كتب : إسلام مجدي
"كنت أعرف أن فان ديك مدافع جيد، لكنني لم أعلم أبدا أنه هكذا، إنه أفضل مما كنت أعتقد". جيمي كاراجير نجم ليفربول السابق.
صبي في عمر الـ16 من عمره، كان يعمل في مطعم، المالك كان يطالبه يوميا أن يتوقف عن حلمه :"لا تصبح لاعب كرة قدم محترف، ركز أكثر على عملك هنا لتصبح شخصا ما". لم يعلم مالك المطعم أنه سيصبح فيما بعد واحدا من أفضل المدافعين في العالم والأغلى حتى الآن.
يناير 2018
جاكس ليبس مالك المطعم قال في تصريحات نقلتها صحيفة "ميرور" البريطانية :"75 مليون جنيه إسترليني؟ اضطررت لتكرار الرقم أكثر من مرة، لا يمكنني أن أصدق، لقد كان فان ديك عاملا جيدا، كان يقوم بعمله على أفضل وجه، كان يتواجد في أكثر ليلتين مزدحمتين بالعمل في الأسبوع".
كشف عن أنه كان ينهيه عن لعب الكرة لما لمسه من إرهاق أصاب الفتى الصغير لأنه لا يمكنه التعامل مع العمل بجانب الكرة.
فان ديك كان يعمل في المطعم لتحقيق رغبته في لعب كرة القدم، كان يسعى لأن يصبح لاعبا محترفا. لكن معظم محاولاته للعب باءت بالفشل.
حاول الدخول في اختبارات فريق فيليم بعيدا عن مدينة بريدا مسقط رأسه، لكن الانتقادات دائما كانت حول بطئه الشديد وضعف جسده.
استمر رفضه حتى خضع لعملية جراحية لعلاج "خراج" في المعدة أصابه، بعدما خضع للجراحة اختلف وضعه تماما، بدأ يكتسب لياقة بدنية وقوة وأصبح جسده ينمو بشكل أثار دهشة والديه.
2009
قال والده راي فان ديك :"الأمر كان أشبه بمعجزة، كان قصيرة وصغير الجسم والحجم وضعيف للغاية، ثم بعد العملية الجراحية تحول الأمر تماما، نشكر الله على ما حدث".
قضى مع أكاديمية شباب وفريق فيليم عام وحيد بشكل جعله يفكر في خطوة أكبر، صاحب الـ18 عاما في ذلك الوقت أراد أن يلعب للفريق الأول وأن يحقق حلمه بأن يصبح لاعبا محترفا.
جزء من مشكلته مع فيليم هو أنه اضطر أن يلعب باستمرار لفئتين عمريتين مختلفتين، بجانب التدريبات مع الفريق الأول، وكنتيجة السفر المتواصل واللعب الكثير لم يقض ما يكفي في التدريبات المخصصة لعمره والتي تساعده على التطور.
أظهر نادي جرونينجين اهتماما كبيرا بالحصول على خدمات فان ديك، ليقرر الفتى الصغير أن يبدأ مغامرته مع جرونينجين في 2010.
قال جوس بورجيس مدرب شباب فيليم :"في عمر الـ13 لم يكن فان ديك مهاريا أو قويا أو يجيد التمركز، كان يأتي من بريدا، مثلي، وكنت كما أصف الموقف، أهل بريدا يتسمون بالقوة".
وواصل "لم نكن نضمه للفريق وفي تلك الأيام لم يكن بعد ذلك المدافع الأغلى في العالم".
في ذلك الوقت نادي فيليم كان يعتمد على شبابه، وأراد بناء فريق قوي وبحث عن قائد ضمن صفوف الفريق الرديف، لكنه لم يجد ما يصبو إليه.
قال إدوين هيرمانز مدرب الفريق الرديف :"فونس جروينينديك مدرب الفريق في ذلك الوقت أراد الاستمرار في سياسة الدفع بالشباب، في تلك الحقبة كنا ننافس على الهبوط لعدة أعوام، وهنري فان دير فيجت، المدير التقني أراد أن نضم لاعبين أصحاب خبرات ونغير سياستنا".
هيرمانز أراد ترشيح لاعب شاب لديه ما يكفي من مسؤولية، لكن الظروف كانت صعبة للغاية في فيليم، لديه ذلك المدافع الشاب القوي والذي يمكنه الفوز بالالتحامات وأيضا يلعب بطريقة جيدة للغاية ويمكنه التمرير ببراعة.
قرر نادي جرونينجين ضمه، ولم يتأخر لحظة في التفكير، كان يسعى للعب مع فيليم، لكنهم لم يمنحوه فرصة، ليتألق في جانب آخر وبقميص آخر.
مايو 2011
كان فان ديك قلقا جدا، لكنه اضطر للاعتياد على مدربه ديك لوكين الذي تولى إدارة الفريق الرديف، موهبته كانت واضحة للمدرب، لكن إظهارها هو مصدر القلق.
"التحدي الأكبر كان تغيير عقليته، لأنه لم يثق بأحد في البداية وكان يثق في نفسه فقط، إنه شخص بحاجة لأن يشعر برابطة بينه وبين المدرب، اعتقد أنني كنت مباشرا أكثر من اللازم، اعتقد أنني لا أحبه، لكنني رأيت موهبته وتعاملت على هذا الأساس". لوكين.
فان ديك كان بحاجة للنضج فقط لكي تظهر موهبته، لكي يشعر بالمسؤولية وحيوية مركزه، كان لديه كل ما يلزم للمشاركة كأساسي وفرض نفسه في الملعب، سواء السرعة أو القدرات الفنية.
نجح لوكين في إقناعه بتكرار كل ما يفعله يوميا في التدريبات لفترة طويلة، والهدف أن يصبح لاعبا أفضل.
مدرب الفريق في ذلك الوقت كان بيتر هويسترا، وكان يعي جيدا حقيقة أن فان ديك عليه القتال لإظهار قدراته ولإثبات أنه الأفضل خاصة بشخصية القائد لديه.
قال هويسترا :"في هولندا إن لم تكن ضمن أكاديمية أياكس أو بي إس في إيندهوفن أو فينوورد فالكشافين يبتعدون عنك لأنه حتما هناك شيء خطأ في موهبتك".
وواصل "علمت أن فان ديك سيضطر للقتال حتى يظهر للجميع أنه جيد كفاية للعب في أعلى مستوى ممكن".
فان ديك نفسه كان يعي ذلك، وكما قال في إحدى المقابلات :"يجب أن أستمر في التدريبات حتى أصل لأعلى مستوى ممكن".
الفرصة الحقيقية جاءت في مايو 2011، مباراة إقصائية هامة لتحديد المتأهل للدوري الأوروبي بين جرونينجين ودين هاج، وفي الذهاب خسر فريق فان ديك بنتيجة 5-1، وفي الإياب فاز بنتيجة 5-1 وسجل هدفين، كانت المباراة التي حددت مسيرته بالنسبة للفريق وساهمت في أن يشارك بصفة متواصلة ويدخل حسابات المدرب.
قال هويسترا :"كانت مباراة هامة واضطررنا أن ندفع به في الخط الأمامي، وقتها ظهر اسمه حقا، كانت مباراة أسعدت كل من عملوا معه لأنهم شعروا أن عملهم سيؤتي نفعه".
تطلب الأمر أيضا 6 أشهر أخرى أن يثق فان ديك في مدربه، وتحدثوا كثيرا حتى اختلف كل شيء، في غضون 3 أشهر أصبح لاعبا أساسيا للفريق الأول قبل أن يصبح عنصرا لا غنى عنه ثم أتى سيلتك.
الأندية الهولندية الكبرى لم تكن ترى أن فان ديك جيد كفاية لضمه، لم يكن أحد يرغب أو يسعى بقوة لضمه مثلما حدث معه في انتقاله الأول بمسيرته.
أتى نادي سيلتك الاسكتلندي عام 2013 بعد ما يقرب من 62 مباراة لفان ديك و7 أهداف أثبت بها جودته كمدافع يجب مشاهدته.
قال هويسترا عنه :"لديه رؤية قوية ويمكنه قراءة المباراة، كلاعب شاب يجب أن يتعلم ما يقرأه ويتدخل فيه لكي يعرف جيدا ربط ذلك الأمر بتكتيكات المباراة، كان واضحا للجميع أنه سيغدو لاعبا جيدا جدا".
فان ديك قبل انضمامه إلى سيلتك كان يغدو أقوى في كل مرة، وكان طويل القامة ومتوازن ويجيد تقدير الكرة أثناء التمرير.
2013-2014
بمبلغ 2.6 مليون جنيه إسترليني انضم صاحب الـ22 عاما إلى سيلتك بعقد يمتد لـ4 أعوام، سريعا ما فرض نفسه على تشكيل الفريق، بل وسجل أول أهدافه مع سيلتك برأسية رائعة ضد روس كونتي.
ليس ذلك الهدف فقط، هناك أيضا هدفا لا ينسى له، على طريقة مارادونا حينما ركض واخترق وسجل ضد سانت جونستون في 26 ديسمبر من عام 2013.
تواصلت أهدافه الهامة، حتى تعرض للطرد ضد أبردين في فبراير 2014، بعد تدخل قوي ضد بيتر باوليت لاعب أبردين، وخسر سيلتك بنتيجة 2-1 لتكون أول خسارة له هذا الموسم. واختير في ذلك العام ضمن فريق الموسم لرابطة اللاعبين المحترفين في اسكلتندا.
قال عنه مدربه نيل لينون :"اعتقدت أنه سيرفض سيلتك ولن ينضم لنا".
وواصل "الحقيقة أن لعبه في اسكتلندا تجعل بعض الكشافين والمدربين يقللون منه".
وأكمل "إنه أمر محرج، كانت تأتيني مكالمات من أندية كبيرة تستفسر عنه في عدد من المناسبات، لم أصدق ما الذي ينتظرونه، كنت على علم تام بأنه سيلعب لفريق كبير إنه موهبة رائعة وقائد لا غنى عنه حتى لو لم يرتد الشارة".
استمر تألق فان ديك في موسمه الثاني مع سيلتك، 58 مباراة و10 أهداف، ولعب هذه المرة على الصعيد الأوروبي، سواء دوري الأبطال أو الدوري الأوروبي، بل وهناك لقطة له هذا الموسم حينما تدخل ضد ماورو إيكاردي لاعب إنتر ميلان في دور الـ32 من الدوري الأوروبي وتعرض للطردفي خسارة فريقه بنتيجة 1-0.
ذلك الموسم شهد تطورا كبيرا في مستوى فان ديك حتى مع تغيير المدرب وتعيين روني ديلا.
في ذلك الوقت ديلا كان يرى فان ديك كسولا، ولاعب يجب أن يصبح أكثر حماسة ليتطور أكثر.
ديلا كان أحد المدربين المتميزين الذين مروا على فان ديك وساهموا كثيرا في تطويره ليخطو خطوة إضافية نحو الدوري الإنجليزي الممتاز.
"فيرجيل كان لاعبا فريدا من نوعه، لكن حينما انضممت لم أر أنه لائقا كما يجب، كان لديه الكثير من الأشياء للعمل عليها في التدريبات، كان كسولا".
"أخبرته ما ينقصه للعمل عليه، وعمل بنسبة 100% في التدريبات واعتنى جيدا بجسده، حينما كنت أحمسه، قلت له لا تفكر في سندرلاند أو ساوثامبتون، فكر في مانشستر يونايتد أو سيتي، حتى أنني رشحته لـ سيتي".
عام 2015 شهد اختياره ضمن أفضل 11 لاعبا في الدوري للموسم التالي على التوالي، ووقتها قالت تقارير إنه يفكر في مستقبله، بعدما خرج سيلتك من التصفيات المؤهلة لدوري أبطال أوروبا ضد مالمو السويدي.
ساوثامبتون
سبتمبر عام 2015، شهد انضمام فان ديك إلى القديسين بمبلغ 13 مليون جنيه إسترليني، بعقد يمتد لـ5 مواسم.
لم يطل الأمر كثيرا حتى شارك في نفس الشهر ضد وست بروميتش ألبيون، وبعد ذلك بأسبوعين شارك لثالث مرة في الدوري الإنجليزي الممتاز بل وسجل هدفه الأول برأسية في الدقيقة 11 في انتصار القديسين بنتيجة 3-1 ضد سوانزي سيتي.
علم فريق ساوثامبتون أن فان ديك أحد أفضل المواهب التي مرت على الفريق، ومدربه في ذلك الوقت كان رونالد كومان، وقتها كان القديسون يفكرون في خطة للمستقبل.
وقال فان ديك وقت تجديد عقده :"النادي ينمو ويتطور وبالتبعية سأتطور معه، لذا جددت تعاقدي".
كومان كان يؤمن أن فان ديك سيصبح قريبا أحد أهم اللاعبين في الدوري الإنجليزي، بل وأشار إلى ذلك عدة مرات، والأهم أنه كان يرى فيه شخصية قائد لكنها كانت بحاجة لبعض النضج والاعتياد على الأجواء في إنجلترا وهذه أمور تكتسب من المشاركة.
فان ديك كان يرى في كومان مثلا أعلى لذا لم يتطلب وقتا حتى يتكيف على الأوضاع، وسار كل شيء بخير.
"الجميع يعلم أنني مشجع كبير لكومان".
خلال تلك الحقبة كان داني بليند هو مدرب منتخب هولندا وقرر ضم فان ديك للمرة الأولى، وحصل على فرصته للمشاركة ضد كازاخستان في انتصار الطواحين بنتيجة 2-1.
في موسمه الثاني مع ساوثامبتون وبعد رحيل خوسيه فونتي أصبح قائد القديسين عام 2017 في شهر يناير، وفي نفس اليوم تعرض للإصابة ولم يشارك في نهائي كأس الرابطة ضد مانشستر يونايتد والتي خسرها فريقه.
كان الموسم ناجحا للغاية بالنسبة لفان ديك، معظم كبار إنجلترا أصبحوا يعرفون كم هو موهوب، ربما تطلب ذلك منهم وقتا كثيرا لكن في النهاية، أتى ليفربول الذي أبدى اهتماما كبيرا بضمه لكن الطريقة لم تكن سليمة، إذ أن التواصل لم يكن قانونيا، رغم رغبة اللاعب في الانضمام للحمر وتسليمه طلب انتقال ونشره بيان رسمي، لم يحدث شيء واضطر لبدء موسم 2017-2018 مع الفريق.
في بداية شهر يناير أعلن نادي ليفربول عن ضم المدافع الدولي الهولندي بمبلغ 75 مليون جنيه إسترليني، ليصبح أغلى مدافع في العالم.
قصته مع ليفربول بدأت منذ يناير الماضي، وفي كل مباراة كان يتطور عما قبلها، ويثبت أحقيته بما دفع فيه.
في نفس الوقت كان رونالد كومان يبني منتخب هولندا من جديد في محاولة لإعادته إلى الساحة، وهو ذاته الوقت الذي حاول فيه يورجن كلوب بناء فريق قوي ينافس على كافة البطولات، وسواء المدرب الهولندي أو الألماني كلاهما كان لديه نفس الفكرة: فان ديك.
رونالد كومان منح فان ديك شارة قيادة المنتخب، ليصبح قائدا لجيل جديد يتم بناؤه، حتى أن صحيفة "جارديان" البريطانية شبهته بـ"رونالد كومان الجديد".
فان ديك واحد من أفضل المدافعين في العالم حاليا وأحد أفضل من يجيدون التمرير مع إمكانية للتطور أكثر في المستقبل، البعض انتقد رقم الصفقة وآخرون شككوا فيه نظرا للمستويات المنخفضة التي لعب بها حتى وصل إلى ليفربول، لكنه ما زال يسير في طريقه محاولا أن يصبح أكبر مما هو عليه.
"علمت أن فان ديك لاعب جيد، لكنه أفضل مما توقعت، لطالما قلنا إن ليفربول لا يمكنه الفوز بلقب الدوري بسبب الدفاع، لكن الآن هناك فان ديك، أفضل مدافع في الدوري".
"لا يمكنني أن أفكر في مدافع أفضل منه حاليا، إنه يتخطى فينسنت كومباني بل ويصبح قائدا".
"خلال الأعوام الـ4 المقبلة إن فاز ليفربول بالدوري أو بدوري الأبطال فسيكون فان ديك، وأعتقد أننا إن اخترنا أفضل الفرق في تاريخ ليفربول فسنرى فان ديك بجانب ألان هانسن". جيمي كاراجير.