داليتش .. الجندي الذي صنع مجده باللعب لا الحرب

الأربعاء، 11 يوليه 2018 - 15:01

كتب : إسلام مجدي

زلاتاكو داليتش

الكرة الكرواتية عانت من الفساد حتى أتت موجة تطهير منذ 3 أعوام وحتى الآن، وبعد العديد من الاختيارات الخاطئة الخاضعة للمصالح الشخصية لـ زدرافكو ماميتش الرجل الذي تحكم في عالم الكرة الكرواتية، أتى مدرب أعاد للجماهير واللاعبين الثقة.

زلاتكو داليتش لم يكن الاختيار المحبب للفئة الفاسدة من اتحاد الكرة الكرواتي، نظرا لأنه لا يخدم مصالح ماميتش، ولهذا السبب لم يشكك أحد في اختياراته للقائمة وكانوا على تمام الثقة في أنه سيأخذ المنتخب بعيدا ويكسر لعنة سببها الفساد.

المدرب الكرواتي كان على مقربة من تولي مهمة تدريب الزمالك في وقت سابق خلال عام 2017، إلا أنه كان قد قرر أن يأخذ راحة من التدريب بجانب عدم رغبته في تدريب فريق في الشرق الأوسط، لم يعلم أن القدر يخبئ له مفاجأة وتحد صعب.

مكالمة من دافور سوكر كانت كافية للتفاوض مع داليتش لقبول مهمة صعبة للغاية، أنتي كاتشيتش مدرب كرواتيا تمت إقالته بسبب سوء النتائج، وفي 7 أكتوبر 2017 تم تعيين داليتش.

قال داليتش يومها :"سأستمر في منصبي هذا في حالة واحدة فقط، هي تأهل كرواتيا لكأس العالم 2018، وفي حالة فشلي فالاتحاد الكرواتي له مطلق الحرية في تقرير مصيري".

ما سبق يبدو كلاما بديهيا، لكن إن علمت أن هناك مواجهة حاسمة ضد أوكرانيا في مجموعته بالتصفيات المؤهلة لكأس العالم يوم 9 أكتوبر أي بعد يومين من تعيينه فهو أمر شبه مستحيل.

لكن المدرب وبطريقة ما نجح في قيادة كرواتيا للفوز بنتيجة 2-0، وحصل على المركز الثاني وضمن مكانا في ملحق التصفيات المؤهلة. ويوم 19 أكتوبر قرر الاستعانة بإيفيكا أوليتش نجم هجوم المنتخب السابق كمساعد له.

ضد اليونان في شهر نوفمبر تعادل سلبيا ذهابا ثم نجح في الفوز إيابا بنتيجة 4-1 ليتأهل إلى المونديال، ليضمن لنفسه عقدا يمتد حتى عام 2020 براتب سنوي 500 ألف يورو في العام.

داليتش كان مهووسا بكرة القدم، لم يبدأ لعبها فعليا سوى في الـ10 من عمره مع شقيقه ميران، وأراد أن يصبح اسمه كبيرا في تاريخ اللعبة.

في عمر الـ12 انضم إلى فريق ليفانيسكي تروجلاف، وبما أنه من مواليد البوسنة والهرسك، فمعظم أطفال جيله قد لعبوا للمنتخب في سن صغيرة للغاية، والأمر ينطبق عليه إذ أنه لعب للمنتخب في عمر الـ14، في فريق تروجلاف تطور داليتش كثيرا وأصبح أقوى على الصعيد البدني أكثر من زملائه وكان يسجل 4 أو 5 أهداف في المباراة الواحدة، لكن قرر المدرب وضعه بعد ذلك محور ارتكاز وليس مهاجم.

"ربما لم أمتلك قدرات فنية رائعة، لكنني كنت أسجل الكثير من الأهداف".

وفي عام 1982 تولى فلاديمير بيارا أسطورة يوغوسلافيا تدريب فريق تروجلافا ليقرر إرسال داليتش الصغير في فترة معايشة إلى نادي هايدوك سبليت، وبالفعل نجح وانضم إلى الفريق لكنه لم يطل البقاء إذ أنه عادة مرة أخرى إلى مدينة ليفنو لأنه لم يدخل المدرسة الثانوية في سبليت.

"بعدما عدت في عمر الـ16 لعبت للفريق الأول في نادي تروجلافا، بعد ذلك بسنوات عدت مرة أخرى إلى سبليت وشاركت مع شباب هايدوك وبعد ذلك أصبحت لاعبا للفريق الأول".

داليتش نجح في الفوز ببطولة يوغوسلافيا للشباب مع هايدوك، كما أنه كان هناك معه لاعبين صغار مثل روبرت يارني وستيماتش ومدربهم كان سيرجي كريسيتش. بعد عامين وبالتحديد في 1984 كانت نقطة التحول في حياة داليتش إذ أنه وقع على أول عقد احترافي له مع نادي هايدوك.

"شعرت أن ذلك أكبر إنجاز حققته في حياتي وأنني حققت شيئا من أجل عائلتي".

من حسن حظ داليتش أنه وقع على عقده الاحترافي مع هايدوك، إذ أنه إن لم يفعل كان سينجرف في موجة الجريمة في مدينة زغرب كما أنه احتاج لمصدر دخل من أجل عائلته.

رغم ذلك العقد لم يلعب للفريق الأول نظرا لوجود لاعبي وسط أكفاء في تلك الفترة، انتظر الحصول على فرصته وقد كان عام 1985 أمام 40 ألف متفرج قال إنه لم ينس هذه اللحظة كأنها تحدث كل يوم.

تعرض داليتش للإصابة في التدريبات وخضع لجراحة في زغرب، واستمرت عملية شفاؤه لمدة نصف عام تقريبا، وعاد في النصف الثاني من الموسم، وفي عام 1987 قرر الانضمام إلى الجيش.

بعدما أدى خدمته عاد إلى نادي هايدوك، والدوري كان قد بدأ ولم يكن مستعدا بعد، أثرت قراراته المتهورة عليه وهو شاب لتستمر مسيرته كلاعب في التخبط.

قرر إينفير ماريتش المدرب الذي أثر في مسيرة داليتش كثيرا وتفكيره الكروي في ضمه إلى نادي فاليز.

"تركني على المسار الصحيح كشخص ولاعب، جعل مني خبيرا كرويا أفكر قبل أي شيء، إنه مدرب جيد للغاية".

"كانت تلك أقوى وأفضل فتراتي في الدوري اليوغوسلافي".

لسوء حظه طرقت الحرب الأبواب، وبدأت كرواتيا في عملية استقلالها، وفي خضم تلك الأحداث كان فريقه في الطريق لخوض مباراة، وقبل الوصول انفجرت دبابة أمامهم، الكثيرين منهم قرروا ألا يلعبوا وفيما بعد تم تفكيك الدوري اليوغوسلافي.

"اضطررت إلى العودة إلى الجيش مثلما فعل الجميع، لم يكن هناك أي مفر من الحرب، قضيت 3 أشهر في ليفونو وكانت تلك هي أخطر منطقة لأنها التي بدأت الحرب، لم أكن في أول خط للدفاع لكنني كنت أمد الجيش بالطعام والإمدادات طيلة الوقت".

على الجانب الآخر في هايدوك الجماهير وبعض اللاعبين تساءلوا عن ذلك الفتى داليتش الذي رحل لينضم إلى الجيش، هل هو حي يرزق؟ عاد داليتش إلى النادي بعد انتهاء الحرب ملبيا النداء لكنه كالعادة لم يحصل على الفرصة، رغم حبه الكبير لذلك النادي إلا أنه لم يمنحه مثلما كان يضحي من أجله في كل مرة، وفي كل مرة خلاصه كان في نادي فارتيكس الذي قضى فيه أفضل فتراته كلاعب.

تشكل فكره التدريبي في ناديه المفضل فارتيكس، استمر هناك يتعلم التدريب ويكون فكره الخاص مستمدا أفكاره الرئيسية من ماريتش، وبرانكو إيفانكوفيتش مدربه السابق في فارتيكس والذي نصحه أن يدخل إلى مدرسة للمدربين، وفعل ذلك عام 1994 في جامعة زغرب، وانتهى تعليمه عام 1998، واستمر كلاعب كرة قدم لعامين إضافيين ثم بفضل شهادته عمل كمساعد مدرب في نادي فارتيكس.

بعد ذلك أصبح مديرا رياضيا للنادي وطور قدراته الإدارية شيئا فشيء، حتى عام 2003 حينما تولى ميروسلاف بلاجيفيتش مهمة تدريب الفريق، وبدأ داليتش في العمل كمدير رياضي للمدرب الأسطوري في تاريخ الكرة الكرواتية.

بلاجيفيتش هو المدرب الذي قاد الجيل الذهبي للكرة الكرواتية عام 1998 لتحقيق إنجازا تاريخا بكأس العالم وحصد المركز الثالث. داليتش كان تلميذه النجيب.

"استمر بلاجيفيتش لمدة عامين كمدرب للفريق، لم أفارقه قط، تعلمت منه كل شيء، وأهم شيء هو أنني لا أحب اللاعب صاحب القدرات الفنية الفائقة، أحب اللاعب الذي يعمل ويكون مسؤولا وملتزما ويقاتل كل لحظة كانت تلك ميزتي، وتعلمت ذلك منه، بجانب طريقة التعامل الرائعة مع اللاعبين".

"فلسفتي التدريبية تعتمد على جانب كبير من الجماعية وروح الفريق القتالية بجانب المعنويات التي يجب أن تظل مرتفعة تعلمت ذلك من بلاجيفيتش".

"الفوز هو الفوز ولا تهم الكيفية، ما يهم أن تسجل وتصل للمرة، هناك حظ لكن يجب أن تكتسبه، نريد أن نقدم كرة هجومية لكن لا يجب أن نندفع وننسى كيف ندافع".

داليتش تعلم من بلاجيفيتش كل شيء طريقته في اللعب، أسلوبه في التعامل مع جيل 1998 في المنتخب، وفي عام 2005 عمل كمساعد مدرب لـ دراجينا لاديتش لمنتخب تحت 21 عاما، حلمه في تلك الفترة هي تدريب منتخب كرواتيا. لطالما أراد أن يعيش تجربة جيل 1998.

الفريق الذي كان داليتش يعمل مساعدا في تدريبه ضم لاعبين كثيرين قد يكونون مألوفين لنا، ماريو ماندزوكيتش وسيم فارساليكو وميلان باديلي ودوماجوي فيدا وغيرهم. علاقته بهم كانت جيدة لكنه أراد المزيد أراد الدور القيادي.

حينما رحل بلاجيفيتش لتدريب هايدوك في عام 2005 انضم داليتش لتدريب فريق فارتيكس وحل مشاكل النادي، كانت هناك أزمة في تقدم سن اللاعبين، ليضم لاعبين شباب ولمدة عامين جعلهم يحتلون المركز الثالث في الدوري الكرواتي، ولعب نهائي كأس كرواتيا والدوري الأوروبي.

بداية داليتش في عالم التدريب جاءت في نهائي كأس كرواتيا حينما واجه ريكيا وخسر ذهابا بنتيجة 4-0، لكن في مباراة الإياب فاز بنتيجة 5-1 ولم يحتفل فريق ريكيا بذلك الانتصار.

في عام 2007 تولى تدريب ريكيا في خطوة للأمام لكنه حصل على المركز الرابع معه.

"لمدة نصف عام حققت نتائج جيدة وكنت بطلا، ثم بعد النتائج السيئة صدمني ردة فعلهم وتمت إقالتي لأول وآخر مرة، صدمني ذلك كثيرا، لاحظت أنني بحاجة لتعلم شيء إضافي لخبرتي، ألا ألتفت لهتافات الشكر كثيرا بل أركز أكثر على تطوير نقاط ضعفي".

تولى بعد ذلك تدريب فريق دينامو الألباني ثم رحل إلى السعودية لتدريب الفيصلي، وعلى الرغم من أن العرض المالي لم يكن جيدا حسب وصفه، إلا أنه أراد أن يحقق شيئا في مسيرته، وبالفعل احتل المركز السابع واختير كمدرب العام، ثم درب الهلال وحقق معه كأس ولي العهد ثم تولى تدريب العين في الفترة من 2014 وحتى 2017 وفاز بكأس رئيس الدولة وحصد عدة ألقاب أخرى. ومع تزايد الضغط قرر الراحة والعودة إلى كرواتيا.

أثناء قيادته للسيارة قبل يوم من إعلان مدرب المنتخب استوقفه شرطي مرور عرف شخصيته وسأله "هل تعلم من يكون مدرب المنتخب؟ هل هو أنت؟".

فقال :"لدي فرصة مثل فرصة دخول الفيل إلى كوب المياه". جملة شهيرة كان يقولها بلاجيفيتش دائما. لكن أصبح بعد ذلك بلحظات مدربا للمنتخب.

زدرافكو ماميتش كان ضد القرار تماما، وحرك ضده عددا من قيادات اتحاد الكرة، لكن داليتش قبل بمهمة مستحيلة، فريق بلا أمل في التأهل لكأس العالم قبل يومين من مباراة حاسمة.

"لا يمكننا أن نحيا على أمجاد الماضي، يجب أن نصنع مجدنا الخاص، أنا سعيد لأن لدي لاعبين في المنتخب لعبوا في نهائي دوري الأبطال إنه أمر يثبت جودتنا، كرواتيا لم تفعل شيئا منذ عام 1998، لدينا جودة وجيل عظيم من اللاعبين وأرفض تماما مبدأ الماضي، يجب أن نكون من أفضل المنتخبات في كأس العالم المقبلة، هذا هو قدرنا".

اقرأ أيضا

في مكان عامر حسين لمدة يوم.. ماذا لو أقيمت جولات الدوري في يوم واحد؟

رئيس الإسماعيلي: نرفض التنازل عن متولي ولو بـ 100 مليون جنيه

مقترحات اتحاد الكرة ورابطة الأندية لعودة الجماهير.. "15% من سعة الملاعب"

خبر في الجول – تريزيجيه يميل لرفض عرض سلافيا براج

ماذا قالت صحف العالم عن انتقال رونالدو إلى يوفنتوس

التعليقات