كتب : نادر عيد
اتسعت رقعة الأرض التي يمتلكها الدوق الكرواتي إيفان بيريسيتش لتشمل الجزيرة الواقعة غرب القارة العجوز، نجم إنتر ميلان قهر قبائل الأنجلو ليصنع المجد. كرواتيا في نهائي المونديال.
عودة تاريخية للكروات الذين قهروا رفاق هاري كين في نصف نهائي المونديال ليفوزوا على إنجلترا 2-1 بعد ملحمة شاقة ممتعة امتدت إلى 120 دقيقة.
نجم اللقاء الأول، العريس، هو بيريسيتش، قدم مباراة تاريخية استثنائية ملحمية نصبته ملكا لإنجلترا. سجل هدفا عالميا وصنع آخر بطريقة استثنائية.
إنجلترا تودع المونديال وكرواتيا إلى النهائي لأول مرة في تاريخها. الموقعة التالية على الكأس أمام فرنسا يوم الأحد المقبل.
كرواتيا لا تموت، لعبت وقتا إضافيا ثالثا على التوالي واستطاعت الفوز. رغبة غير عادية في الانتصار.
اختر رجل المباراة وقيم لاعبي المنتخبين من هنا
ملحمة
وبدأت كرواتيا اللقاء بثقة وقوة فضغطت عاليا على مدافعي إنجلترا الذين اعتمدوا على الكرات الطولية خلف إيفان سترينيتش الظهير الأيسر للأولى.
وارتكب القائد لوكا مودريتش الخطأ الأول فعرقل ديلي آلي في الدقيقة الرابعة لتحصل إنجلترا على ركلة حرة قريبة من منطقة جزاء كرواتيا.
وكان كيران تريبيير ظهير توتنام على الموعد!
تقدم صاحب الـ27 عاما وسدد الكرة بقدمه اليمنى بشكل رائع لتسكن شباك الحارس الكرواتي معلنا تقدم إنجلترا بهدف مبكر جدا في الدقيقة الخامسة.
نصف النهائي يشتعل مبكرا!
وظهرت المساحات في دفاع كرواتيا مبكرا بعد الهدف وحاول رحيم ستيرلينج بسرعته مباغتة رفاق مودريتش لتعزيز تقدم الأسود الثلاثة.
واستمرت الخطورة الإنجليزية وكاد هاري ماجواير أن يسجل في الدقيقة 13 بعد ضربة رأس مرت بجوار القائم الأيسر إثر ركلة ركنية.
الركلات الثابتة، سلاح الإنجليز الفتاك.
وواصل الإنجليز تفوقهم وسيطروا على مجريات المباراة وتحكموا في الكرة وأجبروا الكرواتيين على التراجع للدفاع.
وجاءت التسديدة الكرواتية الأولى على مرمى جوردان بيكفورد في الدقيقة 19 عن طريق إيفان بيريسيتش لكن الكرة مرت بجوار القائم.
بدأ أصحاب الحلل الجميلة العودة إلى المباراة بعد صدمة الهدف المبكر.
وواصلت الأسود تكشيرها عن أنيابها فانفرد هاري كين بالمرمى لكنه سدد في جسم الحارس سوباسيتش قبل أن ترتد له الكرة ليصوبها في القائم في الدقيقة 30.
فرصة هائلة تضيع من هداف البطولة كادت تضع قدم إنجلترا في النهائي.
ورد الكرواتيون بهجمة منظمة قادها المايسترو مودريتش الذي أعاد الكرة إلى جيمي فرساليكو جهة اليمين ليلعب الأخير كرة عرضية أبعدها جون ستونز قبل أن يسدد أنتي ريبيتش في يد الحارس بيكفورد في الدقيقة 31.
وارتفع إيقاع اللقاء الممتع ورفض الكرواتيون الاستسلام وانطلق ريبيتش في الجهة اليمنى وتلقى كرة بينية لكن تدخل آشلي يانج أبعد الخطورة عن مرمى إنجلترا في الدقيقة 34.
ودب الهلع في قلوب عشاق كرواتيا إثر فرصة كبيرة أهدرها جيسي لينجارد في الدقيقة 36 بعدما سدد من على حدود منطقة الجزاء إلى خارج الملعب.
هجمات مرتدة مرعبة لإنجلترا.
وتراجع الإنجليز إلى وسط ملعبهم لتضييق مساحات الملعب أمام الكرواتيين الذين ارتكبوا أخطاء كثيرة بسبب الالتحامات القوية.
ووجد أصحاب برونزية المونديال عام 1998 صعوبة في اختراق الدفاع الإنجليزي القوي فلم يخلقوا فرصا للتسجيل.
وانتهى الشوط الأول بتقدم إنجليزي مستحق. الإثارة مستمرة.
وبدأ الشوط الثاني هادئا في ظل عجز الكرواتيين عن اختراق منطقة جزاء إنجلترا.
وحاولت كرواتيا الهجوم من الجانب الأيسر عن طريق ريبيتش الذي اصطدم بقوة كايل ووكر الظهير الأيمن لإنجلترا.
وأتيحت الفرصة الأولى لكرواتيا في الشوط الثاني مع حلول الدقيقة 65 حين استلم بيريسيتش الكرة على حدود منطقة الجزاء ليسدد لكن الكرة اصطدمت بووكر الذي أنقذ مرماه من قبول التعادل.
وحانت لحظة إبداع وإقناع وإمتاع من المنقذ بيريسيتش، الذي تلقى كرة عرضية سبق ووكر إليها ليتابعها بعقب قدمه اليسرى داخل الشباك الإنجليزية.
هدف عالمي لنجم إنتر ميلان في الدقيقة 68. صارت النتيجة 1-1.
وبدأ الارتباك ينال من الإنجليز الذين ظنوا طريقهم مفروشة بالورود إلى النهائي، وأخطأ ستونز في إبعاد الكرة العالية لتعود إلى بيريسيتش الذي انطلق داخل منطقة الجزاء من الجهة اليسرى وسدد في القائم الأيسر لمرمى بيكفورد مضيعا هدف التقدم بشكل مثير في الدقيقة 72.
وقرر جاريث ساوثجيت مدرب إنجلترا إبعاد ستيرلينج البعيد عن مستواه المعهود ودفع بماركوس راشفورد في الدقيقة 74.
وصارت المباراة لهيبا فوق العشب الأخضر لملعب لوجنيكي في العاصمة الروسية موسكو.
وباتت الطريق إلى مرمى بيكفورد معبدة لكرواتيا التي كثفت ضغطها من الجانب الأيمن عن طريق فرساليكو صانع الهدف لبيريسيتش.
لاعبو كرواتيا يقاتلون بضراوة ولا رد فعل للإنجليز في سيناريو مغاير تماما للشوط الأول!
وحصل لينجارد على الكرة داخل منطقة جزاء كرواتيا لكنه سدد بعيدا عن المرمى في الدقيقة 77. الفرص الإنجليزية المهدرة مستمرة.
انتقل القلق والتوتر للمعسكر الإنجليزي وبات الكرواتيون يلعبون بثقة ورباطة جأش أملا في عودة تاريخية.
ولعب إيفان راكيتيتش كرة بينية طولية إلى ماريو مانزوكيتش داخل منطقة جزاء إنجلترا وسدد الأخير من زاوية صعبة ليتصدى بيكفورد في الدقيقة 83.
واستمر الاجتياح الكرواتي لدفاع إنجلترا فارتقى مانزوكيتش في كرة مشتركة مع الحارس بيكفورد قبل أن تعود الأخيرة إلى بيريسيتش الذي سدد فوق العارضة في الدقيقة 84.
هل تفعلها كرواتيا؟
وكاد كين أن يضرب الضربة القاضية لإنجلترا في الدقيقة 92 لكنه فشل في تسديد الكرة بالرأس لتمر إلى ركلة مرمى كرواتية.
وأطلق الحكم التركي سينوت شاكر صافرته معلنا انتهاء الشوط الثاني المثير. حان الوقت الإضافي.
وبدأ الشوط الإضافي الأول بتغيير إنجليزي فدخل داني روز الظهير الأيسر بدلا من يانج.
وضغطت إنجلترا منذ بداية الوقت الإضافي ساعية للهدف المنتظر.
واضطر المدرب الكرواتي زلاتكو داليتش لإجراء تغيير اضطراري بدفع بجوسيب بيفاريتش بدلا من إيفان سترينيتش المصاب في الدقيقة 93.
وفي المقابل قام ساوثجيت بالتغيير الثالث فدفع بإريك داير بدلا من لاعب الوسط جوردان هندرسون في الدقيقة 97.
واستحوذت إنجلترا على الكرة وضغطت من الجانب الأيسر عن طريق روز الذي كبل فرساليكو وأجبره على عدم التقدم.
وقام الأخير ربما بإنقاذ المونديال حين أبعد الكرة من على خط مرمى كرواتيا بعد ضربة رأس قوية من ستونز إثر ركلة ركنية لإنجلترا في الدقيقة 99.
وتمكن الإرهاق من لاعبي كرواتيا الذين يخوضون وقتا إضافيا للمرة الثالثة على التوالي في مونديال روسيا.
وقرر داليتش إجراء التغيير الثاني لكرواتيا في الدقيقة 101 فأقحم أندري كراماريتش بدلا من ريبيتش.
وتألق الحارس بيكفورد أمام لدغة مانزوكيتش الذي كاد أن يسجل في الدقيقة 107 بعد كرة عرضية من بيريسيتش إثر هجمة مباغتة لكرواتيا.
وانتهى الشوط الإضافي الأول بنفس النتيجة، 1-1. الملحمة مستمرة.
وحصلت كرواتيا على ركلة ركنية في الدقيقة 108 نفذها بيريسيتش سريعا بتمريرة على الأرض داخل منطقة الجزاء ليسدد بروزوفيتش لكن الكرة مرت فوق العارضة.
واستمر توهج بيريسيتش الذي مرر الكرة برأسه إلى الخلف داخل منطقة جزاء إنجلترا ليظهر مانزوكيتش فجأة أمام ستونز ويسدد في الشباك هدفا قاتلا في الدقيقة 109.
ضربة قاصمة من كرواتيا، هل تحقق العودة التاريخية؟
ولم يجد ساوثجيت حلا سوى إقحام المهاجم جيمي فاردي في الدقيقة 112 بدلا من ووكر.
من ينقذ إنجلترا؟
ورد داليتش بإدخال فيدران كورلوكا وميلان باديليي بدلا مانزوكيتش ومودريتش مع الدقائق الأخيرة من اللقاء.
ولم تجد إنجلترا طريقا إلى مرمى سوباسيتش وصمدت الكرواتيون في الثواني الأخيرة ليظفروا بالانتصار الثمين والتأهل التاريخي للنهائي.
كرواتيا صنعت المجد والكرة لن تعود إلى بلادها، وداعا إنجلترا.