العملية "بونوتشي-إيجوايين-كالدارا".. من المستفيد الأكبر من أضخم تبادل في الكرة الإيطالية

الأمر كله بدأ في الثالث من يونيو لعام 2017، وتحديدا في غرف تبديل الملابس بملعب "ميليونيوم ستيديوم" بمدينة كارديف الويلزية.

كتب : علي أبو طبل

الخميس، 02 أغسطس 2018 - 18:38
إيجوايين - ميلان

الأمر كله بدأ في الثالث من يونيو لعام 2017، وتحديدا في غرف تبديل الملابس بملعب "ميليونيوم ستيديوم" بمدينة كارديف الويلزية.

انتهي الشوط الأول من المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا ما بين ريال مدريد ويوفنتوس بالتعادل الإيجابي 1-1.

السيدة العجوز تنهي أحداث الشوط بأداء وشخصية قويتين، وتوقع الجميع أن يدخل الفريق الشوط الثاني بنفس القوة وربما يعاني النادي الملكي ولا يستطيع تحقيق إنجاز الحفاظ على لقبه الأوروبي.

لكن ما حدث فيما بعد كان انهيار إيطالي تام أمام الأمواج المدريدية، لتنتهي المباراة بتتويج فريق زيدان باللقب بعد التفوق بنتيجة 4-1.

ما سر الانهيار؟

تقارير ظهرت فيما بعد، أوضحت خلافا نشب بين الشوطين في الغرف المغلقة بين القائد ليوناردو بونوتشي ومديره الفني ماكسيمليانو أليجري، على إثره اهتزت المعنويات.

فقد يوفنتوس فرصة التتويج بلقبه الأوروبي الثالث، وبعد أقل من شهر فقد قائده في قلب الدفاع.

في الـ14 من أغسطس، أعلن نادي ميلان توصله لاتفاق مع الغريم يوفنتوس من أجل استقدام بونوتشي مقابل 42 مليون يورو.

عملية الانتقال كانت سريعة ومفاجأة للغاية، وامتد الأمر لدرجة أن ميلان أعلن بونوتشي قائدا له وواجهة لمشروعه الجديد.

مر موسم كامل مع ميلان، خاض فيه بونوتشي بالألوان الحمراء والسوداء 51 مباراة ما بين محلية وأوروبية وسجل خلالهما هدفين، كان أحدهما بمذاق خاص في شباك يوفنتوس.

احتفال بونوتشي وقتها أثار الجدل بشدة حول مدى علاقته بناديه السابق، ولكن ما يثير الجدل والجنون حقا هو ما حدث في الأيام الأخيرة.

بنفس سرعة تسرب أخبار رغبة بونوتشي في الرحيل عن يوفنتوس مع عدم رغبته بالخروج خارج إيطاليا لأسباب عائلية في الموسم الماضي، تكرر الأمر هذا الموسم ولكن في الاتجاه المعاكس.

الاتفاق تم بالفعل بين الناديين يوفنتوس يستعيد بونوتشي مقابل انتقال المدافع الشاب ماتيا كالدارا إلى ميلان، فيما ينتقل المهاجم الأرجنتيني جونزالو إيجوايين لمدة موسم معارا مقابل 16 مليون يورو مع إلزامية الشراء مستقبلا مقابل 32 مليون يورو إضافية.

عدة تساؤلات تُطرح هنا..

هل تم حل الأزمات التي استوجبت خروج بونوتشي من هيكل السيدة العجوز في الموسم الماضي؟

أليجري لا يزال على قمة القيادة الفنية ولم يتغير الكثير بالنسبة للفريق الذي يكتسح كل شيء في إيطاليا على مدار المواسم السبعة الأخيرة.

تقارير في الأسبوع الأخير أشارت إلى أن الأزمات بين الثنائي قد تم حلها على مدار الأشهر السابقة، وقد بدأ الأمر كله في أغسطس الماضي بلندن، حين تم اختيار بونوتشي ضمن قائمة الفريق الأفضل في العالم في حفل الفيفا، وهو نفس الحفل الذي تواجد فيه أليجري ضمن قائمة المرشحين لجائزة أفضل مدير فني لعام 2017.

تم حل الخلافات إذن.. فكيف سيكون رد فعل الجمهور تجاه عودة بونوتشي؟

المعضلة عبارة عن قائد للفريق قرر الرحيل فجأة لسبب أو لآخر، لينتقل إلى نادي غريم داخل نفس المسابقة المحلية، وبعد أشهر من انتقاله ينجح في تسجيل هدفا في شباك فريقه القديم، ويتمادى في الاحتفال.

للجماهير كلمتها في ذلك الأمر بالتأكيد، فهل تتقبل عودة قائدها السابق وأن تراه بالألوان البيضاء والسوداء من جديد في الملعب؟

الحل هنا يكمن في مدى احترافية اللاعب، ومدى تفاعل أليجري مع الأمر، والأهم.. عطاء اللاعب في الفترة القادمة مع الفريق، وهو الأمر الكفيل بمحو ولو قليل من الانطباع السيئ لدى الجماهير.

فلنقل أن الأزمات الداخلية ما بين اللاعب ومدربه والجماهير قد تم حلها.. تتواجد بعض التساؤلات الفنية.

يوفنتوس فجر سوق الانتقالات في إيطاليا قبل أسابيع قليلة بإعلان تعاقده مع أفضل لاعب في العالم في الوقت الحالي، كريستيانو رونالدو، بمقابل تجاوز الـ100 مليون يورو.

بانضمام اللاعب البرتغالي، ننظر إلى قائمة الفريق فنجدها تكاد تكون متكاملة في كل الخطوط، ونجد أسماء مرعبة للمنافسين حقا، مع ملاحظة حاجة منتصف الملعب للتدعيم بإسم إضافي.

هل هناك حاجة حقيقية لعودة بونوتشي في ظل تواجد أسماء مثل جورجيو كيلليني وأندريا بارزالي بخبراته الكبيرة، بالإضافة إلى المهدي بنعطية ودانييلي روجاني الأصغر سنا؟

ماتيا كالدارا قدم فترة رائعة أثناء إعارته لأتالانتا في آخر موسمين، حيث شارك في 66 مباراة وسجل 10 أهداف وترك انطباعا مميزا عن مستواه الدفاعي ضمن منظومة مبهرة في المنافسات المحلية الإيطالية، بل وحقق ظهوره الدولي الأول تحت قيادة فنية جديدة لروبيرتو مانشيني في مباراة ضد فرنسا قبل المونديال.

هل عانى يوفنتوس حقا في غياب بونوتشي؟

الأرقام والنتائج لا تعطي ذلك الانطباع. فيوفنتوس هو بطل الدوري والكأس، ودفاعيا استمر هو الأقوى والأقل تلقيا للأهداف، حيث اهتزت شباك السيدة العجوز في 24 مناسبة فقط بالدوري.

ما الذي يجعل أليجري يفرط في مدافع مميز وشاب يكاد يتجاوز الـ24 عاما، وقد يكون حجرا هاما لمستقبل الفريق، من أجل استعادة مدافع تجاوز الـ30 من عمره، وأضف إلى ذلك الأزمات الخارجة عن الأمور الفنية؟

المحصلة النهائية هنا لا يزال يوفنتوس يمتلك قائمة قوية، ولكنه خسر اسما دفاعيا شابا، وفوقه كنوع من الهدية واحدا من أفضل مهاجمي الدوري الإيطالي وأكثرهم حسما في المواسم الخمس الأخيرة.

ميلان الرابح الأكبر؟

معنويا، خسر ميلان لاعب هام في قلب الدفاع بعد موسم واحد فقط من قدومه وبعد هالة إعلامية كبرى خلقها حوله عند استقطابه قبل عام واحد فقط من الآن.

ولكن بمعادلة الصفقة المعقودة مؤخرا، نجد أن ميلان لم يخسر الكثير بفقدانه، بل قد يكون الرابح هنا.

يمكن تعديد مكاسب ميلان من استقطاب كالدارا وسنجدها نفس النقاط التي يلام عليها يوفنتوس بسبب التفريط فيه.

مدافع قوي وشاب وكان محل أنظار عدة أندية أوروبية، وأصبح يمتلك الخبرة الدولية، وقدم مستويات رائعة مع أتالانتا مؤخرا.

ولكن المكسب الأكبر هنا هو جونزالو إيجوايين.

يمكن كذلك تعديد العديد من المكاسب ليوفنتوس بسبب استقطاب رونالدو، ولكن يجب تحمل بعض الأعراض الجانبية المتمثلة في التفريط بمهاجم بتلك القيمة.

فنيا .. تخيل لو أن يوفنتوس حافظ على خط هجومي يتكون من إيجوايين ورونالدو، ومن خلفهم نجد دوجلاس كوستا وباولو ديبالا كصناع لعب لهما، مع وجود مهاجم مميز بقيمة ماريو ماندزوكيتش في المعادلة بصورة أو بأخرى؟

لكن الأمر يتعلق بالقيمة الاقتصادية هنا وبميزان البيع والشراء.. يجب بيع بعض الأسماء بقيمة تعادل قيمة استقطاب نجم ريال مدريد السابق، والضحية كان إيجوايين.

نحن نتحدث هنا عن مهاجم سيخوض موسمه السادس في إيطاليا، وفي كل موسم يحقق أرقام تهديفية مبهرة مسجلا العديد من الأهداف التي حسمت مباريات كبيرة وهامة.

نتحدث عن 3 مواسم مع نابولي سجل خلالهم 91 هدفا في 146 مشاركة بمختلف البطولات، قبل أن يقرر الانتقال إلى السيدة العجوز بشكل مفاجئ وبقيمة كبيرة تجاوزت الـ90 مليون يورو وقتها.

موسمان هائلان مع يوفنتوس سجل خلالها 55 هدفا في 105 مباراة ما بين محلية وأوروبية.

بوجوده في نابولي حقق لقب الكأس ولقب كأس السوبر، ولكن بانتقاله إلى فريق مدينة تورينو، كانت له ميزة إضافية لم تتحقق في تمثيله للألوان الزرقاء، وهي التتويج بلقب الدوري في موسمين متتاليين، وخوض نهائي دوري أبطال أوروبا في 2017.

يقترب جونزالو بخبراته الكبيرة من عامه الـ31، والآن هو على وشك بداية تجربة بألوان إيطالية جديدة.

انتقلت ملكية ميلان من الهوية الصينية إلى الأمريكية، ومع تجديدات كبيرة إداريا عن الموسم الماضي، تغيرت واجهة "المشروع الجديد" من بونوتشي إلى إيجوايين.

خلال موسمين أخيرين مع توافر قدرة شرائية لا بأس بها، ظل ميلان في رحلة البحث عن الفرد الحاسم في المنظومة، ذلك الذي يستطيع تسجيل عدد وافر من الأهداف.

رحلة بدأت من استقطاب كارلوس باكا ونيكولا كالينيتش وأندريه سيلفا بإجمالي 40 مليون يورو، ومع عدم تحقيقهم للمأمول تم توجيه الدفعة المعنوية للشاب باتريك كوتروني، مع الرغبة في استقطاب أندريا بيلوتي بقيمة هائلة لم يتم الاتفاق حولها بين ميلان وتورينو.

ولكن لم يتخيل أحد يوما أن يصبح مهاجم بقيمة إيجوايين بألوان ميلان.

ميلان حقق مكاسب كبيرة حقا بتلك الصفقة الثلاثية، وربما يكون هو الرابح الأكبر من تلك العملية السوقية، مع عدم إغفال بعض التدعيمات التي لا زالت مطلوبة.

إيجوايين.. الخروج من ظل رونالدو من جديد؟

موسم 2012/2013 كان الأخير لإيجوايين في إسبانيا بألوان ريال مدريد.

مسيرة امتدت لـ7 مواسم بين جدران "سانتياجو برنابيو"، سجل خلالها المهاجم الأرجنتيني 121 هدفا في 264 مباراة، مع التتويج بلقب الدوري في 3 مناسبات وكأس الملك في مناسبة وحيدة.

إيجوايين يحب التهديف باستمرار، وهي الميزة التي قلت تدريجيا مع احتكار كريستيانو رونالدو لهذه الصفة في سنوات تواجده في مدريد.

الموسم الأخير في العاصمة الإسبانية وتسجيل 18 هدفا في 44 مباراة قد يوحي لك بأن اللاعب الأرجنتيني مهاجم قليل الجودة، ولكن 24 هدفا في 46 مباراة في أول مواسمه مع نابولي كانت خير رد وخير استعادة لمسيرته.

جاء رونالدو ليزامل إيجوايين من جديد، ولكن الأرجنتيني قرر الرحيل قبل الدخول في تلك المقارنة من جديد.

ربما أراد أن يصبح صاحب دائرة الضوء –تهديفيا- في مكان جديد بعيدا عن سطوة البرتغالي، وقد يكون خروجه بتلك الصورة مكسبا شخصيا كبيرة له.

اتضح لنا من هذا التحليل أن ميلان هو أكبر الرابحين من الصفقة، وأن كالدارا الذي يعتبر نيستا مثله الأعلى لم يخسر شيئا من ذلك الانتقال، وأن إيجوايين حقق مكسبا لا بأس به، تماما مثل بونوتشي الذي حقق عودة آمنة.

فهل يوفنتوس أكبر الخاسرين؟

نظريا يمكن استنتاج ذلك، ولكن أمامنا حقيقتين.

الأولى هي أن يوفنتوس لا يزال يمتلك أقوى قائمة في إيطاليا بالمقارنة مع قوائم المنافسين.

والثانية هي أن النتائج دائما تنصف السيدة العجوز مع نهاية كل موسم يكثر في بدايته الحديث عن موعد السقوط وتتويج بطل جديد في إيطاليا.