"ريفر بليت، أخبرونا كيف هو شعور أن تلعب في القسم الثاني. نقسم أن السنوات على مرورها لن تنسيكم أبدا أنكم لعبتم في القسم الثاني، لقد أحرقتم المونومنتال، هذه الوصمة لن تندثر أبدا. أيها الدجاج الواهن، لقد اعتديتم على لاعب، يا لكم من جبناء".
هتافات اعتادت جماهير بوكا جونيورز ترديدها في السنوات الأخيرة عندما يكون ضيف ملعب بومبونيرا فريقا يُدعى ريفر بليت.
العدو العاصمي الذي هبط لدوري القسم الثاني الأرجنتيني عام 2011، ينال توبيخا دوريا وسخرية كبيرة في مدرجات بوكا جونيورز.
الكراهية بين قطبي كرة القدم الأرجنتينية لا يمكن أن توصف أو أن تندرج تحت أي بند من الكراهية الرياضية الاعتيادية بين المنافسين، كراهية بوكا وريفر ستكون عنوانا عالميا يوم السبت المقبل، عندما يصطدم الطرفان في ذهاب نهائي كوبا ليبرتادوريس، مواجهة لم يسبق وأن جمعتهما في هذا الدور الأخير من مسابقة الأندية الأقوى على مستوى أمريكا الجنوبية.
دعونا نعود بالذاكرة لمواجهة سابقة بين بوكا وريفر في كوبا ليبرتادوريس، تاريخها العام 2000، وبطلها لا أحد سوى البديل المتأخر في تشكيلة بوكا جونيورز: مارتين باليرمو.
اقرأ: سوبر كلاسيكو - مارادونا مَر من هنا.. "يد الإله" تهز الأرض تحت ساق المصوّر
هدف صليبي
في 13 نوفمبر 1999، وخلال مباراة ارتحل خلالها بوكا جونيورز لمواجهة كولون دي سانتا في، تعرّض مارتين باليرمو مهاجم الضيوف لالتواء في الركبة اليمنى أصابه بألم بالغ.
باليرمو أخبر المعنيين على الخط الجانبي للملعب بعدم قدرته على إكمال المباراة، ليقوم المدرب كارلوس بيانكي بتجهيز البديل، وفي هذه الأثناء، كان باليرمو يتمشى في منطقة جزاء كولون بساق عرجاء يملؤها الألم، في انتظار مرور الثواني وخروج الكرة وإجراء التبديل.
إلا أن باليرمو تفاجأ بالكرة تحت قدميه، مباشرة في مواجهة المرمى، اللاعب الدولي الأرجنتيني لم يفكّر مرتين، فموضَع الكرة على قدمه اليسرى المفضلة –والسليمة أيضا-، وأطلق تسديدة عانقت شباك الخصم.. سجّل وركض محتفلا متناسيا الألم ومؤكدا أن انتشاء الانتصار يفوق أحيانا الألم العضوي ويقهره.
غادر باليرمو بمساعدة سيارة المسعفين، وبعد أن خضع للفحوصات الطبية، تبيّن تعرضه لقطع كامل في الرباط الصليبي للركبة اليمنى!
الهدف كان الرقم 100 في مسيرة باليرمو، المهاجم الأرجنتيني وصل حينها إلى مستوى مذهل جعله مرشحا للانتقال إلى أوروبا في أول فرصة سانحة، والإصابة حضرته في وقت كابوسي.
ابتعاد لـ6 أشهر كان الضريبة التي توجب على باليرمو تسديدها في أوج عطائه.
عودة البطل
في غياب باليرمو، استطاع المدرب بيانكي قيادة بوكا بشكل ناجح في المنافسة القارية، وإيصاله إلى ربع النهائي.
الفريق ضم عدة أسماء مألوفة أخرى، على شاكلة الشاب خوان رومان ركيليمي، ووالتر صامويل، ونيكولاس بورديسو، والتوأم جوستافو وجييرمو سكيلوتو.
المنافس في ربع النهائي كان العدو ريفر بليت، والذي تمكّن من تحقيق أسبقية في مواجهة الذهاب بهدفين مقابل هدف واحد على ملعبه مونومنتال.
المدرب بيانكي اتخذ قرارا جريئا مباشرة قبل مواجهة الإياب في جحيم البومبونيرا: مارتين باليرمو سيدخل قائمة المباراة.
باليرمو ابتعد منذ إصابة الصليبي في نوفمبر، ومباراة ريفر –في 24 مايو 2000- كانت مصيرية وتحتاج إلى أجهز اللاعبين، إلا أن ثقة بيانكي في مهاجمه فاقت الحدود.
طور المباراة حمل معاناة لأصحاب الأرض، فالشوط الأول خرج سلبيا دون أهداف، ليفشل بوكا في تجاوز خسارته ذهابا بالـ45 دقيقة الأولى.
الأنظار كانت موجهة إلى مقاعد بدلاء بوكا، حيث يتواجد هدافهم الأسطوري، الكل يترقب عودته، يتساءلون هل يمتلك بيانكي الشجاعة الكافية لإقحامه في هكذا ظرف عصيب.
في الدقيقة 59، حدثت الهزة الأرضية، مارسيلو ديلجادو يسجل هدف بوكا الأول، ويرسل جماهير ملعب بومبونيرا إلى عالم من الهلوسة الجنونية.
أما الدقيقة 77، فشهدت ملامسة ساقي باليرمو لعشب الملعب لأول مرة منذ عدة أشهر، وذلك بعد دخوله بديلا لـ ألفريدو مورينو.
دخول باليرمو حمل أنباء سارة للبوكا –دون تدخُل منه-، فالفريق تحصل على ركلة جزاء بظرف 5 دقائق، والبطل ريكيلمي انبرى لها بكل شجاعا، مضيفا الهدف الثاني، ومقرّبا بوكا أكثر إلى المربع الذهبي.
إلا أن ليلة بوكا جونيورز السعيدة التي احتوت على وصول للمربع الذهبي القاري، وانتصار على العدو اللدود، احتاجت إلى لمسة إضافية حتى تتحول إلى ليلة أسطورية خالدة، لمسة مارتين باليرمو.
باليرمو استلم كرة جديدة داخل منطقة جزاء ريفر هذه المرة، وبساقين سليمتين، واحتاج للالتفاف 180 درجة ومخادعة 3 مدافعين منافسين، حتى يُسكن الكرة شباك الحارس روبيرتو بونانو، وينطلق فاقدا عقله بعد عودة للملاعب لم يحلم بها.
باليرمو حُمِل على الأعناق بعد المباراة وسط كثير من الدموع والهتافات لمن سيتحوّل في ظرف سنوات ليصير الهداف التاريخي لـ بوكا جونيورز.
شاهد ملخص المباراة المجنونة
نحو العالمية
بوكا لم يتوقف عند نصف النهائي، بل تخطى كلوب أمريكا المكسكيي في سيناريو جنوني، قبل أن يتجاوز بالميراس البرازيلي في النهائي بركلات الجزاء الترجيحية، وباليرمو شارك بحصته في تنفيذ الركلة الترجيحية الثالثة بنجاح.. بوكا جونيورز بطلا لـ كوبا ليبرتادوريس 2000.
في نوفمبر 2000، بعد عام تقريبا من إصابته بقطع كامل في الرباط الصليبي، سجّل باليرمو مرتين على أرض العاصمة اليابانية طوكيو، وفي مرمى من؟ إيكر كاسياس حارس مرمى ريال مدريد.
بوكا تخطى بطل أوروبا في كأس إنتركونتننتال 2-1 بفضل باليرمو، وأنهى عامه التاريخي بالصورة المثالية.
اقرأ أيضا:
مؤتمر كارتيرون: أتمنى أن تكون المنافسة داخل الملعب فقط.. وأثق في أداء الحكام
مدرب الترجي: الابتعاد عن الاستفزازت مفتاح التتويج.. ولن نتأثر بالغيابات ضد الأهلي
حوار في الجول - ميتشو: الأهلي سيفوز بدوري الأبطال.. الحكم كان أقل من المباراة وهذه خطتي مع أورلاندو
كاف يلمح لتواطؤ كارتيرون مع أزارو.. وعدم استخدام الـVAR في الذهاب