لم يكن الرجل الأول في المهمة ولكنه بدا كذلك. جلسته الواثقة وكلماته الهادئة منحاه قدرة إجبارية على الظفر بالاحترام.. واستفاضة في الإجابة عن سؤال تلو الآخر.
- مبروك على التعادل مع الأهلي في أرضه
- مبروك!! مبروك تقلها لي على الثلاث نقاط متقلهاش على التعادل.
جاءت إجابته غاضبة وشعر لوهلة بأن طريقة الصحافي كانت ساخرة.
- قلت إنكم واجهتم الأهلي من أجل تحقيق الفوز، ولكننا لم نر الكثير من الهجمات على مرمى الأهلي؟.
- صعيب، تاريخيا وفي الماضي القريب عندما جازفنا أكثر من اللازم تضررنا أكثر من اللازم.. قبل المباراة كنا مُقبلين للفوز لكن إذا مجاش الفوز متكنش فيه مجازفة كبيرة.
لأنه إذا تجازف ضد الأهلي في مصر، أكيد ستتعرض للخسارة، جازفنا أمام الأهلي من قبل وحتى كنا في تونس ومتقدمين بهدف نظيف ثم.. تعرضنا للهزيمة.
كانت تلك كلمات معين الشعباني المدير الفني للترجي بعد التعادل مع الأهلي 0-0 في أولى جولات دور المجموعات بدوري أبطال إفريقيا، والتي ربما تشي بما هو مقبل في مواجهة الأحمر.
كان ذلك قبل 5 أشهر، والشعباني وقتها لم يكن الرجل الأول في المهمة، بل كان المدرب المساعد لخالد بن يحيى.
والآن أصبح الشعباني في منصب المدير الفني، وأمامه مهمة صعبة سيتعين عليه خوضها عند مواجهة الأهلي اليوم الجمعة في ذهاب نهائي البطولة الإفريقية على ملعب برج العرب في حضور 50 ألف مشجع.
_ _ _
بدأ الشعباني مسيرته الكروية كمدافع في ناشئين فريق أبناء باب سويقة. سرعان ما تدرج وصعد إلى الفريق الأول، قبل أن يصبح قائدا للفريق.
لم يخض العديد من المباريات كلاعب أمام الأندية المصرية، مواجهته الوحيدة كانت أمام الزمالك في يوليو 2005 التي انتهت بالتعادل 1-1 تحت قيادة مدربه المخضرم مراد محجوب.
تخللت مسيرة الشعباني انتقالات إلى الدوري التركي - رفقة أنقرة غوجو - والدوري السعودي - رفقة القادسية - قبل أن يعود لتونس مجددا ولكن هذه المرة في صفوف حمام الأنف عام 2011.
مع حمام الأنف قدم معين مستويات جيدة وحصل على فرصة المشاركة بالاستمرار ليثبت نفسه كواحد من أفضل العناصر الدفاعية بالدوري المحلي، وتواصلت الرحلة حتى أعلن اعتزاله في 2014.
بعد الاعتزال لم يأخذ صاحب المشاركة الدولية الوحيدة مع نسور قرطاج الكثير من الوقت ليقرر مصيره.. التدريب أولا ولا شيء آخر.
وحمام الأنف كان المكان الذي تمسك باستمراره، ليصبح مدربا مساعدا قبل أن يمر أقل من عام ويتواجد في منصب الرجل الأول على دكة البدلاء.
في أغسطس من عام 2015 كان الشعباني على موعد مع مواجهة منتظرة. المدير الفني سيواجه فريقه القديم بمسابقة الكأس.
التكهنات كلها تشير إلى انتصار سهل لفريق الدم والذهب، وربما تقلل من قدرة المدرب الشاب على مجابهة فريق بحجم الترجي.. ولكن الإجابة جاءت صادمة.
حمام الأنف ينتصر على شيخ الأندية التونسية ويقصيه من الكأس، والشعباني يعرب عن فرحته المضاعفة قائلا: "رددت على بعض الأطراف التي شككت في قدراتي التدريبية".
الأمر لم يتوقف عند ذلك، والصفاقسي أيضا كان ضحية جديدة لفريق الضاحية الجنوبية.
"هذا الجيل الذي قهر الترجيين واعد وقادرعلى أن يصنع العجب شرط توفير التأطير، وهو دور يقوم به بنجاح المدرب الشّاب معين الشعباني الذي ساهم بقسط كبير في الإطاحة بناديه الأم في سباق الكأس".
هكذا علقت صحيفة الشروق على نتيجة المباراة.
وفي حواره مع الصحيفة لم ينس الشعباني إظهار حزنه على تراجع نتائج فريقه الأم، وأعلنها أمام الجميع "سأعود يوما إلى الحديقة «ب» (مقر تدريبات الترجي) ربما كمدرب مساعد".
وما تمناه لم يتأخر كثيرا.. الشعباني مدربا مساعدا في الترجي بعد 8 أشهر من إظهاره الرغبة في العودة. كان ذلك في يونيو 2016 تحديدا.
ظل الشعباني دائما رجل الأوقات الصعبة. يرحل عمار السويح فيشرف هو على تدريبات الفريق ويقوده، يرحل فوزي البنزرتي يدير هو الأمور بشكل مؤقت، وأخيرا يستقيل خالد بن يحيى فيظهر معين كرجل كل الأوقات الصعبة.
بالتأكيد اكتسب صاحب الـ37 عاما الكثير من الخبرات في هذه السن الصغيرة.
العمل مع مدربين بقيمة السويح والبنزرتي وبن يحيى لا يمكن أن تمر مرور الكرام دون الاستفادة منها.
تقول صحيفة foot24 التونسية: "بعد إعلان القطيعة بين الترجي الرياضي التونسي و المدرب خالد بن يحيى تعالت بعض الأصوات مطالبة بمنح الفرصة لإبن النادي معين الشعباني وهو الذي تشبع بأصول المهنة من كبار اللعبة في تونس على غرار فوزي البنزرتي، عمار السويح وخالد بن يحيى
سبق له أن خاض تجربة ناجحة كمدرب أول مع فريق حمام الأنف حيث أقصى الترجي من سباق الكأس وأبعد النادي الصفاقسي من سباق البطولة (...) وقدم لفريق الهمهاما مجموعة من الشبان على غرار وسام بوسنينة، عمر زكري وسيف الدين المسكيني تألقوا لاحقا مع أنديتهم و المنتخبات الوطنية
المدافع السابق الذي عرف عنه الرجولة والصلابة على الميدان يعلم جيدا أنه أمام فرصة ذهبية منحها إياه جمهور الترجي لا الإدارة، لكن نفس الجمهور يمكن أن يسحب تلك الثقة من معين إذا فشل في نيل لقب رابطة الأبطال اللقب الذي لا ولن يرضى الترجيين بغيرها في سنة المئوية.
سيناريو الشعباني مع الترجي يحيلنا إلى سيناريو آخر حدث في بلد مجاور وهو الجزائر حين أخذ المدرب المساعد خير الدين مضوي المقاليد الفنية لفريق وفاق سطيف بعد إقالة السويسري ألان جيجر.
المدرب الجزائري الشاب و رغم قلة تجربته فإنه قاد الوفاق للتتويج برابطة الأبطال نسخة 2014، فهل يعيد معين الشعباني السيناريو نفسه ويقود الترجي إلى الفوز بأغلى الألقاب الإفريقية على مستوى الأندية؟".
في نسخة الموسم الماضي وأثناء عمله رفقة فوزي البنزرتي تعادل الترجي مع الأهلي 2-2 في القاهرة بذهاب ربع نهائي البطولة. الفريق التونسي كان يشعر بأن الفرصة واتته وأنه حقق نتيجة إيجابية.
ولكن الشعباني لم ينس سيناريو 2012، وحذر قبل المباراة من مغبة تسلل الشعور الإيجابي.
"نتيجة الذهاب إيجابية، لكن علينا أن نكون حذرين، حتى لا يتكرر سيناريو 2012، حين تعادلنا في ذهاب النهائي مع الأهلي فوق ميدانه (1-1)، ثم انهزمنا على أرضنا (2-1)".
واستدرك "لكنني واثق أن ذلك السيناريو لن يتكرر، بالنظر إلى المردود الطيب الذي قدمناه في الإسكندرية، حيث كنا أفضل من منافسنا، خصوصًا في الشوط الأول".
ولكن ما حذر منه الشعباني تكرر مرة أخرى والثقة تلاشت.. الأهلي ينتصر 2-1 في رادس ويُقصي الترجي من البطولة ومعه يرحل البنزرتي عن مهمته.
لم يدر الشعباني كمدير فني مع الترجي سوى مباراة وحيدة أمام بريميرو دي أجوستو الأنجولي في إياب نصف نهائي دوري الأبطال، بعد الخسارة في الذهاب بهدف نظيف.
ولكنه يملك علاقة قوية مع لاعبيه، والتعامل النفسي والذهني هو الأهم من وجهة نظره في مثل تلك المواجهات، ولذلك عليه أن يصل للاعبيه دوما أنه لا يوجد لاعب بديل وآخر أساسي.. الأمر يشبه بعض الشيء ما يفعله باتريس كارتيرون مع لاعبي الأهلي.
يقول الشعباني خلال المؤتمر الصحفي بعد الانتصار على منافسه الأنجولي والتأهل للنهائي "أكدت للاعبين قبل انطلاق المباراة أن أي لاعب سيشارك يمكن أن تكون بطاقة التأهل بين أقدامه وليس بالضرورة أن يكون أساسيا".
وواصل "بالفعل البدلاء أحدثوا الفارق في وقت قاتل، وأعتبر أن كل اللاعبين دون استثناء ساهموا في هذا التأهل إلى الدور النهائي".
"اللاعبون هم الأبطال وهم من صنعوا هذا التأهل ولذلك أوجه إليهم شكرا كبيرا وتحية من القلب وإن شاء الله القادم أفضل".
ولم ينس أيضا الدفاع عن حارسه رامي الجريدي رغم الأداء الكارثي الذي قدمه حارس المرمى في مباراتي نصف النهائي والتي كادت تودي بفريقه خارج المنافسة.
"الجريدي وقع في بعض الأخطاء خلال مواجهة بريميرو لكن يجب ألا ننسى أن الهجمة التي تسببت في هدف صعود الترجي للنهائي القاري، انطلقت من الحارس رامي الجريدي".
وتابع الشعباني "الجريدي ومعز بن شريفية جاهزان تمامًا لحماية عرين الترجي التونسي، يوم الجمعة المقبل، أمام الأهلي المصري، في ذهاب نهائي دوري أبطال أفريقيا".
"لن نفرط في التتويج القاري، وسنبذل كل ما لدينا، من أجل الحصول على هذا اللقب، الذي يستحقه الترجي التونسي".
هكذا أكد الشعباني، ولكن الأكيد أنه لن يجازف أمام الأهلي في لقاء اليوم.. لأنه إذا تجازف ضد الأهلي في مصر، أكيد ستتعرض للخسارة.
اقرأ أيضا:
لا تخف.. اترك الحبل واقفز مثل الطفل ستصل إلى القمة - الأهلي ضد الترجي
إلى لاعبي الأهلي.. دروس من مواجهتي الوداد قبل لقاء الترجي
صالح جمعة: لا أفكر في الاعتزال.. إما الأهلي أو الاحتراف في البرتغال
صالح جمعة: البدري أكثر مدرب ساندني في مشواري
حكم نهائي إفريقيا – اتهمه الأهلي بـ"التلاعب" بعد طرد الـ 40 ثانية.. وشاهد على "نكسة الصفر"