"ابتعدت عن الاحتجاج والتقطت ليمونة من الأرض وسرت بها خلسة ولم يلحظني كوتشياروني، وضعتها تحت الكرة وفجأة ارتج الملعب بهتاف جمهور ميلان: ليمونة! ليمونة! ضاعت الركلة وفزنا وركضت مسرعا خارج الملعب أنقذ روحي".
دربي الغضب.. 1957-1958
هي قصة عجيبة. قصة ليمونة. منحت إنتر ميلان الفوز في الدربي على الجار اللدود ميلان، في واحد من لقاءات لا تنسى من الدربي الذي كان على مدار عقود الأقوى والأعنف على وجه الكرة الأرضية.
"السم" أو بينيتو لورينزي كان على موعد مع ليلة استثنائية، حفرت اسمه في جدار خالد من أبطال دربي ديلا مادونينا. ليلة ظلت عالقة كالغصة في حلقه لسنوات حتى طلب العفو والغفران.
مضى عقد وأكثر على ارتداء لورينزي للقميص الأزرق والأسود بعدما انتقل في 1947 من إمبولي مقابل 12 مليون ليرة.
أسلوبه القتالي في الملعب وكأنه في ساحة معركة بالحرب العالمية جعلت جمهور النيراتزوري يعشقه بجنون، كان مهاجما جذابا بأدائه الفاتن والذي جعله ضمن أساطير إنتر بـ138 هدفا سجلها في أكثر من 300 مباراة شارك بها.
لا تستطيع التنبؤ بما سيفعل، رغبته في الفوز لا تنقطع مثل الهواء الذي تتنفسه رئته. حيويته وتطلعه للحياة جعل أمه تطلق عليه "veleno" أو "السم".
اسم كان صداه مدويا في ملعب جوسيبي مياتزا، أو سان سيرو كما يحب عشاق ميلان تسميته.
6 أكتوبر 1957
أجواء حماسية مشتعلة كالعادة في قلعة جوسيبي مياتزا، إنتر صاحب الملعب وجمهوره أكثر ومركزه في ترتيب الدوري أفضل من ميلان ويقوده "السم".
والحكم الذي سمع كل من في الملعب صراخ جمهور ميلان إلا هو كان كونكيتو لوبيلو.
مع اقتراب مضي ساعة على انطلاق اللقاء اقتحم لورينزي منطقة جزاء ميلان وسقط وكان خطأ واضحا. منح المدافع جيدو فينشينزي فريقه الأسبقية، وكما هي العادة ذلك الوقت في إيطاليا، الدفاع ثم الدفاع فالدفاع لننهي اللقاء بهذه النتيجة.
سندافع حتى لو هناك 36 دقيقة متبقية!
لكن يشاء القدر أن بعد 3 دقائق فقط قام جيورجيو بيرنارديني بعرقلة بيبي شيافينو لاعب ميلان ليشير الحكم صوب النقطة مانحا ميلان ركلة جزاء أمام المرمى الذي يجلس خلفه الميلانيستا.
أصاب القرار لاعبي إنتر بالذهول وأحاطوا بالحكم وكادوا يفتكون به وبات الملعب فوضى واشتعل حماس جمهور ميلان. تمسك لوبيلو بقراره لكن فقد السيطرة على ما يحدث في الميدان.
أما لورينزي، فطرأت في عقله فكرة شيطانية وهو يرتشف بعض الماء. ذهب إلى جانب من الملعب والتقط ليمونة غير كاملة رماها فرد من المدرجات.
يحكي "سرت والليمونة في يدي، رأيت كوتشياروني (لاعب ميلان) ينظر على يمينه إلى الحكم. بخبث وضعت الليمونة أسفل الكرة، لكن ويحي! جمهور ميلان رآني وكان صياحه شديدا يصم الآذان. يا إلهي! أخذوا يرددون الليمونة! الليمونة!".
"سدد كوتشياروني الكرة فوق المرمى بحوالي ستة مترات. انتهى اللقاء وفزنا. غادرت الملعب مسرعا لأن عددا من الجمهور دفعه الغضب للقفز داخل الملعب، ركضت صوب غرفة الملابس".
من حضر تلك المباراة روى أن لورينزي احتضن حارس مرماه بعد ضياع الركلة وأثناء الاحتفالات وضجيج فرحة جمهور إنتر يملأ الملعب قام لورينزي بركل الليمونة بعيدا.
الخداع الذي شعر به لاعبو ميلان منع اللقاء من الوصول إلى بر الأمان بعد إطلاق الحكم لصافرته، في النفق المؤدي إلى غرف الملابس تعارك لاعبو الناديين. أين لورينزي؟ لقد غادر الملعب!
انتهى الحدث الدرامي وختم ميلان الموسم في مركز أفضل من إنتر وكان يوفنتوس البطل.
أما لورينزي، فكلما تذكر الواقعة شعر بالذنب والمرارة. كيف لي أن أخدع آلاف خلفوا كل شيء ورائهم من أجل الحضور في الملعب أملا في فوز عادل لفريقهم!
بعد سنوات من المباراة قرر لورينزي التكفير عن خطيئته فهذب إلى الكنيسة للاعتراف!
لورينزي: أبي، أريد أن أقر بذنب عظيم
القس: بينيتو بني، رحمة الرب تسع كل خطايا ولد آدم
كان القس يعرف بينيتو جيدا، فهو مشجع لإنتر!
وبعدما أخرج لورينزي ما في صدره وابتل وجهه بدموعه غفر له القس مباشرة ما فعله في تلك الليلة بليمونة.
ليمونة خطف بها إنتر الدربي وزاد بها عشق كل إنتريستا للورينزي وصار بغض جمهور ميلان لبينيتو أعظم وأعظم.
*القصة من موقع football-italia.net