كتب : علي أبو طبل
إذا هبطت على أراضي روسيا للمرة الأولى، فلا بد وأنك سترغب في رؤية قصر الكريملين عن قرب.
هناك دائما مصدر قوة العاصمة ومقر حكمها الرئيسي على مر العصور، منذ النشأة الأولى مرورا بالعصر السوفييتي، ونهاية بكونها عاصمة رئيسية لروسيا بعد تفكك الاتحاد.
تعتبر موسكو القوة السياسية والاقتصادية الأقوى للدولة الروسية، بجانب كونها إحدى أكبر المدن على الإطلاق في قارة أوروبا، حيث تبلغ مساحتها 2511 كيلومترا مربعا، ويتجاوز عدد قاطنيها الـ12 مليون شخصا.
ليس فقط الكريملين، بل الميدان الأحمر وكنيسة "سانت بازل" الكاتدرائية بجانب العديد من المعالم القديمة وغيرها من التسهيلات الحديثة مثل شبكة المترو التي تحل في الترتيب 14 بين شبكات المترو الأكبر والأكثر إشغالا في العالم، كلها أشياء تجدها في موسكو.
وفي موسكو هذا الصيف، سيكون محبو كرة القدم على موعد مع العديد من اللحظات البارزة في مونديال كرة القدم الذي تستضيفه روسيا هذا العام.
الإرث القديم
يظن الغالبية أن سبب تسمية المدينة بإسمها نسبة إلى نهر موسكو الذي يتوسطها تماما، وهو الإسم الذي يحمل معناه العديد من النظريات.
النظرية الأكثر شيوعا هي المعنى اللاتفي لكلمة "موسكو" ويقابلها في الإنجليزية "To wash" أو أن يغسل.
نشأة موسكو الأولى تعود لعام 1174 ميلادية حين كانت مقرا لاجتماعات الحكم، وبمرور مئات السنوات طرأت العديد من التغيرات على المدينة مرورا لثورة "لينين" في 1917 حين بدأ العصر السوفييتي.
قبل ذلك الحين، كانت العاصمة الروسية قد انتقلت من موسكو إلى سانت بطرسبرغ، قبل أن يعيدها فلاديمير لينين من جديد ليصبح "قصر الكريملين" مصدر القوة من جديد للدولة السوفييتية.
أثناء الحرب العالمية الثانية، كانت المعركة الأكبر هي "معركة موسكو" بين الجيش الأحمر السوفييتي ونظيره الألماني على الحدود الخارجية للمدينة.
دخلت المدينة حينها في مرحلة طوارئ وتم اخلاء المباني بالكامل مع محاولات لزيادة التحصين في الوقت الذي تتعرض فيه موسكو للهجوم جوا.
انتهت الحرب، ومع مئات الآلاف من الضحايا من كلا الجيشين، حان وقت إعادة الإعمار في الوقت الذي عانت فيه العاصمة السوفيتية من أزمة سكنية.
مدينة زيلينوجراد نشأت كجزء تابع للعاصمة موسكو وتحديدا في أقصى جنوبها ضمن محاولات إعادة الإعمار، وشهدت انتقال العديد من المباني والمرافق الهامة والحيوية إليها.
في 8 مايو 1965، وبعد مرور 20 عاما بالتمام على أحداث الحرب العالمية الثانية، تم تكريم مدينة "موسكو" بوسام ولقب "المدينة البطلة".
في 1980، كان الحدث الرياضي الأبرز الذي تشهده المدينة باستضافتها لدورة الألعاب الأوليمبية الصيفية، والتي شهدت مقاطعة الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية اعتراضا على بعض التدخلات السوفيتية سياسيا في أفغانستان في عام 1979.
بعد تفكك الاتحاد السوفيتي في 1991، لم تتأثر المدينة كثيرا حيث ظلت عاصمة للجمهورية الروسية وتم الاهتمام بتطورها ونموها على الصعيد الاقتصادي والبيئي لتصبح من أهم المدن الأوروبية وصولا ليومنا هذا.
أندية كرة القدم في موسكو
ولأن مدينة عظيمة مثل موسكو لا يمكن أن تمتلك بعض البصمات الكروية، فبالتأكيد لديها بعض الأندية التي تعد من ضمن الأبرز في كرة القدم المحلية.
4 أندية رئيسية تنافس في الدوري الممتاز الروسي وتبدو أسماؤها معروفة للجميع، فسبارتاك موسكو هو أكثر الأندية تتويجا بالدوري المحلي برصيد 10 ألقاب، ولوكوموتيف موسكو هو بطل المسابقة في آخر موسم قبل إنطلاق المونديال وهو اللقب الثالث في رصيده، ومن لا يعرف أندية سسكا موسكو ودينامو موسكو؟
أحد أبرز الأحداث الكروية في الألفية الجديدة داخل العاصمة الروسية كانت استضافة نهائي دوري أبطال أوروبا 2008، حين تفوق مانشستر يونايتد على تشيلسي من علامة الترجيح ليحقق لقبه الأوروبي الثالث.
ملاعب المونديال في موسكو
على عكس المدن الأخرى، فإن مدينة موسكو تحتوي ملعبين يستضيفان مباريات نهائيات كأس العالم 2018.
ملعب لوجنيكي، والذي تأسس لأول مرة في عام 1955 وتم افتتاحه في عام 1956 وتعرض للعديد من التجديدات كان آخرها في الفترة من 2013 لـ2017 استعدادا للنهائيات الحالية، أصبح يتسع لـ81 ألف متفرج بتكلفة تجديدات بلغت 350 مليون دولار أمريكي.
يستضيف الملعب 4 مباريات من مجموعات البطولة، في مقدمتها مباراة الافتتاح بين روسيا والمملكة العربية السعودية، ومباراة بين ألمانيا والمكسيك ومباراة أخرى بين المغرب والبرتغال وأخيرة بين الدنمارك وفرنسا، كما يستضيف مباراة وحيدة من دور ثمن النهائي، ومباراة من نصف النهائي والمباراة النهائية.
بحلول موعد المباراة النهائية في 15 يوليو القادم، سيصبح لوجنيكي واحدا ضمن قائمة محدودة من ملاعب أوروبا استضافت نهائي كأس العالم ونهائي دوري أبطال أوروبا وكانت ملعبا رئيسيا لاستضافة افتتاح دورة الألعاب الأولميبية الصيفية، مثل ملعب ويمبلي في لندن وملعب "أولمبيكو" في روما والملعب الأوليمبي بميونيخ وملعب "سان دوني" بباريس.
الملعب الآخر هو ملعب "أوتكريتي" الذي وضع حجر أساسه في أكتوبر 2010 وتم افتتاحه في عام 2014 كملعب رئيسي لنادي سبارتاك موسكو والمنتخب الوطني الروسي.
بتكلفة 453 مليون دولار أمريكي، تم تأسيس الملعب الذي سيتسع في مباريات المونديال لـ45 ألف متفرج.
استضاف الملعب بعض مباريات كأس القارات في صيف العام الماضي، وسيستضيف 5 مباريات من نهائيات كأس العالم.
أولى المباريات التي يشهدها هذا الملعب في المونديال ستجمع الأرجنتين مع آيسلندا، كما ستخوض بولندا مواجهتها مع السنغال عليه، بجانب مواجهة تجمع بلجيكا وتونس وأخرى تجمع صربيا مع البرازيل، وسيكون المشهد الختامي للملعب في البطولة باستضافة مباراة وحيدة من ثمن النهائي.
عظماء من موسكو
الفيلسلوف الشهير فيدور دووستيوفسكي، مؤلف كتاب "الجريمة والعقاب" ينتمي لمدينة موسكو، تماما كما تنتمي آنا كورنيكوفا نجمة لعبة التنس في أواخر التسعينيات.
قائد الثورة البلشفية، فلاديمير لينين، والذي ساهم في الكثير من نهضة روسيا في بدايات القرن العشرين، كانت نشأته أيضا في العاصمة موسكو.
الرئيس الروسي الحالي فلاديمير بوتين كان محل ميلاده في العاصمة الحالية للدولة الروسية.