روما الأوروبية بعد 3 أيام في إيطاليا، وقتها 111 دقيقة كانت إجمالي ما ظهر فيه يورنتي خلال الموسم الحالي، منها 90 دقيقة في مباراة الكأس أمام مليلية فريق القسم الثالث، و11 دقيقة فقط في مباراة حقيقية أمام إسبانيول في الدوري.
ريال مدريد لم يكن مبهرا في كل أوقات المباراة وعاش أوقاتا عصيبة في الشوط الأول أمام روما، ولكن مستوى يورنتي كان لافتا لدرجة غير مفهومة بالنسبة للاعب دُفن لقرابة العام ونصف العام.
منذ مباراة روما، لم يغب يورنتي عن أي مباراة في مختلف البطولات، تحوّل إلى ركيزة أساسية بمستوى ثابت في تشكيلة سولاري، واستغل غياب كاسيميرو على الوجه الأكمل، وحتى مع تعافي الأخير قبل كأس العالم للأندية، لم يجد سولاري مدعاة إلى الزج بالبرازيلي فورا في ظل مستويات يورنتي المبهرة.
شهر من التنافس المتواصل كل 3 أيام للاعب الوسط الإسباني ذو الـ23 عاما، انتهى على تسديدة رائعة على الطائر هزت شباك العين، وساهمت في تتويج فريقه بلقب ختام السنة، وأهدته جائزة أفضل لاعب في المباراة.
في شهر واحد، انقلبت مسيرة ماركوس يورنتي الكروية رأسا على عقب، من لاعب مهمش يلمّح علنا بخروجه الوشيك في انتقالات يناير، إلى نجم نهائي مونديال الأندية.. لماذا ظهر بهذا المستوى الثابت والأنيق بعد أشهر طويلة من التحنيط، ولماذا فشل زين الدين زيدان في استغلاله على الوجه الأمثل.. هذا ما سنحاول اكتشافه في الأسطر التالية.
مسؤولية تاريخية
العائلة التي ينحدر منها ماركوس تضع حملا إضافيا على كاهله، وتجعله مطالبا بالنجاح في ريال مدريد، أو حتى قضاء بعض الوقت بين جدرانه في أسوأ الأحوال.
بدأ الأمر مع تلك العائلة في عام 1953، عندما أحضر سانتياجو برنابيو جناحا يافعا من نادي راسينج سانتاندير، يدعى باكو خينتو.. هذا الجناح الأيسر سيتحوّل بمرور السنوات لأكثر اللاعبين تتويجا بالبطولات في تاريخ النادي، وإلى الرئيس الشرفي الحالي لـ ريال مدريد.
باكو خينتو هو شقيق جد ماركوس يورنتي من جهة الوالد، ولم يكن الوحيد من الجيل الأول الذي مثّل ريال مدريد، بل شقيقيه خوليو وأنطونيو لعبا لبعض الوقت في الفريق الرديف.
الجيل الأول لم يكن من جهة الوالد فقط، بل من جهة الأم: رامون جروسو مثّل ريال مدريد بكثير من البسالة بين عامي 1964 و1976.
وجروسو هو الجد المباشر لـ ماركوس يورنتي من جه أمه، ماريا أنخيلا، التي تزوّجت باكو يورنتي –ابن شقيق باكو خينتو-، لينجبا الصغير ماركوس.
بالحديث عن باكو يورنتي –والد لاعب ريال مدريد الحالي-، فقد لعب بدوره في النادي الملكي ما بين عامي 1987 وحتى 1994.
لم يكن الوحيد من أفراد الجيل الثاني الذي ظهر في ريال مدريد، بل شقيقه خوليو يورنتي لعب لبعض الوقت في نهاية الثمانينيات بالفريق الأول بدوره، والأمر لم يتوقف على كرة القدم.
خوسيه لويس يورنتي وتونين يورنتي شقيقا باكو وخوليو، لعبا في فريق ريال مدريد لكرة السلة.
وتونين رفع مقطع فيديو عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي بعد فوز ريال مدريد على فالنسيا مطلع الشهر الجاري، ودمج هجمة شارك فيها ماركوس يورنتي، مع هجمة أخرى قبل 3 عقود شارك فيها والده باكو يورنتي، والتشابه في تصرف الأب وابنه كان مبهرا، بل رعونة رافاييل جورديّو وماركو أسينسيو في إنهاء الهجمة كان لافتا أيضا!
معضلة مركز يورنتي
بالعودة للموسم الماضي، وقتما شارك يورنتي كأساسي في 11 مباراة فقط، منها 6 في بطولة الكأس التي يلعب فيها الفريق ببدلائه، نجد أن يورنتي لم يتضرر من المنافسة مع كاسيميرو فقط، بل من مركز لاعب الوسط المدافع.
فمن الجلي أن قائمة ريال مدريد لم تتحمل وجود لاعبين اثنين بهذا المركز الدفاعي، لعدة أسباب:
1- لنفترض أن يورنتي على مقاعد البدلاء، فما نسبة دخوله بديلا أثناء وجود كاسيميرو في الملعب؟
لو كان ريال مدريد فائزا، فلا حاجة إلى سحب كاسيميرو الدفاعي. ولو كان ريال مدريد خاسرا، فلن يستعين المدرب حتما بلاعب وسط دفاعي من على دكته.. وهنا يظهر مدى صعوبة الاستعانة بـ يورنتي خلال المباريات، مما قلل جدا من دقائق مشاركته.
2- ريال مدريد امتلك خيارات أخرى لتعويض غياب كاسيميرو، ليس من بينها بالضرورة الدفع ببديل حقيقي مثل يورنتي.
فمع عدم إغفال ماتيو كوفاسيتش الذي أجاد شغل هذا المركز، فإن خيار الاكتفاء بالثنائي لوكا مودريتش وتوني كروس وتغيير الطريقة إلى 4-4-2 كان خيارا قائما للمدرب زين الدين زيدان، وهو الأمر الذي طبقه بعض المرات في الموسم الماضي.
3- في موسم زيدان الثاني، خرج يورنتي معارا لـ ديبورتيفو ألافيس، وظل كاسيميرو وحيدا في قائمة ريال مدريد، إلا أن الفريق لم يعاني في خط الوسط بأي وقت من الموسم، حتى مع فترات غياب البرازيلي وكذلك توني كروس في الدور الأول.
بل يمكننا أن نتذكر دخول ريال مدريد مباراة الكلاسيكو أمام برشلونة في كامب نو للدور الأول من موسم 2016\2017 بالثنائي الكرواتي مودريتش وكوفاسيتش فقط، على الرغم من تواجد كاسيميرو على مقاعد البدلاء، بسبب عدم جاهزيته بشكل كامل بعد عودته من الإصابة.
إذا الاعتماد على لاعب ارتكاز حقيقي لم يكن مصيريا وحتميا إلى تلك الدرجة، وكان من السهل تعويضه بتغيير طريقة اللعب.
بل نجد زيدان في مطلع الموسم التالي -2017\2018- يستغني طواعيةً عن كاسيميرو في إياب كأس السوبر الإسباني أمام برشلونة، ويدفع بـ كوفاسيتش بدلا منه.
كل هذه العوامل شكّلت عاملا مضادا لمشاركة يورنتي أو حصوله على القدر الكافي من دقائق اللعب حتى وإن غاب كاسيميرو.
كارثة النتائج
ريال مدريد مر بسلسلة من النتائج السلبية في الموسم الماضي، كان من النادر في أغلب أوقات الموسم أن نرى الفريق يفوز في 3 مباريات متتالية، وعندما لا يفوز الفريق، لا يمتلك المدرب الكثير من الشجاعة في الدفع بعناصر جديدة.
فـ زيدان من جهة، لم يرغب في سحب الثقة من لاعبيه الأساسيين حتى وإن ابتعدوا عن مستواهم، لأن جودتهم ستكون كفيلة بحسم دوري أبطال أوروبا مثلا في نهاية الموسم.
وفي نفس الوقت لا يضمن زيدان أن ينصفه لاعبيه الشبان، وهنا قد يواجه خطر خسارة الشبان والمخضرمين على حد سواء.
كما أن عروض الفريق الاحتياطي في بطولة الكأس لم تكن مقنعة أمام فرق من القسم الثاني والثالث، قبل أن يعيش ريال مدريد الكابوس ويودّع البطولة على ملعبه أمام ليجانيس.
وبالتالي، فهؤلاء البدلاء الذين يلعبون في الكأس لم يثبتوا جدارة كبيرة تؤهلهم لافتكاك مراكز الدوري ودوري الأبطال.
يورنتي المهووس
ما كان مثيرا للإعجاب، هو جاهزية يورنتي البدنية والفنية ليكون قادرا على اللعب في 8 مباريات بظرف 21 يوما، ويظهر فيها كلها بشكل مبهر دفع البعض إلى عدم الإطاحة به من التشكيلة الأساسية حتى بعد عودة كاسيميرو.
والسبب في ذلك هو هوس يورنتي بلياقته البدنية وحرصه على التدرب حتى وقت إجازته الصيفية للاعتناء بجسده، ولذا لم يمل اللاعب من التدرب بجدية خلال أشهر طويلة من انحصار نشاطه في مدينة ريال مدريد الرياضية.
الفتى النيّق يحرص بشكل مبالغ على سلامة مظهره وأناقة شعره، يمكنك استنتاج ذلك من خلال الطريقة التي عبث بها زملائه بشعره خلال الاحتفال معه بهدفه في شباك العين.
هل انتهى دور يورنتي بعودة كاسيميرو؟
في شهر يناير، ينتظر ريال مدريد جدول مزدحم، يبدأ مبكرا عن بقية الأندية الإسباني بمواجهة فياريال المؤجلة في الدوري يوم 3 يناير، وتستمر بمباراة كل 3 أيام، بالتبادل بين المسابقتين المحليتين.
عدد مباريات ريال مدريد في شهر يناير قد يصل إلى 9 مباريات، ولذا فإن الحديث عن تهميش يورنتي لصالح كاسيميرو أو العكس، لن يكون منطقيا، لربما يحتاج سولاري إلى لاعب ارتكاز ثالث حتى للخروج من فخ مباريات مطلع الدور الثاني الذي يقع فيه ريال مدريد سنويا بشكل مستديم.
وعليه، فـ سولاري لن يحمل عبء التضحية بأحد لاعبيه في الأسابيع المقبلة على الأقل.
اقرأ أيضا:
مصدر في الاتحاد لـ في الجول: نقطة ضعف وحيدة في ملف تنظيم أمم إفريقيا.. وسبب قرار برج العرب
مصدر بالأهلي لـ في الجول: لن نستغني عن أي لاعب.. هذا إهدار للأموال
تعرف على تصنيف فرق دوري الأبطال.. مجموعات نارية في انتظار المصريين
تعرف على كل المتأهلين ومنافسي الزمالك المحتملين في الكونفدرالية
رئيس النجم يكشف لـ في الجول عن مفاوضات شفهية مع بيراميدز بشأن بن عمر