حكايات المونديال - الجملة التي قادت البرازيل لمعانقة الذهب بعد مصرع بطلهم
الخميس، 10 مايو 2018 - 13:11
كتب : رامي جمال
"ممل ممل ممل".
"نحن لم نأت إلى هنا من أجل الإمتاع بل للفوز".
"التقطوا الصور التقطوها أيها الحفنة من ***** ماذا ستقولون الآن؟"
"هذا عامنا"
1 مايو 1994
قطع.
في وقت مبكر من عام 1991.
ودع منتخب البرازيل كأس العالم 1990 أمام غريمه التقليدي الأرجنتين بالهزيمة بهدف دون رد في دور الـ16 وبالتالي تمت إقالة المدير الفني سيباستياو لازاروني واستمرت أزمة عدم تتويج السليساو بالمونديال منذ عام 1970.
في ذلك الوقت كان الجمهور البرازيلي يطالب بعودة تيلي سانتانا الذي قاد منتخب بلاده في مونديالي 1982 و1986 لكن كل ذلك ذهب أدراج الرياح.
وأعلن الاتحاد البرازيلي توصله لاتفاق مع كارلوس ألبرتو بيريرا ليتولى مسؤولية المنتخب ويعاونه ماريو زاجالو والثنائي كان ضمن الطاقم التدريبي للسليساو في مونديال عام 1970.
وقوبل ذلك الاختيار باعتراضات لاذعة نظرا لأن كارلوس ألبرتو يحبذ اللعب المنظم ذو النزعة الدفاعية وجاء ليقود منتخب تعشق بلاده اللعب الهجومي قبل كل شيء.
أما السبب الثاني فهو أنه لم يتوج بأي لقب خلال مسيرته التدريبية التي بدأت في عام 1967 سوى لقب الدوري البرازيلي مرة واحدة عام 1984 مع فلومينزي.
اتخذ كارلوس ألبرتو عدة قرارات أيضا فيما يخص قائمة الفريق كان منها إعادة دونجا لوسط ملعب البرازيل ما جعل غضب الجمهور ضده يزداد، فدونجا تعرض لانتقادات لاذعة من الجماهير التي حملته مسؤولية الهزيمة أمام الأرجنتين في كأس العالم 1990 ولم يتوقع الكثيرون عودته للمنتخب مرة أخرى.
وعلق زاجالو في وقت لاحق عن تلك الانتقادات قائلا: "مررنا بالكثير والجمهور احتج وقال أن هذه ليست كرة القدم البرازيلية الحقيقية، لكننا كنا نعرف ما نقوم به، كنا نبني تشكيل قوي لنستطيع المنافسة وليس للإمتاع بل للفوز بكأس العالم".
شاهد قصص أخرى منسية بالمونديال
بطل العالم
في ذلك الوقت من عام 1991 كان بطل سباقات فورميولا 1 البرازيلي الشهير أيرتون سينا يصنع التاريخ لنفسه ولبلاده.
فقد أصبح سينا أصغر متسابق يفوز بجائزة بطل العالم لثلاث مرات بعدما توج باللقب عن عمر يناهز 31 عاما فقط.
الآن أصبح لدى البرازيليين ما يفتخرون به ويلتفون حوله في ظل نكبات فريق الكرة.
"سينا كان هاما للغاية بالنسبة للبرازيليين ومازال، نحن نتذكر كيف كان يحمل العلم حول المضمار في كل مرة يفوز فيها بسباق" لاعب منتخب الكرة ليوناردو متحدثا عن سينا.
السقوط الأول
في عام 1993 سافر منتخب البرازيل إلى الولايات المتحدة الأمريكية للمشاركة في دورة ودية تقام هناك بمشاركة بعض المنتخبات.
واعتمد المدير الفني للسليساو على أصحاب الخبرات مثل تفاريل وجورجينيو وبرانكو في تلك البطولة.
فاز على أمريكا بهدفين دون رد، ثم فرط في تقدمه بثلاثية على ألمانيا وتعادل، وأخيرا تعادل مع إنجلترا.
وهنا كانت القشة الأولى التي كادت أن تقصم ظهر البعير.
السقوط الثاني
ومن أمريكا سافر منتخب البرازيل إلى الإكوادور لخوض منافسات كوبا أمريكا ووقع في المجموعة الثانية رفقة بيرو وباراجواي وتشيلي.
وهنا اعتمد كارلوس ألبرتو في ذلك الوقت على فريق ضم مزيجا من اللاعبين أصحاب الخبرات مع بعض اللاعبين الشباب مثل كافو وروبرتو كارلوس.
وبالفعل نجح في تخطي الدور الأول بعدما احتل المركز الثاني لكن في دور الـ16 تعين عليه مواجهة منتخب الأرجنتين.
لكن السليساو سقط أمام الأرجنتين بركلات الترجيح بنتيجة 6-5 بعد التعادل بهدف لمثله في الوقت الأصلي للقاء.
ومرة أخرى كانت هناك قشة ثانية ألقيت على ظهر البعير.
اعتزال المنافس
في عام 1993 واصل سينا فوزه بالسباقات لكن مثله مثل منتخب كرة القدم لم يكن ذلك عامه الأبرز في نهاية المطاف.
مع نهاية موسم فورميولا 1 كان سينا فاز بخمسة سباقات ولكن تلك الانتصارات لم تكن كافية إذ أنه حل ثانيا خلف أحد أكبر منافسيه في ذلك الوقت وهو الفرنسي ألين بروست رغم التفوق عليه في السباق الأخير.
السقوط الثالث
بعد نهاية منافسات كوبا أمريكا 1993 وتوديع البرازيل المسابقة من ربع النهائي كان يتعين على كتيبة المدرب بيريرا خوض سباق التصفيات المؤهلة لكأس العالم 1994 بعد أقل من شهر.
وبالفعل في شهر يوليو حل منتخب البرازيل ضيفا على الإكوادور مجددا ولكن تلك المرة لملاقاة منتخب بلادها.
النتيجة لم تكن جيدة على الإطلاق فتعادل السليساو مع مضيفهم سلبيا بدون أهداف.
وفي الجولة الثانية سافر المنتخب البرازيلي إلى بوليفيا وحدث ما لم يكن متوقعا، فسقط الفريق بهدفين دون رد ليكتب الهزيمة الأولى للسليساو عبر تاريخه في التصفيات المؤهلة للمونديال.
وبعد ذلك اكتسح منتخب البرازيل منافسه فنزويلا بخمسة أهداف لهدف قبل التعادل إيجابيا بهدف لمثله مع أوروجواي في الجولة الرابعة.
وتعرض كارلوس ألبرتو وزاجالو - خاصة الأول - لانتقادات لاذعة للغاية بسبب اعتماده على طريقة 4-4-2 مع سوء مستوى بعض اللاعبين والشعور بأن الفريق يلعب بـ10 لاعبين ولا يوجد من يسجل الأهداف.
وهذه كادت تكون القشة الأخيرة في نعش بيريرا وزاجالو.
أزمة روماريو والنجاة
استبعد بيريرا مهاجم أيندهوفن الهولندي آنذاك والمنتخب البرازيلي وقتها روماريو من المشاركة في التصفيات بسبب الخلافات التي دبت بينهما.
ففي إحدى المباريات الودية أمام ألمانيا تم استدعاء روماريو ولكنه لم يشارك وجلس على مقاعد البدلاء ليشن اللاعب هجوما لاذعا على مدربه.
وقال روماريو: "لا أصدق إنني أتيت من هولندا لأجلس على مقاعد البدلاء".
ومنذ ذلك الحين ظل بيريرا يستبعد روماريو من قائمة مباريات البرازيل في التصفيات إلى أن عاد في لقاء الجولة الأخيرة أمام أوروجواي.
وسجل روماريو هدفين قاد بهما البرازيل لتصدر مجموعة الفريق في التصفيات وقطع تذاكر السفر إلى أمريكا للمشاركة في المونديال لينجو بيريرا وزاجالو من مقصلة الإقالة حال الفشل في حجز التأهل للمونديال.
قطع.
فرنسا – باريس
في وقت مبكر من عام 1994 سافر المنتخب البرازيلي إلى العاصمة الفرنسية باريس لخوض بعض المباريات الودية استعدادا للمشاركة في المونديال.
وفي ذلك الوقت سافر أيرتون سينا إلى باريس من أجل اللقاء بلاعبي المنتخب البرازيلي وذلك قبل أن يتجه إلى إيطاليا للمشاركة في أحد سباقات فورميولا 1 ضمن منافسات بطولة العالم.
وقال ليوناردو أن سينا قال له حينما قابله: "هذا عامنا".
وكان سينا يقصد أنه يريد أن يفوز بلقب بطل العالم للمرة الرابعة في تاريخه وأن يتوج المنتخب البرازيلي بلقب كأس العالم للمرة الرابعة في تاريخه أيضا.
لكن بعد عدة أشهر من ذلك اللقاء وفي الأول من شهر مايو توفي سينا إثر فقدانه السيطرة على سيارته خلال السباق.
وفي إحدى مباريات الدوري البرازيلي في شهر مايو بين ساو باولو وبالميراس هتف 60 ألف مشجع "أوليه أوليه أوليه سينا سينا".
معانقة الذهب
قبل انطلاق كأس العالم قال بيريرا: "هذه خامس بطولة كأس عالم لي وذهبت إلى الأولمبياد مرتين لن يُملي علي أحد الأعضاء البارزين في المجمتع أو الممثل الكوميدي أو مغني الروك ما أقوم به، أنا لن أغير أفكاري".
وانطلقت فعاليات كأس العالم وكان المنتخب البرازيلي يقع في المجموعة الثانية رفقة السويد وروسيا والكاميرون.
حقق المنتخب البرازيلي انتصارين في بداية المشوار على روسيا والكاميرون وبسهولة ولكنه سقط في فخ التعادل أمام السويد بهدف لمثله.
وفي دور الـ16 التقى السليساو بأصحاب الأرض أمريكا وكان اللقاء في يوم الاستقلال، لذا خاض الأمريكيون المباراة بكل قوة لدرجة إنها كانت من بين أعنف المواجهات في المونديال وتشعر كأنك في معركة وليس في لقاء كرة قدم.
ولكن تمريرة من روماريو وهدف من بيبيتو أمن انتصار البرازيل والعبور إلى ربع النهائي لملاقاة هولندا.
وفي ربع النهائي تقدم المنتخب البرازيلي بهدفين ولكن الطواحين الهولندية أدركوا التعادل.
ومن ضربة ثابتة للبرازيل سدد برانكو قذيفة يسارية سكنت شباك هولندا لترسل البرازيل إلى نصف النهائي.
ومن أجل العبور للنهائي كان يتعين على البرازيل ملاقاة خصمهم السابق في المجموعات السويد، ولكن تلك المرة هدف وحيد من رومايو أمن التأهل.
وفي ملعب روز باول في أمريكا في السابع عشر من شهر يوليو كان العالم على موعد نهائي المونديال بين البرازيل وإيطاليا في تكرار لنهائي عام 1970.
انتهى اللقاء بالتعادل السلبي بدون أهداف ولأول مرة في تاريخ المونديال سيكون الحسم بركلات الترجيح.
وبالفعل أضاع فرانكو باريزي وماسارو وروبرتو باجيو ثلاث ركلات وسجل روماريو وبرانكو ودونجا ركلاتهم للبرازيل ليتوج السليساو نفسه بطلا للعالم للمرة الرابعة في تاريخه وللمرة الأولى منذ عام 1970.
وهنا تحققت أمنية سينا أثناء حديثه مع ليوناردو حينما قال له: "هذا عامنا".
ورفع لاعبو البرازيل عقب الانتصار لافتة كُتب عليها اسم سينا وكان الفوز إهداءً له.
لم ينس دونجا الانتقادات التي تعرض لها منذ قرار عودته للمنتخب البرازيلي فقال للمصورين وهو يحمل الكأس: "هذا لكم التقطوا الصور التقطوها أيها الحفنة من ***** ماذا ستقولون الآن"؟
أما في البرازيل فاحتفل الشعب في الشوارع كما هي عادتهم رغم كل الانتقادات التي كانت موجهة إلى بيريرا وزاجالو.
لكن يوهان كرويف الأسطورة الهولندية ومدرب برشلونة وقتها تحدث معلقا على تتويج البرازيل "السر في كرة القدم هو الاستحواذ لتهديد المرمى ومنتخب البرازيل الوحيد الذي قام بذلك، بالطبع كان من الممكن أن يلعبوا بأسلوب هجومي وجمالي أكثر لكن هناك لحظات يجب أن تضحي ببعض الأشياء".
حتى روماريو الذي اتبع الانضباط التكتيكي الذي وضعه مدربه قال: "بيريرا كان عليه أن يفوز بكأس العالم لذا هو وضع النظام الذي أراده، ليس بالضرورة أن أُعجب به أو يُعجب به الجمهور، الأهم أنه نفذ خدعته".
المدرب نفسه تحدث بعد ذلك الإنجاز بعدة سنوات قائلا: "أهم شيء في عام 1994 إننا فزنا بأفكارنا بوضع ماورو سيلفا ودونجا سويا رغم القول أنهما لا يستطيعان اللعب سويا وحافظنا على قناعاتنا حتى النهاية".
وأضاف "لم نغير أي شيء كنا نعرف أن لدينا فريقا يتمتع بعقلية الفوز لقد تعلمنا الفوز سويا داخل وخارج الملعب كان لدينا العديد من اللاعبين الناضجين ومن أصحاب الخبرات وكانوا تحت ضغط كبير ولكن تعلمنا كيف نتعامل مع الصحافة والانتقادات والجمهور والتوقعات وعزلنا أنفسنا".
قطع.
عام 2004
في الأول من مايو عام 2004 سافر بعض من جيل منتخب البرازيل في عام 1994 منهم دونجا وليوناردو إلى إيطاليا وقاموا بتكوين فريقا لخوض مباراة ودية أمام بعض من سائقي فورميولا 1 والذين كان من بينهم الألماني مايكل شوماخر الذي توج بالسباق الذي توفي فيه سينا.
الهدف من تلك المباراة كان إحياء ذكرى وفاة سينا والتأكيد أن كل البرازيليين لم ينسوه.
وقال ليوناردو: "في عام 1994 كان سينا يأمل في الفوز ببطولة العالم للمرة الرابعة ونحن أيضا".
وأتم "سينا كان هاما للغاية بالنسبة للبرازيليين ومازال، نحن نتذكر كيف كان يحمل العلم حول المضمار في كل مرة يفوز فيها بسباق".