"لا يمكنني القول إنني أفضل مدرب موجود، لكنني في القمة".
في بداية الرحلة ترى كل شيء ساكن، الأجواء طبيعية، مجرد مدرب لفريق صغير في قاع جدول ترتيب الدرجة الثانية يعيش اليوم بيومه ولا يرى عيوب فريقه.
هناك قول معروفة "لا تقابل أبطالك أبدا". قد تعني هذه المقولة إن الأمور ستنقلب ضدك وحينها ستكره ذلك البطل إلى الأبد ومن يعلم ماذا سيحدث.
بريان كلوف المدرب الأسطوري كان مجرد لاعب دولي شاب أنهى مسيرته الدولية للتو وتولى تدريب أكاديمية سندرلاند، حتى جاء عام 1965 حينما عُرض عليه تولى تدريب فريق هارتبولز يونايتد.
في ذلك الوقت طلب أن ينضم إليه بيتر تايلور والذي كان يعمل كمدرب لنادي بورتون ألبيون، ليكون مساعده. وأصبح كلوف صاحب الـ30 عاما حينها أصغر مدرب في الدوري.
الفريق كان في قاع جدول ترتيب الدرجة الرابعة خلال المواسم الستة قبل تولي كلوف المهمة، بجانب حالته المالية الصعبة، قرر كلوف أن يجوب المناطق حول النادي لجلب المال وتقدم بطلب للحصول على رخصة لقيادة حافلة الفريق في المباريات خارج الأرض. قرر إرنست أورد رئيس النادي والذي شعر أن الثنائي تايلور وكلوف يتخطيان سلطته، إقالتهما، لكن حدث انقلاب في الفريق وعاد الثنائي.
تحسنت حالة النادي وأنهى الموسم في المركز الثامن، وفي مايو 1967 تولى كلوف وزميله بيتر مهمة تدريب دربي كاونتي. لتبدأ القصة الحقيقية.
قبل وصول كلوف بـ10 أعوام وحتى يوم توليه المهمة قبع دربي في الدرجة الثانية ولقبه الوحيد كان كأس الاتحاد الإنجليزي 1946.
17 يناير 1968 – 27 يناير 1968
المكان: ملعب البيسبول الخاص بدربي كاونتي
في نصف نهائي كأس الرابطة الإنجليزية، كان كلوف وزميله تايلور على موعد مع مواجهة قوية للغاية ضد ليدز يونايتد متصدر دوري الدرجة الأولى والذي كان يتسيد الكرة الإنجليزية في ذلك الوقت.
لا أحد يعلم الحقيقة الكاملة، لكن في تلك الفترة تحديدا حدث شيء ما بين كلوف ودون ريفي مدرب ليدز يونايتد.
وما زاد الأمر حدة، أن الفريقين كانا على موعد مع مواجهة قوية في الجولة الثالثة من كأس الاتحاد الإنجليزي.
على نفس الملعب البيسبول وأرضه التي لا تجف أبدا بدأ الصراع الحقيقي، كلوف كان شخصا طموحا للغاية، حتى أن طموحه كان يجرفه بحماس شديد نحو الخطر ولا يكترث لذلك الأمر.
حاول مناطحة ليدز يونايتد، والقصة الثابتة أن دون ريفي المدرب الأسطوري لليدز تجاهله ولم يصافحه وأخطأ في حقه حينما صافح مساعده على أنه المدرب، ما دفع كلوف ليشعر بإهانة كبيرة للغاية.
طيلة المباراة الثانية في كأس الاتحاد كان كلوف غاضبا للغاية ينتقد ريفي بشدة كان يتحدث طيلة الوقت عن أسلوب اللعب غير النظيف والعنف المتعمد. هدفان سجلهما جاك تشارلتون وبيتر لورمير كانا كفيلين بإنهاء حلم دربي وكلوف.
وأثناء سيره في النادي بعد خسارة إحدى المباريات، وجد عاملتين تضحكان على الخسارة فقام بطردهما على الفور.
الموسم الثاني
تغيّر كل شيء مع بداية الموسم الثاني، خسر 3 مرات من دون ريفي، ووجد أنه يجب أن يصعد للدرجة الأولى، يجب أن يبني فريقا قويا للمستقبل، ضم إليه روي ماكفارلاند وجون أوهار وجون ماكجوفرين وآلان هينتون وليس جرين، الثنائي جرين وماكجوفرين كلاهما كانا من نجومه في فريقه السابق واعتمد كثيرا عليهما لتطبيق ذلك، بجانب ضم ديف ماكاي. وحافظ عل كيفن هيكتور وآلان دوربان ورون وبيستر وكولين بولتون.
بقيادة كلوف ومساعده بيتر تايلور نجح دربي في الفوز بدوري الدرجة الثانية، وخلال تلك المسيرة لم يخسر في 22 مباراة متتالية.
أصر كلوف على أن يلعب بطريقة نظيفة، ويرفض التدخلات العنيفة والحصول على الإنذارات، بجانب رفض تلقي أي أسئلة "غبية" من الصحافة حسب وصفه.
"إن أراد منا الرب أن نلعب كرة القدم في السحاب، لكان وضع لنا العشب في الأعلى". كلوف متحدثا عن أهمية التمرير على الأرض والتخلي عن الكرات الطولية.
"كرة القدم خلقت للمتعة، إنها لعبة جميلة ويجب أن تلعب بطريقة تناسبها".
أنهى دربي موسمه الأول في دوري الدرجة الأولى في المركز الرابع، ليصبح أفضل مركز لهم في آخر 20 عاما، وفي موسم 1970-1971، أنهى النادي الموسم في المركز التاسع بسبب الحالة المالية.
قرر كلوف تعزيز صفوفه بضم كولين تود بتوصية من بيتر تايلور، بمبلغ 175 ألف جنيه إسترليني، وفاجأ الجميع بعدما كان قد صرح في المؤتمر الصحفي قبل ضم اللاعب أنهم :"لن يقوموا بشرائه أبدا".
في موسم 71-72 وفي شهر أبريل كان عليه مواجهة ليدز مرة أخرى، طيلة تلك الفترة لم يكن كلوف قد فاز ضد دون ريفي سوى في مرة واحدة.
خلال مباراة اعتصر فيها القلق كلوف وكان يصرخ كثيرا من على مقاعد البدلاء نجح دربي في الفوز بنتيجة 2-0. وتصدر جدول ترتيب الدوري بفارق نقطة وحيدة، ليفوز بنتيجة 1-0، في حين أن ليدز خسر من ولفرهامبتون وليفربول تعادل مع أرسنال، ليحقق كلوف اللقب. ويكون أول لقب للنادي في تاريخه الممتد لـ88 عاما. واصطحب بيتر تايلور الفريق في إجازة إلى مدينة مايوركا في حين أن كلوف قضى إجازته مع عائلته.|
أغسطس 1972
رفض كلوف التوجه في رحلة إلى هولندا وألمانيا الغربية كجزء من الجولة التحضيرية بدون عائلته، لكن سام لونجسون رئيس النادي أصر وقال له إنها رحلة عمل وليست إجازة، ليقرر المدرب وضع مساعده مسؤولا عن الرحلة، ولم ينافس الفريق في الدرع الخيرية خلال ذلك العام.
وضم النادي خلال ذلك الموسم ديفيد نيش من ليستر سيتي بمبلغ 225 ألف جنيه إسترليني والذي كان يعد أكبر رقم دفع في لاعب في ذلك الوقت، بعد ذلك اتجه جاك كريكلاند مدير في الفريق إلى مقر التدريبات وحذر تايلور وكلوف من إبرام أي صفقات.
خلال بداية شهر سبتمبر واجه دربي نظيره ليفربول في ملعب البيسبول وخسر بنتيجة 2-1 أمام جماهيره، كلوف هاجم الجماهير والإدارة في ذلك اليوم.
"لقد بدأوا في الغناء فقط قبل النهاية حينما تأخرنا بهدف، أريد أن أسمعهم حينما نكون على وشك الخسارة، لقد أخزونا كثيرا".
"سياسة الإدارة في عقد الصفقات سيئة للغاية". كما وجه الكثير من الإهانات اللفظية إلى مجلس إدارة النادي.
لم يحتفظ دربي باللقب واحتل المركز السابع وخسر بنتيجة 0-5من ليدز يونايتد بقيادة دون ريفي، وفي نصف نهائي دوري أبطال أوروبا ضد يوفنتوس خسر بنتيجة 1-3 بمجموع المباراتين، وفي المباراة الثانية كان كلوف يدخل مسرعا إلى غرفة الملابس.
"لن أتحدث إلى الغشاشين الأوغاد، لن أتحدث لأي أوغاد قاموا بالغش". كانت تلك كلماته أمام الصحافة الإيطالية، بعد ذلك تساءل حول شجاعة الشعب الإيطالي في الحرب العالمية الثانية.
قام كلوف في ذلك اليوم بتوجيه العديد من الإهانات إلى سير مات باسبي وآلان هارداكر وألف رامسي ودون ريفي. وأيضا إلى لاعبين من ليدز يونايتد مثل بيلي بريمنر ونورمان هانتر وبيتر لورمير.
أدى كل ذلك لخلاف كبير بين سام لونجسون رئيس النادي وأعضاء مجلس الإدارة، وبريان كلوف.
5 أغسطس 1973
في ذلك اليوم صدرت صحيفة "صانداي إكسبريس" وهي تحتوي على مقال باسم بريان كلوف.
"الرجال الذين يديرون كرة القدم قد أهدروا فرصة رائعة لتنظيف اللعبة". في إشارة لأسلوب لعب ليدز يونايتد.
"المشكلة مع نظام نظافة كرة القدم هو أن من يحكم على الأندية الأخرى قد يكون له منفعة".
"دون ريفي يجب أن يتم تغريمه لأنه يشجع لاعبيه على سلوك غير رياضي ويجب أن يهبط ليدز للدرجة الثانية".
بعد ذلك بأيام وُجهت تهم إلى كلوف بأنه يسبب العديد من النزاعات. لم يكتف كلوف بذلك، بل اتجه إلى أبتون بارك معقل وست هام يونايتد وقدم عرضا بقيمة 400 ألف جنيه إسترليني ليضم بوبي مور، لكن رون جرين وود مدرب النادي أخبره أن اللاعب ليس متاحا وأنه لن يمرر طلبه للإدارة.
في أكتوبر 1973، دعى لونجسون إلى اجتماع مجلس إدارة لرحيل الثنائي كلوف وتايلور، خاصة بعدما اتهم كلوف بأنه كان يسخر من سير مات باسبي وطالبه بالاعتذار منه لكنه أنكر واقعة السخرية.
جماهير دربي خرجت غاضبة في الشوارع تطالب ببقاء كلوف في منصبه، وفي المقابل إدارة النادي قررت رحيله، وفي نفس الوقت كان المدرب يظهر على التلفاز يهاجم الإدارة واصفا إيها بـ"قليلة المعرفة فيما يخص كرة القدم".
جيمس لوتون صحفي "إندبندنت" تحدث عن فترة كلوف مع دربي قائلا :"دبري كانت فترة صناعة بريان كلوف لكنها تمت بعنف، انضم إليهم مدربا شابا وعلى عجالة، وقام بعمل رائع، وغادر بطريقة رائعة وهو مشهور ومثير للغضب".
وتولى ديف ماكاي لاعب الفريق السابق تحت إمرة كلوف مهمة تدريب الفريق، ونجح في الفوز بلقب الدوري لكنه فشل في الاستمرار على نمط المنافسة.
رحل طاقم كلوف التدريبي بالكامل، ليتولى مهمة تدريب برايتون وهوف ألبيون. كلوف لم يكن راضيا عن تلك التجربة ووصفها بالمنطقة المعزولة والقريبة من فرنسا.
لم تكن تجربة ناجحة مثل تجربته في الشمال، فقط فاز بـ12 مباراة من 32 خاضها مع فريق الدرجة الثالثة.
لم يشعر قط بالراحة أو الرضا، فمنذ أعوام قلائل كان يدرب فريقا يواجه يوفنتوس ويفوز بدوري الدرجة الأولى، ومع برايتون عليه أن يبدأ من جديد. وخسر من فريق هواة في كأس الاتحاد ثم بنتيجة 2-8 من بريستول روفرز لينهي الموسم في المركز الـ19.
يوليو 1974
كان دون ريفي قد أخبر لاعبيه في ليدز يونايتد خلال موسم 1973\74 أنه سيتولى تدريب منتخب إنجلترا، وفي يوليو 1974 قبِل المهمة ليخلف ألف رامسي والمدرب المؤقت من بعده جو ميرسر.
قال ماني كوسينس رئيس النادي في ذلك الوقت:"هناك اختيار وحيد واضح، مدرب شاب وذكي ولديه الكثير من الأفكار الجديدة سيكون مناسبا للوظيفة".
لا أحد يعلم حقا لماذا قرر كلوف قبول تلك المهمة، ليدز يونايتد عينه في المنصب وكان ذلك أمرا غريبا ومفاجئا خاصة بعد انتقاد النادي ودون ريفي لفترة طويلة ووصفهم بالغشاشين. استمر بيتر تايلور في الجنوب وعمل كمدرب لفريق برايتون خلفا لكلوف.
خلال يومه الأول في النادي أشار للاعبين من بعيد، ثم ذهب ليلقي التحية في ملعب التدريبات.
وقال لهم:"يمكنك أن تلقوا بكافة الميداليات التي حصلتم عليها في سلة القمامة، لأنكم لم تفوزوا بها بشكل عادل".
لم تدم فترته طويلا، فقط 44 يوما، وفاز في مباراة وحيدة من 6 مباريات، والنادي احتل المركز 19 في جدول الترتيب، وحقق أسوأ بداية لهم منذ هبوط النادي قبل 15 عاما من توليه المهمة.
وفي لمحة ممتازة لقناة "يوركشاير". استضاف أوستن ميتشل الثنائي دون ريفي مدرب إنجلترا وبريان كلوف مدرب ليدز السابق في نفس اليوم الذي أقيل فيه. لينتج عنها واحدة من أفضل المقابلات في تاريخ بريطانيا.
دون ريفي: "اعتقد أن بريان انتقد العديد من الأشخاص الذين تقف أرقامهم وتتحدث عنهم وهذا أمر خاطئ".
"تتحدث عن أسلوبنا، كنا أكثر طرف ممتع والأقوى هجوميا".
بريان كلوف:"لكن أيضا لم يكن فريقك ملتزما ويلعب بطريقة نظيفة".
ريفي:"لماذا قبلت إذا بالوظيفة؟".
كلوف:"لأنها أفضل وظيفة في الدولة، أردت الفوز بدوري الأبطال هذا العام، وأردت فعل شيء لم تفعله".
كلوف:"قلت للاعبين إنني سأفوز بالدوري بطريقة أفضل منك".
ريفي: "لا يوجد طريقة أفضل من طريقتي".
أوستن ميتشل لـ كلوف: ماذا الآن.. ماذا سيحدث لكلوف بعد إقالته من تدريب ليدز؟
كلوف: مليون شيء سيحدث لـ بريان كلوف.
أوستن: ألن يكون الوضع صعبا؟ بعد خلافك مع دربي ثم رحيلك بهذه الطريقة من ليدز؟ من سيتصل بك وينقذك؟
---
"كنا نتساءل من سيكون المدرب التالي، واتضح أنه السيد بريان كلوف".
6 أسابيع كاملة ابتعد خلالها كلوف عن الساحة منذ تجربة ليدز الفاشلة، قبل أن يتواصل معه نادي نوتنجهام فورست لتولي المهمة.
6 يناير 1975
علم كلوف قبل أيام قليلة أنه سيصبح المدرب الجديد لنادي نوتنجهام فورست، واحتاج لبعض الأيام الأخرى لفهم مشاكل النادي.
"أردت العودة لعالم كرة القدم، كان لدينا شيئا مشتركا، كلانا يريد النجاح". كلوف.
مدينة نوتنجهام كانت ترتبط بروبن هود والقلعة وشجرة البلوط العظيمة وغيرها، لكن كرة القدم؟ لم يكن أفضل مجال يجيدون فيه أي شيء أو يشتهرون به.
كان فريق وسط جدول بدوري الدرجة الثانية، قبل كلوف مر على النادي 4 مدربين في فترة صغيرة للغاية، كان قابعا في الدرجة الثانية، ولا يوجد أي مؤشر لعودة النادي للدرجة الأولى.
نوتنجهام شاهدوا العمل الكبير الذي قام به كلوف مع دربي كاونتي، لكن السؤال المطروح هل يمكنه تكرار ما فعله مجددا مع نوتنجهام؟
يقول مارتن أونيل الجناح الأيمن للفريق والذي لعب 10 أعوام في الفترة من 1971 وحتى 1981:"كنا في حالة رعب كبيرة حينما كان قادما نحونا باتجاه غرفة الملابس، النجومية خلال أيامنا هذه يمكن تحقيقها بسهولة، لكن كلوف كان كبير المشاهير، كان ضيفا لبرنامج باركنسون كل أسبوع".
امتلك نوتنجهام بين صفوفه إيان بوير، وتوني وودكوك ومارتن أونيل وجون روبيرتسون وفيف أندرسون.
هؤلاء اللاعبين الذين تحولوا فيما بعد إلى أساطير، لم يكونوا كذلك قبل وصول كلوف لتولي المهمة، ربما امتلكوا القدرة لكنهم لم يتمكنوا يوما من إظهار موهبتهم قبل أن يتولى مدربهم الجديد المهمة.
"دفع الباب فجأة، ودخل قائلا، أنا المدرب الجديد لنادي نوتنجهام فورست". فيف أندرسون.
لم يكرر كلوف خطأه في دربي، لم يطالب رئيس النادي بإنفاق الملايين، ليس علنا على الأقل، كان واثقا كل الثقة من قدرته على تطوير لاعبيه الموجودين، بجانب التعامل بذكاء مع الإدارة.
من سيضم كلوف؟ بالطبع الثنائي المحبب إلى قلبه والذي يضمه في كل مكان، جون أوهير وجون ماكجوفرين.
قال ماكجوفرين :"قابلت كلوف في مكتب البريد والمفاوضات لم تدم أكثر من 10 ثوان".
أثناء عمله على تجهيز فريقه، اتصل صحفي صديق لكلوف من شمال إنجلترا يسأله عن حاجته لضم ظهير أيسر، وقال له إن فرانك كلارك متاح مجانا، كما ضم كولين باريت وأقنعه أن نوتنجهام أفضل من رديف مانشستر سيتي.
16 يوليو 1976
أصبحت الأمور أفضل بكثير انضم بيتر تايلور إلى رفيق دربه ليكوّن المزيج المثالي، ويبدأن في كتابة حكاية جديدة مثل قصة دربي، وفي نفس العام قرر التوقيع مع لاري لويد مدافع كوفنتري بطريقة فريدة للغاية.
"سألني هل لديك غسالة ومجففات وأشياء في المنزل؟ قلت له تعطلت غسالة زوجتي".
"قال لي اترك هذا لي، ثم أتى اثنان من العمال ومعهم غسالة إلى منزلي، في اليوم التالي ذهبت إلى تدريبات نوتنجهام فورست، ثم قابلت سيدتين، نساء المغسلة في النادي، قالتا لي أنت لويد؟ قلت لهما نعم، قالا لي أنت من سرق غسالة النادي؟".
تصاعدت وتيرة الأداء والتفاهم مع اللاعبين، وكل لاعب كان ينضم إلى كتيبة نوتنجهام فورست يحولها للأفضل، وفي موسم 76\77 تبدّل الحال كثيرا ولم يعد ناديا سيئا بل فريق جيد ويحترمه الجميع.
كان شعار كلوف: إن عملت بكد فستلعب بطريقة جيدة، وإن لعبت بطريقة جيدة، فستستمتع بالأمر، وهذا كل شيء.
خلق كلوف داخل اللاعبين رغبة كبيرة بالوصول إلى القمة، بجانب مساعدة كبيرة من بيتر تايلور، إلى أن تأهل الفريق إلى الدرجة الأولى.
قال أرتشي جيميل لاعب الفريق عنه:"إن سألت عن أفضل مدرب فالرد كان أن هناك شخص واحد فقط، كلوف الاستثنائي، والثرثار أيضا".
"يمكن لكلوف التعايش مع أي شيء تفعله في الملعب طالما تقدّم أقصى ما لديك، في الحقيقة، ستكون مستعدا للموت من أجل زميلك".
في أول مباراة في الموسم قالت الصحف إن إيفرتون سيفوز بكل بساطة في جوديسون بارك ضد نوتنجهام، لكن انتهى اللقاء بنتيجة 3-1 لصالح الفريق الصاعد حديثا من الدرجة الثانية، عكس التيار. وعقب انتهاء المباراة اتجه بيل شانكلي أسطورة تدريب ليفربول لتهنئة الفريق وقال لهم:"الدوري مارثون طويل وليست مجرد مسابقة عدو فزتم بها للتو".
قال أونيل عن عهد كلوف في نوتنجهام:"لم يكن هناك أي خطة، لم تكن هناك واحدة قط، كان يأتي قبل المباراة ويقول لنا هذه هي الكرة مررها إلى زميلك، وأنت مدافع اضرب الكرة برأسك بعيدا واركلها إن كان لديك الوقت والكرة بين قدميك اعطها للاعب يمكنه اللعب بها وتوزيعها".
فيما بعد أوضح كلوف طريقته قائلا:"اختصرنا الأشياء إلى حد كبير من البساطة، ربما المدربين الآخرين وجدوا ذلك أمرا معقدا للغاية، لا أعلم إن كان تلك ميزة لدي لكن الأمر بسيط ومباشر للغاية لي، نحن نلعب الكرة للإمتاع، وهذا ما أريده بساطة وإمتاع وفوز".
"لا يمكنك أن تلعب حقا إن لم تكن لديك تلك الكرة الصغيرة التي نلعب بها، إن احتفظوا بها أكثر مما نفعل فهذا انتهاك محرمات".
"الركلات الحرة؟ سددها، وغير المباشرة؟ مرر ثم سدد".
كان ذلك أسلوب كلوف، بسيط ومباشرة ويصعب على الخصوم إيقافه بأي شكل، حتى ليفربول الفريق العظيم في تلك الحقبة وواحد من الأفضل في تاريخ أوروبا، لم يستطع الوقوف أمامه.
في بداية موسم 77\78 لم يثق أحد مطلقا في قدرة نوتينجهام فورست على فعل أي شيء، لكن النتائج استمرت، وعناوين الصحف؟ "لن يستمروا سيسقطون".
الإعلام كان يتحدث عن شيء واحد، أن نوتنجهام فورست مجرد فقاعة ستنتهي سريعا، لا يمكن أن تستمر نتائجهم الجيدة، خاصة مع كل خسارة لهم.
ورد كلوف كان دائما ثابتا قبل كل مباراة:"هل ستنفجر الفقاعة هذا الأسبوع؟".
الفريق كان يحاول الفوز بأفضل طريقة ممكنة وبشكل ممتع، الجماهير دوما كانت متحمسة لمشاهدة نوتنجهام فورست ومدربهم وهو يحفزهم من الخط.
"الكل سيعرف من نحن حينما نفوز باللقب".
في الجولة الـ21 من ذلك الموسم حانت لحظة الحقيقة حينما جاءت مواجهة ليفربول، والكل بالطبع رجح كفة العمالقة، جرايم سونيس وكيني دالجليش وتومي سميث وستيف هايواي وجون توشاك وغيرهم. لكن المباراة انتهت بالتعادل ونوتنجهام وقف ندا بالند للحمر.
وأخيرا، حصد نوتنجهام لقب الدوري، وكما قال كلوف:"كرة القدم أرادت منا أن نفوز بذلك اللقب".
أخيرا تحقق حلم كلوف وعاد للمشاركة في كأس أوروبا، وتبقى حلم آخر لم ينجح في تحقيقه مع ليدز أو دربي، الفوز بها.
وكأنه كان يعرف الخلطة المناسبة، لم يتمكن ليفربول ذهابا وإيابا في الجولة الأولى من تسجيل هدف وحيد ضده، بدا وكأن الفريق عرف جيدا كيف يفوز ويتخطى الحمر.
في لقاء الذهاب الذي شهد انتصار نوتنجهام بنتيجة 2-0، تم تسجيل واحدا من أفضل الأهداف في تاريخ البطولة وأيضا في تاريخ الفرق التي دربها كلوف.
انطلق جاري بيرتلز بالكرة جهة اليسار، ثم قفز كل من بيتر تايلور وكلوف من مقاعدهما ويتساءلان عما يحدث ويعترضان عليه يصرخان "أين تذهب". قام بيرتلز بإرسال كرة عرضية ثم مهدها توني وودكوك برأسية إلى كولين باريت الذي لم ينتظر للحظة وسجل الهدف بشكل جميل.
يقول باريت عن الهدف:"لـ10 سنوات لم أشاهد هذا الهدف قط، كان لدي في المنزل على شريط فيديو، استخدمته زوجتي لتسجيل حلقة من مسلسل دالاس".
قبل مباراة الإياب ضد ليفربول، فاز الحمر بنتيجة 7-0 في الدوري، لكن كلوف؟ :"لم يتمكنوا من تسجيل هدف وحيد ضدي، نحن كنا سنفوز بدورنا بنتيجة 7 ضد توتنام، هذا ليس كثيرا، نقطة ضعف ليفربول؟ لم يسجلوا ضدي، لا تسجل 7 أهداف في حنجرة شخص آخر، تعال وافعل ذلك ضدي".
بعد ذلك كان على كتيبة نوتنجهام مواجهة آيك آثينا، وكان ذلك أول اختبار حقيقي لمواجهة ناد أوروبي بعيدا عن إنجلترا.
قال فيف أندرسون:"كنا نقيم في أماكن على البحر، وكنت في غرفتي مع وودكوك، فجأة انطفأت الأنوار، وبدأت أفكر، وأتخيل، كنت وحدي في المرحاض، ولم يكن توني قد عاد بعد، تخيلت أنهم قادمون للنيل مني".
يتابع توني وودكوك:"حينما طرقت الباب، فزع فيف، وقال من هناك، وظل يصرخ".
تلك الحالة تسببت بها الصحف وجميع المحللين قبل المباراة، الذين أقنعوا اللاعبين أن آيك أثينا سيفعل أي شيء للفوز.
نجح نوتنجهام فورست في الفوز بنتيجة 7-2 بمجموع مباراتي الذهاب والإياب.
أضاف كلوف قطعة جديدة إلى فريقه، تريفور فرانسيس الجناح الأيمن عام 1979، بمبلغ مليون جنيه إسترليني، ولم يدفع قط ذلك المبلغ لضم لاعب من قبل، وكان ذلك في شهر فبراير قبل شهر من مواجهة جراسهوبرز في ربع نهائي دوري الأبطال.
في تلك الفترة لم يكن بريان كلوف مجرد مدرب، بل مدير للنادي أيضا، كان حريصا على أن يكون ما يتم صرفه مساويا تماما لما يتم الحصول عليه، لم يكن هناك مالك ناد يمنحه المال كان عليه فعل ذلك بنفسه.
نجح في الفوز ذهابا ضد الفريق السويسري بنتيجة 4-1، وقبل لقاء الإياب كان عليه أن يخوض مباراة نهائي كأس الرابطة ضد ساوثامبتون، طلب كلوف من مساعده تايلور أن يخرج مع الفريق للملعب لأن الاتحاد لن يسمح للاثنين بالخروج معا، ونجح الفريق في الفوز بالكأس.
في نصف النهائي كان عليه مواجهة كولن. وكلوف كانت لديه وجهة نظر ثابتة، أن الألمان يلعبون كرة القدم بطريقة أقرب للإنجليز أكثر من أي أحد آخر.
كان كولن أسرع فريق واجهه فورست، لم تغير أرض الملعب من طريقة لعبهم قط، تقدم كولن بهدفين في بداية المباراة، وكاد أن يأتي الهدف الثالث، لولا أن الكرة مرت بجوار القائم. بطريقة ما تعادل فورست بنتيجة 2-2 قبل أن ينتهي اللقاء بنتيجة 3-3.
توجه فورست إلى كولن بدون أي أفضلية، لأنه تعادل على أرضه بنتيجة 3-3، كلوف كان واثقا كليا من الفوز هناك.
منذ عامين أو 3 كان فورست فريقا في منتصف الجدول أو أسفل ذلك في دوري الدرجة الثانية الإنجليزي، والآن هم سيواجهون مالمو في نهائي كأس أوروبا.
سجل تريفور فرانسيس برأسية رائعة هدف المباراة الوحيد ليتوج نوتنجهام فورست باللقب. حقق كلوف حلمه أخيرا، بل وأكثر من ذلك، حصده مرة أخرى في العام التالي ليكتب تاريخا خاصا به، ويغير وجه الكرة الإنجليزية بجانب دون ريفي للأبد.
البعض كان يصنفه كثرثار بغيض، وآخرون صنفوه كاستثنائي، إنه مجرد عبقري آمَن بحلمه وطريقة تفكيره حتى حقق ما أراد.
المصادر: (وثائقي بريان كلوف أعظم مدرب إنجليزي – وثائقي أنا أؤمن بالمعجزات – وثائقي كلوف: قصة بريان كلوف – كتاب كلوف: السيرة الذاتية – كتاب السير على الماء – مقالات صحفية)
طالع أيضا:
دونجا: جروس ومرتضى رفضا رحيلي إلى بيراميدز
أزمة دفاعية في ملامح سحق يونايتد ليانج بويز
الأهلي: نفاذ التذاكر الالكترونية للقاء هوريا