ديديه ديشامب.. 15 عاما و3 تجارب لكتابة التاريخ مع فرنسا
الإثنين، 15 أكتوبر 2018 - 16:58
كتب : إسلام مجدي
"ديديه دائما ما يجد الجميع ضده، هو يحب التحدي، كما أنه شخص ذكي ولديه ردة فعل مناسبة للغاية". جيان بيتيت مساعد ديديه ديشامب السابق في موناكو.
دائما ما يحتاج إلى حافز، لطالما اقترب من النجاح في مسيرته كمدرب لكنه لم يظفر به قط حتى لحظة معينة كتب خلالها التاريخ وصفق له العالم.
في كأس العالم 1998، كشف ديشامب عن أن شقيقه توفى وهو في الـ19 من عمره عام 1987، وأنه كان يحبه كثيرا ويعتبره مثله الأعلى وتمنى لو كان موجودا ليخرج معه في رحلة صيد. لكن الحياة لم تمنحه أكثر من فرحة المونديال.
كأس العالم 2018
المشهد معروف للجميع، فرنسا بطل العالم مجددا، حققها كلاعب والآن ديشامب يفعلها كمدرب، يحمل الكأس وعيناه تلمع من الفرح الكبير بالإنجاز التاريخي.
سؤال من صحفي "لو باريسيان :"في 1998، قوتك أتت من وفاة شقيقك عام 1987 وقلت إنك استلهمت قوتك من ذلك الأمر ما الذي ألهمك في نهائي 2018؟"
ديشامب :"تتعلم مع الوقت التعايش مع فاجعتك، تلك اللحظات مؤلمة للغاية، قبل يورو 2016 مباشرة خسرت شقيق زوجتي وكان مهووسا بكرة القدم ومتشوق لرؤية تجربتي تنجح مع فرنسا، كان في غاية الحماس، الحياة تأخذ الناس بعيدا عنا، لكنها تمنحنا أشكالا غير متوقعة من القوة".
لعل أبرز ما قيل عن ديشامب هو أن شخصيته عنيدة وقوية للغاية، ولسانه مثل الخشب كما قال بابي ضيوف رئيس مارسيليا السابق في الفترة من 2005 وحتى 2009.
في الماضي ومع بداياته كان المثل الأعلى لديشامب في التدريب هو الثنائي أمي جاكيه مدرب فرنسا 1998 والذي توج بطلا للعالم معهم، ومارشيللو ليبي مدربه السابق في يوفتوس.
تحدث ديشامب سابق حول قدرة جاكيه الرائعة في إدارة اللاعبين، وليبي في قدراته التكتيكية وإمكانية المزج بينهما ليخرج لنا بطل العالم في 2018.
"كل شيء تمر خلاله يجب أن يتناسق مع الطريقة التي تلعب بها والأفكار الخاصة بك، لن تكون قادرا اليوم على فعل ما كان يفعله المدربون في الماضي حينما كنت لاعبا، أقول شيئا لابني فيخبرني أنني من الطراز القديم، عليك أن تعيش في وقتك، الحاضر". ديديه ديشامب.
2002-2003
فور اعتزال ديديه ديشامب كرة القدم، وفي عام 2001 تولى تدريب النادي وفي موسمه الأول احتل المركز الـ14 في جدول الترتيب كان على بعد 3 نقاط من الهبوط، وديشامب دخل في خلاف مع ماركو سيميوني لاعب الفريق.
الكثير من الشكوك ساورت جيان لويس كامبورا رئيس النادي في ذلك الوقت، لكنه فضل استمرار ديشامب أخيرا وعدم إقالته، بشرط الموافقة على العمل مع الثنائي جيان بيتيت وجيان لوك إيتوري.
قال جيان بيتيت عنه :"موسمه الأول كان كارثيا، اللاعبون والقادة الجميع كان ضده".
بعد ذلك قال هنري بيانتشيري المدير الرياضي للنادي :"ديديه ديشامب لم يعد يعرف الكرة الفرنسية، وربما قلل منها، لكنه أصلح الموقف".
تطلب الأمر وقتا لمدة موسم لكي يعرف ديشامب جيدا المشاكل كلها، ويعي حقيقة التغير الذي يطرأ على فرنسا، لكنه كان عصبيا وحادا في طريقه للتعلم، إذ قال ذات مرة بعد الفوز بكأس الرابطة عام 2003 :"المدرب يتواجد فقط في منصبه بفضل النتائج ودائما يتم توجيه اللوم له".
خلال موسمه الثالث اعتمد على مجموعة من اللاعبين وصفهم بـ"رجاله"، كان يحاول إيجاد التعطش للفوز بالألقاب، بجانب وضع طريقة لعب هجومية مميزة، وخاصة من الأطراف، الجانب الأيمن تميز بالثنائي جايل جيفيت ولودوفيك جيولي، والأيسر كان به الثنائي باتريس إيفرا وجيروم روثين، بجانب فيرناندو مورينتس شاباني نوندا ودادو برسو.
كان متسقا مع سياسة النادي باستخدام اللاعبين الشباب والتروي في ضم لاعبين، دوما هدف موناكو كان بناء فريق شاب طموح يحقق الألقاب.
قال ديشامب عن فريقه ذلك :"فريقي الصغير يقدم عملا رائعا، لديهم خبرة قليلة للغاية، لكنهم يعرفون ما يفعلونه، إنها أول مرة لهم في دوري أبطال أوروبا، لا يمكنك أن تعلم كيف يشعر اللاعب الصغير باللعب في ذلك المستوى في بطولة مثل هذه".
وتابع :"سيثبتون أنهم يستحقون اللعب هنا، يوجد الكثير ممن يستبعدوننا ويقولون إننا لن نفعل شيئا، والكثير من الأحاديث خارج الملعب، لكننا سنواصل العمل الجيد".
شارك موناكو في دوري أبطال أوروبا، وكانت أخر مرة شارك فيها الفريق الفرنسي في البطولة بموسم 2000-2001، وودعها من دور المجموعات الأول.
مغامرة الفريق الفرنسي وكتيبة ديشامب استمرت حتى وصل إلى نهائي دوري أبطال أوروبا، ووقتها واجه فريق بورتو ومدربه الشاب جوزيه مورينيو وصدام كبير بين الطموح حسمته هجمة شهيرة لبورتو لا يمكن إيقافها، موقف 3 ضد 3، ليخسر ديشامب النهائي.
ديشامب قال بعد اللقاء:"أدعم ذلك المشروع الطموح لموناكو بكل الطرق، سنستمر في مغامرتنا، سنحاول الحفاظ على وجود تشكيل تنافسي، وأن نحتفظ باللاعبين الذين لدينا مثل روتين وجيولي".
الغريب أنه في صيف 2004 الثنائي كان قد رحل، روتين إلى باريس سان جيرمان، وجيولي إلى برشلونة، ديشامب نفسه رحل بعد ذلك إلى إيطاليا لتدريب يوفنتوس في 2006.
ودخل موناكو في دوامة كبيرة من المشاكل الإدارية والفنية ليهبط في موسم 2010-2011 للدرجة الثانية، قبل أن يقوم ديمتري ريبولوفليف الملياردير الروسي بشرائه في ديسمبر 2011 ويقوم كلاوديو رانييري بإعادة النادي إلى دوري الدرجة الأولى مرة أخرى.
مغامرة موناكو انتهت بالنسبة لديشامب في سبتمبر 2005، ليرحل بسبب سوء النتائج وتوديع دوري أبطال أوروبا من المراحل الإقصائية بعدما فاز بكأس الرابطة والدوري مع فريقه.
وخلال كأس العالم 2006 استمر ديشامب في العمل كمحلل في القنوات وإذاعة آر إم سي، كل يوم اثنين لمدة نصف ساعة وكان يتحدث دوما عن الكرة الإيطالي وناديه السابق يوفنتوس غير عالما أنه سيكون محطته المقبلة.
العودة إلى يوفنتوس
في نهاية موسم 2005-2006 وبعد فضيحة الكالتشيو بولي، هبط يوفنتوس إلى الدرجة الثانية، وقرر النادي تعيين ديشامب مدربا له في يوم 10 يوليو 2006.
لم يعاقب يوفنتوس وقتها بالهبوط للدرجة الثانية فقط، بل أيضا بخصم 17 نقطة من نقاطه وتم تقليصها إلى 9 بعد ذلك في شهر أكتوبر.
فضل عدد من نجوم يوفنتوس البقاء مثل بوفون وماورو كامورانيزي وديفيد تريزيجيه وبافل نيدفيد وأليساندرو ديل بييرو.
التعافي مع ديشامب كان سريعا، ونجح أخيرا في العودة للدوري الإيطالي، وبعد العودة مباشرة، اجتمع مع أليسيو سيكو المدير الرياضي للنادي ودخل في خلاف كبير، انتهى برحيله بعد موسم وحيد.
قال ديشامب بعد ذلك لشبكة "سكاي سبورتس" :"لقد كانت غلطة أن أرحل عن يوفنتوس، إن عدت في الزمن، فلن أرحل، العودة إلى إيطاليا ويوفنتوس؟ الأمر دائما ممكن، حتى لو نادي آخر غير يوفنتوس، لن تعلم أبدا ما سيحدث".
وعاد ديشامب مرة أخرى لساحة التحليل، وعبر عن رغبته أكثر من مرة في العودة للتدريب.
يوليو 2012
في مايو 2009 عاد ديشامب للتدريب خلفا لإريك جريتس، تولى المهمة بعد وفاة روبرت لويس دريفوس حامل أسهم في النادي ورحيل بابي ضيوف رئيس النادي السابق. الثنائي المسؤول عن توليه المهمة.
فور توليه المهمة قرر ضم لاعبين أصحاب خبرات مثل لوتشو جونزاليس وجابريل هاينز وسليماني دياوارا. وسرعان ما تحسنت معه النتائج، وفاز بكأس الرابطة. وكان ذلك هو اللقب الأول لمارسيليا منذ 17 عاما.
وفاز بجائزة فرانس فوتبول كأفضل مدرب في فرنسا عام 2010 وهي ذاتها التي فاز بها عام 2003.
وفي بداية الموسم التالي فاز بلقب السوبر ضد باريس سان جيرمان كما تأهل لدور الـ16 من دوري أبطال أوروبا لأول مرة منذ 11 عاما، بجانب ضم لاعبين مثل أندري بيير جينياك ولويك ريمي لتعويض رحيل نيانج وحاتم بن عرفة.
جدد ديشامب عقده حتى صيف 2014، وأنهى شائعات توليه تدريب تشيلسي وروما، وحافظ على لقب كأس الرابطة بعد الفوز ضد مونبلييه، وأصبح المدرب الأكثر نجاحا في البطولة.
في بداية موسم 2011-2012 فاز بلقب السوبر ضد ليل، وحاول أن يلعب بطريقة هجومية جديدة، ما أثر أكثر على الدفاع.
"مع كل الطاقم التدريبي قمنا بالكثير من العمل خلال الصيف لتطوير أسلوب اللعب، وزيادة الإنتاج في المباراة، أعلم أن تلك كانت مخاطرة، وبعض اللاعبين تم دفعهم للعب في الخط الأمامي، وسبب ذلك عدم توازن حينما تخسر الكرة".
ساءت النتائج كثيرا بل استمر الفريق في 13 مباراة في الدوري بدون انتصار، وابتعد عن الأماكن المؤهلة لدوري الأبطال، لكنه حقق إنجازا تاريخيا لم يحدث منذ 21 عاما بالتأهل لربع النهائي.
في شهر يوليو قرر مارسيليا إقالة مدربه، بعد قرار من خوسيه أنيجو المدير الرياضي للنادي الفرنسي. وحصل على تعويض بقيمة 900 ألف يورو.
لنصنع المجد مع فرنسا
رحل لوران بلان من منصبه كمدرب للمنتخب الفرنسي، عين الاتحاد الفرنسي ديشامب بعقد يمتد لعامين وقابلة للتجديد إن تأهل لكأس العالم 2014 في البرازيل.
أراد ديشامب أن ينهي فضيحة كأس العالم 2010 مع ريموند دومينيك، بجانب الجدل الذي أثير في بطولة يورو 2012، الكثير من المشاكل ضربت منتخب فرنسا قبل توليه المهمة.
قال ديشامب الصغير في وقت سابق :"أحب اللعب، ولدي بعض قمصان كرة القدم، أشاهد منتخب فرنسا في التلفاز أحيانا، لكن كلاعب كرة قدم، لم تكن تلك وظيفة، أفضل ارتداء القميص واللعب لفرنسا عوضا عن مشاهدتها".
فور توليه المهمة قال :"آمل أن يسير الجميع في نفس الاتجاه الجماعي، بروح المجموعة والعقلية، إن حاول لاعب أن يعرض هذه القيم للخطر، فسأتصرف معه".
"لم يعد مسموحا للاعبين أن يرتكبوا الأخطاء".
في 15 عاما كمدرب لأندية موناكو مارسيليا ويوفنتوس، تعلم ديشامب كيف يتكيف على الأوضاع، أن يعي جيدا حقيقة تطور العصر من حوله، والضرورة القصوى لتحقيق الإنجازات للاستمرار في منصبه.
عمد لتطبيق فلسفة معينة في المنتخب، إذ أن أي لاعب تم استدعاؤه للمنتخب، جلس مع ديشامب وتحدث معه على انفراد لفترة، ويخبره عن رأيه فيه والعكس، ويسمعان من بعضهما البعض وما يتوقعانه للمستقبل، حينما ينضم اللاعب للمنتخب مرة تحت إمرته، فنظرته فيه تتغير للأبد.
ديشامب وضع دستورا وميثاقا للاعبيه في اليوم الأول لتوليه المهمة، وهو يحرص أن يسيروا وفقا له طوال فترة تواجدهم في معسكر المنتخب.
"سلوكك وتصرفاتك وكلماتك تشكل صورتك لأنها تظهر للعامة بواسطة الإعلام، وهو أمر لا يمكن تجنبه وجزء أساسي في رحلتك، ينقلون الصورة التي تظهرها للعالم أجمع، لذا كن محترفا معهم أيضا".
حاول ديشامب الفوز بلقب يورو 2016، لكن ذلك لم ينجح معه. قوال إن تلك الخسارة ستقوده للفوز بكأس العالم.
"سنكتشف بعد عامين، عليك أن تكون حذرا في الرياضة، حينما تفوز ببطولة كبيرة يمكنك أن تخفق إخفاقا كبيرا، شخص ما قال لي ذلك منذ فترة، اليوم التالي لنجاحك صعب للغاية دائما، تطلب مني 6 أشهر لكي أقف على قدمي مجددا بعد الفوز بكأس العالم 1998".
مسيرة ديشامب مع فرنسا تسير بخطى ثابتة، ربما أخفق في الفرصة الكبيرة عام 2016، لكنه ظفر بفرصة أكبر في 2018.
"لا أفكر بعيدا، لا نريد أن يؤخذ منا كأس العالم، لكن هناك 4 أعوام أخرى لتحقيق ذلك الأمر، عقدي ممتد حتى 2022، وهذا أمر جيد كما هو، لست قلقا حيال وضعي، لم أكن قلقا في كأس العالم، أثق في لاعبي وقدراتنا".
اقرأ أيضا:
أوزيل.. مسيرة من ارتباك الحالة المزاجية
أبو ريدة: لن يتم تطبيق قرار لاعبي شمال إفريقيا في يناير.. الدوري يجب أن يستمر بشكله الحالي
عضو مجلس المصري: أزمة الجزيرة لا تحدث في الدورات الرمضانية
تقرير: إضافة 5 لاعبين جدد بقوائم الأندية المشاركة بالبطولة العربية
أولمبياد الشباب - فيديو.. "قصة شعر" لاعبة كادت تسبب في ضياع الفوز بالذهبية