أرسنال يدعم سياحة رواندا.. كيف انقسمت الآراء حول تلك الشراكة على مدار الأشهر الماضية؟
الجمعة، 24 أغسطس 2018 - 18:59
كتب : علي أبو طبل
في مايو الماضي، فقد أرسنال فرصة التتويج ببطولة الدوري الأوروبي والتواجد في دوري أبطال أوروبا للموسم التالي بعد الخسارة في نصف النهائي أمام أتليتكو مدريد في "واندا متروبلويتانو" بالعاصمة الإسبانية.
بطولة أوروبية كانت بمثابة فرصة أخيرا لآرسين فينجر لجعل جماهير ملعب "الإمارات" سعداء قبل رحيله المحدد مسبقا، ولكنها لم تدخل خزائن النادي اللندني.
خسارة مخيبة لم تسعد جماهير الفريق في إنجلترا وحول العالم امتدادا إلى القارة السمراء، حيث يتواجد واحد من أكبر مشجعي الفريق.
إنه رئيس جمهورية رواندا "بول كاجامي" الذي يعلن عن دعمه للـ "جانرز" مرارا وتكرارا، كما علق على هزيمة الفريق أمام أتليتكو مدريد في تغريدة على حسابه الشخصي على موقع "تويتر".
وقال كاجامي في تغريدته: "تلك الهزيمة لم يكن يجب أن تكون بمثابة إعلان عن نهاية عصر في أرسنال" مشيرا إلى رحيل فينجر.
My take on my beloved Club Arsenal- a very good one at the game and a very good coach like a.Wenger ,this should not have been the kind of ending of an era. The coach is leaving and club trophy-less it was long coming! I am still a committed fan going forward :). Blame the owners
— Paul Kagame (@PaulKagame) May 3, 2018
انتقد كاجامي في التدوينة ذاتها غياب البطولات الكبرى لسنوات متتالية عن خزائن الفريق، وخاتما حديثه بـ: "وجهوا اللوم إلى المُلّاك".
لم يكن شهر مايو قد انقضى قبل أن يعلن النادي اللندني عن عقد رعاية جديدة لرعاية السياحة في دولة رواندا.
العقد يمتد لـ3 سنوات، حيث تدفع الحكومة الرواندية للنادي اللندني إجمالي 30 مليون جنيه إسترليني مقابل وضع شعار "Visit Rwanda" على كتف قمصان النادي، ومع تواجد إعلانات الحملة على اللوحات الإعلانية بملعب "الإمارات".
ربما كانت تلك الحملة الإعلانية على قمصان الـ "جانرز" ملفتة للغاية لك كمتابع مع انطلاقة الموسم الحالي من الدوري الإنجليزي الممتاز.
صفقة انقسمت حولها الآراء ما بين أصوات مؤيدة وأخرى أعلى تنتقد الأمر.
الانتقاد الأول جاء سياسيا من مسؤولين في دولتي بريطانيا وهولندا.
الدولتان ملتزمتان بتقديم دعم مادي سنويا لدولة رواندا التي تعد واحدة من أفقر دول العالم بحسب تقارير البنك الدولي التي ترجح وجود 60% من نسبة إجمالي مواطني الدولة تحت خط الفقر.
صحيفة "دي تليجراف"، واحدة من أكبر الصحف الهولندية، نشرت تقريرا مطولا عن الصفقة مع تعليقات بعض الأعضاء في البرلمان الهولندي.
جويل فورديويند، أحد أعضاء البرلمان، تساءل عن مدى التزام الحكومة الهولندية بتقديم الدعم المادي لرواندا مستقبلا في ضوء تلك الصفقة.
إيزابيل ديكس، وهو عضو آخر في البرلمان وصف تلك الصفقة بـ "المحبطة".
التساؤل الأبرز كان: كيف لواحدة من أفقر دول العالم وتتلقى هذا الكم من الدعم المادي سنويا أن تنفق هذا القدر من الملايين في صفقة مشابهة؟
أكبر اتهام كان موجها لرئيس الدولة، بول كاجامي.
كونه مشجعا لأرسنال بشكل معلن، كيف لرئيس يحكم دولة فقيرة مثل رواندا أن يتجنب كل تلك المشاكل الاقتصادية في دولته وأن يهتم بإشباع شغف شخصي؟
عانت رواندا في التسعينيات من ويلات الحرب الأهلية التي راح ضحيتها آلاف الأشخاص، وكان كاجامي ضمن الطرف المنتصر في النهاية، قبل أن ينجح في الوصول لمنصب رئيس الدولة منذ عام 2000 وحتى الآن.
خلال كل تلك السنوات، حاول كاجامي أن يغير من وضعية بلاده الواقعة في وسط القارة السمراء اقتصاديا وأمنيا.
أصبحت العاصمة "كيجالي" آمنة ونظيفة لدرجة كبيرة، مع توافر بنية تحتية مميزة تتضمن العديد من الفنادق، ولكن تظل الدولة ضمن قائمة الأفقر في الكوكب.
غالبية الإصلاحات التي قام بها كانت باستعمال أموال المعونات الأجنبية. فمن أين نجحت الحكومة الرواندية ورئيس الدولة في تمويل صفقة رعاية أرسنال؟
تنوعت أساليب الدفاع الرواندية عن نهج حكومتها.
تصريح أوليفر نودينغيري، وزير خارجية رواندا، بشأن هجوم صحيفة "دي تليغراف" الهولندية في مايو الماضي جاء مقتضبا للغاية على حسابه الشخصي على "تويتر": "ليس من شأنكم".
آخرون أرادوا إيضاح الصورة بشكل أفضل.
"هدفنا ألا نستمر كدولة فقيرة"
هكذا بدأت كلير أكامانزي حملة دفاعها عن صفقة الرعاية وعن موقف حكومة دولتها.
أكامانزي، إحدى أهم المسؤولين في المجلس الوطني لتنمية رواندا، تابعت في تصريحاتها لإذاعة "بي بي سي" البريطانية في مايو الماضي: "رواندا اتخذت بعض الخطوات والقرارات التي تهدف إلى الاعتماد على الذات، ولا ننظر إلى أنفسنا كدولة معتمدة على تلقي المعونات على الدوام".
وأوضحت أكامانزي، التي أكملت دراستها في جامعة هارفارد، في تصريحاتها أن نصيب الفرد من الدخل القومي قد تضاعف إلى أكثر من 3 أضعاف خلال آخر 15 عاما في رواندا، حيث كان يبلغ 200 دولار ويصل الآن إلى 700 دولار في السنة الواحدة.
رواندا ضمن 15 دولة تتلقى الدعم المادي من هولندا، كما أن الحكومة البريطانية قدمت دعما ماديا بلغ حوالي 64 مليون جنيه إسترليني في السنة المالية 2017/2018، بحسب تقارير من موقع CNBC المهتم بالاقتصاد.
For those asking if tourism promotion funds should have been used for water or electricity, let me break it down for you: Infrastructure is imported. Tourism is our #1 forex earner. The more Rwanda earns from tourism, the more we can invest in our people. That's the connection.
— Clare Akamanzi (@cakamanzi) May 26, 2018
تعود أكامانزي لتوضح وتزعم بأن اعتماد دولتها على المعونات الخارجية في ميزانية الدولة العامة قد قل من 80% من إجمالي الموازنة قبل 15 عاما، إلى 17% فقط من إجمالي الموازنة في الوقت الحالي.
هدأت تلك التداعيات لأشهر قليلة قبل أن تعود صحيفة "إندبندنت" البريطانية للحديث عن تلك الصفقة من جديد قبل أيام قليلة.
أبرزت الصحيفة البريطانية تصريحات لـ "إيمانويل هاتيجيكا"، الرئيس التنفيذي للمجلس الوطني لتنمية رواندا، أدلى بها لإحدى الإذاعات المحلية في بلاده.
زعم هاتيجيكا في تصريحاته أن تلك الصفقة كانت بالكامل فكرة نادي أرسنال الذي سعى لاتمامها.
ويقول هاتيجيكا: "الملاك المستثمرون في نادي أرسنال هم من اتصلوا بنا أولا لأنهم يحبون دولة رواندا".
ويتابع "لقد سألونا عن إمكانية العمل سويا. وإن كان ممكنا فكيف يتم ذلك؟ كيف يمكننا أن نعلن عنكم بالطريقة المناسبة؟"
واستمر هاتيجيكا في رد الانتقادات الموجهة للصفقة: "من الضروري للغاية العمل على تطوير السمعة الدولية لدولة رواندا. نحاول تحقيق ذلك من خلال دعم ملف السياحة".
التقارير الاقتصادية الرسمية تؤكد أن قطاع السياحة هو العامل الأبرز لجذب العملات الأجنبية لرواندا، ويوفر 90 ألف وظيفة لأبناء البلد بحسب التقارير الحكومية الرسمية.
تبلغ أرباح هذا القطاع وحده 400 مليون دولار بنهاية عام 2017، وتخطط الدولة الإفريقية إلى مضاعفة هذا الرقم إلى 800 مليون دولار بحلول عام 2024.
وسط العديد من الانتقادات التي توجه للحكومة الرواندية بشأن حقوق الإنسان وحرية الرأي، فإن المؤشرات الاقتصادية في السنوات الأخيرة تبدو إيجابية.
بحسب تقارير صندوق النقد الدولي، فاقتصاد رواندا من المتوقع أن يرتفع إلى نسبة 7.2% هذا العام، وهي نسبة تفوق الـ 4.9 التي تمثل النسبة المتوقعة لاقتصادات الدول الناشئة.
دولة رواندا مصنفة من البنك الدولي كثاني أكثر دولة أفريقية من حيث سهولة إجراءات الاستثمار، كما أن العاصمة "كيجالي" تعد من ضمن أسواق التنكولوجيا المزدهرة مؤخرا، ويشجع الرئيس كاجامي فكرة إقامة السوق الأفريقية الحرة.
فكرة الظهور السياحي لرواندا في مسابقة بحجم الدوري الإنجليزي من خلال نافذة نادي بحجم أرسنال قد تكون مفيدة للغاية.
للمسابقة الإنجليزية شعبيتها الجارفة في رواندا كما في غيرها من الدول الأفريقية.
العديد من المشجعون يتواجدون هناك، مع وجود محلات وأماكن مختلفة لمتابعة المباريات، الأشخاص يرتدون قمصان أنديتهم المفضلة كما تنتشر شعارات تلك الأندية على المواصلات والأماكن العامة.
ذلك التعاقد يمنح دولة رواندا إمكانية استضافة النادي الإنجليزي لمعسكرات تدريبية وخوض مباريات ودية هناك مستقبلا، وذلك يمثل دعما سياحيا إضافيا.
صحيفة "جارديان" البريطانية في تقرير سابق عن تلك الصفقة، تواصلت مع مشجع رواندي يدعى تشارليس ساك.
ساك يعمل بالمحاسبة ومحب لنادي أرسنال، وقد أبدى إعجابة الكبير بهذا التعاقد.
"تواجد وفرة من اللاعبين أصحاب البشرة السمراء في السنوات الأخيرة في المسابقة الإنجليزية كان عاملا هاما بلا أدنى شك".
هكذا يعتقد ساك الذي يؤكد أن هناك فئة كبيرة للغاية من الروانديين، وبالأخص في الأماكن الحضارية، مشجعين للنادي اللندني.
والآن .. كيف دافع أرسنال عن تلك الشراكة؟
لم يتوافر سوى البيان الرسمي الذي أصدره فيناي فينكاتيشام، الرئيس التنفيذي للنادي اللندني، بعد ساعات من إعلان الصفقة في مايو الماضي.
وصف فيناي ذلك التعاقد بأنه "تعاون مثير للاهتمام".
ويضيف في بيانه: "لقد تحولت رواندا إيجابيا بشدة خلال السنوات الأخيرة. من المميز بالنسبة لنا أن نساهم في بناء رواندا لصناعة السياحة لديها. ومع شراكة أرسنال، نأمل أن نقدم رواندا إلى عقول الناس بطريقة مختلفة وأكثر حيوية".
واختتم "تتم متابعة قميص أرسنال 35 مليون مرة يوميا على مستوى العالم، كما أن النادي من أكثر الأندية التي تتم متابعتها على مستوى العالم. نأمل أن نعمل بشكل ناجح مع فريق دعم السياحة في رواندا حتى تصبح إحدى الوجهات السياحية الرائدة قريبا".