باكو ألكاسير.. ضحية سياسة الانتقالات العشوائية في برشلونة
الجمعة، 12 أكتوبر 2018 - 19:57
كتب : زكي السعيد
لم يحتج باكو ألكاسير إلى أكثر من 244 دقيقة من المشاركة في الموسم الجديد، حتى يبدأ بالفعل في محو الصورة السلبية التي رُسمَت له في برشلونة.
المهاجم الإسباني قرر إحياء مسيرته، واتخذ قرارا حاسما بالخروج من "الركن المريح"، حيث تأتيه الألقاب الكبرى من كل حدب وصوب دون عناء يُذكَر، ليعود إلى ساحة القتال التي تُعرَف في عالم كرة القدم بـ"أرض الملعب".
هدفٌ كل 27 دقيقة هذا الموسم، معدّل رائع لـ ألكاسير لاعب بوروسيا دورتموند، فدعونا نتوقف عن ملامح اختياره الخاطئ، ونقيّم القرار في أعقاب عامين من اتخاذه، بعد اتضاح كافة عواقبه بشأن مسيرة اللاعب.
ذريعة خائبة
معادلة معقّدة، إما اللعب في فريق متوسط والتحصل على دقائق لعب كثيرة وتقمُص دور البطل، أو الانتقال إلى نادٍ كبير مع عدد دقائق أقل، وإنعاش سجل البطولات الجماعية.. ألكاسير اختار الحل الثاني.
السيناريو الأفضل في ذهن اللاعب قبل إتمام الخطوة، يكون استغلاله للدقائق الطفيفة التي سيتحصل عليها في بداية انتقاله، قبل أن يقتلع دورا أكثر تأثيرا في تشكيلة الفريق.
إلا أن الأحلام الوردية لا تتحقق بالضرورة، وألكاسير وجد نفسه خيارا ثانيا في فريق يمتلك مهاجما يدعى لويس سواريز، يمتلك معدلات تسجيل خارقة منذ الانتقال إلى برشلونة.
ألكاسير ظفر بـ3 ألقاب مع برشلونة في ظرف عامين -هي كل ما فاز به يوما في مسيرته الاحترافية-، نال شرف التدرُب يوميا مع أفضل لاعبي العالم، حظى بكثير من الاهتمام الإعلامي، نال راتبا أعلى؛ إلا أنه نال سُمعة المهاجم "الفاشل"، وشهدت مسيرته تعطلا كبيرا، ليخرج خاسرا من التجربة.
دراسة فاشلة
من الجلي أن ألكاسير لم يفكر كثيرا قبل اتخاذ قرار الرحيل عن فالنسيا نادي طفولته، أعمته أضواء برشلونة، ولم يقيّم الوضع بصورة مناسبة.
فبرشلونة يمتلك مهاجما مهيمنا على المركز إلى درجة متطرفة، إلا أن غيابه لا يعني بالضرورة مشاركة مهاجم صريح آخر (ألكاسير في تلك الحالة)، لأن برشلونة نادٍ اشتهر باللعب دون مهاجم صريح لعديد السنوات، كما يمتلك حلولا على أطراف الملعب تسمح باللجوء إلى استراتيجيات أخرى في غياب المهاجم سواريز.
خسارة دولية
في الفترة ما بين سبتمبر 2014 ومارس 2016، خاض ألكاسير 13 مباراة دولية، وسجّل 6 أهداف، قبل أن ينتقل إلى برشلونة ويفقد حظوظه تماما في تمثيل إسبانيا.
هذا يعني أن لاعب فالنسيا –حينها-، سجّل انطلاقة دولية مميزة بالأرقام، وبالنظر إلى حالة مركز المهاجم في منتخب لاروخا، نرى لاعبين أمثال أريتز أدوريز، إياجو أسباس، رودريجو مورينو قد حصلوا على فرص متنوعة في تمثيل إسبانيا.
والأمر راجع إلى تذبذب مستوى ألفارو موراتا وتجميد مسيرة دييجو كوستا لعدة أشهر مع تشيلسي، في حقبة ما بعد دافيد فيا وفيرناندو توريس بالخط الأمامي لإسبانيا.
وبالتالي فوّت ألكاسير عامين مهمين من التنافس على مركز المهاجم في إسبانيا، مكتفيا بتدفئة دكة مقاعد برشلونة.
سياسة ميركتو خاطئة
اللاعب وبالرغم من اختياره الخاطئ، إلا أنه لا يتحمّل مسؤولية الخطوة وحده.
ألكاسير مهاجم يجيد التسجيل من لمسة واحدة، قدمه تعرف طريق المرمى، ويجيد اللعب بيمناه ويسراه، مميز للغاية في متابعة الكرات العرضية على القائم القريب أيا كان ارتفاعها، ولكن هل هذه هي متطلبات مركز المهاجم في برشلونة؟ هل يكتفي سواريز –مع تسجيله قدرا خارقا من الأهداف- بإنهاء الهجمات داخل منطقة الجزاء؟
إدارة برشلونة عكفت على التعاقد مع العديد من اللاعبين بغرض زيادة عدد الأفراد وملء بعض المراكز دون الالتفات إلى خصائص كل لاعب ومدى ملائمه أسلوبه لبرشلونة، والأمر أضر النادي واللاعب على حدٍ سواء.
ولذا واجه ألكاسير تحديين: محاولة ترك بصمة حقيقية في دقائق قليلة، والتأقلم مع أسلوب لم يعتد عليه.
والدليل على ذلك، أن المدرب الحالي إرنستو فالفيردي، وجد فائدة أكبر في الاعتماد على منير الحدادي كمهاجم بديل هذا الموسم، بالرغم من أن جودة ألكاسير العامة تفوق اللاعب ذو الأصول المغربية، والسبب يرجع في الأساس إلى حركية الحدادي وملائمته أكثر لأسلوب برشلونة إجمالا.
برهان على الجودة
التأقلم بشكل سريع مع الأجواء الألمانية، وتحقيق تأثير فوري في بوروسيا دورتموند، يبرهن على جودة ألكاسير التي طُمسَت لعامين طويلين، ومع أنباء رغبة الفريق الألماني في شراء عقده بشكل كامل بالفعل، يكون ألكاسير قد نفض عن نفسه غبار تجميد المسيرة المؤقت.