يوم الظاهرة - رونالدو.. وحكاية "ألف ليلة" من الإصابات
الثلاثاء، 18 سبتمبر 2018 - 16:38
كتب : إسلام حسن
الرقم الذي قرأته في العنوان ليس مجازيا أو تعبيرا عن طول مدة الإصابات، إنه حقيقي بل ويزيد عنه أيضا.. 1081 يوما ربما يكونوا كافيين لوضع لاعبين في قائمة المنسيين بتاريخ كرة القدم.. ولكن ليس رونالدو نازاريو
كثيرا مع نسمع مقولة "لولا الإصابات لاختلف وضع رونالدو" وعلى الرغم من ذلك يضعه الغالبية العظمى في قائمة أفضل المهاجمين على مر التاريخ
42 عاما مروا على ميلاد لاعب قضى سنوات بعيدا عن الملاعب، وكتب التاريخ مع برشلونة وإنتر ميلان وريال مدريد والمنتخب البرازيلي.
FilGoal.com يعود بالزمن إلى آخر التسعينيات وأول الألفية الثالثة في جولة مع رونالدو في رحلته لتحدي المعاناة الدائمة
2002
الشعب البرازيلي حاول نسيان ما حدث في نهائي 1998، الذكرى السيئة التي أصبحت تطارد الجميع، جماهير ومسؤولين في الاتحاد البرازيلي واللاعبين أيضا.
ربما ليلة باريس في النهائي أمام فرنسا هي الذكرى الأسوأ في تاريخ كل اللاعبين الذين شاركوا بها، وها هي البرازيل تتأهل للنهائي مرة أخرى في 2002 بمونديال كوريا واليابان.
إيطاليا 1994 – فرنسا 1998 – كوريا واليابان 2002.. صاحب القميص رقم 20 قديما يستعد للنهائي الثالث على التوالي..
هدف رونالدينيو الشهير في مرمى سيمان ساهم في تأهل البرازيل للمباراة النهائية أمام ألمانيا المتعطشة للبطولة المفقودة من 12 عاما.
وسائل الإعلام بدأت تتحدث عن إصابة لرونالدو في الفخذ ربما تؤثر على مشاركته في نهائي المونديال
رونالدو لن يسمح بذلك..
****
1998
أخيرا بدأ صيف مونديالي جديد والجميع يشد الرحال إلى فرنسا، وآمال البرازيليين متعلقة بأقدام لاعبيها، من بينهم المهاجم الأفضل في العالم..
انتهى موسم شاق لرونالدو مع إنتر، كان أسوأ ما فيه خسارة الدوري الإيطالي أمام يوفنتوس بفارق 5 نقاط فقط، ولكن الفوز بكأس الاتحاد الأوروبي والتسجيل في مرمى لاتسيو بالنهائي كان خير معوضا للإخفاق المحلي.
رونالدو فشل مع إنتر في الدوري في 12 مباراة فقط بمجموع 25 هدف، ولكن هذا لم يكن كافيا للفوز بلقب الهداف أمام أوليفير بيرهوف بفارق هدفين فقط.
بداية المعاناة
الأمر ليس له علاقة بكرة القدم، رونالدو تعرض لنوبة تشنجات في الليلة السابقة للنهائي الكارثي الشهير. المرض وزين الدين زيدان ساهما في صناعة الذكرى الأسوأ في تاريخ رونالدو
مستوى رونالدو السئ في قبل نهائي ونهائي المونديال بسبب المرض والعلاقة المثيرة للجدل بأحد الفتيات البرازيليات لم يمنع شركة سوني من جعل رونالدو الأفضل في الإصدار الأول من لعبة تدعى PlayStaion
وفي هوليوود، كان فيلم Face/off الأمريكي يحاول تعويض فشله في سباق الـ Box Office . أحد أروع أعمال جون ترافولتا ونيكولاس كيدج تصدرت مبيعات اسطوانات الـ DVD في فرنسا وإسبانيا وإيطاليا، وشرائط الفيديو أيضا في بعض الدول العربية.
المخرج الصيني ( جون وو ) خرج عن المألوف في هذا الفيلم، وقدم مشهد اقتحام الشرطة لمنزل العصابة والذي تضمن دماء وقتل ودمار ، بخلفية موسيقى لأغنية Over The Rainbow الهادئة، والتي ساهمت في الحد من خوف أحد أبناء العصابة بعدما كان يسمعها في سماعات اذنه.
(جوون هو ) سُئل عن هذا المشهد في حوار أجراه مع (بي بي سي) البريطانية عام 1998 قائلا
"مهما حدث من حولك، ومهما رأيت من مآسي، يمكنك أن تنعزل، استخدم الموسيقى أو ما تحبه كي تستمتع وتعبر الأزمات مهما رأت عينك، وقتها كل شئ سيمر.. وهذا ما فعله الطفل في الفيلم كي لا يخاف.. وهذه هي رسالتي".
لا ندري، هل سمع رونالدو هذه الكلمات بعد إخفاق كأس العالم؟. الظاهرة سيستخدم المبدأ نفسه لاحقا.
ليتشي 99
استطاع رونالدو تخطي أزمة كأس العالم سريعا، وها هو يعود للتألق مع إنتر ميلان
الأمور كانت أكثر من رائعة، مباراة بمثابة "حصة تدريبية" لإنتر أمام فريق متواضع مثل ليتشي، رونالدو وزامورانو في الهجوم.. والأهداف تنهال على شباك ليتشي
يقول مارشيلو ليبي: "رونالدو قدم واحدة من أروع مباريات، كان يركض في كل اتجاه، ولكن ما حدث عكر صفو كل شئ".
رونالدو تعرض لإصابة غريبة دون أن يتدخل مع لاعب ليتشي، اضطر لإخراج الكرة التي كانت بحوزته وطلب من ليبي استبداله على الفور.
التشخيص الطبي أثبت إصابة رونالدو بتمزق في أربطة الركبة.. ليبي قال إنه كان يتوقع أن الإصابة ليست بسيطة، ربما لم ينظر إليه لهذا السبب
114 يوما أبعدوا رونالدو عن الملاعب وعانى إنتر في غيابه لفترات، حتى جاء موعد العودة غير المكتملة الشهير مع تكرار إصابته في نهائي كأس إيطاليا بمجرد مشاركته كبديل.
مويز كوهين، هو الطبيب الذي أجرى لرونالدو العملية الجراحية في هذه الفترة قال في تصريحات صحفية: إذا قارنا اللاعب الذي كان يلعب في أيندهوفن قبل سنوات بلاعب إنتر ميلان الحالي الذي لعب أمام لاتتسيو سنجد أن الفارق كبير".
"رونالدو لم يكن بنفس الوزن الذي هو عليه اليوم، كل يوم أصادف رياضيين يعانون من المشكلة نفسها.. حيث أن كتلتهم العضلية تزيد بشكل مبالغ فيه، وهذا يسير الشذوذات الرهيبة في نظمهم الجسدية، والتي حتما تخلق المشاكل".
الغياب هذه المرة كان لمدة أطول، 522 يوما افتقده إنتر فيهم لـ60 مباراة.
بدأت المشاكل في الظهور بسبب الإصابات المتكررة
كلمة واحدة تسببت في إثارة الأزمات خلال مقابلة تليفزيونية مع شبكة (سكاي) بعد مباراة ليتشي عندما قال: "أعاني من إصابة مزمنة".
أما صحيفة (لاجازيتا ديللو سبورت) فقد طالبت إنتر ميلان بتوضيح الإصابة المزمنة التي اعترف بها رونالدو
في اليوم التالي، ادعى إنتر أن كلمة (مزمنة) هو خطأ لغوي في لغة رونالدو الإيطالية، وأنه يقصد "إصابة طويلة" ليس أكثر.
الانتقادات لم تتوقف صحيفة جارديان البريطانية أشارت إلى المبلغ الذي يتقاضاه اللاعب أسبوعيا والذي وصل إلى 160 ألف جنيه إسترليني أسبوعيا.. والمحصلة؟ لا شئ.. فمنذ نهائي 1998 لم يقدم رونالدو شئ.
عاد رونالدو من الإصابة وشارك لنصف ساعة في كأس الاتحاد الأوروبي أمام باراسوف، وهذا ما نشرته صحيفة "أيريش تايم" الأيرلندية بعد المباراة:-
"لعب رونالدو لمدة نصف ساعة، ظهر بطيئا وذو وزن زائد، وتائه في الملعب، لمس الكرة 14 أو 15 مرة وخسرها في كل مرة.. لقد فشل في إحداث أي تغيير حقيقي في المباراة السهلة"
وعلى الرغم من ذلك، استدعاه المنتخب البرازيلي في لاستكمال التصفيات المؤهلة لكأس العالم، وصيف العالم يحتل المركز الرابع في تصفيات أمريكا الجنوبية، ويخشى فيليب سكولاري من حدوث كارثة.. فالوضع لم يعد يحتمل.
هيكتور كوبر، المدير الفني للفريق الإيطالي حينها علق على استدعاء رونالدو للسيليساو قائلا: "لا أحتاج للحديث أني لست سعيدا بهذا الاستدعاء لأن اللاعب يتبع حاليا برامج محددة للغاية"
بدأ رونالدو في العودة تدريجياً، قدمه وطأت الملعب لأول مرة منذ 522 في السادس عشر من سبتمبر عام 2001، ويتبقى أقل من عام على كأس العالم.. بأحلام جديدة
****
2002
الإصابة لن تجعل رونالدو يستسلم، الظاهرة قرر أن يظهر بقصة شعر غريبة ومختلفة، وقال لاحقا لصحيفة (آس) الإسبانية: "كانت هذه خدعة كي ينشغل الناس بمظهري الجديد وعدم التحدث عن الإصابة.. لم أكن أرغب في أن تتكرر كارثة 1998".
رونالدو "نزع الوجه القديم" وقرر أن يستمتع رغما عن الإصابات، فالدموع لن يكن لها مكان في حكاية رونالدو مرة أخرى
الاغنية التي استخدمها مخرج فيلم Face / off في أحد مشاهد الاكشن كانت لـ جودي جارلاند في فيلم "ساحرة أوز" الذي تم إنتاجه في آخر الثلاثينيات من القرن الماضي، كانت هذه كلماتها:
( في مكان ما فوق قوس قزح، الأحلام تصبح حقيقة، في يوم من الأيام سأستيقظ والغيوم ستصبح بعيدة.. ستذوب كل المشاكل.. ستذوب مثل قطرات الليمون )
رونالدو استمتع على طريقته الخاصة، وقرر إظهار تأثره بالشخصية الكارتونية منذ طفولته
كاسكاو، الشخصية البرازيلية المفضلة لرونالدو في طفولته مطلع الثمانينيات، والذي لا يهتم بمظهره أبدا، ولكنه اشتهر بإبداعه وأفكاره الشيقة وتغلبه على المصاعب مهما كانت..
رونالدو أكد أنه شعر بالارتياح الشديد في هذا اليوم بعد هذا المظهر الغريب.. وكانت آخر ليلة سعيدة تعيشها البرازيل في كأس العالم
"شعرت بالضيق الشديد بعد المباراة، كلما رأيت طفلا في البرازيل يحاول تقليدي كنت أغضب بشدة.. هذه الحلاقة لم تعجبني في الأساس.. لم يكن هدفي أن تنتشر بهذه الطريقة".
كابوس 2008
كانت الأمور تسير بشكل جيد في ريال مدريد بعد 2002 على صعيد الإصابات الطويلة التي لم تعاوده مرة أخرى.
في موسم 2007 – 2008 كان رونالدو قد عاد إلى إيطاليا عبر بوابة إيه سي ميلان وعاش الكابوس مرة أخرى..
شهدت الدقيقة 56 إشراك رونالدو بديلا لجيرلاردينو. 5 دقائق فقط فصلته عن العودة مرة أخرى إلى مقاعد البدلاء مصابا.
تذكر كل الحاضرين في سان سيرو ما حدث مع اللاعب قبل 7 سنوات من تلك الواقعة.
وكأن مشهد مباراة لاتسيو في نهائي الكأس يتكرر بحذافيره، رونالدو يبتعد مرة أخرى عن الملاعب لـ262.. لتصبح لقطة السقوط في سان سيرو هي الظهور الأخير له في أوروبا..
291 هدفا في 238 مباراة على مستوى الأندية، أصبح فيها رونالدو نازاريو الأفضل في العالم، وربما في التاريخ رغم الحظ السئ.
"رونالدو شخص محظوظ، لديه ثروة ضخمة وزوجة جميلة وطفل رائع وينعم بحياة مستقرة.. إنه محظوظ في كل شئ، إلا كرة القدم"
مارشيلو ليبي، 2001.
طالع في يوم الظاهرة
(رونالدو ولعنة دوري أبطال أوروبا)
(قابل الرجل الذي اكتشف رونالدو)
(قصص كروية حزينة.. صراخ رونالدو في النفق)