كتب : محمد هشام محرم
شُكرًا لك روما، شُكرًا لأنك تبقينا على قيد الحياة.
كلمات غناها الإيطالي أنتونيلو فينديتي وتحولت بعد ذلك لأغنية أيقونية يتغنى بها جمهور روما في مُدرجاتهم، لكن رُبما لم يكن يعلم أن كلماته تلك ستتحقق حرفيًا في الحادي عشر من سبتمبر عام 2001.
أنتوني زومباريلي، مُشجع لروما استعاد ذكرياته مع اليوم الذي أنقذ فيه روما حياته وأبقاه حبه للجيالوروسي على قيد الحياة، وقصّها على المُشجعين في أنحاء العالم عبر الموقع الرسمي لنادي روما الإيطالي.
....................................................................
طالما كان روما جزءا هامًا في حياتي مُنذ كُنت طفلا صغيرا، والدي مهاجر إيطالي، وعندما حط الرحال في أمريكا عام 1970 جاء وفي قلبه حب روما، وكأي طفل، أصبحت مشجعا للفريق الذي يُحبه والدي.
ظلت الموسيقى الافتتاحية لبرنامج "90 دقيقة" عالقة في ذهني منذ طفولتي، لقد كبرت وأنا استمع إلى قصص عن برونو كونتي، فالكاو وموسم 1983 الذي حقق فيه روما السكوديتو.
سمعت عن الغُصة التي نالت من قلب كل رومانيستا بعد نهائي دوري الأبطال 1984 ضد ليفربول، وبالطبع عشت في عصور الظلام في التسعينيات، حينما فشل روما في مُعانقة السكوديتو مرة أخرى بالرغم من عظمة قائده جيانيني الذي استحق أكثر بكثير مما ناله.
لكن برغم كل هذا، بقيت مشجعا فخورا لروما، الفريق الذي وقع عليه اختيار قلبي وبلا شك فإن فرانشيسكو توتي هو لاعبي المُفضل، هو رومانو حقيقي، رمز لروما، المدينة والنادي، شاهدته يتطور في روما منذ كان عمره 16 عاما ولأنه من نفس سني تقريبا، شعرت برابط عجيب يربطني بفرانشيسكو.
تابعت أداءه الاستثنائي في البطولة الأوروبية عام 2000 وبسببه تفاءلت حد السماء قبل موسم 2001، وجاءت النهاية السعيدة بالفوز بالسكوديتو بعد 18 عاما عجافا.
كانت لحظة من أهم لحظات حياتي، أذكر جيدا سعادتي يومها، أذكر كيف بكينا، أنا وأخي وأبي بعد التتويج بالدوري.
في مباراتنا الأخيرة ضد بارما التي انتهت 3-1، سجل لاعبي المفضل "توتي" هدفا، وكذلك لاعب أبي المفضل "مونتيلا" ولاعب أخي المفضل "باتيستوتا"، سأحمل عظمة هذا اليوم في قلبي للأبد، وأشكر الله كل يوم أنني كنت محظوظا برؤية روما يحقق لقب الدوري الإيطالي.
هكذا بدأ حبي لروما، لكن الآن، سأقص عليكم قصتي..
كنت أعمل كمستشارا ماليا في "مارش أند ماكلينين" لأكثر من 13 عاما، مقر العمل كان يقع في مركز التجارة العالمي في الطابق رقم 100 من البرج الأول، وفي صباح الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، اتصلت بالمكتب واعتذرت عن عدم حضوري للعمل هذا اليوم لظروف مَرضية، لكن الحقيقة أنني لم أكن مريضا، لقد تصنعت المرض لأبقى في المنزل وأُشاهد مباراة روما ضد ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا.
كانت مباراة مهمة جدا بالنسبة لي لعدة أسباب، أولها كان أنها الظهورالأول لروما في دوري أبطال أوروبا بشكله الجديد وثانيها أن روما بطل إيطاليا كان سيواجه ريال مدريد على ملعب الأوليمبيكو، والأهم من ذلك أن المباراة كانت مُذاعة على الهواء مباشرة على قناة ESPN وهو أمر استثنائي لأن مُباريات روما لم تكن تُبث أبدا على محطات التلفزيون الأمريكي في ذلك الوقت، ولسوء الحظ، تبين لي أن يومي العظيم قد تحول إلى كابوس مرعب.
الجميع يعلم ما حدث في مدينة نيويورك هذا اليوم، ولا داع لسرد تفاصيل هذا الحادث، في 11 سبتمبر، فقدت شركتي 291 من موظفيها، 10 منهم كانوا من أصدقائي المُقربين، هؤلاء لم يكونوا مُجرد زملاء عمل، بل كانوا بمثابة عائلتي الثانية، لن أنساهم أبدا وسأحملهم في قلبي للأبد أينما ذهبت.
بالطبع سأظل شاكرا أنني لم أذهب للعمل يومها، وسأظل للأبد مُمتنا لله ومدينا لروما بحياتي، أنا على قيد الحياة الآن بسببهم.
في العام التالي، عرفت أن فريق روما سيتواجد في نيويورك ليلعب مباراة استعراضية ضد ريال مدريد في الثامن من أغسطس 2002، وقتها شعرت وكأن روما قد حقق السكوديتو مرة أخرى، قُمت بحجز 6 تذاكر لهذه المباراة وانتظرتها كطفل ينتظر هداياه في ليلة عيد الميلاد.
أخيرا، سأشاهد أبطالي أصحاب القمصان الحمراء والصفراء، لكن لم أكن أعلم أن أحد أصدقاء والدي اعتاد على اصطحاب لاعبي الدوري الإيطالي في جولة بنيويورك كلما زاروا الولايات المُتحدة الأمريكية.
اصطحب بدوره لاعبي روما في جولة حول المدينة وقاموا بزيارة مبنى إمباير ستيت وجراوند زيرو، وأثناء هذه الزيارة، ذكر صديق والدي قصتي، وكيف أن مباراة روما في دوري الأبطال قد أنقذت حياتي، وحسب ما قال لي أن اللاعبين قد ذهلوا بالقصة، وأن باتيستوتا وتوماسي قد سألوه إن كان بالإمكان أن يُدبر لقاء بيني وبين الفريق.
كُنت سعيدا أكثر من أي وقت مضى أن نجوم وأبطال مثلهم أرداوا لقائي، ذهبت إلى فندق شيريدن نيويورك صبيحة يوم 7 أغسطس للقاء لاعبي الفريق الذي عشقته طوال حياتي.
قابلت باتيستوتا، توماسي، كانديلا، إيميرسون، صامويل، بانوتشي، أنطونيلي، بومبارديني وكاسانو لكن للأسف توتي كان يُعاني من إصابة كاحله الأيسر فلم يلتحق برحلة الفريق إلى نيويورك، قضيت معهم دقائق قليلة نظرا لجدولهم المُزدحم، لكنني سأعتز بهذه اللحظات ما حييت.
وفي الذكرى السنوية لمأساة مركز التجارة العالمي، أود أن أُذكر الجميع أن يحيوا الحياة على أكمل وجه، أن يعيشوا اليوم وكأنه آخر أيامهم على الأرض، أن يخوضوا الحياة بلا ندم وأن يُعانقوا أحباءهم كُلما سنحت الفُرصة وأن يستمتعوا بكل مايجعلهم سُعداء.
أنا مُمتن لأن لدي عائلتي وأصدقائي وفريقي الحبيب روما الذي يجعلني سعيدا دائما، وأفتخر به في الفوز وفي الخسارة، ولا يسعني أن أقول لروما إلا كما قال أنتونيلو فينديتي في أغنيته "جراتسي روما".
اقرأ أيضا:
تركي آل الشيخ: من غير المعقول انسحاب بيراميدز من الدوري بعد كل هذه الاستثمارات
مدرب الزمالك: هذا الثلاثي يستحق نظرة من أجيري
تركي آل الشيخ: بيراميدز يضع اللمسات النهائية لصفقة ضم نجم عربي كبير
الأهلي لـ في الجول: هذا هو عدد الحضور الجماهيري لمباراة هوريا في ملعب السلام
الأهلي ضد هوريا - المسافة الأطول في مشوار استعادة الكأس الغائبة منذ 5 سنوات
مرتضى لـ في الجول: سألت هاني رمزي لماذا لا ينضم محمود علاء للمنتخب.. فرد عليه بـ"هاتريك"