كتب : زكي السعيد
على ملعب هامبدن بارك، وقبل ثواني قليلة من انتهاء الشوط الأول لنهائي دوري أبطال أوروبا 2002، أرسَل سانتياجو سولاري تمريرة أمامية ماكرة لزميله روبيرتو كارلوس الذي هيّأ كرة علوية صعبة الترويض، قابلها زيدان بتسديدة يسارية.. تُدعى هدف القرن.
الأخير كان مدربا لريال مدريد قبل أسابيع، والأول قد يشغل المنصب نفسه في ظرف ساعات.
واحدة من العبارات الجميلة التي قيلت في حق سولاري، أنه كان "بشريا يتمتع بأهمية كبيرة بين مجموعة من الخارقين".
فريق ضم لويس فيجو، زين الدين زيدان، رونالدو، راؤول جونزاليس، كارلوس، وبقية الكتيبة الغنية عن التعريف.. لم يكن سكولاري ليتمتع بكثير من الصيت والنجومية بين تلك الأسماء بالطبع.
204 مباراة و22 هدفا هو السجل الرقمي لـ سولاري مع ريال مدريد منذ استقدامه من أتليتكو عام 2000، وحتى رحيله إلى إنتر عام 2005.
جناح أرجنتيني أعسر، يتمتع بمهارة ودقة تمرير وقدرة مميزة على التسديد بالقدمين، كان بمثابة اللاعب رقم 12 في فريق يعج بالنجوم بكثير من الأحيان.
في نهائي دوري أبطال أوروبا 2002، لعب سولاري في خط وسط رباعي مكون من كلود ماكاليلي، لويس فيجو، زين الدين زيدان.. وليس سرا أن تلك التركيبة تركت حملا دفاعيا كبيرا عليه، في معاونة كارلوس على الجناح، وفي تغطية عمق الملعب مع الفرنسي القصير، وتلك المرونة تعطينا نبذة واضحة عن شخصية سولاري اللاعب.
يقول سولاري عن راؤول جونزاليس أحد اللاعبين الذين جاورهم في تلك الفترة: "إنه يجمع كل القدرات الخاصة بمركز المهاجم دون أن يكون الأفضل في أيٍ منها، لم يمتلك أبدا قوة دروجبا، ولا سرعة إيتو، ولا قدرات هنري، ولا رأسيات مورينتس، ولا تسديدات فييري وباتيستوتا. إلا أنه نجح في التفوق على كل منافسيه الأوروبيين الذين عاصرهم.
ريال مدريد كاستيا
في صيف 2016، بعد 6 أشهر من تصعيد زيدان لتولي تدريب الفريق الأول، بات سانتياجو سولاري مدربا جديدا لريال مدريد كاستيا بغية العودة بالفريق لدوري القسم الثاني.
الرجل الأرجنتيني الملقب بالـ Indiecito، أي "الهندي الصغير"، لم يخض أي تجارب تدريبية حقيقية قبلها، واكتفى بقضاء بعض الوقت في الإشراف على فرق الناشئين في ريال مدريد.
وعلى الرغم من اقترابه للغاية من تولي تدريب النادي الأكثر نجاحا في أوروبا، إلا أنه كان مهددا بالإقالة من منصبه كمدرب للكاستيا قبل عام من الآن.
الفريق الرديف لريال مدريد بدأ دوري القسم الثالث للموسم الماضي بشكل كارثي، وفاز بمبارتين فقط في أول 11 جولة.
انطلاقة لم تتكرر في الموسم الحالي، إذ فاز مؤخرا في 5 مباريات وتعادل في 4 بأول 9 أسابيع من المسابقة.
أفكاره
يفضّل المهاجم ذو الأسلوب الإيطالي
يقول سولاري: "هنالك أشكال مختلفة من الهدافين. بعضهم يتميز بالقوة أو بكثير من المهارة، أو بتسديدات رائعة، آخرون يستغلون طولهم أو مقوماتهم البدنية، وهناك من يمتلكون ضربات رأسية عظيمة".
ويواصل: "وعلى جانب آخر، هناك هذا المهاجم الذي لا يُظهِر أي تميز على أي صعيد قادرة على أخذ نظر المشاهد، مهاجمون لا يتمتعون بالكثير من السمات. إلا أنهم يمتلكون المهارة الأكثر ندرة، المهارة صعبة المنال: التهديف".
ليس خفيا إذا مدى إعجاب سولاري بالمهاجمين الحاسمين داخل منطقة الجزاء، دون أن يمتلكوا مهارة كبيرة بالقدم بالضرورة، فهل يمتلك هذا النوع من المهاجمين؟
يكره الإحصائيات الكاذبة..
يقول سولاري: "استخدام الإحصائيات هو واحدة من الأدوات التي اكتسبت أهمية كبيرة مؤخرا في تحليل المباريات وتغطيتها. ولكن دون فهم قيمة تلك الإحصائيات، فمن الممكن أن تؤدي إلى استنتاجات زائفة وعدم فهم سليم لمجريات المباريات".
مضيفا: "على كرة السلة والبيسبول، فكرة القدم رياضة يصعب تلخيصها في بضع إحصائيات. في كرة المضرب على سبيل المثال، نسبة الإرسال الأول أو الضربات الحاسمة تكون مؤثرة. وفي رياضات أخرى، الإحصائيات تفصل بوضوح في هوية الفائز. ولكن كرة القدم ترفض أن تفسر نفسها وتصر على رفع علم الرومانسية".
ويواصل سولاري: "على سبيل المثال، عدد التسديدات التي قام بها فريق لا تمت بعلاقة مباشرة مع مقادر الخطورة الذي خلقه هذا الفريق، لأنها يمكن أن تنتهي جميعا في المدرجات".
"وحتى التسديدات بين إطار المرمى لا تجيب كثيرا على نفس التساؤل، لأنها لا توفر اتجاه أو قوة التسديدة".
"في دوري أبطال أوروبا، يظهرون إحصائية اللاعبين الأكثر ركضا في المباراة، دون أن يحددوا مدى جودة تلك الانطلاقات وإفادتها".
"كيف يمكنك أن تمثّل سيطرة زيدان على الكرة في صورة إحصائية؟ هناك مثل شهير يقول: الأكاذيب مقسمة إلى 3 مستويات: أكاذيب، أكاذيب كبيرة، إحصائيات".
رؤيته للمدربين
يقول سولاري: "يمتلك المدربون أسلوبين في التدريب والتعبير عن أفكارهم. الطريقة الأولى هي المباشرة، يصدرون الأوامر، يوحدون أسلوب اللاعبين ويجعلون تصرفاتهم آلية. يحرصون على تقليل عدد الأخطاء. أساليبهم تعتمد على الكثير من التكتيك، ومحاولة تنبؤ بكل ما يمكن أن يحدث خلال المباراة".
"مارسيلو بييلسا وكلاوديو رانييري يمثلان تلك المجموعة من المدربين، باتجاهين مختلفين، فـ بييلسا يكرّس طاقته لتنظيم الهجوم. ورانييري يركّز على الدفاع".
ويستدرك سولاري: "وعلى النقيض، هناك مدربين لديهم ثقة في اللاعب، ويوفرون له قدرا من الحرية، يسمحون له بالتحرك بشكل غير نسقي. فيسنتي دل بوسكي ورامون دياز يمثلان تلك المجموعة، بدلا من فرض أمر والإصرار عليه، يضع خطة تحترم خصائص اللاعبين. في العموم، يكون هذا المدرب أكثر ميلا للتشاور مع اللاعبين، يستمع ويقتنع. يتسامحون مع قدر من ارتجال اللاعبين. واللاعبون يجدون قدرا من السهولة في هذا الأسلوب".
ولو طبقّنا الأمر على ريال مدريد في السنوات الماضية، نجد جوزيه مورينيو مثالا للنوع الأول، وكارلو أنشيلوتي وزين الدين زيدان مثالا للنوع الثاني.
فأي النوعين سيعتنق سولاري "المدرب"؟
من الكاستيا إلى الفريق الأول
في السابق، ومن تأسيس فريق ريال مدريد كاستيا عام 1930 تحت مسمى "بلوس أولترا"، تم ترقية 4 مدربين من الكاستيا للفريق الأول، ومصائرهم كانت متناقضة.
أولهم كان ميجيل مونيوث الذي تولى في وقت عصيب بنهاية موسم 1959\1960، ومضى ليدرب ريال مدريد 14 عاما (الولاية الأطول في تاريخ النادي) ويصير المدرب الأكثر نجاحا بين كل من سبقوه وخلفوه.
أما الثاني فكان أمانثيو أمارو الذي فاز بدوري القسم الثاني مع ريال مدريد كاستيا موسم 1983\1984، وتم تصعيده لتولي تدريب الفريق الأول مع مطلع الموسم التالي، إلا أنه أدخل الفريق في سلسلة نتائج كارثية وعقم تهديفي هو الأطول في تاريخ الفريق بـ495 دقيقة متتالية، لتتم إقالته قبل نهاية الموسم.
الثالث كان اضطراريا في موسم 2005\2006، وهو خوان رامون لوبيز كارو، إذ تولى في ديسمبر خلفا للبرازيلي فانديرلي لوكسمبورجو، وظل في منصبه مؤقتا حتى نهاية الموسم.
بينما الرابع فلا طائل من التذكير به، إذ لم يمر كثير من الوقت على ثلاثيته التاريخية في دوري أبطال أوروبا: زين الدين زيدان.
على ذِكر زيدان
تصعيد سولاري –إن حدث-، فسيكون مستندا على تجربة أسطورية ناجحة لزيدان لم يمر عليها سوى بضعة أسابيع، ولكن هل يمتلك سولاري المقومات التي سمحت لزيدان بتغطية نقص خبرته وعدم ضلوعه الخارق في التكتيك –بالنظر لما حققه-.
زيدان امتلك شخصية فريدة وقوية ونجومية لا يقدر أي لاعب على التغاضي عنها، مكّنته من فرض سيطرته على غرفة خلع الملابس منذ اليوم الأول وحتى الأخير.
الآية قد تكون عكسية حتى مع سولاري، فربما لا يرحب به اللاعبون كثيرا، إذ لم يفقد جولين لوبيتيجي تعاطف غرفة خلع الملابس حتى اللحظة، عكس وضعية رافا بنيتيث الذي كان رحيله إجباريا على ذلك الصعيد.
أما المعيار الذي لا يجب الاحتكام له، فهو نتائج سولاري مع الكاستيا وعدم نجاحه في الصعود بالفريق على مر موسمين، لأن زيدان نفسه لم يكن قد حقق نتائج لافتة للنظر مع ريال مدريد كاستيا، ولم يترك بصمة تكتيكة كبيرة معه تعبّر عن فكر كروي مؤثر.
اقرأ أيضا:
فرج عامر يعلن عبر في الجول استقالة علي ماهر من سموحة
قائمة الزمالك – تواجد الونش رغم الإصابة.. وغياب أحداد أمام الإنتاج
تقرير تونسي: فرجاني ساسي و3 لاعبين هم سبب إقالة البنزرتي من تدريب المنتخب
ماركا: إقالة لوبيتيجي خلال ساعات.. سولاري يستعد لقيادة ريال مدريد
اتحاد الكرة يعلن قرارات اجتماعه.. "تكليف جديد لعبد الغني وودية البرازيل"