كتب : أمير عبد الحليم | الثلاثاء، 05 يونيو 2018 - 21:45

إرث كوبر

كوبر

"إرث الكروي" هذا ما برر به جوزيه مورينيو خروج مانشستر يونايتد من دوري أبطال أوروبا على يد إشبيلية، وبسببه يعاني هيكتور كوبر في إرضاء الجماهير المصرية.

بعدما خرج يونايتد من دوري أبطال أوروبا، استرجع مورينيو للصحفيين نتائج الفريق في كل البطولات منذ اعتزال فيرجسون ليشرح لهم الإرث الذي حصل عليه والذي يحتاج لأن يسير خطوة بخطوة حتى يغيره.

ومع منتخب مصر، يواجه كوبر نفس الأزمة لدرجة أقنعت بعض ممن يقرأون الآن بمقارنة عدد اللاعبين بعد ركلة حرة لكولومبيا بهجمة لمنتخب مصر ضد البرازيل في كأس القارات.

والمشكلة الحقيقة في الفترة من 2010 حتى 2015. الإرث الحقيقي الذي وجده كوبر وليس ذلك الذي يسجل 3 أهداف في البرازيل.

-----

في مارس 2015 أعلن اتحاد الكرة عن تعيين هيكتور كوبر ليقود المنتخب، بعد منافسة لم يكن فيها المرشح الأبرز.

في حالة منتخب مصر وقتها بعد غياب عن كأس الأمم لثلاث نسخ والظروف التي تمر بها اللعبة بعد كارثة بورسعيد، كانت قائمة المرشحين تضم اسمين آخرين بخلاف كوبر هما آلان جيريس وجورج ليكنز.

وبسبب خبرة العمل في إفريقيا كانت الكفة تميل أكثر لصالح أي من الاسمين اللذين ينافسان كوبر.

لكن المشكلة أن جيريس رفض ترك مشروعه مع منتخب مالي، ولم يجد ليكنز الذي كان يقود تونس أي إغراء في الانتقال لمنتخب فاز عليه ذهابا وإيابا منذ شهور قليلة في تصفيات كأس الأمم.

والحقيقة أن إقناع مدرب بترك منتخب يعيش استقرارا قبل تصفيات كأس العالم دائما محاولة ليست في محلها بالإضافة إلى أن الخسائر المادية لاتحاد الكرة لم تسعفه في توفير أكثر من 50 ألف دولار شهريا للمدرب الجديد.

ولذلك كان الارتباط بكوبر مثاليا، فهو يعيش نفس حالتك. مدرب غائب عن النجاح منذ فترة لا يوجد لديه ما يخسره في تجربة جديدة وهذه الظروف كانت مرضية له حتى وإن لم تكن تُعجب غيره.

-----

الشغف بالمنتخب جماهيريا كان انحدر إلى أقل درجاته منذ 2011 وبالتحديد منذ تعادلنا مع جنوب إفريقيا في القاهرة لنفشل في التأهل لكأس الأمم ويستقيل حسن شحاتة.

وحتى في فترات التجارب الفاشلة مع جيرارد جيلي وتارديللي ومحسن صالح لم يقل الشغف إلى هذه الدرجة.

يكفي أن المنتخب خسر من إفريقيا الوسطى في مصر تحت قيادة بوب برادلي ولم يكن ذلك كافيا لإقالته بحجة أن الهدف الأول له هو التأهل لكأس العالم 2014 حتى حدثت مصيبة الـ6-1.

وذلك لا ينفي اقتناعي التام أن برادلي لم يكن سيئا في ظل بطولات محلية متوقفة وظروف أمنية أعاقت عمله.

لم يفز منتخب مصر تحت قيادة شوقي غريب إلا على بوتسوانا في مشوار تصفيات كأس الأمم كاملا، ورغم ذلك حتى ليلة المباراة الأخيرة في المجموعة كانت صورته على أغنية "لسة الأماني ممكنة" في استوديو مدحت شلبي.

وهذا الشغف الضائع بالمنتخب ربما لم يمنح المصريون الفرصة للتعرف على الاسم الذي تعاقد معه اتحاد الكرة لقيادة منتخب مصر جيدا.

كوبر رجل معروف عنه أسلوبه الدفاعي منذ كان اسما كبيرا في أوروبا يصل لنهائي دوري أبطال أوروبا مرتين متتاليتين مع فالنسيا، ويخسر الكالتشيو في الجولة الأخيرة مع إنتر ميلان ويسبه رونالدو لأنه يطلب منه أدوار دفاعية.، حتى انحدر به الحال ليدرب في جورجيا وإفريقيا.

ومنتخب مصر ليس برشلونة الذي يلعب بشخصية وضعها يوان كرويف ويفرضها على أي مدرب جديد، وكان منطقيا أن يفرض كوبر أسلوبه على فريق يُبنى من جديد.

-----

الانتقاد الأبرز الموجه لكوبر الآن هو أنه يغير شخصية منتخب مصر ليصبح فريقا دفاعيا مملا.

بعيدا عن أن هذا الانتقاد يضرب أساس اختيار كوبر في مقتل منذ البداية لأن طريقة لعب الرجل معروفة من قبل أن نتعاقد معه، يجب علينا أن نكون واقعيين أكثر في تحديد هوية منتخب مصر.

لو امتلك مصر شخصية الفريق الهجومي الأقوى إفريقيا قبل 2011 فهو خسرها بالفعل بعدما غاب عن أي مشاركة قارية لـ7 سنوات تخللها الخسارة 6-1 من غانا.

أضف على ذلك، الظروف التي مرت بها البلد وتوقف المسابقات المحلية لدرجة أننا كنا نلعب كل المباريات على ملعب واحد منحناه اسم استاد الجونة.

وأصبح عاديا أن منتخبا كان غير مصنف في وقت عزك مثل بوركينا فاسو يرسل فريقه الأوليمبي بدلا من الأول لمواجهتك. وحلم التأهل لكأس العالم تحول إلى حلم العودة لكأس الأمم الإفريقية.

هذا بكل بساطة يعني أنك خسرت بالفعل شخصيتك، والمطلوب أن تتعاقد مع من يبدأ تحديد هوية جديدة للفريق وكان اختيارك كوبر.

وبالتالي الأوقع هنا أن نقول إن كوبر بنى شخصية جديدة للمنتخب لا نحبها وليس أنه غير شخصيته التي تدهورت قبل قدومه بهزائم أمام إفريقيا الوسطى والسنغال وتونس.

-----

الإنصاف دون أي عاطفة من المستحيل أن يصل بنا إلى أي استنتاج سوى أن كوبر ناجح في مهمته بشكل يفوق الطموح.

قبل كأس الأمم الإفريقية التي عاد لها المنتخب بشخصيته الجديدة كان المطلوب ظهورا جيدا بعد كل هذا الغياب، لكن المشاركة امتدت للنهائي.

وحقق الرجل بطريقته حلم المشاركة في كأس العالم وهو شيء لو كنا سُألنا عنه قبل 4 سنوات كنا سنختار مجرد أن يحدث بأي طريقة بغض النظر عن أي أسلوب أو أداء في التصفيات.

الآن نتأفف من نهائي كأس الأمم والتأهل لكأس العالم لأول مرة في حياة أغلب من يقرأون هذا المقال، لأن الأداء لا يُعجبنا.

حتى النظرة التشاؤمية التي تقول إننا سنخرج من الدور الأول في كأس العالم بـ3 هزائم في الحقيقة طموحها ارتفع لأن ذلك أفضل بكثير من مشاهدته في المنزل مثل كل نسخة.

نعم في كأس القارات 2009 خسرنا من البرازيل 4-3 وفزنا على إيطاليا بأداء لا يختلف كثيرا عن مباراة كولومبيا الأخيرة ولكننا في النهاية خسرنا من أمريكا 3-0 وخرجنا من الدور الأول.

ومع نفس هذا الجيل الرائع أغلبنا يتذكر أن أفضل النتائج كانت تتحقق في البطولات المجمعة وليس التصفيات، خسرنا من مالاوي والنيجر وتعادلنا مع بوروندي في التصفيات وفشلنا في التأهل لمونديال 2010 لصالح جيل ليس الأفضل في تاريخ الجزائر.

-----

"كوبر يجامل ولا يعتمد إلا على محمد صلاح"

بغض النظر عن أن كوبر وحده من يستحمل النتائج في روسيا وليس نحن ولا حتى اللاعبين، ولكن ما الدوافع التي قد تجبر مدرب على التنازل عن أسلوبه أو طريقة عمله مع الفريق في أخر محطاته بالنظر إلى مدة العقد.

كوبر حتى لا يحتاج مساندة الإعلام في اختياراته لأنه يدرك أن رحلته مهما طالت أو قصرت لها نهاية وبلا عودة عكس لو كان مدربا مصريا، وبالتالي هو لا يفكر إلا في تحقيق أقصى استفادة ممكنة من هذه التجربة سواء رحل بعدها أو دخل في مفاوضات لتجديد العقد.

وانتقاد كوبر بسبب محمد صلاح كان ليصبح واقعيا أكثر في حال لو كان فشل في استغلاله وليس لأنه أكثر من يسجل ويصنع، فالطبيعي أن استغلال النجم الأول أو الأوحد لنكون منطقيين بأفضل صورة شيء يُحسب للمدرب والتأثر بغيابه أيضا طبيعي وحدث في ليفربول.

لا نمتلك أفضل منتخب وحتى الآن لايزال لدينا مشاكل كثيرة تزداد أكثر في غياب صلاح الذي يمثل 80% من قوة المنتخب ويكملها 4 أو 5 أسماء أخرى.

ندافع بشكل جيد أحيانا ولاتزال لدينا نفس حماقة التصرف في الكرات العرضية، نسترجع الكرة ونفشل في تنظيم هجمات منظمة سريعة.

لكن في النهاية التقييم يكون بالنتائج التي تحققت، والآن يمتلك كوبر رصيدا لاختيار قائمة اللاعبين الذين يساعدوه على تحقيق فكره حتى وإن لم يرضينا.

حسنا، وماذا إن لم يحقق ما يرضينا نحن في كأس العالم كيف نحاسبه؟

ينتهي عقد كوبر بنهاية مباريات مصر في كأس العالم، وبالقياس على نتائج المشاركة تكون مفاوضات تجديده.

في النهاية، حقق كل طرف هدفه من الارتباط. كوبر استعاد بريقه الذي كان غائبا عنه وفتح لنفسه سوقا بالتأكيد ستضمن له عروضا لو رحل عن مصر، وينتظر المدرب المقبل لمنتخبنا ميراثا جيدا قوامه نهائي كأس إفريقيا والتأهل لكأس العالم.

ناقشني:

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات