في المونديال - أن تلعب مثل كيمبس.. رجل حول المونيمونتال إلى كولوسيوم

"أن تلعب مثل.." سلسلة يقدمها FilGoal.com مع قدوم المونديال تخليدا لهؤلاء المختلفين في الأرض الذين كان تفردهم ورؤيتهم المختلفة على أرض الملعب سببا في إعجازهم، ومحاولةً لوضعك في الصورة من الداخل بأعينهم وأعين من عرفوهم.

كتب : لؤي هشام

الثلاثاء، 29 مايو 2018 - 16:30
ماريو كيمبس

كثيرون مروا من فوق البساط الأخضر، وكثيرون أبدعوا وتألقوا ليبقوا في الذاكرة، وكثيرون حضروا في تلك اللحظات التي صُنع فيها المجد ليأخذوا حيزا من المشهد، ولكن قليلين هم من ظلوا خالدين عابرين لكل ذلك في جميع الأزمنة.

هؤلاء الخالدون لم يصنعهم إنجاز عابر أو لقطة لا تُنسى حملت الكثير من المعاني وقتها، وإنما صنعتهم الموهبة الكبيرة والتفرد في أسلوب اللعب، وإلى جوار ذلك كانت شخصيتهم دائما حاضرة ليُضرب بهم المثل عبر العصور بما قدموه وحققوه على ذلك العشب الأخضر.

"أن تلعب مثل.." سلسلة يقدمها FilGoal.com مع قدوم المونديال تخليدا لهؤلاء المختلفين في الأرض الذين كان تفردهم ورؤيتهم المختلفة على أرض الملعب سببا في إعجازهم، ومحاولةً لوضعك في الصورة من الداخل بأعينهم وأعين من عرفوهم.

(أن تلعب مثل بيليه.. جينجا البرازيل المتكامل)

(أن تلعب مثل مارادونا.. "أسوأ أبولو وأفضل ديونيسوس")

(أن تلعب مثل جارينشا.. "عندما يدخل الملعب كان يحوله إلى ساحة في سيرك")

(أن تلعب مثل بوشكاش.. لاعب ربما أتى من المستقبل)

ماريو ألبرتو كيمبس.. الماتادور

ربما لم يكن بإعجازية دييجو وما حققه في ملاعب المستديرة، وربما لم يتمتع بمهارة ليونيل وموهبته التي أتت من كوكب آخر، ولكنه كان أول من فعلها لبلاد الفضة.. قبل مارادونا رفع الكأس الذهبية، وقبل ميسي حمل آمال بلاده على كتفيه.

ما إن يُذكر مونديال 78 فلابد أن يذكر اسم ماريو، فاللاعب طويل القامة ذو الساقين الفارعتين والشعر الطويل كان هو من قاد التانجو حرفيا إلى التتويج بالمونديال الأول في تاريخهم تحت قيادة المدرب سيزار لويس مينوتي، وقد ظل المنقذ والبطل الأوحد لشعبه في عدة مشاهد خلال مشوار البطولة.

ولكن الرحلة لم تكن بهذه السهولة، والمتوقع لم يكن بقدر النتائج التي تحققت، والآمال المنتظرة لم تكن مرتفعة يوما بهذه الطريقة صوبه.. ولكن صاحب القميص رقم 10 فعلها في النهاية وقاد بلاده للمجد الأول.

حسنا، دعونا نحكي القصة من البداية.. شارك كيمبس في مونديال 74 ولكنه لم ينجح في الظهور بشكل جيد إذ برر ذلك لاحقا بأنه كان في سن صغيرة ولم يواجه لاعبين أوروبيين من قبل.

وقبل النسخة الأخرى في مونديال 78 أعلن المدرب مينوتي المفاجأة باستدعاء كيمبس لاعب فالنسيا في ذلك التوقيت بعد غياب عامين عن المنتخب لينضم إلى معسكر التانجو.

كان كيمبس وقتها هداف الدوري الإسباني رفقة الخفافيش في موسمي 1976–77 و1977–78، وهو بين 3 أرجنتيين فقط حققوا جائزة البيتشيتشي.

ويشرح مينوتي سبب إعجابه بقدرات ماريو وأسباب انضمامه "إنه قوي، ويملك المهارة وقادر على خلق المساحات، كما أن تسديداته قوية، إنه لاعب قادر على صناعة الفارق واللعب كمهاجم صريح".

وكيمبس برهن أن نظرة مدربه لم تكن مخيبة، إذ نجح في تسجيل 6 أهداف خلال البطولة ليتوج هدافا للبطولة بجانب حصده لقب كأس العالم وحصوله على أفضل لاعب في البطولة.. لم ينجح سوى اثنين آخرين في تحقيق الثلاثة جوائز عبر التاريخ، جارينشا وباولو روسي.

ماريو كيمبس

6 أهداف محصلة كيمبس في البطولة، والأهداف شهدت تنوعا كبيرا ما بين التسجيل بالرأس والتسديد بيسراه بقوة، والمراوغة ثم وضع الكرة في الشباك بهدوء وحتى هدف بالقدم اليمنى.

الأهداف أظهرت أن مكمن خطورته كان في القدوم من الخلف مستغلا المساحات، وسرعته ساعدته على ذلك إذ لم يكن مهاجما تقليديا يتحرك داخل الصندوق، ببساطة كان أسلوبه الهجومي متفردا لذلك وجد المدافعون صعوبة في إيقافه.

يصف إيريك كانتونا أيقونة فرنسا ومانشستر يونايتد كيمبس، عند اختياره للتشكيل الأفضل في التاريخ، قائلا: "كان يسجل الكثير من الأهداف ولكن الأهم بالنسبة لي أنه كان يسجلها بطريقة أنيقة، كان طويلا وجيدا في ألعاب الهواء أما على الأرض فكان سريعا وحاسما أمام المرمى".

ويذهب مواطنه دييجو مارادونا إلى أبعد من ذلك حينما أكد "كيمبس كان ظاهرة كروية، أحببته كلاعب وكشخص".. تخيل أن يصف ظاهرة لاعب آخر بالظاهرة :)

بداية كيمبس التهديفية أتت بعد مرور 3 مباريات وتحديدا أمام بولندا، كان تلك المباراة نقطة تحول كبيرة.. كيمبس سجل هدف التقدم من رأسية رائعة قال عنها "لم أسجل بالرأس كثيرا ولكنها حدثت، والآن سجلت أول أهدافي في كأس العالم.. أخيرا سجلت، كان هدفا رائعا بالنسبة لي".

ويواصل ماريو الحديث عن تفاصيل مثيرة خلف هدفه الأول في المونديال، إذ كان السبب في ذلك حسب اعتقاده هو حلاقته لشاربه الذي نصحه المدرب مينوتي بإزالته جلبا للحظ الجيد، بعدما فشل في التسجيل بأول مباراتين ليتحقق الفأل الجيد في النهاية ويصبح كيمبس هدافا للبطولة في النهاية.

ولكن بعد هدفه الأول كادت بولندا أن تسجل هدف التعادل ولكن.. هل تذكر ما فعله لويس سواريز في مونديال 2010 أمام غانا من تصدي للكرة باليد ومن ثم ضاعت ركلة الجزاء ليحافظ لأوروجواي على بطاقة التأهل؟

كان هذا ما فعله كيمبس تحديدا، ولكن الغريب أنه لم ينل أي بطاقة على هذا التصرف ليتصدى الحارس أوبالدو فيلول للكرة وبعها بعدة دقائق كان ماريو يضيف الهدف الثاني ومعها ارتفعت الآمال في التأهل وهو ما تحقق في النهاية.

يؤكد أوزفالدو أرديليس زميله في الخط الأمامي خلال البطولة أن التفاهم الكبير بينهما كان سببا النجاح "ماريو كان شريكي المفضل، كنا نملك تفاهما كبيرا.. نعرف بعضنا البعض منذ كنا 12 عاما".

ويضيف "ماريو ما زال يتمتع بالروح السحرية المفضلة للرقم 10 كما فعل مارادونا بعد ذلك بأربع سنوات".

ولكن ميزة أخرى كانت هي من صنعت الفارق مع ماريو كيمبس.. الهدوء.

تمتع الأرجنتيني ببرودة أعصاب كبيرة داخل الملعب وهدوء في اللحظات المهمة، وذلك ربما ما ساعده على تحمل الضغوطات الكبيرة التي تعرض لها هو ورفاقه في البطولة سواء من جانب شعبهم أو النظام العسكري في ذلك التوقيت.

ويقول كيمبس: "ما إن تدخل الملعب فلا توجد ضغوطات، إن فكرت فيما قد يحدث إن لم تفز فمن الأفضل البقاء في المنزل.. كان لدينا هدفا أن نتطور في كل مباراة وقد فعلنا ذلك فأصبحنا أكثر استرخاء".

ويؤكد أن مشاركة 74 ساعدته على التحسن "أشعر أن تلك المشاركة جعلتني لاعبا أفضل في النسخة التالية" ويشير إلى أن أجواء استقباله في البطولة الأخير من قبل زملائه كان لها مفعول السحر إذ لم يشعر أنه غاب عن المنتخب لفترة طويلة.

يتحدث مواطنه إنريك وولف مدافع ريال مدريد الذي لم يتم استدعاؤه للبطولة عن مواجهة كيمبس في الدوري الإسباني، وفيها أشار إلى العديد من مميزات مهاجم الخفافيش.

ويسرد وولف "قبل مونديال 78 كنت أعاني في مواجهته بالدوري الذي كنا نواجه فيه بعضنا البعض، كان يملك سلوكا من عدم الاستسلام وهو ما ساعده على النجاح".

ويتابع "بجانب كل الإمكانيات التي امتلكها على الصعيد المهاري فقد كان قويا بدنيا وهذا ما ساعده على أن يصبح مسيطرا أكثر ليس فقط داخل منطقة الجزاء وإنما في كل أرجاء الملعب، لم يكن ممكنا إيقافه".

يكمل وولف حديثه عن العوامل التي ساعدت كيمبس "كان قادرا على تحويل الضغط الذي يتعرض له أثناء البطولة إلى شيء إيجابي".

واقعة أخرى تشير إلى الهدوء والقدرة على التعامل مع الضغوطات، وهي ما يحكيها كيمبس على لسانه.

"خلال البطولة كان علينا الاسترخاء، لم أكن أحب الصيد على عكس الحارس بايلي الذي أراد الذهاب للصيد، طلب مني ذلك بعد مواجهة بيرو. في أحيان يكون الضغط كبيرا للغاية، لذا قلت لم لا. مينوتي سمح لنا ولكن طالبنا بالعودة للتدريبات في العاشرة صباحا".

"بايلي أوقظني في منتصف الليل، وكانت ملابسنا جاهزة، كان الجو شديد البرودة، وفي الصباح عدنا بأربعة أسماك وجهزناهم للطبخ، كان باقي الفريق يشاهدنا ونحن نأكل السمك الطازج ويحسدنا :)".

يؤكد كيمبس ثقته في تحقيق البطولة "كنا واثقين بسبب روح التوحد الكبيرة بين اللاعبين (...) لم يكن هناك أنانية ولا لاعبين يخبرون المدرب بكل شيء يحدث، الجميع كان له الحق في الحديث مع المدرب".

"إذا أراد أحدهم مشاهدة التلفاز فيحق له ذلك، وإذا أراد آخر النوم مبكرا فله الحق كذلك. لم يكن هناك قيود تحكم سلوكنا".

هدفان سجلهما في النهائي، واحد منهما بعد أن تسلم الكرة بطريقة رائعة ليمر من ثنائي الدفاع ثم يضعها من أسفل الحارس.

"الهدف الأول أتى من الجبهة اليسرى بعد تمريرة من أرديليس، ذهب للوكي الذي مررها في المنتصف، تسلمت الكرة ثم انطلقت ووضعتها من أسفل الحارس الذي خرج من مرماه.. رأسية نانيجا أعلنت التعادل ولكننا لم نتوتر لأنه كان هناك أشواطا إضافية".

والهدف الثاني الذي أتى في الأشواط الإضافية ليعلن اقتراب بلاده من التتويج وهو الأصعب في مسيرته بحسب ما يؤكد ماريو.

"كان أكثر تعقيدا، الكرة اصطدمت بالحارس ثم بقدمي، ومدافعا هولندا كانا يتجها نحوي.. لم أعرف إن كانا بطيئين أم أنني أسرع أو أنني كنت أقرب منهما، ولكن في النهاية مددت قدمي وتمكنت من لمسها قبلهم وسكنت الشباك".

أتى الهدف الثالث وحلم ماريو تحقق ليصبح أول من يفعلها قبل أن يأتي دييجو أرماندو مارادونا ويكررها.

ولا يوجد أفضل من تصريح واحد من أفضل 100 لاعب في العالم حسب مجلة فور فور تو، والأفضل بين 125 لاعبا في تاريخ فيفا عن أجواء ملعب المونيمونتال في النهائي لوضعك في الصورة، ومعرفة الأجواء الحماسية التي أحاطت به.

"الأمر كان يشبه دخول المسيحيين إلى منطقة الكولوسيوم في روما.. كان شعورا لا يصدق".

اقرأ أيضا

المنتخب لـ في الجول: لا جديد بشأن إصابة صلاح.. وأبو ريدة وأبو العلا يسافران له غدا

فيديو في الجول – النني يقود فريق أحلام ضياء السيد في الكرة المصرية

فيديو - صلاح يرفض التعليق على تعمد راموس لإصابته

قصة تفاعلية - ليونيل ميسي ساحر الأرجنتين

اختر التشكيل التاريخي للبرازيل.. حيرة كبيرة في جميع المراكز

في المونديال - أن تلعب مثل كيمبس.. رجل حول المونيمونتال إلى كولوسيوم