كتب : علي أبو طبل
لا شك أن قوة الأرجنتين تتمحور في الأساس حول تواجد نجمها الأول ليونيل ميسي.
نجم برشلونة الإسباني وقائد التانجو يشارك في المونديال الرابع على التوالي، ساعيا نحو حلم التتويج الغائب عن خزائن بلاده منذ مونديال المكسيك 1986.
"لسنا المنتخب الأوفر حظا للتتويج بكأس العالم القادمة" هكذا صرح، بل وصارح ميسي جماهير بلاده بعد فوز ودي على هاييتي برباعية نظيفة قبل ساعات قليلة.
هل هي تصريحات لتخفيف الضغط عن زملائه؟ هل هو الواقع الذي يؤمن به ميسي حقا؟
لا يهم.. فالجميع يعلم أن الأرجنتين بأي أسماء حاضرة تظل قوة كبيرة وتبقى من الأسماء المرشحة لحمل الكأس الذهبية على الدوام.
الانتقادات تطول سامباولي منذ ظهوره الرسمي الأول كمدير فني للأرجنتين مع المراحل الأخيرة لتصفيات أمريكا الجنوبية.
كادت الأرجنتين تغيب عن المحفل العالمي الأبرز في كرة القدم، ولكن المدير الفني السابق لمنتخب تشيلي نجح في المهمة بشكل أو بآخر، رغم أن ذلك لم يقلل من الانتقادات حول طريقة اللعب ومستوى الفريق.
الانتقادات بلغت ذروتها بعد هزيمة قاسية تعرض لها راقصو التانجو أمام إسبانيا بنتيجة 1-6 في مارس الماضي، تحت أعين ميسي الذي غاب عن المواجهة بسبب الإصابة.
ولكن لا وقت للتغيير. سامباولي هو المدير الفني للأرجنتين في المونديال، ولا يمكن التوقع بالضبط ما ستبدو عليه حالة الفريق خلال النهائيات.
بعيدا عن المستوى والنتائج، فالانتقادات طالت المدير الفني أيضا بسبب خياراته.
في مارس الماضي، استبعد سامباولي كلا من باولو ديبالا وماورو إيكاردي المتألقان في الدوري الإيطالي مع أندية يوفنتوس وإنتر ميلان على التوالي، لأسباب فنية.
كان ذلك قبل أن يعود ليوضح: "ديبالا وإيكاردي لم يفقدا فرصهما للمشاركة في المونديال بعد".
انتهى تجمع مارس، وحان وقت إعلان القائمة المشاركة في المونديال.
أعلن سامباولي قائمة مبدأية شهدت تواجد ديبالا، والذي تواجد كذلك في القائمة النهائية فيما بعد، ولكن غاب إسم إيكاردي.
مهاجم إنتر ميلان قدم موسما رائعا في إيطاليا، حيث كان أفضل هدافي الفريق العائد إلى دوري أبطال أوروبا في الموسم المقبل، وثاني أفضل هدافي مسابقة الدوري بشكل عام برصيد 26 هدفا.
بذلك الرصيد، يتفوق إيكاردي على الخيارات الهجومية الأساسية في قائمة سامباولي.
أجويرو لم يسجل مع مانشستر سيتي هذا الموسم سوى 17 هدفا، بينما انخفض معدل إيجوايين التهديفي مع يوفنتوس هذا الموسم عن الموسمين السابقين، وتوقف رصيده التهديفي عند 15 هدفا.
هل هي أسباب فنية حقا؟ أم أسباب متعلقة بمدى استقرار الفريق والبعد عن المشاكل المتعلقة بإيكاردي مع بعض زملائه من لاعبي الأرجنتين؟
أيا يكن.. إيكاردي خارج المونديال رغم موسمه الرائع.
لم يخف اللاعب إحباطه علنا، ولكن صار أمرا واقعا.
والآن السؤال، من يكون رأس الحربة الأساسي لراقصي التانجو في المونديال؟
إيجوايين وأجويرو فقط من يمكن أن يلعبا ذلك الدور ضمن 4 خيارات هجومية رئيسية ضمها سامباولي، تضم بجانبها قائد المنتخب ليونيل ميسي ونجم يوفنتوس باولو ديبالا الذي يمكن أن يؤدي الدوري ولكن باحتمالية أقل.
ما بين خطط سامباولي سواء 4-1-4-1 أو 4-2-3-1 أو 4-3-3، فإن المشترك بينهم جميعا هو الاعتماد على رأس حربة وحيد.
فمن يشغل ذلك الموقع أساسيا خلال مباريات المونديال؟
جونزالو إيجوايين كان المهاجم الأساسي لراقصي التانجو في مشاركتهم الأخيرة بمونديال البرازيل 2014.
سجلت الأرجنتين 8 أهداف في مسيرتها نحو المباراة النهائية، ولكن هدف وحيد فقط كان من نصيب مهاجم المنتخب الأساسي.
كان هدفا غاليا إن صح القول، حيث سجل هدف الانتصار على حساب بلجيكا في ربع النهائي، في الوقت الذي كان يجلس فيه أجويرو بديلا مع مشاركة لدقائق معدودة خلال عدة مباريات لم يترك فيها أي بصمة تهديفية.
مباراة هاييتي الأخيرة كانت أول بروفة حقيقية للتشكيل الذي قد تبدو عليه الأرجنتين، وقد استمر سامباولي في الاعتماد على إيجوايين أساسيا.
لم ينجح مهاجم يوفنتوس في التسجيل في الوقت الذي سجل فيه ميسي "هاتريك"، ثم حل أجويرو بديلا ليضيف الهدف الرابع.
إيجوايين خلال الموسم المنقضي سجل 15 هدفا مع يوفنتوس في بطولة الدوري من أصل 91 تسديدة على المرمى، وذلك ضمن 23 هدفا خلال 50 مباراة بمختلف البطولات.
ويلعب إيجوايين دورا هاما في صناعة اللعب حيث صنع 6 أهداف لزملائه بالدوري وخلق 29 فرصة محققة أخرى.
في المقابل، قل معدل أجويرو التهديفي عن المواسم الأخيرة ولكن لم يفقد بريقه مع مانشستر سيتي، إذ سجل 17 هدفا في الدوري الإنجليزي الممتاز من أصل 80 تصويبة على المرمى، وذلك ضمن 30 هدفا سجلها في 39 مباراة بمختلف البطولات.
يتساوى أجويرو مع إيجوايين في عدد الأهداف المصنوعة للزملاء بواقع 6 أهداف، بجانب صناعة 32 فرصة محققة أخرى.
ذلك الأمر يتفوق فيه الثنائي على المستبعد إيكاردي الذي صنع هدفا واحدا فقط هذا الموسم في الدوري الإيطالي، بينما خلق 27 فرصة أخرى لزملائه للتسجيل.
إن كان سامباولي يبحث عن مهاجم يجيد الضغط على دفاعات الخصوم، فلا يوجد أفضل من إيجوايين.
مهاجم يوفنتوس تمكن من افتكاك الكرة من المنافسين في 14 مناسبة بشكل ناجح، متفوقا بشكل كبير على أجويرو الذي نجح في 6 محاولات، وإيكاردي الذي نجح في محاولتين.
هل ينتوي المدير الفني للأرجنتين الاعتماد على الكرات الأرضية والاختراق من العمق نحو منطقة الجزاء بدلا من الاعتماد على الكرات العرضية أو التمريرات الطولية العالية؟
إذ أنه لا يوجد في الالتحامات الهوائية وضربات الرأس من هو أفضل من المستبعد إيكاردي.
مهاجم إنتر ميلان سجل 3 أهداف من ضربات رأسية هذا الموسم، وهو رقم أقل بهدف واحد فقط من أجويرو الذي سجل من 4 رأسيات.
ولكن إيكاردي يتفوق بشكل كبير جدا في الالتحامات الهوائية الناجحة، حيث انتزع 30 التحاما هوائيا ناجحا من مدافعي الخصوم، في الوقت الذي نجح فيه أجويرو في 10 التحامات هوائية فقط، بينما نجح هيجواين في 9.
إن كان سامباولي يبحث عن المهاجم الذي يستطيع المراوغة وتهيئة الفرص لنفسه بشكل فردي إن ضاقت السبل، فإيجوايين - رقميا - قد يبدو الخيار الأنسب.
مهاجم يوفنتوس أتم 49 مراوغة بشكل ناجح، مقابل 48 لأجويرو، بينما استحق إيكاردي الاستبعاد إذا ما كان الفيصل هو تلك النقطة، حيث أتم 8 مراوغات فقط.
بقى أن نذكر بتصريح لسامباولي في نوفمبر الماضي يتعارض مع الواقع الحالي، حين قال: "لا أعتقد أن إيجوايين هو المهاجم المثالي لتشكيل الأرجنتين. نبحث عن أفضل تشكيلة ممكنة بأكبر قدر من الانسجام بين المجموعة".
كان ذلك في الوقت الذي أقر فيه تفضيله لأجويرو، ولكن هل تغيرت المعطيات الآن؟