كتب : FilGoal
تعشق كرة القدم وانجرفت نحو مشاهدة المباريات بشراهة مُهملا القراءة ومطالعة الكلمات؛ أو أدمنت القراءة والاطلاع ليل نهار مفوتا على نفسك فرصة الاستمتاع بمشاهدة كرة القدم؟ لا مشكلة.
أدب كرة القدم يفتح جسرا آمنا بين الشاطئين، ويجعل كرة القدم مقروءة، والقراءة ملعوبة بوصفها لواحدة من أكثر الألعاب الجماعية شعبية على مستوى العالم.
FilGoal.com يقدم سلسلة "أدب المونديال"، ويقتبس أبرز الكلمات التي كُتبت عن كرة القدم، وفي هذا الحلقة ضيفنا سيكون كتاب "أغرب الحكايات في تاريخ المونديال" من تأليف الكاتب الأرجنتيني لوثيانو بيرنيكي، وترجمة محمد الفولي إلى العربية.
في تلك الحلقة، نتعرض لقصة بعنوان "انعدام ثقة مفرط" من الفصل الأول الخاص بنسخة 1930، وفيها اتخذ الجهاز الفني الأرجنتيني قرارا كارثيا بإشراك أحد لاعبيه المصابين في المباراة النهائية أمام أوروجواي، والنتائج كانت وخيمة.
وفي القصة الثانية بعنوان "من حسن الحظ أنهما كانا مريضين"، يتحدث الكاتب عن كواليس مباراة البرازيل وبولندا من نسخة 1938، والتي شهدت تسجيل 11 هدفا بين الفريقين.
انعدام ثقة مفرط
قبل النهائي الذي جمع الأرجنتين بأوروغواي، أخبر المهاجم فرانثيسكو بارايو قيادات الألـ"بيثيلثتي" بأنه ليس في حالة بدنية مثالية ليشارك في هذه المباراة الهامة.
وكان اللاعب الملقب بالـ"كانيونسيتو" أو "المدفع الصغير" قد تلقى ضربة قوية في ركبته اليمنى أمام تشيلي ومنعته الإصابة من لعب نصف النهائي أمام الولايات المتحدة، ولما كانت بعثة منتخب الأرجنتين قد سافرت إلى البطولة دون اصطحاب طبيب بسبب سوء التخطيط، فقد لجأ الإداريون إلى خدمات الدكتور خوليو كامبيستيغوي، نجل رئيس البلد المضيف الذي أوصى، بعد فحص اللاعب، بعدم إشراكه لأنه ليس في حالة تسمح له باللعب.
وكان لقيادات الأرجنتين "الماكرة" رأي آخر إذ تجاهلوا رأي الطبيب ظنا منهم أن له مصلحة في التشخيص الذي قدّمه لحالة اللاعب، وقرروا إشراكه أساسيا وإبقاء أليخاندرو سكوبيلي على دكة الاحتياطيين، على الرغم من الحالة المثالية التي كان عليها هذا الثاني وتسجيله لهدف في نصف النهائي. فهل كان هذا كل شيء؟ الإجابة هي لا، فللتحقق من مدى إصابة بارايو أجبروه على ركل حائط بكل قوته!
ولم يقدر اللاعب المسكين على تقديم أي شيء في الملعب وهو يرتدي رباطا ضاغطا عديم الفائدة. واعترف هداف بوكا جونيورز بعد البطولة بأنه "لم يكن قادرا على الحركة"، لذا كان من الطبيعي أن يخرج من الملعب في الشوط الثاني بسبب الألم لتكمل الأرجنتين المباراة بنقص عددي سببه انعدام ثقة مسؤوليها المفرطة في أمانة تشخيص الطبيب الأوروغوائي.
من حسن الحظ أنهما كانا مريضين
لم ينهض نجم المنتخب البولندي أرنست فيليموفسكي من فراشه في اليوم الذي سبق مواجهة البرازيل نتيجة معاناته من عدوة بأحد أضراسه، لكنه لم يكن يرغب في التغيب عن المباراة، لذا طلب من طبيب أسنان فرنسي ألا يخلع ضرسه لأن هذه العملية كانت تعني إلزامه بالمكوث يومين وربما ثلاثة دون ممارسة أي مجهود بدني لتفادي حدوث نزيف.
واستعمل الطبيب الفرنسي حينها علاجا مؤقتا مع المهاجم. وفي اليوم نفسه بمعسكر المنتخب البرازيلي اضطروا إلى طلب حضور طبيب، فالهداف العظيم ليونيداس دا سيلفا كان يعاني من التهاب قوي في الأذن. ففحصه الطبيب وأوصاه بالبقاء في الفراش حتى موعد المباراة.
وفي الخامس من يونيو تناسى فيليموفسكي وليونيداس بمدينة ستراسبورغ مرضيهما تماما وقدما إحدى أروع المواجهات وأكثرها ندية في تاريخ المونديال. فقد سجّل البولندي رقما قياسيا حينها بإحراز أربعة أهداف، بينما هز البرازيلي الشباك ثلاث مرات في النزال المثير الذي فاز به الفريق اللاتيني بستة أهداف مقابل خمسة.
وخرج فيليموفسكي من الملعب وهو في قمة الغضب. ولم تكن في ذلك مبالغة منه، ففريقه خسر في النهاية بعد أن زار الشباك بنفسه أربع مرات، أما ليونيداس المنتصر فقد دخل سجل الذكريات بعدما سجل أحد أهدافه "حافيا"، فقد لُعبت المباراة وسط عاصفة قوية جعلت أرض الملعب أشبه ببحيرة من الطين وبين هجمة للفريق البرازيلي وأخرى انخلع حذاء ليونيداس وسط الطمي، لكنه أكمل اللعبة وانتهى به الأمر إلى أن أرسل الكرة نحو الشباك بقدمه المغطاة فقط بجوربه. كان على حكم المباراة السويدي إيفان أكليند إلغاء الهدف، لكنه لم ينتبه إلى وجود المخالفة لأن جورب الهداف الأبيض كان مغطى بشكل كامل بالطين.
ورفضت الإصابات ترك ليونيداس في سلام، ففي هذه المباراة الصعبة تعرّض لضربة قوية في الرأس بعدما اصطدم بقائم أحد المرميين بالإضافة إلى عدوى في العين بسبب الجير المستخدم في رسم الحدود بالملعب، لكن لم يكن هناك شيء قادر على إيقاف ليونيداس الذي لا يقبل الترويض، إذ سجّل هدفا في مواجهة تشيكوسلوفاكيا التي انتهت بالتعادل بهدف مقابل آخر في الثاني عشر من يونيو بمدينة بوردو، وهز الشباك بمجددا على المسرح نفسه في مباراة الإعادة التي فاز بها البرازيليون بهدفين مقابل واحد.