كتب : فادي أشرف | السبت، 03 نوفمبر 2018 - 17:41
من المدرجات - كيف فاز الأهلي على الترجي في ليلة "لم تلعب فيها كرة قدم"
من مدرجات الدرجة الأولى في استاد برج العرب، كانت الأمور واضحة للغاية ومكشوفة. طريقة دخول الملعب كانت منظمة والخروج كان أقل تنظيما، المشكلة الوحيدة أن الـ50 ألفا الحاضرين في الملعب جاءوا لمتابعة مباراة كرة قدم، إلا أن ذلك لم يحدث.
بعيدا عن الأداء الجدلي لحكم المباراة مهدي عبيد شارف في أكثر من لقطة، قام الحكم الجزائري باحتساب 24 خطأ لصالح الأهلي، و23 خطأ لصالح الترجي. 47 خطأ طوال المباراة.
هذا الرقم يزيد عن المتوسط المسجل في مباريات الدوري الإنجليزي المقدر بـ22 خطأ.
الأمر وصل لدرجة أن جمهور الأهلي بدأ في الاعتراض على الأخطاء الممنوحة لفريقه بسبب تعطيل اللعب المتواصل.
بين فريق لم يرد لعب كرة القدم، وآخر لم يستطع لعبها
المباراة فنيا لم تتخط مرحلة المباراة المتوسطة. من مدرجات استاد برج العرب لم يكن واضحا أن عناصر الترجي تريد لعب كرة القدم إلا بعد تسجيل عمرو السولية لهدفه في الدقيقة 58.
في المقابل، أراد الأهلي لعب كرة القدم إلا أنه لم يستطع فعل ذلك.
تفسير المدرجات لذلك كان توتر لاعبي الأهلي ونقص خبراتهم في لعب نهائيات إفريقيا. تشكيل الأهلي ضد الترجي بعد خروج أحمد فتحي ومشاركة محمد هاني شهد وجود 5 لاعبين يلعبون النهائي للمرة الثانية – المرة الأولى كانت ذكرى غير جيدة بالهزيمة ضد الوداد، والبقية باستثناء حسام عاشور ووليد سليمان يلعبون النهائي الإفريقي الأول في حياتهم.
هي مباراة ذهاب وإياب، نية الترجي الخروج بأفضل نتيجة ممكنة عن طريق تعطيل اللعب والسقوط المتكرر وارتكاب الأخطاء قبل حسم الأمور لصالحهم في رادس أمر لا يمكن لومه.
المباراة سارت على وتيرة واحدة، الترجي يمرر الكرة قليلا، تعود لعناصر الأهلي بسبب عدم دقة تمريرات التونسيين، يحاول الأحمر بناء هجمة فيفشل، ويعيد الكرة لمحمد الشناوي الذي يلعب كرة طولية يردها دفاع الترجي. أمامها سيناريوهين، إما أن تعود لعناصر الترجي ونعيد الدورة السابقة مرة أخرى، أو تعود لعناصر الأهلي الذين يحاولون إيصال الكرة لصانع الفارق الوحيد في الملعب، وليد سليمان – أو عمرو السولية على فترات كبيرة في مباراة برج العرب – أو يحاولوا بناء هجمة فتفشل مرة أخرى وهكذا.
محمد الشناوي لعب 16 تمريرة طولية، واحدة فقط وصلت إلى هدفها.
معالم خطتي كارتيرون والشعباني
باتريس كارتيرون لعب بخطته المعهودة، هجوم متحفظ مع محاولة صنع المساحات بين ظهيري وقلب دفاعي الترجي ولعب الكرات العرضية سواء لأزارو أو للجناح العكسي أو القادمون من الخلف.
أما معين الشعباني، فاعتمد على غلق المساحات مع الضغط المكثف على الأهلي في وسط ملعب الترجي وترك أمر الهجوم لاجتهادات أنيس البدري ويوسف البلايلي وطه ياسين الخنيسي، بالذات الأخير أفلح في الحصول على ركلة الجزاء.
ولكن في النهاية، مع عدم استمرار اللعب لوقت متواصل بسبب التدخلات المستمرة من الحكم الجزائري وسقوط اللاعبين هنا وهناك كثيرا، لم يحقق أي من المدربين هدفهما وحكمت الفروق الفردية الأمور.
مراجعة إعادة الأهداف – أو العمليات التي تسببت في احتساب ركلات جزاء - أظهرت عشوائية كبيرة من الفريقين، ولم يحسم الأمر سوى الفروق الفردية.
ذكاء وليد أزارو في الحصول على ركلتي جزاء وذكاء أنيس البدري على الجانب الآخر للحصول على مثلها لفريقه، وخطأ دفاعي من الترجي في التعامل مع عرضية وليد سليمان ولحظة من التفوق والزيادة الهجومية لعمرو السولية تسببت في هدف الأهلي الثاني.
يمكن القول إن الـ22 لاعبا داخل الملعب كانوا في مستوى واحد، باستثناء فرانك كوم نجم وسط الترجي ووليد سليمان الذي تأثر بشكل واضح بإصابته في التدخل مع خليل شمام وظهر على فترات قليلة فقط لكنه صنع فيها الفارق، مع لحظات من التألق من عمرو السولية ووليد أزارو.
"اختراع" فرانك كوم
السواد الأعظم من حاضري المباراة من مدرجات الدرجة الأولى هم بطبيعة الحال من غير المتابعين للترجي التونسي بشكل مكثف، لذا كان من المفاجأة لهم رؤية فرانك كوم.
رجل خمسيني وصف الكاميروني بـ"الاختراع".
في 90 دقيقة استرجع فرانك كوم الكرة لعناصر الترجي 13 مرة، وبعيدا عن الأرقام، ما قدمه كوم يعد إعجازيا.
يمكن القول إن نسبة استحواذ الترجي على الكرة (54%) كانت بفضل لاعب الوسط الكاميروني الذي تألق رغم كون حسام عاشور وعمرو السولية في يوم كبير، وشريكي كوم في وسط الملعب فوسيني كوليبالي وغيلان الشعلالي في مستوى عادي.
يمكن القول إن استفادة الأهلي الكبرى من المباراة ليس الفوز بفارق هدفين، بل إيقاف فرانك كوم عن لقاء الإياب.
حسم وليد سليمان
مع بداية المباراة، تعرض سليمان وخليل شمام لإصابتين بالغتين في الرأس بسبب اشتراك قوي. منذ ذلك التوقيت، خرج وليد سليمان من الملعب مرتين وفي كل مرة سقط على الأرض أثناء علاج خالد محمود طبيب الفريق له.
تلك الإصابة أثرت كثيرا على أداء وليد سليمان، ولكن ما ظهر من الملعب أن سليمان – بخبرة كبيرة – ترك نفسه للمناطق الحاسمة وبالفعل كان سليمان حاضرا. خطأ سبب به خطورة كبيرة قبل هدف الأهلي الأول، ثم تنفيذ لركلتي الجزاء، وصناعة الهدف الثاني، وتهديد مرمى الترجي بالخطأ الذي ضرب به العارضة.
33 عاما، لا شيء يفوق الخبرة. سليمان مما ظهر في الملعب عرف أنه لن يستطيع المشاركة كثيرا في تحضير اللعب وصناعة الهجمات وترك مما تبقى من مجهوده لحسم الأمور في الثلث الأخير.
هدوء وليد وإمكانياته الفنية ساعدوه على حسم لقاء لم يكن في كرة القدم، بل في تفاصيل صغيرة جدا من اللعبة التي لم يظهر منها خلال المباراة إلا ركل اللاعبين للكرة بالأقدام.
هل عودة الترجي مستحيلة؟
لا، تسجيل هدفين في شباك الأهلي أمر ممكن.
ربما ما يجب أن يعمل عليه كارتيرون في الأسبوع الذي يسبق المباراة هو تسجيل هدف يقتل به المباراة مع الضعف الواضح في دفاعات الترجي، وغياب فرانك كوم الحامي الرئيسي لدفاع أبناء باب سويقة.
كارتيرون بالتأكيد يعي أن الأخطاء المباشرة من دفاعه وحارس مرماه محمد الشناوي – الذي ظهر تألقه طوال 90 دقيقة ضد الترجي ماعدا في لقطة واحدة تسبب خلالها في ركلة جزاء – هي المسبب الرئيسي للأهداف في مرماه في المباريات الأخيرة، العمل عليها فرض على الفرنسي في الأيام الأخيرة قبل النهائي.
مقالات أخرى للكاتب
-
العنصرية بطعم أوميكرون وكرامة قارة على المحك الأربعاء، 15 ديسمبر 2021 - 13:46
-
حوار مع صديقي البراجماتي المؤيد لـ دوري السوبر الأوروبي الأحد، 18 أبريل 2021 - 20:35
-
إلى الأصدقاء في مدينة الإنتاج الإعلامي: لقد أصبح الأمر مملا للغاية السبت، 27 فبراير 2021 - 18:36
-
شيء من الخوف: ابن حميدو (الجزء الثاني) الثلاثاء، 25 فبراير 2020 - 12:59