اليوم العالمي للسلام - طبيب قال لا ورجل توحدوا خلف هدفه وآخر ترك المجد بإرادته
الجمعة، 21 سبتمبر 2018 - 13:44
كتب : لؤي هشام
بين العشقين رجال فهموا المغزى وأدركوا الحقيقة، حقيقة أن هناك وجه آخر وأنها أكثر من مجرد لعبة.
في القصص التي نرويها نجد معان كثيرة.. نجد نضالا وتحررا.. نرى من كانوا على استعداد للتضحية من أجل القضية.
في اليوم العالمي للسلام يستعرض FilGoal.com لكم قصة لاعبين قدم كل منهم مثالا يحتذى به بحثا عن مصير أفضل لبلاده.
_ _ _ _
القصة الأولى
كان الفيلسوف الإغريقي سقراط يجول في الشوارع والأسواق لينشر الحكمة والموعظة بين العامة أما بطل قصتنا فقد صال وجال الملاعب باحثا عن الحرية والعدل.. باحثا عن المدينة الفاضلة التي تحدث عنها الفيلسوف الأول.
قصتنا في أرض السحر والسامبا حيث كرة القدم بمثابة إله مقدس.
سقراط.. الطبيب اليساري الذي قال لا في وجه من قالوا نعم.
سوكارتس برلزيليرو سامبيو دي سوزا فيريا دي اوليفيرا لاعب برازيلي شهير ولد في مدينة بيليم بالـ19 من فبراير عام 1954.
لم يكن سقراط كغيره من لاعبي البرازيل آنذاك فقد ولد لأسرة متوسطة الحال ومثقفة على عكس معظم لاعبي جيله.
عرف الشاب اليافع أن كرة القدم يجب استغلالها من أجل القضية التي يؤمن بها، على النقيض من باقي لاعبي جيله الذين لم يبرعوا إلا في الكرة فقط.
بدأ سقراط كرة القدم متأخرا وهو في سن الـ24 فقد أراد أن ينهي دراسته الجامعية أولا- حيث كان في كلية الطب وعمل طبيبا للأطفال بعد ذلك - ومن ثم التفرغ لمعشوقته الأولى.
فبدأ مسيرته مع بوتافاجو ثم كورثيانز ثم الرحيل لإيطاليا إلى فيورنتينا ثم العودة مرة أخرى لفلامنجو وعدة أندية أخرى.
لن نتكلم هنا عما فعله سقراط مع السيليساو في كأسي العالم 82 كما لن نتكلم عن هدفه الرائع في شباك السوفييت في تلك البطولة.
لن نتحدث كذلك عن البطولات التي حققها مع الأندية البرازيلية بل سنتحدث عن فلسفة "سوكراتس" التي جعلته رغم قصر فترته بالملاعب واحدا من أعظم لاعبي الكرة عبر التاريخ.
كرة القدم للمتعة فقط ولا لشيء آخر سواها.. هكذا كان مبدأ الرجل الذي آمن بالفكر اليساري.
ولذلك لم يستطع التأقلم مع فيورنتينا في إيطاليا بسبب ضغوط الكالتشيو وتحول اللعبة إلى صناعة، لهذا فضل العودة سريعا إلى بلاده قائلا جملته الشهيرة "إنها المدينة الجميلة والرجل القبيح" في إشارة لمدينة فلورانسا.
ليبدأ في صناعة ما لم يصنعه أي لاعب في التاريخ الساحرة المستديرة.
من خلال ناديه كورنثيانز اتجه "سوكراتس" لمقاومة نظام الحكم العسكري في بلاده، وأسس "ديمقراطية كورنثيانز" التي جعلت كل فرد في النادي البرازيلي يأتي عن طريق الانتخاب بدءا من رئيس النادي وحتى عامل غرف خلع الملابس، كما كانت مواعيد التدريبات والغذاء وغيره أيضا بالتصويت.
جعل هذا الأمر نادي كورنثيانز منبرا لمعارضة النظام العسكري البرازيلي، الذي بدأ في 31 مارس 1964 بانقلاب الجيش البرازيلي على الرئيس المنتخب جواو جولارت وانتهت في مارس 1985، وهو الأمر الذي لفت أنظار العالم تجاه الظلم والقهر الذي يعاني منه الشعب البرازيلي.
ارتدى سقراط ورفاقه قميص الفريق وعليه شعار "ديموقراطية" في كل مبارياتهم كما نظموا مظاهرة رافضة للمعاملة التي يتلقاها الرياضيون من العسكر.
وفي عام 1982 ارتدى اللاعبون بقيادة سوكراتيس وزميله فلاديمير دوس سانتوس قميصا كتب عليه "صوتوا في الخامس عشر" - dia 15 vote - داعين الشعب البرازيلي للمشاركة في أول انتخابات منذ انقلاب 64.
وقال الدولي البرازيلي حينها: "انتصروا أو انهزموا، ولكن بالديمرقراطية".
وعلى نهج أبطاله في الصغر كاسترو وجيفارا لم يتوقف أبدا سقراط عن محاربة الفساد والظلم فحتى بعد اعتزاله الكرة قرر محاربة فساد الأندية.
سقراط ألف كتابا أسماه "فلسفة كرة القدم" وهو الكتاب الذي قال فيه: "الجمال يأتي أولا ومن بعده يأتي النصر ولكن في كل الأحوال المتعة هي الأهم".
ومرورا من جنوب المحيط الأطلسي إلى شماله، وعلى بُعد أكثر من 8 آلاف كيلو مترا ننتقل قصتنا الثانية التي بدأت فصولها بعد أكثر من ثلاثة عقود.
_ _
في ليبريا كانت الحكاية
- "نحن واحد، ومعا يجب أن ننجح في كتابة فصل جديد لتاريخنا من المجد في تلك البلاد" -
هكذا وقف أسطورة الكرة الأفريقية جورج ويا أمام عدسات الكاميرا مطالبا أبناء جلدته في ليبريا بالسعي نحو تغيير أفضل وانتخابه كرئيس للبلاد في أكتوبر من عام 2017.
من لا يعرف ويا؟ المهاجم الإفريقي الوحيد الذي نال جائزة أفضل لاعب في العالم عام 1995، والأسمر الذي صال وجال مع أندية موناكو وباريس سان جيرمان وميلان ليصنع تاريخا للقارة السمراء.
ولكن صولات وجولات جورج لم تتوقف عند الميدان الأخضر وانتقلت إلى ميدان السياسة.
صاحب الـ51 عاما اعتلى منصب الرئاسة في بلده الصغير بغرب إفريقيا في ديسمبر من العام الماضي، بعد محاولتين فاشلتين في 2005 انتهت لصالح إيلين جونسون سيرليف، الحاصلة على جائزة نوبل للسلام وعام 2011 كنائب للرئيس.
ولكن كيف بدأت تلك القصة؟ حسنا قد تعود قصة ويا مع السياسة حينما كان في عمر الـ13، في تلك الفترة كانت البلاد تشهد انقلابا عسكريا على الرئيس ويليام تولبيرت عام 1980 الذي تم قتله على أيدي صامويل دوي قائد الانقلاب.
وبعدها بتسعة أيام وبينما كان الفتى الصغير، الذي انضم لأول نادي في مسيرته يانج سيرفايفرز - الناجون الصغار - بعد ذلك بعام يتمشى على الشاطئ، شاهد حينها العشرات من مؤيدي تولبيرت وهم يُقتلون في الشوارع برصاص الجيش.
كان ذلك ما ترك أثرا عميقا بداخله، وربما ساهم في هذا التحول إلى السياسة.
في عام 1988 كان ويا في طريقه نحو الإمارة الفرنسية موناكو مع المدرب أرسين فينجر، الذي يقول الليبيري إنه كان مستعدا للموت من أجله.
مسيرة مذهلة انتهت بانتقاله إلى العاصمة رفقة باريس سان جيرمان عام 1992 ليقودهم إلى لقب الكأس بعدها بعام ثم درع الدوري في 1993.
شهرة ويا تتوسع أكثر فأكثر ومن فرنسا يطير نحو جنة كرة القدم إيطاليا مع ميلان، الذي قاده أيضا للسيري آ ليرفع لقب الأفضل بالعالم.
حسنا، تلك المسيرة الرائعة لم تكن لتفترض اهتمامه بالسياسة بعد اعتزاله الكرة، لم يكن هناك مؤشرا على ذلك مثلما يقول كيفن ميتشل الكاتب في صحيفة "جارديان".
ولكن ميتشل يؤكد في تقرير له عام 2005 - تزامنا مع ترشح ويا الأول للرئاسة – أن الفكرة بدأت عند نيلسون مانديلا.
ويتابع ميتشل في تقريره "هدف عظيم": "عدد قليل من الناس من خارج دائرته المقربة أدركوا اهتمامه بالسياسة وذلك عندما قابل مانديلا في رحلة بجنوب أفريقيا منتصف التسعينات، مانديلا أطلق عليه لقب فخر إفريقيا، وويا وافق على ذلك".
"بعد تلك الرحلة، قال ويا للصحفيين إنه قد حان الوقت للأمم المتحدة من أجل المساعدة في إنقاذ بلاده من الحرب الأهلية، وبعد أسابيع قرر متمردون إحراق منزله، واغتصبوا اثنين من أبناء عمومته".
رحلة ويا لم تتوقف عند محاولة إنهاء الحرب الأهلية والدعوة للتعايش بين أبناء جلدته ولكنها استمرت كذلك على الصعيد الخدمي ومطالبته بتوفير بنية تحتية أفضل لبلاده، في انتخابات 2005، إذ وعد الليبريين بتوفير المياه والكهرباء.
وقال مهاجم تشيلسي الأسبق في حملته الانتخابية آنذاك: "يمكنكم أن تثقوا بي لأنني أعرفكم وأنتم تعرفونني، علينا أن نشيد من جديد بنيتنا التحتية، وعلينا إعادة أطفالنا للمدارس، شعبنا يحتاج للخروج من الظلام الدائم".
كلمات بسيطة ولكنها كانت قريبة من قلوب البسطاء.
بعدها بأحد عشر عاما، وتحديدا في شهر أبريل من عام 2016، أعلن ويا قراره بالترشح مجددا على منصب الرئيس في خطاب عاطفي موجه لشعبه.
"مثلكم جميعا عانيت من الفقر في صغري، كان هناك أوقات لم أمتلك بها ثمن الذهاب إلى مدرسة، وقوفنا اليوم معا هو قرار بشأن مستقبلنا. بالسنوات الماضية استمرت معاناة شعبنا من نظام طبي كارثي وغياب للكهرباء ونقص في المياه، نحن مستمرين في الفقر المدقع".
ولكن ما الذي تغير خلال الـ12 عاما الماضية؟
بالتأكيد اكتسب الرجل الذي ولد لأسرة تتكون من 12 طفلا، خبرات مختلفة تكونت من الممارسة في الأعوام الماضية، إذ كان سيناتور عن حزب التغيير الديمقراطي ليضيف العمل الحزبي المزيد إلى مهاراته في المعترك السياسي.
يقول أحد أعضاء حملته الانتخابية لصحيفة "جيرستيل" النيجيرية: "لقد وقف في 2005 وقالوا عنه إنه يفتقد للخبرة الكافية، ولكن الحقيقة الآن أن كونه سيناتور سيلعب دورا كبيرا في مساعدته".
"بالتأكيد مسيرته الكروية الجيدة تساعده أيضا، فحينما يُذكر اسمه يتذكر الليبريون العديد من الأشياء الجيدة".
وفي نفس القارة تبدأ قصتنا الثالثة.. عن رجل ترك مجد فرنسا بحثا عن استقلال بلاده
_ _
في الجزائر تُروى قصص التضحيات
هو أحد أبرز لاعبي كرة القدم الجزائرية عبر عصورها حيث بدأ حياته الكروية في صفوف اتحاد سطيف خلال بداية الخمسينيات وهو النادي الذي أسسه محمد البشير الإبراهيمي أحد أبرز علماء ومفكري الجزائر وأحد قادة حركتها الإصلاحية ومعارضي الاستعمار الفرنسي.
رشيد مخلوفي الذي ترك مجد فرنسا بحثا عن استقلال بلاده
ترك مخلوفي فريق سطيف وانتقل للعب في صفوف سانت إيتيان الفرنسي وذلك بولايته الأولى من الفترة 1954 وحتى 1958 وكان يبلغ من العمر 18 عاما فقط.
نجح خلال تلك الفترة في أن يكون أفضل لاعبي النادي الأخضر وقاده نحو الفوز بالبطولات حين حقق معهم لقب الدوري عام 57 كذلك كأس شارل دراجاو في نفس العام كما حقق بطولة كأس العالم العسكرية مع المنتخب الفرنسي ولعب في صفوف المنتخب الأول 4 مباريات حيث لم يكن للجزائر منتخب حينها.
ولكن أبى مخلوفي أن يكون مجرد لاعب كرة قدم ماهر وقرر أن يكون واحدا ممن فهموا المغزى حين ضرب أروع مثال في التضحية من أجل تحقيق حلم الحرية والاستقلال لبلاده.
قبل ليلة واحدة من إعلان المدرب بول نيكولا قائمة المنتخب الفرنسي المتجهة إلى السويد للمشاركة في كأس العالم 1958، هرب مخلوفي رفقة مواطنيه مصطفى الزيتوني، مدافع موناكو، وعبد الحميد كرمالي، مهاجم ليون، من فرنسا إلى تونس من أجل المشاركة مع فريق جبهة التحرير الوطنية للمشاركة في عدة مباريات ودية.
جبهة التحرير الوطنية كانت إحدى الجهات التي تدعو إلى تحرير الجزائر واستقلالها من الاستعمار الفرنسي وتقرر إنشاء فريق بأسمها يشارك في العديد من المباريات الودية حول العالم داعيا لاستقلال البلد المغاربي كمنتخب للجزائر المستعمرة.
ترك مخلوفي مجده مع سانت إيتيان وجنون الجماهير به مقررا التضحية بكل هذه الأمور من أجل أن تنال بلاده حق الاستقلال.
وشارك مخلوفي رفقة جبهة التحرير في العديد من المباريات الودية وصلت إلى 40 مباراة مع الدول الصديقة للجزائر وعدد من الدول العربية وذلك لمدة 4 سنوات ليصبح واحدا من أبرز رموز الاستقلال في الجزائر.
كان تأسيس فريق جبهة التحرير الوطني من أكبر الضربات التي وجهتها الثورة الجزائرية للاستعمار الفرنسي لأنه وجه صفعة قوية للفرنسيين الذين كانوا يأملون في تجنيس بعض المواهب الكروية الجزائرية أمثال مخلوفي و كرمالي والزيتوني وغيرهم.
كما قضى ميلاد الفريق على كل أطماع الفرنسيين لتكسير الوحدة الوطنية الجزائرية، حيث التحق الرياضيون بصفوف الثورة ليُسمعوا العالم صوت الجزائر الثائرة على طريقتهم الخاصة وبواسطة أقدامهم الذهبية.
وأخيرًا تحقق حلم مخلوفي ورفاقه ونالت الجزائر استقلالها عام 1962.
وبعد الحصول على الاستقلال قرر مخلوفي العودة مرة أخرى إلى أوروبا لكنه خشى العودة إلى سانت إيتيان لينتقل إلى فريق جنيف السويسري الذي كان يدربه وقتها جون سنيلا مدربه السابق في إيتيان، ويحقق برفقته لقب البطولة السويسرية.
عاد رشيد مرة أخرى إلى سانت إيتيان في ديسمبر 1962 رغم خشيته من رد فعل الجماهير ولكنه فوجئ باستقبال الجماهير بحفاوة ليحافظ بذلك على شعبيته مع النادي الأخضر ويحقق بطولة الدوري وكأس فرنسا وكأس الأبطال الأوروبية في أزهى عصور النادي ويتم اختياره كأفضل لاعب بالمسابقة الفرنسية موسم 67-68.
اختتم مخلوفي مشواره في باستيا وعمل بعدها مدربًا للفريق كما تولى تدريب المنتخب لجزائر ليحقق معهم الميدالية الذهبية لدورة الألعاب الأفريقية وأيضا دورة ألعاب البحر المتوسط.
كانت تلك ثلاث حكايات من رحم معاناةً صنعت التاريخ وحفرت أسماء أبطالها بحروف من ذهب.
تمت
اقرأ أيضا:
أرقام في الجول – احذر يا أهلي من ثنائي وسط هوريا
خبر في الجول - شرط من مرتضى للاعبي الزمالك لإلغاء قرار تغريمهم 100 ألف جنيه
الاتحاد السعودي في بيان: نعتذر بصورة نهائية عن إقامة لقاء الأهلي والهلال
مصدر مقرب من اللاعب لـ في الجول: مؤمن زكريا ينتظر عرض أكبر من الأهلي للتجديد