راداميل فالكاو .. النمر الذي لا يكل عن القتال نحو المجد

الجمعة، 01 يونيو 2018 - 17:18

كتب : علي أبو طبل

راداميل فالكاو

في 22 يناير 2014، خرج راداميل فالكاو مصابا في مباراة انتصر فيها موناكو على خصمه تشاسيلاي بثلاثية نظيفة في كأس فرنسا.

راداميل فالكاو

النادي : ميوناريوس

كرة حاول النمر الكولومبي اصطيادها داخل منطقة جزاء المنافس، ولكن تدخل عنيف من المدافع تسبب في إصابة مهاجم منتخب كولومبيا بشدة.

فيما بعد، أوضحت الفحوصات أنها إصابة بقطع في الرباط الصليبي، وأن النمر قد لا يلحق بقائمة منتخب بلاده المشاركة في كأس العالم بالبرازيل خلال ذلك العام.

في تلك الفترة، إذا ما ذكر المنتخب الكولومبي، ذكر فالكاو كرمز كروي لهذه البلاد العائدة للمشاركة المونديالية للمرة الأولى منذ 1998.

كانت الإصابة قبل 5 أشهر من إنطلاق النهائيات، لذا فقد تمسك فالكاو بأمل اللحاق بالمونديال حتى اللحظة الأخيرة.

سار على خطة استشفاء دقيقة، وعاد للتدرب، بل أن مديره الفني الأرجنتيني خوسيه بيكرمان قام بضمه في القائمة الأولية التي ضمت 30 لاعبا، وانضم اللاعب بالفعل لمعسكر منتخب بلاده.

أيام قليلة قبل أن يتم اتخاذ القرار. فالكاو خارج المونديال.

يقول فالكاو عن إصابته في 2014:"عندما أخبروني أن هناك إصابة خطيرة وأن هناك أملا ضئيلا للحاق بالنهائيات، لم أهتم ما إذا كان هذا الأمل يبلغ 10 أو 20 أو 50%. كل ما اهتممت به هو أن هناك فرصة. كان ذلك أملي وعملت من أجل ذلك يوميا".

ضربة بدت موجعة في البداية للمنتخب الكولومبي، والذي قدم في كل الأحوال مونديالا رائعا في أرض السامبا، حين بلغ رجال خوسيه بيكرمان ربع نهائي البطولة، ومن يدري إلى أي مدى كان من الممكن أن تصل كولومبيا لو لحق بها فالكاو في أفضل حالاته.

كان كل ذلك ختاما لفصل هام في حياة النمر الكولومبي الذي صنف خلال تلك الفترة كواحد من أفضل مهاجمي العالم.

فالكاو الذي عاش مع أسرته طفلا في فنزويلا، مارس لعبة البيسبول قبل أن يتحول إلى ممارسة كرة القدم، ويبدأ مسيرته بنادي لانسيروس بوياكا.

مع ناديه المحلي في عام 1999، دخل فالكاو تاريخ الكرة الكولومبية من أوسع أبوابها، حين أصبح أصغر اللاعبين سنا مشاركة في منافسات كرة القدم المحلية على الإطلاق، بعمر الـ13 عاما و199 يوما.

بحلول عام 2001، نال فالكاو اهتمام نادي ريفر بليت الأرجنتيني والذي انتقل لفريق الناشئين الخاص به، ليستمر هناك حتى عام 2005 ومن ثم يصعد إلى الفريق الأول.

من 2005 وحتى 2009، نال فالكاو شهرة كبيرة في المسابقة الأرجنتينية، وكانت أهم الإنجازات هي حصد بطولة الدوري لموسم 2007/2008.

سجل فالكاو في مسيرته مع الفريق الأرجنتيني 45 هدفا بكل البطولات خلال 111 مشاركة.

خلال فترته مع ريفربليت، لعب فالكاو تحت القيادة الفنية لدييجو سيميوني الذي استقطبه فيما بعد لنادي أتليتكو مدريد بعد مرحلة انتقالية أوروبية أولى خاضها اللعب ضمن صفوف نادي بورتو البرتغالي.

يقول سيميوني عن النمر الكولومبي:"عرفته منذ كان شابا صغيرا. لقد كان معي في ريفربليت، وقد ربحنا لقب الدوري هناك سويا. أحبه على السبيل الشخصي. لا توجد حدود لطموحاته. إنه اللاعب القادر على تغيير مجريات المباريات. إن كان يلعب بشكل جيد، فإنك تملك فرصة أكبر للفوز".

سجل فالكاو مع بورتو 72 هدفا في 87 مشاركة بمختلف البطولات خلال موسمين، ثم سجل 70 هدفا في 91 مباراة مع أتليتكو مدريد خلال موسمين تاليين، محققا العديد من الألقاب المحلية بألوان كلا الناديين، بالإضافة إلى لقبين من بطولة الدوري الأوروبي بواقع لقب مع كل منهما.

معدل تهديفي لا يقارن، وفي الوقت الذي تحدث فيه المتابعون عن إمكانية انضمام الكولومبي لأحد عمالقة الكرة في أوروبا، اختار فالكاو الانتقال إلى مشروع موناكو الفرنسي.

انطلق موسم 2013/2014، واحتفظ الكولومبي بجودته مسجلا 11 هدفا في 19 مباراة بمختلف البطولات.

وفي الوقت الذي أنهى فيه اللاعب تصفيات المونديال كأفضل هداف لمنتخب بلاده برصيد 9 أهداف، تلقى الإصابة الشديدة التي حرمته من دخول التاريخ.

في الموسم التالي، عاد النمر للمشاركة بألوان موناكو، وقد بدأ الموسم بتسجيل هدفين في 3 مباريات بالدوري المحلي، قبل أن يحدث الانتقال المفاجئ الذي تم على سبيل الإعارة إلى صفوف مانشستر يونايتد.

فرصة هامة لاستعادة الثقة مع إسم كبير في الكرة الأوروبية، ولكن شيء ما لم ينصلح في نفس النمر الجريح والذي سجل 4 أهداف فقط خلال 29 مشاركة مع الشياطين الحمر.

في وسط كل تلك الأزمات، كان هناك من يؤمن حقا بعودة فالكاو. مديره الفني مع منتخب بلاده خوسيه بيكرمان.

في مارس 2015، كانت كولومبيا تستعد لخوض بطولة كوبا أمريكا بعد أشهر قليلة بمعسكر آسيوي واجهت فيه منتخبات الكويت والبحرين.

خلال ذلك المعسكر، أعرب بيكرمان عن دعمه الكبير لمهاجمه وثقته الكبيرة في عودته.

وقال بيكرمان:"أعلم نقاط قوة فالكاو وعقليته وروحه القتالية جيدا. إنه يمر بوقت صعب ولكن الأسبوع الحالي سيكون مهم بالنسبة له".

وأضاف "إنها مشكلة كبيرة للغاية. كبيرة بقدر حزن فالكاو في الوقت الحالي. أريد أن أدعمه باستمرار لأني أعلم مدى صعوبة الأمر بالنسبة له. أريد أن أعمل على استعاده لثقته بنفسه".

أكد بيكرمان أنه يقف في جانب فالكاو، وأعطاه فرصة المشاركة أمام المنتخبين الخليجيين، فسجل في مناسبتين ضمن انتصار سداسي على البحرين، وفي مناسبة وحيدة ضمن الفوز بنتيجة 3-1 على الأزرق الكويتي، وصل به إلى رصيد 24 هدفا ليتساوى في ذلك الحين مع الهداف التاريخي السابق لكولومبيا "آرنولدو إيجواران".

استمر دعم بيكرمان لفالكاو، بالرغم من موسم سيء مع مانشستر يونايتد، فقد انضم النمر لقائمة كولومبيا المشاركة في كوبا أمريكا، وفي مباراة ودية قبل انطلاق البطولة، انفرد فالكاو بلقب الهداف التاريخي لمنتخب بلاده بهدف أحرزه في شباك كوستاريكا وديا، قبل أن يفشل في هز شباك المنافسين في نهائيات البطولة القارية لأمريكا الجنوبية خلال 4 مباريات شارك بها حاملا شارة قيادة منتخب بلاده.

لم يكن الموسم التالي لفالكاو أفضل حالا من موسمه في مدينة مانشستر.

وثق جوزيه مورينيو، وكان مديرا فنيا لتشيلسي حينها، في قدرته على استعادة النمر الكولومبي لمستواه، فاستعاره لصفوف النادي اللندني.

هدف وحيد خلال 12 مشاركة لم يكن الرقم الذي يترجم ثقة المدير الفني البرتغالي.

مستوى ضعيف على إثره غاب فالكاو عن التمثيل الدولي لكولومبيا.

الأمور كانت صعبة في إنجلترا، واللاعب يقترب من عامه الـ30، والحديث عن الانتقال إلى الصين بدأ في الظهور.

ولكن فالكاو قرر القتال من جديد، مقررا البقاء مع صفوف موناكو ضمن كتيبة يقودها المدير الفني البرتغالي ليوناردو جارديم.

موسم 2016/2017 كان رائعا للنادي الفرنسي الذي أنهى سيطرة باريس سان جيرمان على الدوري المحلي، كما بلغ نصف نهائي دوري أبطال أوروبا قبل أن ينتهي الحلم أمام يوفنتوس الإيطالي.

كان هناك نجما يافعا في صفوف موناكو في ذلك الموسم، وهو كيليان مبابي الذي خطف الأضواء قبل بلوغه لعامه الـ19.

ولكن تألق مبابي والحديث عن بيعه بأرقام فلكية لم يخف عودة فالكاو للحياة من جديد.

يقول مبابي عن فالكاو:"إنه يسجل ويصنع باستمرار، ولكن الأهم أنه يمتلك روح القائد الذي نحتاجه. نحن محظوظون لأننا نملك لاعبا مثل".

بشعر أقصر، وبروح جديدة، تذكر الكولومبي أيام مجده فأنهى موسمه مع موناكو مسجلا 30 هدفا في 43 مشاركة بمختلف البطولات، وهو رقم ليس ببعيد عن أفضل أرقامه حين كان لاعبا في صفوف بورتو وأتليتكو مدريد.

هدف رائع لا يمكن أن يمر مرور الكرام كان بأقدام النمر الكولومبي في شباك مانشستر سيتي ضمن ذهاب ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا.

مستوى ومعدل تهديفي أجبر بيكرمان على ضم فالكاو من جديد لقائمة كولومبيا.

388 يوما مرت على استدعائه لآخر مرة قبل أن يحل يوم السادس من نوفمبر لعام 2016 ليعود النمر لقيادة منتخبه ذو الألوان الصفراء.

ولكن لم يعد فالكاو للتهديف الدولي سوى في 7 يونيو 2017 حين سجل في شباك إسبانيا خلال مباراة انتهت بالتعادل الإيجابي 2-2.

تأهل كولومبيا إلى مونديال روسيا لم يكن بالسهل، حيث أنهت التصفيات في المركز الرابع برصيد 27 نقطة، وبفارق نقطة وحيدة عن البيرو التي تأهلت لخوض ملحق عالمي.

فالكاو ساهم في تلك المسيرة بتسجيل هدفين في الأمتار الأخيرة من التصفيات، إحداهما انتزع به تعادلا من البرازيل، والآخر كان ضمن خسارة درامية أمام باراجواي في الجولة قبل الأخيرة، ولكنها لم تكن بالمؤثرة.

ليوناردو جارديم كان ضمن أهم العوامل التي ساهمت في عودة فالكاو القوية مع موناكو، ويقول عنه:"الجميع يعلم أي نوع من اللاعبين يكون فالكاو. إنه اللاعب القادر على تغيير زمام الأمور، ويستحق دوما اللعب في أعلى المستويات".

موسم جديد قضاه الكولومبي بألوان الإمارة الفرنسية، ورغم تراجع النتائج عن الموسم السابق إلا أن فالكاو استمر في مستواه الجيد منهيا الموسم بـ24 هدفا في 36 مباراة.

مستوى ضمن لمهاجم موناكو مقعدا ضمن قائمة بيكرمان في مونديال روسيا 2018 عن قدارة واستحقاق.

حلم أراده فالكاو في مونديال البرازيل ولكن منعته الإصابة، وها هو بعد تجاوز عامه الـ30 بخطوتين يحمل شارة قيادة بلاده نحو حلم جديد.

فالكاو سجل لكولومبيا ضمن انتصار درامي وديا على فرنسا بين جماهيرها بنتيجة 3-2 قبل 3 أشهر من الآن، وفيما تتبقى خطوات قليلة على المونديال، فإن النمر يسعى لأن يكون في أتم جاهزية قبل الانطلاق نحو مدينة سارنسك الروسية، حيث تخوض كولومبيا أولى مبارياتها في المونديال أمام اليابان.

أحلام فالكاو لا تتوقف، ويتحدث النمر عن حلمه الأهم والذي يراوده باستمرار في لقاء أجراه مع موقع الإتحاد الدولي لكرة القدم في يناير الماضي "لقد تخيلت نفسي كثيرا وأنا أسجل في مباراة في كأس العالم. لا يمكنني أن أحصي عدد المرات التي حلمت فيها بذلك".

التعليقات