إذا كان لمحمد النني ميزة واضحة جدا للعيان، فهي أنه ممرر رائع للكرة.
قد لا تكون تمريرات لاعب وسط أرسنال دائما ذات بعد هجومي مؤثر، ولكنه بدا وكأنه الحلقة المفقودة في منتخب مصر في ودية كولومبيا بالتحديد.
في كل خط من خطوط تشكيل المنتخب الكامل، هناك لاعب يستطيع نقل الكرة للخط الذي يليه. أحمد حجازي مثلا في الدفاع، محمد النني في خط الوسط، عبد الله السعيد في الخط الأمامي لتمويل اللاعب الأهم في التشكيل، محمد صلاح.
من العدل القول إن مباراة البرتغال شهدت أفضل أداء لمنتخب مصر مع هيكتور كوبر بعد التأهل إلى كأس العالم. كما أن القول إن مباراة كولومبيا شهدت غيابا مصريا كاملا في وسط ملعب صانعي القهوة ليس قولا مجحفا أيضا. بعيدا عن التأثير الواضح جدا بغياب النجم الأول ومحور أداء المنتخب محمد صلاح، عانى الفراعنة مع لحظة الحصول على الكرة.
حاول المنتخب المصري تمرير 285 تمريرة، ولكن 203 تمريرة فقط وصلوا إلى أهدافهم، بنسبة 80% فقط.
75 من تلك التمريرات كانوا للخلف!
الأمر لا يحتاج إلى أرقام للشرح، عجز منتخب مصر الهجومي كان واضحا جدا لكل حتى من قيل عنهم "اللي مالهمش فيها" الذين يتابعون الفراعنة للمرة الأولى استعدادا لكأس العالم.
ما الذي يجعل النني لاعبا أساسيا في أرسنال، وهاما للغاية في منتخب مصر - النسخة الرقمية
ما الذي يجعل لاعبا لا يفوز سوى في 36% من النزالات الفردية في الملعب يلعب في 32 مباراة لفريقه في إنجلترا؟
ج: إنه يملك نسبة 94% من التمريرات الناجحة.
حاول النني تمرير 775 تمريرة هذا الموسم، 465 منهم كانوا للأمام بنسبة 60%.
متوسط طول تمريرة النني 15 مترا، مساحة يكتسبها الفريق مع كل تمريرة للاعب الوسط المحوري.
أمام كولومبيا، كان من المفترض أن يقوم سام مرسي بالدور الذي يقوم به النني. يطبق كوبر نموذج Destroyer – Creator في وسط ملعبه، بمعنى أن طارق حامد موكل له دور رئيسي هو إفساد هجمة الخصم والحصول على الكرة، قبل تسليمها للنني الموكل له دور نقلها للثلث الأمامي، لعبد الله السعيد أو تريزيجيه أو في أغلب الأحوال، محمد صلاح.
في 67 دقيقة استلم سام مرسي الكرة 19 مرة فقط ضد كولومبيا، ولم يظهر كثيرا.
أمام البرتغال، كان النني رابع أكثر لاعب يستلم الكرة 29 مرة. 36 تمريرة خرجت من قدم النني، 25% من كل التمريرات كانوا للأمام و44% كانوا للطرفين.
هذا ما افتقده منتخب مصر أمام كولومبيا، والكويت، ومن المنتظر أن يكون موجودا ضد بلجيكا.
بعيدا عن الأرقام - النسخة الفنية
أحيانا تسطح الأرقام رؤيتنا لكرة القدم، لذا لما لا ننزل إلى أرض الواقع؟
من أجل أن تنقل الهجمة، عليك أن تملك لاعبين يملكون الشجاعة لاستلام الكرة. في حالة منتخب مصر بالتحديد، لا يملك الكثير من اللاعبين الشجاعة اللازمة – أو القدرة أحيانا - للظهور لاستلام الكرة دون الخوف مما يحدث بعدها.
أمام الكويت، وأمام كولومبيا تحديدا، تشعر وكأن كل لاعب مصري يحصل على الكرة وكأنه حصل على قنبلة بين قدميه يريد التخلص منها بأسرع وقت ممكن. لمن؟ وأين؟ وهل ستفيد هذه التمريرة؟ كل هذه الأسئلة لا تهم قبل انفجار القنبلة.
والنتيجة، لا تصل الكرة للأمام بشكل سليم، ويتحول الدفاع الذي ينتهجه كوبر لسلسلة من التشتيت غير المبرر وغير المفيد.
يقول أرسين فينجر المدير الفني السابق لأرسنال إن النني لاعب "يعمل بجد لأجل زملاءه، وكريم جدا (في تمريراته)".
النني يركض كثيرا في الملعب. هو دائما متوفر للاعب حامل الكرة لاستلامها وتمريرها بشكل سليم، تلك الحلقة المفقودة كانت هي أزمة منتخب مصر ضد كولومبيا، والكويت بشكل أقل.
الملخص - لا يمكنك نقل الهجمة إلى الأمام، دون أن يتواجد لاعب في وسط الملعب يمكنه نقل الكرة للأمام.
قد لا يكون النني أفضل لاعب في الضغط على الخصم حامل الكرة، صرخات "بطل تحليق على الكورة يا نني" لا تتوقف على المقاهي في مباريات منتخب مصر، ولكن دور النني أثناء عدم وجود الكرة مع منتخب كوبر هو خلق كثافة عددية والوجود لاستلام الكرة المقطوعة عن طريق – غالبا -طارق حامد.
ولكن أثناء حصول منتخب مصر على الكرة تظهر أهمية النني. كرة مثل هدف مصر الأول أمام الكونغو تبرز تلك الأهمية. يستلم النني الكرة سريعا ويتصرف بها بنفس الطريقة. هذا أهم ما يحتاجه الفريق لتطوير أداءه الهجومي في كأس العالم، لأن التأهل للدور الثاني لا يأتي بالدفاع القوي فقط.