كتب : إسلام مجدي
عادة نرى الرقم 13 دلالة على النحس، والبعض يتشاءم منه، ونادرا ما تجد لاعب كرة قدم يحبه، على عكس جوييرمو أوتشوا حارس مرمى المكسيك، الذي ولد يوم الجمعة 13، وشارك لأول مرة في كأس العالم في مسيرته يوم 13 يونيو 2014 وكان ذلك يوم جمعة أيضا.
مسيرته خليط ما بين سوء الحظ والاختيار، لكنك لن تتمكن أبدا من كره أوتشوا. وكل ذلك بالتأكيد لا علاقة له بالرقم الذي ارتبط به للأبد.
"أوتشوا، أنا آسف لكنني مضطر للمغامرة بك". تخيل أن تسمع تلك الكلمات وأنت في الـ17 من عمرك؟ لا يثق بك أحد وترى أنك فقط بحاجة للفرصة.
أدولفو ريوس الحارس الأساسي لنادي كلوب أمريكا تعرض للإصابة لم يكن أحد يتوقع أن يصبح ذلك الحارس صاحب الـ17 عاما هو البديل المثالي.
"قبل الدخول إلى الملعب سألني المدرب عما أردت فعله دائما، وقلت له أنني أرغب في اللعب لنادي كلوب أمريكا، وقال لي حسنا هذه فرصتك اثبت لي ذلك".
المدرب كان مانويل لابوينتي الذي فاز مع المكسيك بالكأس الذهبية عام 1998 وكأس القارات في العام الذي يليه.
لم يتطلب الأمر كثيرا من ذلك الحارس الشاب ليتكيف على الأوضاع في ناديه، أصبح رقم 1 بل ولا يمكن لأحد أن ينافسه على مركزه.
ريكاردو لا فلوب مدرب المنتخب المكسيكي في ذلك الوقت سارع إلى ضم موهبة حراسة المرمى ولكنه كان يجلس على مقاعد البدلاء.
ظل قرابة عام كامل على مقاعد البدلاء ينتظر الفرصة، حتى أتت إليه فعليا في مواجهة ودية ضد المجر استعدادا لكأس العالم 2006.
قبل البطولة كان الإعلام يطرح اسمه كحارس واعد يجب أن يحصل على الفرصة، لا فلوب كان يرى أنه خيارا ثالثا، الأول كان أوزوالدو سانشيز والثاني خيسوس كورونا والثالث أوتشوا.
تسبب ذلك في غضب الفتى الواعد، لينتقد اختيارات مدربه علنا، لم يكن ذا خبرة في ذلك الوقت كان في الـ20 من عمره. ليرد المدرب ويقول :"أنا منوط باختيار 22 لاعبا وليس 11 فقط، لا يعجبني ذلك السلوك ولن تصبح اسما كبيرا في عالم كرة القدم إن استمريت على هذه الحالة".
رقم 1 في كلوب أمريكا حصل على فرصته الرائعة في مواجهة لم ينسها قط عام 2007، حينما كان هوجو سانشيز مدربا للمنتخب، في افتتاحية البطولة ضد البرازيل وفي انتصار منتخب الألوان الثلاثة بنتيجة 2-0 لم يكن من الممكن أبدا أن يسجل أي لاعب هدفا ضد أوتشوا. في تلك البطولة حصلت المكسيك على المركز الثالث وأتشوا عاد عام 2007 منها كنجم كبير يجب أن يرحل إلى أوروبا.
أوتشوا بعد ذلك بعام أصبح على غلاف لعبة فيفا 08 وفيفا 09.
فيما بعد، وعقب قضاء 8 أعوام مع النادي المكسيكي انضم إلى أجاكسيو الفرنسي، الإعلام وقتها اعتقد أنه دُفع بطريقة خاطئة للانضمام إلى مثل هذا النادي.
القصة كانت مختلفة للغاية، فبعد أدائه الرائع في مباراة السلفادور في افتتاح بطولة الكأس الذهبية عام 2011 وانتصرت المكسيك بنتيجة 5-0 غاب أوتشوا عن كل مباريات منتخب بلاده.
الأزمة كانت أن أوتشوا وعددا من لاعبي المكسيك تناولوا لحما فاسدا كان يحتوي على مادة كلينبوترول المنشطة والممنوعة. ليهدد اللاعب بالإيقاف للأبد.
في ذلك الوقت كان كلوب أمريكا في مفاوضات جادة مع باريس سان جيرمان لينضم إليه أوتشوا بدعم من شركة البث المكسيكية، كارلو أنشيلوتي المدرب الذي بدأ مشروع النادي الفرنسي في تلك الحقبة كان يرغب بشدة في خدمات أوتشوا ووجد فيه خيارا مثاليا لحراسة مرماه.
"النتائج الأولية أعلنت في مايو 2011 وبعد ذلك علمت أنني لن أشارك في مباراة واحدة في البطولة، كان ذلك قبل سوق الانتقالات بأيام".
"عانيا الأمرين، كنا ننتظر أن يتم إيقافنا لمدة موسمين، تطلب الأمر شهرين لكي يتم تبرئة أسمائنا في فضيحة كبيرة".
للأسف في مدة شهرين كانت كل المفاوضات قد فشلت بالفعل، ورحل باريس سان جيرمان وأصيب الحارس بإحباط كبير لن ينساه قط، فقط فريق واحد أراده وظل متواجدا من أجله، كان أجاكسيو.
وقتها كان أجاكسيو قد تأهل لتوه إلى دوري الدرجة الأولى، والتقارير في فرنسا قالت في ذلك الوقت أن ذلك كان ضمن حملة دعائية لشركة تلفزيون مكسيكي، وتسبب ذلك في أن يذاع الدوري الفرنسي في المكسيك.
وكانت الشركة تدفع جزء من راتب أوتشوا، فيما قال الحارس :"لا أربح الكم الكثير من المال الآن مثلما كنت أفعل في المكسكي، لكن ذلك لا يمنع أن يؤكد سعادتي هنا". كان ذلك بعد عدة أشهر مع فريقه الجديد.
اللعب في أوروبا كان طموحه منذ أن كان طفلا، خاصة وهو يشاهد مثله الأعلى بيتر شمايكل. كان يرى أنه يمكنه إيقاف أي شيء في طريقه، ولطالما أراد محاكاته وأن يصبح أسطورة مثله. وكما قال :"الشيء المضحك أنني أصبحت حارسا مختلفا للغاية عنه".
جماهير أجاكسيو ذهلت للغاية من مستوى أوتشوا وبراعته، كان رجل المباراة في ثاني مواجهة له ضد ليون ونجح في الحفاظ على شباكه واستمر هكذا لنهاية الموسم.
وكان أوتشوا سببا رئيسيا في أن يستمر أجاكسيو في دوري الدرجة الأولى، وكرر ذلك الأداء الممتاز لينجو فريقه من الهبوط مجددا.
رغم ذلك، في المكسيك كانت هناك العديد من الانتقادات موجهة إليه، خاصة وأنه انضم إلى فريق صغير في بلد أجنبي ولم يصل إلى الدرجة التي تمنوها له، خسر مركزه كحارس أساسي للمكسيك لصالح أوسكار بيريز في كأس العالم 2010، خاصة وأن المدرب خافيير أجيري كان يرى أن بيريز أفضل من أوتشوا. لذا لم يشارك في تلك البطولة، وكانت تلك هي ثاني مرة يضطر خلالها لمشاهدة كأس العالم من مقاعد البدلاء، كنوع من سوء الحظ.
لم يعلم ماذا يفعل لكي يحبه الجميع، كان يقدم مستوى بارعا لكنه لا يجد حبا في المقابل، وبكل تأكيد لن تسلط عليه الأضواء وهو في أجاكسيو.
نجمه بدأ يخفت وقال عنه أنطونيو كارباخال أحد أعظم الحراس في تاريخ المكسيك :"قرار أجيري صحيح، أوتشوا استقبل العديد من الأهداف من مسافات بعيدة وعادة يعاني في العرضيات، بدأت أتساءل عما إذا كان لديه مشاكل في الرؤية أو التركيز".
لسبب غير مفهوم استمر أوتشوا خيارا ثالثا وثانيا للمكسيك على الرغم من تألقه التام مع أجاكسيو، حتى أتى ميجيل هيريرا، وشيئا فشيء وجد أن أوتشوا يشكل قوة كبيرة له، حتى في وجود كورونا فلا بديل لأوتشوا ولمس ذلك في وديات نيجيريا والإكوادور وحتى البرتغال.
قبل كأس العالم 2014 قال هيريرا :"أعاني من صداع كبير لا أعرف حقا من أختار لحراسة المرمى، أوتشوا أم كورونا".
في كأس العالم 2014 كانت المكسيك ضمن المجموعة الأولى التي ضمت البرازيل والكاميرون وكرواتيا.
شارك أوتشوا لأول مرة في حياته في مباراة بكأس العالم عام 2014 بعد انتظار لبطولتين، بل وتألق ضد الكاميرون، حتى أتت لحظته الحقيقية، ضد البرازيل.
"لا يوجد حارس مرمى في تاريخ كأس العالم قد قدم أداء مماثلا لما قدمه أوتشوا ضد البرازيل". هيريرا مدرب المكسيك.
"احتفظوا بهذه الذكرى جيدا، أوتشوا يجعلنا نشعر بأمان كبير في الخلف إنه المنقذ". رافائيل ماركيز قائد المكسيك.
سرعان ما علمت المكسيك ماذا كانت تفتقد طيلة الفترة الماضية، لا يمكن تجاهل أداء حارس بقدرات أوتشوا في كأس العالم.
"شعرت وكأن أوتشوا محمي من قبل الكنيسة في المكسيك، لقد كان يتصدى لكل شيء".
لم يرغب أحد في رؤية الحقيقة الواضحة، فضيحة المنشطات الكاذبة أثرت تماما على مسيرة حارس أسطوري، خاصة وأن دفاع أجاكسيو مثلا ليس مثل دفاع سان جيرمان، الأمر الذي أغفله كل من انتقد أوتشوا أو تجاهل ذكره.
أوتشوا خلال أعوامه مع أجاكسيو قبل كأس العالم 2014 درس عبر الانترنت علم الإدارة الرياضية، وأراد تطوير مسيرته أكثر، ورفض تجديد عقده للحصول على ما وصفه بـ"فرصة أكبر أستحقها".
ليرد النادي جميله قائلا :"بعد 3 أعوام من الخدمة الوفية والجيدة للغاية مع أجاكسيو رحل ميمو أوتشوا إلى وجهة جديدة، لم يكن معروفا في أوروبا قبل أن ينضم إلينا لكنه غزا كل القلوب بشخصيته وأدائه الرائع".
قبل كأس العالم في تلك الفترة كان مارسيليا هو أقرب فريق لضمه، لكنه فيما بعد اقتنع بما سمي "مشروع مالاجا" لكن تلك الخطوة أيضا أثرت عليه.
لم يلعب مع مالاجا كثيرا، وبدا وكأنه تسرع في اختياره، لينضم إلى غرناطة على سبيل الإعارة، لكن النادي لم يكن يمتلك خط دفاع قوي واستقبل قرابة 82 هدفا، على الرغم من ذلك تواصلت الثقة فيه وشارك في الكأس الذهبية 2015 لكنه لم يشارك في كوبا أمريكا، ولعب كأس القارات 2017 كما كان الخيار الأول والرائع ضد ألمانيا في افتتاحية كأس العالم 2018 للمجموعة الخامسة.
ربما لم يكن محظوظا بسبب رقمه المفضل، وقد يخطئ أحيانا في تقدير الكرة، لكنه نادرا ما يخذلك ويحاول دائما أن يكون الأفضل، هذا هو جوييرمو أوتشوا.
طالع أيضا:
لعبة تفاعلية - اختر تشكيل تونس قبل مواجهة بلجيكا
لعبة تفاعلية - قبل مواجهة السعودية، كن المدرب ووجه رسالة للاعبي منتخب مصر
لعبة تفاعلية – تعرف على هدافي إفريقيا في كأس العالم.. أحمد موسى يقترب من كتابة التاريخ
جوييرمو أوتشوا.. صاحب الرقم 13