كتب : علي أبو طبل
ربما يكون الدرس المستفاد من مباراة بلجيكا وتونس هو أن القدرة على الاستحواذ والانتقال للهجوم لا يكفي لستر كوارثك الدفاعية، بل ربما تكون معرضا لتلقي أثقل الهزائم.
تونس تلحق بركب المغادرين من مونديال روسيا 2018 – نظريا - بعد تلقيها هزيمة ثقيلة على يد منتخب بلجيكا بـ5 أهداف مقابل هدفين.
ما بين يوم كارثي لعلي معلول وتركيز كبير لروميلو لوكاكو، كان الفارق كبيرا بين المنتخبين، وكان لبلجيكا ضمان تأهلها نحو الدور التالي.
نستعرض سريعا في هذا التقرير أبرز ما لاحظناه من مواجهة تونس وبلجيكا المونديالية.
انفجار لوكاكو
في مباراته الدولية رقم 71، يصل روميلو لهدفه الدولي رقم 40 بعد ثنائية في شباك فاروق بن مصطفى.
17 هدفا بإمضاء لوكاكو في آخر 11 مباراة دولية شارك بها رفقة بلاده، حيث فشل في التسجيل في واحدة فقط منهم، وكانت ضد البرتغال في وقت مبكر هذا الشهر.
ثنائية تعكس الكثير عن شخصية لوكاكو التي أنهى بها الموسم مع مانشستر يونايتد وبدأ بها المشاركة رفقة بلاده في المونديال.
هدفان رفعا رصيد مهاجم إيفرتون السابق لـ4 أهداف خلال النهائيات الجارية، ليتساوى مع البرتغالي كريستيانو رونالدو، مع إمكانية إضافة المزيد.
قدرات كبيرة أظهرها الدبابة البلجيكية الذي استغل هفوات دفاع تونس خير استغلال، بجانب تفوقه في 6 التحامات من أصل 9 واستخلاصه لكرة وحيدة من الخصم، كما صنع فرصة محققة لفريقه ولكن لم تكلل بالتسجيل.
لوكاكو أول من يسجل ثنائية في مباراتين متتاليتين بالمونديال منذ الأسطوري دييجو مارادونا.
تلك هي المباراة الثانية على التوالي التي يسجل لوكاكو خلالها ثنائية في المونديال، وآخر من فعلها هو رمز الأرجنتين الكروي.
مارادونا سجل ثنائيتين في مبارتين متتاليتين خلال مونديال 1986 ضد إنجلترا وبلجيكا.
لوكاكو رفع رصيده من الأهداف المونديالية في مشاركته الثانية إلى 5 أهداف، فهل يبدو رقم ميروسلاف كلوزه (16 هدفا) هدفا أمام روميلو؟
المجال مازال متاحا أمام صاحب الـ25 عاما لإضافة المزيد في المونديال الحالي، بل والمشاركة في مونديال قادم في 2022 إن أراد.
سحر أزار
منظومة بلجيكا التي تعتمد على الرسم الخططي 3-4-3 ربما بحاجة لمراجعة التكتيك الدفاعي في حال مواجهة خصوم أقوى وقادرين على اللدغ.
فرغم الانتصار الكبير، وصلت تونس لمنطقة جزاء بلجيكا في 16 محاولة هجومية كان منها 5 تسديدات داخل نطاق مرمى تيبو كورتوا، والذي تصدى لـ6 من أصل 16 محاولة تونسية، ولكن لم يمنع نسور قرطاج من هز شباكه في مناسبتين.
ولكن المد البلجيكي الهجومي أظهر السحر الكبير الذي يستطيع إدين أزار صنعه.
بعد نهاية المباراة، مدح أزار زميله روميلو لوكاكو في تصريحات لشبكة بي.بي.سي البريطانية "من السهل اللعب مع لوكاكو. تمرر له الكرة ويستطيع التسجيل في كل مرة. لقد كان رائعا".
لكن أزار نفسه يستحق قدرا كبيرا من الإشادة.
صانع ألعاب وجناح نادي تشيلسي أبدى تفوقا كبيرا في هذا الجانب على حساب زميله كيفن دي بروين، والذي التزم بأدوار أكبر في وسط الملعب بجانب آكسيل فيتسل.
ربما استحق أزار أن يكون الأفضل في المباراة، فقد نجح في هز شباك تونس في مناسبتين من أصل 3 محاولات على المرمى، ونجح في إتمام 5 مراوغات من أصل 6 محاولات، وأتم 22 تمريرة ناجحة بدقة بلغت 84%، كما ربح 9 التحامات من أصل 16 محاولة، وصنع فرصة محققة للتسجيل.
هدف أزار الأول جاء من علامة الجزاء بعد 5:59 دقيقة، ليصبح ثاني أسرع هدف بلجيكي في تاريخ المونديال، بعد هدف ليوبولد آنول ضد إنجلترا في مونديال 1954 والذي جاء بعد 5 دقائق فقط.
تحركات هائلة ما بين الخطوط التونسية التي تركت مساحات كبيرة فيما بينها، مع حرية حركة في كافة أجناب الملعب مع عدم التزام بجبهة معينة لتركيز الهجوم عليها، فيما بدى درايس ميرتينز أقرب لمهاجم ثان خلف لوكاكو.
تأثير أزار يتضح من خلال حقيقة أن هدفاه اليوم رفعا رصيده في المساهمة بالأهداف مع بلاده إلى 23 هدفا في آخر 21 ظهور دولي له، بواقع 11 هدفا مسجلا و12 مصنوعا.
أزار يبدو الاسم الألمع والأمهر على الدوام ضمن تشكيلة بلجيكية مدججة بالنجوم، فهل يتمكن القائد من التقدم بفريقه بعيدا نحو منافسة ممكنة على اللقب العالمي؟
ثغرة كارثية ومحارب وحيد
للمباراة الثانية على التوالي، وبشكل يبدو أكثر كارثية، قدم لاعب الأهلي الظهير الأيسر علي معلول أداء متواضعها للغاية مع منتخب بلاده.
جبهة تونس اليسرى بدت مخترقة دفاعيا منذ الدقائق الأولى، فسهلت مهمة لوكاكو كثيرا في هز الشباك من مناسبتين من خلال هجمات تم بنائها خلف شوارع علي معلول.
ربح معلول 3 التحامات فقط من أصل 7 محاولات، بينما تمت مراوغته في 3 مرات بنجاح وارتكب خطأ مباشرا أدى إلى هدف بلجيكي، ولم يتمكن من استخلاص الكرة إلا في مناسبة واحدة، ومثلها في محاولة ناجحة لاعتراض تمريرات بلجيكا.
ربما كان الجانب الأفضل في أدائه هو دقة تمريراته السليمة التي بلغت 80% من خلال 50 تمريرة صحيحة، ولكنها لم تنف حقيقة كونه الحلقة الأضعف في تشكيلة المدير الفني نبيل معلول، وبشكل مفاجئ للجميع.
الكل أثنى خلال اللقاء بمجهودات المهاجم وهبي الخزري، والذي تم وصف أدائه بأنه الوحيد الذي يحارب ضد التفوق البلجيكي.
لاعب سندرلاند الإنجليزي السابق بدأ مجريات البطولة متأثرا بإصابة أثرت على مستواه أمام منتخب إنجلترا.
ولكن في مواجهة اليوم كان له مردودا أفضل وساهم بفاعلية كبيرة ضد بلجيكا.
أحرزت تونس مرتين في مواجهة اليوم، الأولى من صناعة الخزري والثانية سجلت عن طريق قدمه اليمنى.
ربح الخزري 3 التحامات من أصل 4 محاولات وتحرك في كل مكان في الجزء الأمامى وعاد لمنتصف الملعب من أجل الضغط على حامل الكرة البلجيكي، حيث نجح في استخلاص الكرة منهم في مناسبتين بنجاح، كما اعترض إحدى تمريرات البلجيكيين بشكل سليم في مناسبة وحيدة.
تفوق تاريخي لبلجيكا على النسور
تلك كانت ثاني مواجهة مونديالية تجمع الفريقين وجها لوجه.
الأولى كانت ضمن نهائيات 2002 في كوريا الجنوبية واليابان، وانتهت بالتعادل الإيجابي 1-1.
أولى المواجهات تعود لعام 1992 حين انتصر نسور قرطاج وديا على بلجيكا بنتيجة 2-1، بينما آخر المواجهات تعود لعام 2014 حين ردت بلجيكا الانتصار الودي بنتيجة هدف نظيف.
انتصار اليوم هو الثاني لبلجيكا على تونس خلال 4 مواجهات جمعتهما بشكل عام، لتربح بلجيكا الأفضلية التاريخية لحين إشعار آخر.
المزيد من الأرقام
تستمر تونس بلا فوز مونديالي للمباراة الـ13 على التوالي، تعادلت 4 مرات وخسرت 9، وقد وقعت في سلسلة 4 مباريات متتالية في المونديال حملت الهزيمة.
بينما تملك بلجيكا رقما قويا الآن في دور مجموعات كأس العالم خلال مشاركاتها، بتحقيقها الانتصار السادس على التوالي، حيث حققت الفوز في مبارتها الأخيرة في مشاركتها بـ2002، وانتصرت في جميع مواجهاتها في 2014، والآن تحقق انتصارين بدور المجموعات.
ليلة مونديالية هائلة لبلجيكا التي نجحت في تسجيل 5 أهداف في مباراة واحدة لأول مرة في تاريخ مشاركاتها.
بينما يحتفظ الإسباني روبيرتو مارتينيز برصيد قوي خلال قيادته الفنية لبلجيكا، حيث انتصر في 11 مباراة تنافسية من أصل 12 قادها ولم يخسر. وقد نجح فريقه في التسجيل في 51 مناسبة بينهما اهتزت شباك كورتوا وبدلائه في 8 مناسبات فقط.