"في الصيف وقبل بداية الموسم كان أهم ما يشغل تفكيري هو كيفية مواجهة الـ5-4-1 خاصة مع مهاجم يمارس أدوار الضغط على لاعب الارتكاز المدافع الخاص بي، هو نظام دفاعي محكم يعتمد على دفاع المنطقة المتأخر قليلا" كان ذلك التصريح أحد أبرز ما تحدث عنه بيب جوارديولا المدير الفني لفريق مانشستر سيتي في قناة sky sports قبل انطلاق الموسم الحالي.
وقبل أن نبدأ في الحديث بالتفصيل عن مواجهة مانشستر سيتي مع ولفرهامبتون علينا توضيح بعض النقاط المحورية في أسلوب لعب الإسباني جوارديولا.
هذه هي تقسيمة الملعب الخاصة بجوارديولا نفس التقسيم القديم للويس فان خال (جانبين أيمن وأيسر وعمق أكبرهم مساحة) مع إضافة تقسيم بتفصيل أكبر لمنطقة العمق (أنصاف مساحات يمنى ويسرى وعمق)، مع انتشار لاعبيه في كل منطقة بحيث لا يتواجد أكثر من ثنائي في مساحة واحدة طوليا.
ولكن أهم الأسلحة في ذلك التقسيم هما ثنائي الوسط المساندين (داخل المربع الأصفر).
ففي برشلونة على سبيل المثال كان هذا الثنائي دائما حلقة الربط بين الدفاع والهجوم وهما من ينقلان الفريق للثلث الأخير بتمركز بين الخطوط على يمين ويسار دائرة المنتصف.
كما ظهر جوارديولا نفسه في الوثائقي الخاص بالفريق في الموسم الماضي وهو يعطي التعليمات بضرورة التمرير سريعا للثنائي كيفين دي بروين وديفيد سيلفا في هاتين المساحتين.
الآن ننتقل إلى مواجهة الذئاب مع المواطنين، البداية من نونو إسبيريتو المدير الفني البرتغالي للفريق بالـ3-4-3 والتي تتحول دفاعيا إلى 5-4-1.
والتي تعد "عقدة" لبيب جوارديولا خاصة مع ضغط المهاجم على فرناندينيو سواء برقابة مباشرة أو باعتماد الـcover shadow إذ يضع اللاعب جسمه دائما في مسار التمرير من حامل الكرة واللاعب خلفه فيصبح كأنه ظله.
يمرر فينسينت كومباني إلى الجانب الأيمن حيث يتواجد برناردو سيلفا فيصبح الموقف بأفضلية لصالح الذئاب حيث يتحرك الجناح الأيسر المهاجم والجناح المدافع ولاعب الارتكاز الأيسر وقلب الدفاع الثالث جهة اليسار في مواجهة ظهير وجناح ولاعب وسط مساند من سيتي ويتم استخلاص الكرة.
من جديد الكرة في أقدام كومباني، المهاجم يغلق زوايا التمرير على فرناندينيو والجناح ومن خلفه الارتكاز الأيسر يغلقان أيضا على سيلفا، ليس هناك حل سوى التمرير للجانب الأيمن سواء لكايل ووكر أو برناردو.
أعادها ووكر إلى كومباني لينتقل للجهة الأخرى ليتكرر الأمر نفسه مع إلكاي جوندوجان.
تصل التمريرة إلى الجانب في أقدام بنجامين ميندي في حالة مثالية دفاعيا للذئاب 4ضد3 بتفوق واضح (الجناح الهاجم والارتكاز الأيمن والجناح المدافع وقلب الدفاع الثالث الأيمن).
من جديد عودة للخلف لنقل اللعب للجهة الأخرى مع إغلاق الزوايا على سيلفا ثم استخلاص الكرة في الجانب الأيسر لولفرهامبتون.
ولكن ماذا عن رد الفعل من جوارديولا وكيف خلق بعض الفرص؟
البداية كانت بدخول رحيم ستيرلينج كمهاجم ثان بجوار أجويرو والتحرك في القنوات الشاغرة بين لاعبي الخط الخلفي من أجل استلام تمريرات ميندي مثل هذه الحالة التي راوغ فيها ووصل لمنطقة الـ6 ياردات قبل أن يفشل في التمرير.
أو تمريرة جوندوجان تلك التي فشل في استقبالها.
لاحظ نفس أفكار الضغط من إسبيريتو.
صورة أوضح لكيفية توجيه الكرة إلى الجانب بإغلاق زوايا التمرير في العمق تماما.
الحل الثاني ولكنه لم يكتمل بسبب قرارات فردية من بعض اللاعبين، نفس الضغط من المنافس وتعود الكرة إلى كومباني وتنتقل للجهة الأخرى.
يراوغ ميندي وتفتح أمامه زاوية التمرير إلى سيلفا الذي يطلب الكرة بالفعل فلو مررها له لخلق الفريق تفوقا عدديا في الجانب العكسي "الأيمن" بثلاثي ووكر وسيلفا وبرناردو.
أو التمريرات القطرية من قلب الدفاع الأيسر إيمريك لابورتي إلى أقصى الجانب الأيمن مع تحرك سيلفا الطولي لجذب أنظار الجناح المدافع الأيسر للمنافس.
برناردو أصبح في موقف 1ضد1 لكنه لم ينجح في المراوغة وعاد إلى ووكر وفقد الفريق الكرة.
فكرة أخرى وهي محاولة خداع المنافس بالعودة بالكرة من اليسار إلى المدافع الأيسر ليبدأ لاعبوه في الترحيل للجانب الآخر فيعود بها لابورتي مجددا إلى اليسار ويصبح التفوق هنا لصالح سيتي ويخلق الفريق فرصة تهديف محققة.
المهاجم يراقب فرناندينيو ووجهة رباعي الوسط للجانب الآخر.
عاد لابورتي للجانب الأيسر عكس اتجاه لاعبي الذئاب وفي وجود زاوية تمرير إلى جوندوجان المتواجد دون رقابة ليمررها إلى ستيرلينج.
يبدأ الدفاع في الترحيل للتغطية في تلك المنطقة فتظهر الثغرة في الجانب العكسي.
وبدلا من أن يمرر جوندوجان إلى برناردو فضل التسديد في الدفاع.
حالة أخرى وفرصة تهديف جديدة، لابورتي إلى ميندي والجميع مراقب والتفوق لصالح المنافس كما هي العادة.
ليرسل ميندي تمريرته إلى أجويرو مع تحرك اللاعب الثالث(جوندوجان) وهي الفكرة المثالية لجوارديولا والتي يتحدث عنها دائما ويعتمدها أهم أعمدة أسلوبه، لينفرد جوندوجان ويسددها في يد الحارس.
بعدها بدأ جوارديولا في تحرير ستيرلينج بشكل أكبر ليتحرك في العمق خلف لاعبي وسط الملعب المشغولين بإغلاق زوايا التمرير على الثنائي سيلفا وجوندوجان في أنصاف المساحات اليمنى واليسرى.
فهذه الحالة انتهت بتسديدة أجويرو في القائم.
وهذه انتهت بتسديدة ستيرلينج ليتصدى لها الحارس والقائم أيضا.
وهذه حالة توضح الفكرة بشكل أفضل، ستيرلينج في العمق يتسلم تمريرة كومباني.
يمهدها إلى فرناندينيو في ظل تلاشي ضغط المهاجم الذي يتواجد أمامه وأصبح خلفه الآن بانتقال الكرة للخط التالي.
فيصبح جوندوجان حرا ويتسلم التمريرة ويمررها مجددا لستيرلينج الذي يحاول تمريرها إلى أجويرو ترتطم بالمدافع وتنتقل إلى سيلفا الذي مررها خلف أجويرو.
نعود إلى إسبيريتو، لم نتطرق إلى التنظيم الهجومي بالنسبة لفريقه والذي وضح من خلاله استغلال التفوق العددي على الجانبين والذي ظهر بوضوح في الحالات الدفاعية ليظهر أيضا هجوميا خاصة الجانب الأيسر.
الفريق يهاجم بطريقة 3-2-5 وهذه الصورة توضح ثلاثي الدفاع أمامهم ثنائي الوسط مع تقدم الجناحين المدافعين ودخول الجناحين المهاجمين للعمق قليلا.
في هذه الحالة قلب الدفاع الأيسر يتحول إلى ظهير، والجناح المدافع يصبح جناح مهاجم والجناح المهاجم يتحرك في أنصاف المساحات مع نقل وجهة اللعب من الجانب الأيمن للأيسر يصبح التفوق لصالح الذئاب بثلاثي هجومي أمام ثنائي الجبهة اليمنى للمواطنين.
وبسهولة يتم اختراق الجبهة وإرسال عرضية كادت تتحول إلى هدف.
الآن في حالة أخرى سيلفا يعاون ثنائي الجبهة اليمنى دفاعيا فيميل معه الارتكاز الأيسر ويصبح التفوق عدديا لصالح الذئاب من جديد ويخترقوا الجبهة ويتم إرسال عرضية خطيرة للغاية.
هي مباراة استحق فيها فريق ولفرهامبتون تحت قيادة نونو إسبيريتو الخروج بالتعادل في ظل أداء جيد وأخطاء قليلة للغاية في مواجهة خصم ليس بالهين الالتزام الدفاعي والهجومي بهذا الشكل أمامه.