في ذكرى ميتسو – عندما استخدم بيليه ليقهر فرنسا بفريق احتياطي

"عندما قرأت تعليقات بيليه بأن السنغال أضعف فرق المجموعة لاحظت على الفور ثورة في أعين اللاعبين، كنت أعرف أنهم سيقاتلون مثل الأسود".

كتب : أمير عبد الحليم

الإثنين، 15 أكتوبر 2018 - 00:30
ميتسو مع منتخب السنغال في 2002

"عندما قرأت تعليقات بيليه بأن السنغال أضعف فرق المجموعة لاحظت على الفور ثورة في أعين اللاعبين، كنت أعرف أنهم سيقاتلون مثل الأسود".

31 مايو 2002 في سيول عاصمة كوريا الجنوبية، فجرت السنغال مفاجأة مدوية في أول مشاركة في كأس العالم في تاريخها.

فاز أسود التيرانجا تحت قيادة المدرب الفرنسي برونو ميتسو على فرنسا بطل العالم وأوروبا 1-0.

تعرف العالم في هذا اليوم على أسماء مثل الحاجي ضيوف وهنري كمارا وخاليلو فاديجا وأليو سيسيه وتوني سيلفا ومسجل الهدف بابا بوبا ديوب، وخلف كل هؤلاء الذين شكلوا الجيل الأعظم للسنغال وقف برونو ميتسو.

الأقرب للحقيقة هو أن ميتسو كان يقف وسط لاعبي السنغال، لأنه كان صديقهم قبل أن يكون قائدهم، وعن ذلك قال: "أحب أن أعطي اللاعبين الكثير من الحرية داخل الملعب وخارجه، أنا صديقهم ولدي اتصال سلس معهم دون عوائق".

وتابع "هناك الكثير من العمل بيننا لأن كونك صديقا للاعبين لا يحقق النتائج فقط".

ولهذا لن يكون غريبا عليك، عندما تعرف أن ميستو قرر إيقاف المباريات الودية لمنتخب السنغال قبل كأس العالم عندما أخبره اللاعبون بمعاناتهم من الإجهاد بعد مواجهة غينيا.

قبل هذا التاريخ، كان ميتسو بالفعل وطد علاقته بلاعبيه بل والشعب السنغالي كله. فالمدرب الفرنسي الذي لم يمتلك الكثير في سيرته الذاتية قبل تدريب أسود التيرانجا نجح في الوصل لنهائي كأس الأمم الإفريقية 2002 لأول مرة في تاريخ البلاد وخسر بركلات الترجيح من الكاميرون.

حصل ميتسو على لقب "الساحر الأبيض" من الصحافة في السنغال وتلقى استقبال الفاتحين بعد العودة من مالي، وفي مارس تزوج من سيدة سنغالية واعتنق الإسلام ليغير اسمه إلى "عبد الكريم ميتسو".

القصة الكاملة

وجاء الدور على التحدي الأكبر في كأس العالم، ولم تكن هناك بداية أصعب من مواجهة منتخب بلاده فرنسا في المباراة الافتتاحية للمونديال.

قبل إنطلاق كأس العالم، وصفت مجلة "وورلد سوكر" العالمية منتخب فرنسا بصاحب التشكيلة الاستثنائية، وكتبت عنه "لديهم أفضل فريق مكون من أفضل اللاعبين، إنه حقا استثنائي، ولا يبدو أن لديهم أي نقاط ضعف في الجزء الأمامي، معظم الفرق لديها لاعب أو اثنان أو ثلاثة رائعين، لكن فرنسا لديها فريق كامل مليء باللاعبين الممتازين".

في المقابل، كان منتخب السنغال يضم 21 لاعبا من أصل 23 في قائمته يلعبون في الدوري الفرنسي بالإضافة إلى حارسين احتياطيين.

لكن ميتسو رد قائلا: "يقول الناس إننا مثل فريق احتياطي فرنسي. اسمعوا، لدينا لاعبون جيدون، لاعبون جيدون بما يكفي للدخول إلى التشكيل الأساسي لمنتخب فرنسا".

على غير المتوقع لم يعرض ميتسو للاعبيه فيديو بأبرز نقاط قوة بطل العالم وأوروبا، بل عرض عليهم فيديو بنقاط الضعف في الديوك الذين غاب عنهم صياح زين الدين زيدان بسبب الإصابة.

والأهم، عرض ميتسو على لاعبيه تحليل الأسطورة البرازيلية بيليه للمجموعة التي تضم الدنمارك وأوروجواي أيضا، وقال خلاله إن السنغال ستكون "حصالة المجموعة".

وفي الملعب، كان ضيوف حاسما في عرضيه لبابا بوبا ديوب أكثر من ديفيد تريزيجيه وتيري هنري ليحقق منتخب السنغال المفاجأة.

لم يترك شيئا للصدفة

رغم صخب الفوز على بطل العالم، كان ميتسو هادئا في تصريحاته عقب المباراة، وقال: "لست أفضل مدرب في العالم، ولكن بعد هذه الليلة ربما لم أعد سيئا جدا".

أما المصدوم روجيه لومير مدرب فرنسا قال: "لم أشك في أن ميتسو سيلعب بعدد كبير من لاعبي الوسط، اعتمدوا على الهجمة المرتدة وسجلوا هدفا ومثل هذه الأشياء تحدث، لقد قاموا بما عليهم وما كان يجب أن يفعله أي فريق يواجه فرنسا".

قدمت السنغال أداء دفاعيا راقيا في المباراة، يحكي عنه مدافعهم فرديناند كولي: "لم يترك ميتسو شيئا للصدفة، كل ما قاله لنا حدث في الملعب وعرفنا كيف ندافع ونخرج بالكرة".

أما الحاجي ضيوف الذي اختير أفضل لاعب في المباراة، قال: "كان لدي يقين في قدرتنا على الفوز، العديد منا يلعبون في لينس الذي يسيطر على الكرة الفرنسية منذ فترة".

عقب المباراة، ظل لاعبو السنغال في الملعب فترة طويلة يحتلفون بالفوز على أبطال العالم وتركوا ميتسو وحده ينتظرهم في غرفة خلع الملابس.

يتذكر عمر داف: "لينتظرنا ميتسو نحن لا نفوز على أبطال العالم كل يوم، وعندما ذهبنا لغرفة خلع الملابس وجدناه ينظر لنا بفخر شديد ولكنه لم يقل أي شيء. لكن كلمة شكرا لكم كانت ظاهرة في عينيه".

باقي حكاية السنغال الجميلة معروف، واصل أسود التيرانجا الطريق نحو ربع النهائي قبل الخسارة من تركيا 2-1 بالهدف الذهبي ليكون منتخب السنغال أول فريق إفريقي يتأهل لهذا الدور منذ الكاميرون في 1990.

بعد فوز السنغال على فرنسا، قرر الرئيس السنغال عبد الله داو إعلان يوم استقبال الفريق عطلة وطنية في البلاد ليعيش الجميع لحظات الإنجاز الكروي الأكبر في تاريخ البلاد تحت قيادة ميتسو.