كتب : عادل كُريّم
27 مايو 1981 ..
المملكة المتحدة تستعد للزفاف الملكي الذي لم يتبق عليه سوى شهرين.. الأمير تشارلز ولي العهد سيتزوج من خطيبته ديانا سبنسر في التاسع والعشرين من يوليو، والكل في بريطانيا ينتظر "زفاف القرن"..
إلى الجنوب قليلا، كانت إسبانيا مازالت تتعافى من "23-F" .. الإسم الذي أطلق على محاولة الإنقلاب الفاشلة التي حاولت الإطاحة بالملك خوان كارلوس قبل ثلاثة أشهر..
بعيدا عن جنبات السياسة كان الانجليز والإسبان يوجهون أنظارهم معا إلى باريس.. ملعب "بارك دي برنس" أو حديقة الأمراء في العاصمة الفرنسية كان مسرحا لنهائي "كأس أوروبا للأندية" 1981، حيث سيطدم البطل مرتين من قبل ليفربول بصاحب الألقاب الستة ريال مدريد.
ليفربول لم يخسر من قبل في أي نهائي، ويظهر في المشهد الختامي للمرة الثالثة، مقابل الظهور التاسع للملكي الذي بالإضافة لألقابه الستة خسر النهائي مرتين..
خيبة محلية
محليا أنهى ليفربول الدوري الانجليزي في المركز الخامس، بفارق تسع نقاط خلف البطل أستون فيلا، بينما كان قد خرج من الكأس المحلية مبكرا على يد غريمه إيفرتون من الدور الرابع. لكن عزاء الريدز كان في تحقيق لقب "كأس الرابطة" للمرة الأولى في تاريخ ليفربول بالفوز على وست هام يونايتد في مباراة الإعادة 2-1 بعدما انتهت المباراة الأولى بالتعادل 1-1.
أما في إسبانيا فكانت نهاية موسم ريال مدريد قاسية للغاية، بعدما خسر لقب الدوري لصالح ريال سوسييداد بفارق المواجهات المباشرة. الفريقان تقاسما القمة برصيد 45 نقطة، وبينما كان فارق الأهداف في صالح الملكي، جاءت خسارته من سوسييداد 3-1 ثم فوزه عليه 1-0 في الدوري لتمنح اللقب للفريق الباسكي للمرة الأولى في تاريخه. وفي كأس الملك خرج ريال مدريد من ربع النهائي على يد سبورتنج خيخون.
الطريق إلى باريس
البطولة الأوروبية وقتها كانت تقام بنظام خروج المغلوب ذهابا وإيابا في كل أدوارها، لم يكن مصطلح "دوري الأبطال" قد ظهر للنور بعد.
ليفربول الذي دخل البطولة بوصفه بطل الدوري الانجليزي 1979-1980 تجاوز الدور الأول على حساب أولون بالوسورا الفنلندي بالتعادل 1-1 خارج ملعبه، ثم بسحقه في أنفيلد 10-1، بينما تأهل ريال مدريد بطل الدوري الإسباني أيضا موسم 1979-1980 على حساب ليمريك الأيرلندي بالفوز خارج ملعبه 2-1 ثم في مدريد 5-1، في الدور الثاني كان ليفربول على موعد مع أبردين الاسكتلندي، ليهزمه ذهابا بهدف ثم إيابا بملعبه برباعية دون مقابل. أما ريال مدريد فتغلب على هونفيد المجري ذهابا وإيابا أيضا بهدف ثم بهدفين دون رد.
ربع النهائي لم يكن عقبة أيضا في طريق الفريقين، ليفربول تغلب على سسكا صوفيا البلغاري 5-1 في أنفيلد ثم بهدف وحيد في صوفيا، أما الملكي فتعادل سلبيا في موسكو مع سبارتاك موسكو السوفييتي قبل أن يهزمه في سانتياجو برنابيو بثنائية.
في نصف النهائي كان ليفربول يواجه بايرن ميونيخ الألماني في أصعب مواجهاته بالبطولة. مباراة الذهاب في أنفيلد انتهت سلبية، نتيجة استمرت حتى ما قبل نهاية مباراة الإياب في ميونيخ بسبع دقائق حين سجل راي كينيدي هدفا أهل ليفربول للنهائي بقاعدة الهدف خارج الأرض بعدما أدرك كارل هاينز رومينيجه التعادل لبايرن. أما ريال مدريد فتغلب على انتر ميلان الإيطالي أولا في مدريد بثنائية سانتيلانا وخوانيتو، ولم تؤثر خسارته إيابا في ميلانو بهدف جراتسيانو بيني على بلوغه المباراة النهائية.
هنا حديقة الأمراء
ليفربول دخل المباراة وهو يعاني من إصابتين أثارتا الشكوك حول مشاركة اثنين من نجومه، كيني دالجليش الذي لم يتدرب في الأسابيع الثلاثة التي سبقت النهائي، بينما غاب الظهير الأيسر آلان كينيدي لستة أسابيع بسبب كسر في رسغ اليد.. أما في الفريق الملكي فكانت الشكوك تحوم حول مشاركة المهاجم الانجليزي لوري كاننجام الغائب منذ نوفمبر بسبب الإصابة في الركبة.. لكن الثلاثي عاد وظهر في التشكيلة الأساسية للفريقين.
48 ألفا و360 متفرج اجتمعوا في مدرجات "حديقة الأمراء" انتظارا للمباراة النهائية.
مدرب ليفربول بوب بيزلي، بطل أوروبا مع الريدز في 1977 و1978 اختار اللعب بطريقته المفضلة 4-4-2 وبتشكيل مكون من..
حارس المرمى: راي كليمنس
الدفاع: فيل نيل ، فيل طومسون ، آلان هانسن ، آلان كينيدي
الوسط: سامي لي ، تيري مكديرموت ، جرايم سونيس ، راي كينيدي
الهجوم: كيني دالجليش ، ديفيد جونسون
أما مدرب ريال مدريد اليوغسلافي فويادين بوسكوف والذي كان يقضي موسمه الثاني مع الملكي بعدما حقق الثنائية المحلية في موسمه الأول فكان يلعب بطريقة 4-3-3 وبتشكيلة مكونة من:
حارس المرمى: أوجستين رودريجيث
الدفاع: رافاييل جارثيا كورتيس ، أنطونيو جارثيا نافاباس ، أندريس سابيدو ، خوسيه أنطونيو كاماتشو
الوسط: فيثنتي ديل بوسكي ، أنخيل دي لوس سانتوس ، أولي شتيليكه
الهجوم: خوانيتو ، سانتيلانا ، لوري كاننجام.
تشكيلة ليفربول كانت بالكامل من البريطانيين، حيث جمعت 8 لاعبين انجليز بالإضافة للثلاثي الاسكتلندي دالجليش، هانسن وسونيس.. بينما ضمت تشكيلة ريال مدريد 9 إسبان والألماني شتيليكه والانجليزي كاننجام.
وأدار المباراة الحكم المجري كارولي بالوتاي، الذي كان يبلغ من العمر وقتها 46 عاما، وكان يدير مباراته النهائية الثانية في البطولة بعد نهائي 1976 الذي فاو فيه بايرن ميونيخ على سانت إتيان الفرنسي.
الحذر ساد أداء الفريقين في الشوط الأول مع سيطرة نسبية من ليفربول لكن دون خطورة فعلية. أبرز فرص الشوط كانت قبيل نهايته بقليل، ولاحت أمام سونيس الذي تلقى تمريرة دالجليش وسدد بقوة كرة ارتدت من يد رورديجيث لكن سونيس لم يتمكن من المتابعة لينتهي الشوط الأول سلبيا.
وكاد كاماتشو يفتتح التسجيل لريال مدريد في بداية الشوط الثاني حين استغل وقوف مدافعي ليفربول على مصيدة التسلل، لينفرد بمرمى كليمنس ويرسل كرة ساقطة مرت فوق العارضة بقليل.
المباراة الحذرة استمرت حتى الدقيقة 81 .. رمية تماس ألقاها راي كينيدي نحو الظهير الأيسر آلان كينيدي (ليس شقيقه بالمناسبة)، ووسط تراخي غريب من دفاع ريال مدريد دخل كينيدي منطقة الجزاء ومر من جارثيا كورتيس ليسدد بيسراه من زاوية صعبة لداخل الشباك محرزا هدف المباراة الوحيد..
ليفربول دفع بجيمي كيس بدلا من دالجليش عقب الهدف بحثا عن تهدئة اللعب، فيما دفع ريال مدريد بفرانشيسكو بينيدا بدلا من كورتيس في تغيير هجومي.. لكن الغريب أن الدقائق الأخيرة شهدت فرصا عديدة لليفربول وسط تألق كبير من الحارس رودريجيث الذي أنقذ مرماه من أكثر من فرصة.. لتنتهي المباراة بفوز الريدز بهدف آلان كينيدي، الذي عاد بعدها بثلاث سنوات ليحرز مع ليفربول ركلة الترجيح الفاصلة في نهائي 1984 بمرمى روما.
التتويج كان الثالث لليفربول في البطولة، والثالث أيضا لمدربه بوب بيزلي، الذي أصبح أول رجل في التاريخ يفوز بدوري أبطال أوروبا ثلاثة مرات، انجاز لم يحققه من بعده سوى الإيطالي كارلو أنشيلوتي. ويبقى بيزلي هو الوحيد الذي حقق اللقب الأغلى في أوروبا 3 مرات مع فريق واحد.