كتب : أحمد العريان
سقط صلاح ولم يسقط بمفرده، ملايين المصريين تمنوا لو أنهم مكانه كي يشفى هو ويحقق أحلامهم.
الإصابة دائما مؤلمة، وتكون أكثر إيلاما حين يكون المصاب هو حامل آمال الملايين.
منذ لحظة السقوط ولا يفكر المصريون سوى في سلامة نجمنا الأول، حتى أن البعض استعاد ذاكرة الطفولة تيمنا بالخير لشفائه، فتذكر ما حدث في مسلسل الرسوم المتحركة "كابتن ماجد" قبل 30 سنة، وقتها تعرض لإصابة في الكتف قبل كأس العالم، لكنه عاد وشارك مصابا وحقق لبلاده اللقب.
لا تتعجبوا من الربط لأن صلاح للمصريين هو بالفعل "كابتن ماجد" الذي أعادنا لكأس العالم بعد غياب 28 عاما. والذي يحمل على كتفيه وبين قدميه آمال المصريين برؤية نموذج ناجح في كل مباراة يخوضها سواء مع المنتخب أو حتى في ناديه.
كابتن ماجد الذي اخترعه اليابانيون قديما لتحبيب الأطفال في كرة القدم وكان سببا في زياده شعبيتها هناك، هو صلاح الذي رفع سقف طموحات المصريين ولم يدع لها حدا إلا السماء.
_ _ _
في وقت الإصابات قبل البطولات الكبرى يفكر الجميع في مدى الخسارة التي سيتعرض لها الفريق وقت غياب المصاب، لكن اللاعب يكون مصابه أكبر.
تخيل أنك تحلم بترقية في عملك تنتظرها منذ سنوات، وقبل تنفيذها بأيام تتعرض لإصابة تعوقك عنها ويحصل عليها غيرك فتكون مجبرا على الانتظار حتى موعد الترقية المقبلة، إحساس سيء أليس كذلك؟ الأسوأ أن الحدث في حالتنا تلك يتكرر كل أربع سنوات، وهو السبب الكاف للتعاطف مع أي لاعب يتعرض لهذا الأمر مهما كان انتماؤه.
_ _ _
"رغم الاحتمالات، أنا واثق أنني سأكون في روسيا لجعلكم فخورين. حبكم وتشجيعكم سيمنحني القوة التي أحتاجها". محمد صلاح
صلاح سيقاتل للعودة. لأجل بلاده أولا ولتحقيق حلم حياته ثانيا، طالما كان حلمه هو قيادة مصر لكأس العالم وقد فعل، لكن الحفل لن يكتمل في غياب صاحب دور البطولة.
قبل دقائق من تحقيق حلمه سقط صلاح على الأرض حزنا على هدف الكونغو في شباك مصر. وقتها خيم الصمت على كل ربوع البلاد.
وبعد 6 سنوات كاد توتي أن يفقد الأمل مرة أخرى بعد الإصابة، لكنه قاتل وعاد مرة أخرى قبل أيام قليلة جدا من البطولة.
شارك توتي وصنع الفارق لإيطاليا، سجل هدفا حاسما وصنع 4 آخرين توجوا إيطاليا أبطالا لكأس العالم على فرنسا تحديدا.
"توتي هو بطل طفوتي ومثلي الأعلى قبل أن أعيش الحلم وألعب بجانبه في روما. تربطني به الآن علاقة رائعة". هكذا تحدث صلاح مرارا عن توتي.. والآن عليه أن يقتضي بقدوته في القتال مرة أخرى.
_ _ _
لويس سواريز خصم مصر المقبل في كأس العالم تعرض لموقف مشابه. بطل أوروجواي الأول تعرض لإصابة في غضروف الركبة حضع لعملية جراحية بسببها قبل ثلاثة أسابيع فقط من كأس العالم 2014.
غاب سواريز عن مباراة كوستاريكا، فخسرت بلاده بثلاثية في مفاجأة كبرى.
عاد سواريز وشارك أمام إنجلترا في اللقاء الثاني، فسجل هدفين وانتصرت بلاده على إنجلترا.
وبعد العودة والتسجيل، ترك سواريز العالم وكله احتفل مع من يستحق. الطبيب الذي عالجه "لولاه ما كنت هنا".
استمر سواريز في المشاركة وقاد أوروجواي للفوز على إيطاليا في المباراة الثالثة والتأهل للدور التالي بعد لقطته الشهيرة مع جورجيو كيلليني.
سواريز نفسه يدعو لصلاح بالشفاء "أتمنى أن يشفى صلاح ويلحق بكأس العالم، فأنا لا أحب مقابلة الفرق غير مكتملة الصفوف". لا عجب في إحساس سواريز وقد مر بنفسه بالموقف ذاته.
_ _ _
في السينما ينقذ البطل رفقائه ويوصلهم إلى بر الأمان مثلما فعل صلاح في تنفيذ ركلة جزاء الكونغو، لكن في قصتنا تلك ندعو الله أن تكون نهايتها سعيدة. لن يكتفي صلاح بسعادة إيصال زملائه إلى كأس العالم التي طالما حلموا بها، بل سيشاركهم الفرحة وصنع تاريخ جديد لمصر.
لا أعرف إن كانت السطور السابقة تقرير أو مقال. هي مجرد كلمات تحفيزية لا أملك غيرها بجانب الدعوات للشخص الذي أسعدني مرات ومرات، وأدعو الله أن تكون نهاية قصته بقدر السعادة التي سببها لي.