كتب : زكي السعيد
تحدث تيري فينابلز المدرب الإنجليزي السابق عن مسيرته الطويلة التي شهدت عديد النجاحات، وذلك في لقاء صحفي مطول مع صحيفة "ديلي ميل" البريطانية.
فينابلز (75 عاما) كان مدربا لإنجلترا في يورو 1996 الذي استضافته بلاده، وهي البطولة التي قدم فيها المنتخب الإنجليزي أفضل مستوياته تاريخيا بشهادة الكثيرين، إلا أنهم توقفوا عند عتبة نصف النهائي بركلات الجزاء الترجيحية أمام البطلة ألمانيا.
جاريث ساوثجيت المدرب الحالي للمنتخب الإنجليزي، كان عضوا في هذا الفريق الذهبي الذي كاد يصنع المجد القاري لإنجلترا، وفينابلز لازال حاملا في ذكراه إشرافه على تدريب هذا المدافع المميز: "لقد أراد دائما تجربة شيء مختلف".
ساوثجيت المعروف باعتماده على مدافعين قادرين على بناء الهجمة من الخلف، حمل في نفسه هذا الميل التكتيكي من الصغر:"كان قلب دفاع، ومفكر في الوقت عينه. كان منفتحا على كل ما هو جديد. ناقشني حول الخروج بالكرة من الخلف. تحدثنا عن السرعة التي يجب أن تخرج بها الكرة من خط الدفاع. أن نرسل الكرة إلى الأطراف بدلا من العمق المزدحم".
وواصل فينابلز حديثه عن ساوثجيت: "كان منصتا. لقد أحببته دوما. شديد الذكاء. اعتقدت أنه قادر على أن يصير مدربا رائعا. إنجلترا ستلعب جيدا في روسيا هذا الصيف معه. لقد اختبر أجواء البطولات الكبرى من قبل، وكان جزءا من منتخب إنجلترا الذي قاتل حتى النفس الأخير فوق أرض الملعب (يورو 1996)".
في نصف نهائي يورو 1996 أمام ألمانيا تسبب ساوثجيت في خروج إنجلترا بإهداره الركلة الترجيحية السادسة، الوحيدة الذي لم يوفق في ركلته بين كل المسددين بين المنتخبين، فينابلز يحمل مراراة تلك الركلة في نفسه حتى اللحظة: "يدرك ما يفعله. إنه ذكي. ولكن، جاريث، إن كنت تقرأ هذا فعليك تدريب فريقك على ركلات الجزاء.. أرجوك!".
الرجل المخضرم اختبر مشاعر عظيمة عقب الفوز على اسكتلندا في دور المجموعات: "بعد أن هزمنا اسكتلندا بهدفين نظيفين، سرت في ويمبلي رفقة ديفيد ديفيدز وكان خاليا تماما باستثناء مجموعة كبيرة من الشرطة. قاموا بإلقاء خوذاتهم في الهواء وبدأوا في التصفيق. لقد رأيت كيف أن منتخبنا وحّد تلك الأمة".
وتحسر فينابلز على ذاك الجيل المليء باللاعبين المسؤولين: "كان كل شيء في موضعه بمعسكرنا. القائمة كانت ممتازة، الغرور لم يكن حاضرا، امتلكنا القادة، رجال. رأيت قادة للفريق أينما وقع بصري، من توني أدامز إلى ستيورات بيرس مرورا بآلان شيرار إلى تيدي شيرنجهام وحتى بول إنس انتهاء ببول جاسكوين".
وعن جودة فريقه: "امتلكت دارن أندرتون وستيف ماكمانمان أيضا واللذين كانا قادرين على الركض طوال النهار والليل. كانت فرصتنا. وهل تعلم؟ مجرد الحديث عن هذا يدفع شعيرات يدي للانتصاب".
هو يعتقد أن الفرصة كانت سانحة للتتويج: "لم يكن هنالك إلهاءات من وكلاء أو صديقات اللاعبين. 6 أسابيع كان الوقت الي تأخذه للفوز ببطولة، تخبر لاعبيك بأن يكرسوا أنفسهم لك في تلك الأسابيع الستة، 6 أسابيع لأجل البلاد. أن يتركوا عائلاتهم وأسلوب حياتهم خلفهم".
ويعتقد أن خسائر إنجلترا الدائمة في البطولات الكبرى لغز: "لا أقدر على فهم سبب سقوط إنجلترا المتكرر، فدائما هنالك عذر: الحرارة، الفندق، الإعلام.. حقا؟!".
وواصل: "نحمل ضغوط لا تتعرض لها منتخبات أخرى كإسبانيا وألمانيا، يأتون ليلعبوا بحرية، فالتاريخ لا يقف عدوا لهم".
وأضاف: "الحديث دائر بالفعل عن امتلاكنا لاعب واحد من الطراز الأول: هاري كين. ولكن عليكم نسيان ما نفتقده والنظر إلى ما نملك، فالأمر لا يتمحور حل الأفراد فقط".
فينابلز يعتقد أن وجود لاعبين بجودة دييجو مارادونا وبول جاسكوين يمكن أن يساعد الفريق، ولكنه ليس كل شيء: "صحيح أن امتلاك دييجو مارادونا أو جازا يساعدك، ولكن كم مرة يتكرر هذا؟ الأمر متوقف على الفريق، أن تثق في اللاعب البديل الجالس إلى جوارك، أن يدرك كل شخص ما هو قادر على فعله.. وأن يفعله".
وعن العمل الرائع الذي قام به ساوثجيت في منتخب إنجلترا الحالي: "يمتلك لاعبين شبان، فقد قلل المسافة بين فريق الشباب والفريق الأول. وإن كنت جيدا كفاية وناضجا كفاية، فلا يتوجب عليك الشعور بالخوف. إن استطاعوا تجاهل الهالة والضوضاء المحيطة بروسيا، فلما لا يكونوا قادرين على الذهاب وتحقيق الإنجاز؟".
لاعبه المفضل في المنتخب الحالي هو رحيم ستريلنج نجم مانشستر سيتي: "رحيم سترلينج يمتعني. انظر إلى أهدافه هذا الموسم. يا للهول! إنه سريع. يتحدثون عن الفرص التي يهدرها، ولكنه أيضا يتحصل عليها بنفسه. يحتاج إلى مزيد من العمل على انطلاقاته. فبدلا من الركض أمام المدافع حيث يمكن ملاحظته، عليه التروي والركض من خلفه. قادر على أن يكون خطيرا، ومازال في طور التطور".
وتمنى الحظ الجيد لتلميذه: "آمل أن يكون جاريث قادرا على خلق الحب بين المجموعة، رغبة في القتال لأجل بعضهم البعض".
منتخب إنجلترا الحالي لا يمتلك أفضل أفراده على الإطلاق، إلا أنه قادر على فعل الكثير: "هل امتلكت إنجلترا منتخبات أقوى في بطولات سابقة؟ نعم، امتلكنا المجموعة التي أطلقوا عليها الجيل الذهب. صحيح أنهم كانوا لاعبين من طراز عال، إلا أنهم سقطوا. لا يهم ما قدمناه في السابق، بل ما نملكه الآن".
وأضاف: "كرة القدم لا تتمحور حول التدريب فقط، إنها أيضا حول التلقين. هل يمكننا تعليم لاعبينا أن يكونوا فائزين؟".
وانتقل فينابلز للحديث عن فترته الشهيرة في تدريب برشلونة ما بين 1984 و1987، إذ قادهم للفوز بالدوري الإسباني بعد غياب 11 عاما، وإلى الوصول لنهائي دوري أبطال أوروبا للمرة الثانية في تاريخهم: "أردت أن أجلب الطريقة التي لعبنا بها في كوينز بارك رينجرز إلى برشلونة، يمكنك أن تتخيل ما ظنوه بخصوص هذا. العظيم جيم جريجوري رئيسي في كوينز بارك رينجرز أخبرني بألا أذهب إلى برشلونة لأنهم لا يقدّرون كرة القدم مثلنا".
المدرب الإنجليزي فرض الجدية الإنجليزية على لاعبيه الإسبان الذين اعتمدوا على مهارتهم فقط قبل قدومه: "أخذتهم إلى أندورا للعمل على لياقتهم البدنية وإجبارهم على الركض حتى يشعروا بالغثيان. طالبوني مرارا بالتوقف والقيام بتدريبات الكرة، فأخبرتهم أن الركض أولا ومن ثم الكرة. طوروا جميعا من لياقتهم البدنية".
وسلط فينابلز الضوء على نقاط ضعف برشلونة قبل قدومه: "طلبت جميع تسجيلاتهم من الموسم السابق، وأغلقت الحجرة على نفسي لدراستهم. الفريق الذي ورثته كان مبنيا على الموهبة، على مارادونا، وتوجب أن يتعلموا كيفية الدفاع".
الإدارة قررت بيع مارادونا بالتزامن مع حضور فينابلز، هو أراد الاحتفاظ بمارادونا، الأمنية التي لم تتم، لكنه تمكن من تعويض رحيل: "قررنا بيع دييجو، كان الأمر فكاهيا، فقد فزنا بالدوري في إسبانيا وهو فاز بالدوري في نابولي. وكلما رأيته بعد ذلك، نتعانق ونضحك على كيف أن القرار جعل كلانا فائزين".
أحضر الاسكتلندي ستيف أرتشيبالد كبديل لمارادونا، والمهاجم الأشقر ساعده على التتويج بالدوري في موسمه الأول: "امتلكت لاعبين جيدين وأذكياء، مثل ستيف أرتشيبالد. أردت أن يكون الفريق لائقا، وأن يدرك اللاعبين أدوارهم، أن يثقوا في بعضهم البعض".
ويمتلك فينابلز مباراتين دوليتين بقميص المنتخب الإنجليزي عام 1964 في عمر الواحدة والعشرين وقتما كان لاعبا بفريق تشيلسي: "تلقيت برقية من الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم تفيد انضمامي للمنتخب. كنت شابا، ولم أكن واثقا من جاهزيتي، ولكن لا ترفض بلادك، أليس كذلك؟".
حسنا.. بلاده رفضته لاحقا بعد أن سمحوا برحيله عقبل خسارة يورو 1996، القرار الذي ندمت عليه إنجلترا للأبد.
وأشاد فينابلز بنجم الموسم محمد صلاح، وسلط الضوء على صعوبة أرقامه القياسية التي حطمها تحطيما منذ انضمامه إلى ليفربول: "صلاح لاعب مختلف. ينقصه 4 أهداف لمعادلة رقم إيان راش في موسم واحد؟ وعندما تدرس عدد الفرص التي سنحت لراش، ومن أين سجل أهدافه. لقد كان مهاجما صريحا، وصلاح لا يلعب في هذا المركز، ولكنه سجل كل هذه الأهداف رغم ذلك".
ولكنه لا يعتقد أن النجم المصري قد تخطى ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو: "حسنا، إن كنا في ملعب الآن ونقوم بتشكيل فريق، وأمامك فرصة الاختيار بين كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي وصلاح، فسيكون صلاح ثالث من يقع الاختيار عليه".
فينابلز يفضل ميسي على رونالدو بكل وضوح: "رونالدو يبدو كالمقاتل بهيئته الجسدية وعضلاته وقوته، إنه لاعب رائع، ولكن يظل ميسي هو الرقم 1 بالنسبة لي. السراويل التي يرتديها تكاد تبتلعه، إنه يبدو كشخصية من شخصيات مسلسل ديكنزيان. ولكنه عبقري بالكرة. سأختاره دائما".
في أبريل 1986، شهد جامع كرات بعمر المراهقة على معجزة حققها فريق برشلونة في نصف نهائي دوري الأبطال، إذ عادوا من الخلف وعوضوا هزيمتهم بثلاثية نظيفة في مباراة الذهاب أمام جوتنبورج السويدي. جامع الكرات الذي شهد معجزة فينابلز ولاعبيه يدعى بيب جوارديولا، وفينابلز يكن له كثير من الاحترام: "لا يحتاج مني لأخبره بما يتوجب عليه فعله، إنه رجل مميز. ولكني أرغب في بقائه، أن يفوز بالمزيد من البطولات، وأن يخلق سلالة".
وواصل سيل الإشادة في حق بيب: "إنه لا يرتكب الأخطاء بصفته مدرب، معلم، رجل. يقولون أنه حقق الألقاب لأنه تواجد في برشلونة وبايرن ومانشستر سيتي، ولكنك لا تستطيع ببساطة أن تشتري الألقاب والنجاحات، لا يمكنك أن تلعب بالطريقة التي تلعب بها الفرق التي يدربها".
يورجن كلوب مدرب ليفربول تلقى جانبا من الإشادة بدوره: "كلوب مبهر، بإمكانه الفوز بدوري أبطال أوروبا، آمل أن يحدث ذلك. يأتي خلف جوارديولا، حاله حال الجميع. بيب معطاء، قائد للأوركسترا. آمل أن يلاحظ الجميع ذلك ويقدرونه، أنا مغتبط برؤية نجاحاته".