32 عاما من الخيبات المتتالية والسقوط المتكرر. إرث كبير كان على ليونيل ميسي أن يحمله ليعيد سطوع الشمس في بلاد الفضة.
من يتحمل سلسلة السقوط المتكرر لمنتخب الأرجنتين؟ بكل تأكيد خورخي سامباولي مدربهم الحالي يتحمل الجزء الخاص به، لكن نحن نتحدث عن 32 عاما من تكرار نفس السلسلة في كأس العالم.
الأرجنتين تعادلت مع أيسلندا في ظهور الأخيرة الأول بكأس العالم، أداء باهت والكل اعتمد على شكل واحد لنقل الكرة "مررها إلى ميسي وسيتصرف".
ما يجعلنا نتسائل حقا، هل يدار المنتخب مثل الفريق؟
في المنتخب لن يحدث أبدا أن يقود لاعب وحده جيلا بأكمله لتحقيق إنجاز تاريخي، يمكننا أن نسأل إسبانيا وألمانيا ومن قبلهم إيطاليا، هل كان هناك ميسي؟
ركلة الجزاء التي أهدرها ليونيل ميسي أظهرت كل مشاكل وثغرات قائمة سامباولي. لو استطاع ميسي تسجيل هذه الركلة كانت ستختفي مشاكل الأرجنتين مؤقتا ولن يتكلم أحد على الأداء الباهت للفريق لكن شاء القدر أن تضيع ركلة الجزاء وينسدل الستار عن حقيقة قائمة الأرجنتين وما بها من نواقص وثغرات خاصة في خط الدفاع وبالطبع في حراسة المرمى.
إصابة روميرو كانت صدمة كبيرة لأن الأرجنتين تعاني في هذا المركز بالتحديد، روميرو ليس حارسا كبيرا ولكنه جيد مقارنة ببديله ويلي كاباييرو الذي هو في الأساس حارس احتياطي بشيلسي وليس صغيرا في السن.
بعيدا عن خطأ كاباييرو، كرواتيا كانت ستفوز في كل الأحوال. الأرجنتين خسرت معركة نصف الميدان أمام لوكا مودريتش ورفاقه مما سهل مهمة الهجمات المرتدة التي لعب عليها زلاتكو داليتش مدرب كرواتيا مما جعلهم يحرزون الثاني والثالث والأرجنتين ليس لها أي ردة فعل
الأرجنتين فقدت قوة قائمتها في الدفاع وفي منتصف الملعب، منذ كأس العالم 2010 لم تستطيع إيجاد لاعبين أقوياء في الدفاع والوسط حتى فقدت جيلا بأكمله ولم تستطع تعويض ولو حتى جزء من هذا الجيل، هجوم راقصي التانجو هو نقطة القوة الوحيدة للفريق التي خسرها لنقص الخبرة واعتماد سامباولي على ميسي وحيدا ولا يهم من يلعب بجانبه لأنه سيمرر إلى ميسي.
يقولون أن كيف لقائمة مثل التي تملك الأرجنتين أن تكون بهذا الأداء الباهت، هل تريد معرفة السبب؟ حاول أن تكون مدربا للأرجنتين في لعبة "FIFA18" وتقوم بنفسك باختيار قائمة تضم 23 لاعبا ستجد لراقصي التانجو للمشاركة في كأس العالم.
قائمتك لن تختلف كثيرا عن سامباولي. في البداية ستحتاج إلى حارس مرمى قوي لتبني عليه باقي التشكيل، لن تجد إلا المصاب روميرو لتعتمد عليه وفي الدفاع يمينا لن تجد اسما قويا سوى بابلو زاباليتا صاحب الـ33 عاما المنتهي كليا. فلتبحث الآن عن مدافع أيسر لن تجد سوى ماركوس روخو الذي يجلس بديلا لأشلي يونج في مانشستر يونايتد وفي خط الوسط لن تجد إلا خافيير ماسكيرانو العجوز وبجانبه إيفر بانيجا لاعب إشبيليه ولن تجد وفرة لاعبين غير في مركز المهاجم.
أن تملك العديد من الأسماء الكبيرة في نفس المركز لا يعني بالضرورة أن تكون قائمتك قوية. ستكون محظوظا للغاية إن كانت تلك الأسماء موزعة على كل المراكز، لا أدافع عن سامباولي لكن أتكلم عن واقع تعيشه الأرجنتين الآن.
سامباولي استبعد ماورو إيكاردي من القائمة النهائية ووضع إيجوايين بجانب أجويرو وباولو ديبالا وميسي بالطبع. ولم يكتف باستبعاد إيكاردي من القائمة النهائية فقط بل استبعد باولو ديبالا وأنخيل دي ماريا من التشكيل الأساسي لحساب ماكسميليانو ميزا وكريستيان بافون.
ديبالا لم يشارك إلا في أقل من 20 دقيقية في مباراة كرواتيا وبالطبع لم يفعل شيئ.
مشكلة سامباولي ليست في الأسماء التي يضعها فقط ولكنه يملك مشكلة في أداء ميسي الغريب للغاية الذي قال عنه البعض أنه أثبت لنا أنه بشر ويمكنه أن يكون سيئا في بعض المباريات، الأخطاء الفردية للدفاع ولحارس المرمى سببا آخر لتعثر الارجنتين في أول مباراتين بكأس العالم كما ظهر ذلك أمام نيجيريا. كان الدفاع سهل الاختراق والأخطاء الفردية مازالت موجودة.
سامباولي يحتاج إلى تغيير طريقة اللعب ليستفيد من كل الأسماء التي يملكها في قائمته خير استفاده. في الدفاع لا يملك العديد من الحلول لكن عليه أن يغير طريقة اللعب إلى 4-4-2 إذ أنه يمتلك أربعة لاعبين في الدفاع . ماسكيرانو و إنزو بيريز أو بانيجا في الوسط على يمينهم ميسي وعلى يسارهم دي ماريا أو بافون وأمامهم أجويرو وديبالا، هكذا ستزيد النجاعة الهجومية للفريق ويمنح ميسي فرصة باستغلال مساحات الخصم دون وضعه في موقف يجعله صيدا سهلا للخصوم, في حالة الهجوم يمكنه تحويل الطريقة إلى 4-3-3 وفي حالة الدفاع إلى 5-3- 2 برجوع ماسكيرانو إلى عمق الدفاع ليملك الزيادة العددية دائما وعلى دكة البدلاء سيملك العديد من الخيارات في كل المراكز.
مشكلة الأرجنتين لم تكن في سامباولي فقط، هناك فقر شديد في بعض المراكز، واتحاد كرة لا يتحرك واختياراته دائما للمدربين مثيرة للجدل، قد يتحمل سامباولي جزءً كبيرا من الأداء، لكن الإخفاقات يتحملها توالي قرارات صادمة من اتحادات الأرجنتين.
الأن الأرجنتين عبرت الدور الأول وتفادت خروجا كارثيا من كأس العالم. قد يحالفها الحظ مجددا أمام فرنسا أو أن يتحسن أداء الفريق لتعبر الديوك. قد تغنينا لحظات عبقرية منفردة من ميسي عن الخوض في كل ما سبق، لكن سيبقى الإقرار بأن قائمة الأرجنتين الحالية بين الأضعف في تاريخهم أمرا لازما.