في بحث أسباب سيطرة برشلونة المحلية.. انظر إلى خطايا ريال مدريد
الإثنين، 30 أبريل 2018 - 19:32
كتب : زكي السعيد
في الفترة ما بين 1960 و1991، فاز برشلونة مرتين بلقب الدوري الإسباني، وفي الفترة ما بين 2004 و2018، فاز برشلونة بتسعة ألقاب، ليصل بمجموع ألقابه إجمالا إلى 25، بفارق 8 ألقاب فقط عن ريال مدريد.. ريمونتادا كتالونية؟
برشلونة دون خسائر ودون إقناع أيضا، حسم لقب الدوري بعد 34 مباراة فقط، وبينما يتساءل الجميع عن الكيفية التي توج بها برشلونة رغم مستواه الهزيل أغلب فترات الموسم والذي دفعه إلى سقوط كارثي لروما؛ يجدر النظر إلى حال المنافس الذي لم يشكل الضغط الكافي على برشلونة المترنح.
الراحل تيتو فيلانوفا فاز بالدوري رغم بقاءه لوقت طويل في المشفى أثناء معاناته من ورم سرطاني، ولويس إنريكي فعلها رغم أنه كان مهددا بالإقالة في وسط الموسم، وإرنستو فالفيردي سار على خطاهم مع الوضع في الحسبان أن فريقه أظهر أسوأ صورة لبرشلونة منذ سنوات.
FilGoal.com يبحث في أسباب هيمنة برشلونة على الساحة المحلية الإسبانية.
مدريد يضغط المكابح
في الـ15 عاما الأخيرة حقق ريال مدريد أسبقية لحظية على أصعدة معينة، وامتلك فرصة قتل برشلونة أو إجهاض ثوراته، لكن النادي العاصمي تعامل بشكل سيء مع هذه اللحظات التي بدا لاحقا أنها غيّرت تاريخ الكرة الإسبانية.
الفريق وأثناء انطلاقه بالسرعة القصوى تحت قيادة فيسنتي ديل بوسكي الفائز بلقبي دوري أبطال أوروبا والمتوج بالدوري الإسباني 2003، ضغط المكابح وتوقف في وسط طريق فارغ بدلا من التمادي في السيطرة كما حدث بفترات تاريخية سابقة.
فلورنتينو بيريز أطاح بديل بوسكي وباع كلود ماكاليلي، وأسند مهمة قيادة الفريق لأشخاص مثل كارلوس كيروش، ماريانو جارسيا ريمون، فانديرلي لوكسمبورجو، خوان رامون لوبيز كارو.
تزامن هذا مع حضور رونالدينيو إلى برشلونة، إلا أن نجما بمهارة البرازيلي لم يكن ليصبح مبررا لنهضة برشلونة الكروية في تلك الفترة ما بين 2004 و2006 إذا تواجدت المنافسة المناسبة.
في السابق تعاقد برشلونة مع يوهان كرويف ودييجو مارادونا أملا في تأثير سحري، تفاوَتت مساهماتهما بالتأكيد، إلا أنها لم تكن أبدا في حجم مساهمة رونالدينيو الذي استباح دفاعات ريال مدريد في مباريات الكلاسيكو، معبرا بدقة عن تلك الفترة التي خسر فيها مدريد أسبقيته طواعية.
خطيئة مورينيو
برشلونة بيب جوارديولا كان الأكثر كمالا في التاريخ، ومهما بلغت قوة ريال مدريد عام 2008 عندما حضر بيب؛ فإن الوقوف بوجه برشلونة كان أقرب للمستحيل.
هذا الفارق الشاسع في المستوى بين قطبي الكرة الإسبانية، تجسد خلال كلاسيكو نوفمبر 2010 الذي حطّم فيه برشلونة جوزيه مورينيو بخماسية نظيفة.
مورينيو الذي وقف في وجه برشلونة على مقعد بدلاء إنتر بصورة ما، لم يكن ليكرر هذا الإعجاز إلا برفع جودة فريقه.. وهو ما حدث!
ريال مدريد لعب واحدا من أفضل مواسمه في 2011/2012، وعاد مظفرا متوجا بالدوري الإسباني من أرض كامب نو بعدما طلب كريستيانو رونالدو من جماهير برشلونة أن تهدأ.
وحين ضاهى ريال مدريد برشلونة وناطحه، اعتقد البعض أن الحفاظ على الدوري في الموسم التالي سيكون منطقيا خصوصا مع رحيل جوارديولا وتولي مساعده معدوم الخبرة تيتو فيلانوفا.. وهنا، صنع مورينيو خطيئته الكبرى.
ودون التطرق لهوية الجاني في خلاف مورينيو – كاسياس الشهير، يجدر التأكيد على حقيقة أن أجواء غرفة خلع الملابس من اختصاص المدير الفني، والبرتغالي فشل في لم شمل لاعبيه، وأخفق في استغلال ترنح برشلونة الذي لم يعد غير قابل للهزيمة، وسباعية بايرن تشهد على ذلك.
وجريمة أنشيلوتي
لم يكن برشلونة قد أنهى أي موسم دون ألقاب كبرى (الدوري – الكأس – دوري أبطال أوروبا) منذ 2008 عندما أعاد الكرة في 2014، خسر نهائي الكأس بهدف جاريث بيل الشهير، وخسر الدوري برأسية دييجو جودين، وجلس في مقاعد المتفرجين مشاهدا ريال مدريد يحقق بطولته العاشرة الغائبة.
كان جليا أن إقالة تاتا مارتينو وتعويضه بأي مدرب آخر لن تقدر على إيقاف ريال مدريد العائد إلى ملعبه الأوروبي بسرعة الصاروخ، خصوصا أن المدرب القادم هو لويس إنريكي صاحب التجربة الفكاهية السابقة مع روما.
وهنا، تدخل بيريز مجددا وأفسد توليفة كارلو أنشيلوتي المثالية، فتخلى الفريق عن أنخيل دي ماريا صاحب التوظيف السحري في خط الوسط بموسم العاشرة، مع ترك شابي ألونسو لبايرن ميونيخ دون تعويضه بلاعب ارتكاز حقيقي.
ومع إصابة لوكا مودريتش، خاض ريال مدريد أغلب أطوار الموسم معتمدا على ثلاثي وسط متحرر من القيود الدفاعية (توني كروس – إيسكو – جيمس رودريجيز)، ومع إصرار أنشيلوتي على تهميش دكة بدلائه، وصل ريال مدريد إلى المرحلة الحاسمة من الموسم بقائمة مكونة من 13 لاعبا على أقصى تقدير.ريال سوسيداد بمنتصف الموسم، كان إنريكي على بعد خطوة خاطئة إضافية من الإقالة، ليعود إلى رشده ويبتعد عن الفلسفة الكروية، ويطلق العنان لثلاثي هجومي لاتيني ناري حتى يأخذ بيده نحو كل البطولات الممكنة.
بعد 12 شهرا من حفر قبر برشلونة، اتضح أن ريال مدريد هو الجسد الذي سيوارَى عليه التراب.
اللغز الأوروبي
ورغم مستوى ريال مدريد الهزيل في الدوري والكأس بالموسم الحالي، إلا أن الفريق أظهر شخصية أوروبية فريدة دفعته للفوز على باريس سان جيرمان، يوفنتوس، بايرن ميونيخ في ملاعبهم دون أن تسيل كثيرا من الدماء حتى.
هذه النتائج القارية لريال مدريد، ومستوى برشلونة الهزيل في أغلب مبارياته، أسباب لتساؤلات مريبة بشأن الحقيقة وراء هزائم الفريق العاصمي في بطولة الدوري.
ولعل تقلص الحوافز، والتشبع، وافتقاد الحسم الهجومي والدفاعي في الدقائق الأخيرة، ورهانات زيدان الخاسرة على بعض الشبان، وابتعاد رونالدو عن التهديف لأشهر طويلة هي تعليلات مقبولة لموسم ريال مدريد في 2017/2018، إلا أن نظرة عامة على تجارب "التفريط" التي مر بها النادي في السنوات الماضية، تدفعنا إلى التساؤل بشأن السيناريو المتكرر الذي لم يصل إلى نهاية بعد، وكلّف ريال أسبقية مريحة في بطولات الدوري عن برشلونة وصلت إلى الضعف تقريبا قبل عقد ونصف.
حقبة ميسي؟
سيكون إجحافا لليونيل ميسي ألا يُذكر اسمه في تقرير يتناول أسباب تفوق برشلونة المحلي، اللاعب الأرجنتيني صنع الفارق بوضوح كبير عندما تساوت الرؤوس، وتولى بنفسه الدفعة الإضافية التي ميزت برشلونة عن منافسيه.
رغم ذلك، فتجنُب تأثير ميسي على برشلونة كان ممكنا خصوصا أن ريال مدريد أظهر سيطرة كبيرة في أوروبا بالفعل، كما أن رونالدو سجل أكثر من 300 هدفا في 8 مواسم بالدوري الإسباني، ولا يمكن استيعاب أن ناد يمتلك هدافا بأرقام مماثلة لم يحقق في تلك الفترة الدوري سوى مرتين!