هناك جملة شهيرة في مرسيسايد، عرفت بها المنطقة وبالتحديد في مدينة ليفربول:"إما أن تكون أحمر اللون أو أزرق".
مدينة ليفربول هي واحدة من المدن الأكثر ثقافة في تاريخ أوروبا. ثاني أكبر مدن الموانئ في بريطانيا سواء حجما أو أهمية.
ليفربول كلمة لها معنى :"بحيرة مع مياه طينية". تأسست عام 1190 ثم أصبحت مدينة عام 1207 بعد رغبة الملك بتأسيس ميناء كبير في المنطقة لأسباب تتعلق بالسياسات الداخلية.
للأسف لم يحدث ذلك وعاشت مدينة ليفربول مهملة للغاية، لم تتطور سوى في بداية القرن الـ18 ثم تم بناء حوض للسفن عام 1715 لتبدأ المدينة الاستفادة من مميزاتها. وازدهرت بتجارة العبيد.
توسعت ليفربول أكثر وأكثر مع الوقت وتميزت بنشاطاتها الاقتصادية والثقافية الواسعة، أصبحت هناك متاحف ومعارض فنية.
استمر التوسع في بناء المباني الكبيرة التي تعكس ثراء المدينة في القرن الـ19، وخلال عام 1830 أصبحت مدينتا مانشستر وليفربول هما أول من يحصل على خط سكة حديدة يربط بينهما. واستمرت الزيادة السكانية، خاصة مع بداية هجرة الأيرلنديين بسبب المجاعة أيرلندا الكبرى.
في ذلك الوقت وتحديدا في عام 1832 احتفلت ليفربول بأنها مدينة تتاجر في العالم أجمع، واستمر ذلك التوسع مستغلين موقعهم المتميز. حتى أتى القرن العشرين الذي حمل في طياته حربين كبيرتين، لم تكن المجتمعات الأوروبية، الدول ومنها إنجلترا ومدينة ليفربول عانت من خسائر كبيرة في الشباب، ثم ظهرت إضرابات كثيرة في بريطانيا، واستوطن المدينة بحارة من إفريقيا والهند، وفي يونيو 1919 شهدت المدينة حربا خاصة عنصرية للغاية بين مهاجرين سويدين والآخرين من أصحاب اللون المختلف عن الأبيض.
التاريخ ترك بصمة في كل مكان بمدينة ليفربول، سواء العمارة أو الفن أو الأدب، لكننا إن تحدثنا عن المدينة يجب أن نتحدث عن الفرقة الموسيقية الأشهر :"البيتلز".
الكثير من الأغاني كانت تعود نوعا ما على ليفربول، أبرزها أغنيتي Penny Lane
و Strawberry fields forever.
بعيدا عن معالم المدينة الكبيرة مثل باحة بلدة ليفربول ومبنى خدمات البلدية التاريخيين وغيرها، لكن هناك علم أكبر من كل هؤلاء، فتلك المدنية هي أحد أنجح المدن الكروية في إنجلترا.
أما دربي اللونين الأحمر والأزرق أو ميرسيسايد، فهو واحد من أقدم المباريات في تاريخ الكرة الإنجليزية ما يتخطى الـ225 مباراة لمدة تصل إلى 120 عاما.
وهناك حقيقية يعرفها جمهور ليفربول ويتقبلونها ممتعضين، تلك التي توضح أن ذلك النادي لم يكن ليرى النور لولا إيفرتون، والجملة معروفة أيضا :"من دون إيفرتون، لم يكن ليولد ليفربول أبدا".
في ليفربول هناك الزرق "إيفرتون" وهناك الحمر "ليفربول"، معا فازا بلقب الدوري 27 مرة و12 بطولة كأس اتحاد إنجليزي و10 بطولات كأس رابطة و5 بطولات دوري أبطال أوروبا ولقب الأندية أبطال الكأس مرة و3 ألقاب دوري أوروبي و24 درع خيرية.
كلاهما يتنافس حاليا في الدوري الإنجليزي حتى أنهما كانا من المؤسسين للبطولة، وبينهما دربي هو الأشهر في العالم وليس إنجلترا فقط. دربي المرسيسايد.
ذلك الدربي يطلق عليه "الدربي الودي" لكنه بعيد كل البعد عن الود، يشهد بطاقات حمراء واشتباكات وإصابات. والعائلات بينها من يشجعون الفريقين.
إيفرتون أنشئ عام 1878، الفكرة في البداية كانت لإنشاء فريق للكريكت، لكن رياضة الكريكت كانت تلعب في الصيف فقط، كان هناك وقتا لرياضة أخرى في الشتاء، وقتها سمي الفريق بنادي سان دومينغو، وأول مباراة كانت ضد فريق الكنيسة الذي سمي إيفرتون.
وقتها دير سان دومينغو ذهل من العدد الكبير من الأشخاص الذين تقدموا للانضمام إلى نادي كرة القدم، لذا قرروا تغيير اسمه، وفي نوفمبر من عام 1879 في اجتماع بفندق كوينز تم تغيير اسم النادي إلى إيفرتون.
الفريق كان يلعب في ملعب مفتوح بجانب متنزه ستانلي، نفس الموقع الذي شهد بناء استاد ليفربول الجديد، وأول مباراة رسمية للزرق كانت ضد سانت بيترز وفاز بنتيجة 6-0 في نفس عام تغيير الاسم.
إيفرتون انتقل للتواجد بجانب أنفيلد عام 1884 بعد أن قضى عامين في مبنى أهداه لهم جون كرويت، لكن عدد الجماهير تزايد ليرحل في نهاية المطاف إلى أنفيلد. بعد 7 أعوام من تلك الرحلة تحول الملعب من حجارة إلى ملعب يتسع لـ20 ألف مشجع بجانب موافاته للمعايير الدولية من كافة الأطراف.
ازدهر النادي وتحول من الهواية إلى الاحتراف، واستضاف الملعب مباراته الدولية الأولى، إنجلترا ضد أيرلندا، بجانب الأعضاء المؤسسين لبطولة الدوري وفاز النادي هناك بأول لقب له على ملعب أنفيلد، وازدهر اقتصاده كذلك.
في عام 1885 دخل جون هولدينج رئيس لجنة إيفرتون في صراع كبير، كان قد أجر مجبرا أنفيلد لعائلة أوريل، ثم قام بشراء قطعة أرض من العائلة وأجرها مباشرة لنادي إيفرتون، لكن اللجنة الليبرالية كان لها أجندة مادية وسياسية خاصة، ولم يتم الاتفاق حيال الشكل الرئيسي لأداء النادي للأعمال واستمرت المشكلة هولدينج لم يكن مسموحا له أن يأخذ أرضه وحقه، خاصة وأنه كانت لديه حقوق واضحة في كل شيء لكن تم تجاهلها.
هولدينج قرر زيادة الإيجار إلى 150% بعد موسم 1889-90 إلى 250 جنيه إسترليني في العام، جون أوريل الرجل المدين لهولدينج حاول أن يمرر طريقا من خلال المدرج الرئيسي يصل إلى أرضه عن طريق القانون، ما يعني أن إيفرتون سيكون سيأخذ أرض أوريل وملعب أنفيلد من هولدينج أو يقوم بتأجيرهما.
أعضاء لجنة إدارة إيفرتون اتهموا هولدينج بأنه أنكر معرفته بالحقوق وظلموه كثيرا، ليتم اتخاذ قرار بتنفيذ طلب أوريل في النهاية، اللجنة أرادت التفاوض مع هولدينج لكي يتم مزج ملعب أنفيلد بأرض أوريل كذلك ويتم شراؤهما منه، رفض هولدينج ذلك رفضا قاطعا.
حاول هولدينج الحصول على النادي بالكامل عن طريق شركة أخرى، أسماها بـ نادي إيفرتون لكرة القدم والملاعب الرياضية المحدود في يناير 1892، وطلب تسجيلها باسم نادي رسمي في مارس من نفس العام، إيفرتون كان لايزال موجودا ويلعب في أنفيلد، هولدينج أراد أن يستحوذ على النادي ويحصل على حقوقه خاصة بعدما شعر بالغدر، مجلس البلدية رفض تسجيل اسم شركة هولدينج الجديدة، ليقرر تغييره بعد ذلك إلى اسم ليفربول لكرة القدم والملاعب الرياضية، لينشئ بذلك نادي ليفربول.
الصراع بين هولدينج ولجنة إيفرتون تسبب في النهاية برحيل الزرق عن ملعب أنفيلد والانتقال إلى جوديسون بارك في الجانب الشمالي من متنزه ستانلي، ولعب إيفرتون آخر مباراة له في 18 أبريل عام 1892.
هولدينج أراد أن يلعب ليفربول في أنفيلد وتم إشهاره كنادي رسمي، وفاز بدوري لانكشاير في أول مواسمه ثم دخل إلى دوري الدرجة الثانية في بداية موسم 1893-1894 وتأهل سريعا لدوري الدرجة الأولى.
ربما لن يصبح أبدا مشجعو إيفرتون وليفربول أعداء، ولن يجتمعوا سويا في أي مكان، إنها كرة قدم في النهاية ونعي جيدا حقيقة التشجيع تلك، وأيضا طالما أنت في مرسيسايد وبالتحديد في ليفربول فعليك اختيار أحد اللونين، لكن لا ننكر أن هناك رابطا سيظل معقودا للأبد بين الفريقين، لن يصبحا أصدقاء، لكنهما لن يكونا أعداء معادلة صعبة لكنها تسير بتلك الطريقة دائما. لهذا دائما ما سمي الدربي بالودي، لكن لم يعرف الود طريقا له مطلقا.