كتب : إسلام مجدي
في شهر أغسطس عام 2017 أعلن الاتحاد الإيراني لكرة القدم عن إيقاف اللاعبين مسعود شجاعي وإحسان حاج صافي بعدما شاركا في مواجهة فريقهما بانيونيوس اليوناني ضد مكابي تل أبيب.
الموقف بدا غريبا للغاية، لكن في إيران؟ كانت نيران الغضب تلتهم كل شيء في الإعلام.
قال محمد رضا داورزني وزير الشباب والرياضة :"نحن نختبر أبعاد ما حدث، سأحرص على ألا يرتديا قميص المنتخب مرة أخرى".
وأضاف "شجاعي وحاج صافي لم يعد لهما مكان في منتخب إيران بعدما تخطوا الخط الأحمر للدولة".
وقتها دعم زملاء الثنائي في المنتخب موقف اللاعبين لكن نائب رئيس الاتحاد الإيراني لكرة القدم علي كافاشيان قال إنهما كان يجب أن يرفضا مواجهة ذلك الكيان المعتدي بأي شكل، وأنه لا يجب الاعتراف به بأي طريقة.
مشاركة الثنائي ظلت حتى نهاية العام محل جدل كبير في إيران، خاصة وأن الدولة لا تعترف بإسرائيل.
الثنائي كان قد رفض لعب لقاء الذهاب في إسرائيل ولم يرغبا في الاعتراف بالدولة أيضا داعمين لموقف دولتهم من الأساس، لكن في لقاء الإياب باليونان لعبا، وهو أمر لم ترض به إيران مطلقا.
هل كان ذلك الإيقاف منطقيا؟ بالطبع لا نظرا لأنه لم يطبق بشكل رسمي لكنها كانت قرارات شفهية معلنة ونافذة، لكنها أقلقت الاتحاد الدولي لكرة القدم بل إن ذلك القرار كان يهدد مشاركة إيران في كأس العالم 2018 بروسيا.
كل ذلك مر، حتى أعلن كارلوس كيروش مدرب المنتخب القائمة الأولية التي سيختار منها قائمته النهائية لكأس العالم وشهدت تواجد الثنائي.
جاء ذلك بعدما شعرت إيران أن الهدف الرئيسي ليس معاقبة الثنائي لكن النجاح أمر حيوي في بطولة بحجم كأس العالم للنظام الإيراني الحاكم.
بطولة كأس العالم هذا الصيف تأتي مع انتقادات حادة من الولايات المتحدة الأمريكية بسبب أزمة سياسية منذ عام 2015.
اختيار الثنائي سبب جدلا كبيرا، هل تراجعت إيران في قرارتها خوفا من أي تهديدات؟
أجاب عن هذا السؤال جيمس دروسي مؤلف كتاب "العالم الممتلئ بالمشاكل لكرة القدم في الشرق الأوسط" في مقال نشره بجامعة هارفرد عن تأثير كرة القدم على شعوب الشرق الأوسط.
وقال :"إيران مثلها مثل دول الشرق الأوسط، مهووسة بكرة القدم".
"حينما تأهلت إيران لكأس العالم 1998، كانت هناك فرحة غير طبيعية في شوارع طهران، كل الأوساط الاجتماعية المختلفة كانت تحتفل بطريقة بسيطة".
"بعض تلك الاحتفالات مع الوقت تحولت لمظاهرات ضد النظام، الأمر الذي تكرر خلال نسخة العام الماضي، الأمور تبدأ في ملعب كرة القدم وينتهي بها الأمر في خلط كبير بين السياسة وكرة القدم".
الجماهير في إيران أصبحت ترى أن هناك ازدواجية في المعايير بعد عودة الثنائي للمنتخب.
كارلوس كيروش المدرب البرتغالي للمنتخب لم يهتم بكل ذلك الجدل الكبير، وعمد إلى بناء جيل قوي بعد ما كان متواجدا في بطولة 2014 بالبرازيل، وحوله لمنتخب قوي جدا على الصعيد الدفاعي.
لكن كيف يختبر قوة منتخب بلاده خاصة بعد مجموعة قوية وقع فيها؟ مع إسبانيا والبرتغال والمغرب.
المباريات الودية كانت سلاحه لفعل ذلك، أراد اختبار مواطن قوته وفاعليتها مع الإضافة لقوته الدفاعية، الأمر الذي أفصح عنه أثناء قرعة كأس العالم، أيا كانت النتيجة طريقته في الإعداد واحدة.
اليونان كانت حلا مثاليا بالنسبة لإيران لاختبار الفاعلية الهجومية ضد منتخب قوي جدا دفاعيا ويمتلك قوة بدنية كبيرة، كان ذلك في أواخر مايو، وكان من المفترض أن تقام المباراة في مدينة إسطنبول.
لكن بسبب التوتر في العلاقات بين الدولتين ألغيت المباراة، وقال الاتحاد الإيراني في بيان رسمي إنه سيقطع العلاقات مع نظيره اليوناني وقرر خوض ودية أخرى ضد كوسوفو.
لم يدم الأمر طويلا، تم إلغاء ودية كوسوفو سريعا بسبب مشاكل سياسية مرة أخرى.
بجانب ذلك ألغيت مباراة أخرى ضد ليبيا في شهر مارس الماضي، ولعب ضد سيراليون وتونس والجزائر، قبل أن يعود في أواخر مايو ويواجه أوزباكستان وتركيا، لكنه لم يخض وديتين بسبب المشاكل السياسية وارتبك البرنامج الاستعدادي لكأس العالم.
لنصل إلى المشهد الشهير.
الصحفي: ما رأيك في الاستعدادات لكأس العالم ولم هي بهذا الضعف؟
كيروش منفعلا: لا نستطيع اللعب ضد أي منتخب بسبب مشاكلكم السياسية، لا أحد يريد مواجهتنا ماذا سأفعل؟
مثقلا بالإحباط وخيبة الأمل اتجه منتخب إيران إلى روسيا ليصبح أول من وصل إلى هناك، وخاض مواجهة ودية ضد ليتوانيا فقط للحفاظ على حساسية المباريات لكنها لم تكن المواجهة التي أرادها كيروش.
هدأت الأوضاع قليلا، ومع اقتراب كأس العالم وقبل أيام قلائل من انطلاقه، عادت المشاكل السياسية لتطرق أبواب كيروش.
مرغما اضطر لسماع البيان الغريب من شركة إنتاج الملابس الرياضية "نايكي" :"العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية، تعني أن شركة نايكي الأمريكية لن تمد منتخب إيران بألحذية للاعبين في الوقت الحالي".
رد فعل كيروش جاء كالتالي:"إنها خطوة سخيفة وغير ضرورية، أين الفيفا؟ يجب أن تتقدم نايكي باعتذار".
ووجه الاتحاد الإيراني لكرة القدم طلبا مباشر للاتحاد الدولي لكرة القدم للتدخل".
لم تكن تلك هي المرة الأولى التي تمد فيها شركة نايكي منتخب إيران بالأحذية، بل فعلت ذلك كثيرا في الماضي. وعلى الرغم من ذلك القرار المفاجئ شوهد عدد من اللاعبين يرتدون أحذية نايكي في تدريبات المنتخب.
مع كل تلك الظروف المحيطة بالمنتخب الإيراني، سواء انتقادات الجماهير أو سوء التحضير لكأس العالم أو عقوبة نايكي، هل يتمكن منتخب إيران من تقديم بطولة قوية تناسب العمل الكبير الذي قام به كيروش منذ كأس العالم 2014؟